القاهرة- “القدس العربي”:
أعادت الحركة المدنية الديمقراطية المصرية، تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، إلى السياسات التي يتبناها نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتواجه مصر أزمة شح النقد الأجنبي، دفعت سعر الدولار في السوق السوداء ليبلغ 62 جنيها خلال الساعات الماضية، فيما استقر سعره الرسمي في البنوك عند 30.90 جنيها، بحسب البنك المركزي المصري.
كما واصل سعر غرام الذهب عيار 21 الأكثر تداولا في مصر، والذي يعتبره المصريين ملاذا آمنا لمدخراتهم في ظل الحديث عن إقدام الحكومة على تعويم جديد للجنيه، إلى 3560 جنيها، بزيادة قدرها 750 جنيها خلال شهر.
سعر الدولار في السوق السوداء ضعف الرسمي.. وقفزة كبيرة في الذهب
وخلال السنوات الماضية، أعادت الحكومة المصرية الأزمة الاقتصادية، إلى الظروف العالمية في إشارة إلى وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، قبل أن تضيف لمبرراتها وجود أكثر من 9 ملايين لاجئ في مصر بسبب الأوضاع غير المستقرة التي تشهدها البلدان المجاورة كالحرب في السودان، إضافة إلى الحرب في غزة، وعدم الاستقرار التي تشهده الملاحة في البحر الأحمر ما أثر على إيرادات قناة السويس التي انخفضت بنسبة 40 في المئة خلال العام الجاري، بحسب تصريحات رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع.
إلا أن الحركة المدنية التي تتشكل من 11 حزبا معارضا نفت أن تكون الأسباب التي تسوقها الحكومة المصرية هي السبب في الأزمة، وقالت في بيان، حمل عنوان “سياسة اقتصادية شديدة الضرر”، إنه ما كادت الانتخابات الرئاسية تنتهي حتى اندفع النظام بسرعة شديدة في مواصلة؛ والإسراع بإقرار سياسات اقتصادية تضر ضرراً بالغاً ببلادنا، وتنذر بتعميق أزمتنا الاقتصادية، وزيادة معدلات الفقر، ومضاعفة معاناة الشعب المصري، وخسارة أفضل مقوماتنا الاقتصادية ومنحها للأجانب بمقابل متواضع.
وأضافت: خلال أقل من أسبوعين رفعت الحكومة أسعار الكهرباء؛ وتذاكر المترو، والقطارات، والاتصالات الأرضي والمحمول؛ ورسوم الإنترنت، بنسب تتراوح بين 10 و25 في المئة، ومن المرتقب وفق التوقعات رفع أسعار البنزين والوقود مجددا، مع أن آخر زيادة لها وقعت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وتابع: رغم زيادة الأجور، فإن قيمتها الفعلية في تراجع دائم قياسا بقفزات الأسعار، حيث ارتفعت معدلات التضخم إلى 36 في المئة، بينما تزيد أسعار الغذاء بحوالي 60 في المئة، بما يفاقم معاناة المواطنين، ويرفع نسبة المواطنين تحت خط الفقر.
وتناول البيان، إعلان الحكومة التخارج من أربعة قطاعات أساسية وهي المطارات والاتصالات والبنوك والتأمين، والبنوك الثلاثة الحكومية: بنك مصر، والأهلي، والقاهرة.
ولفت البيان إلى الضغط الذي يمارسه صندوق النقد الدولي منذ سنوات من أجل خصخصة بنكي مصر والأهلي، وهما عصب الاقتصاد القومي، وقد كان بنك مصر أول بنك مصري بالكامل لا يتملك الأسهم فيه أجانب، وتأسس عام 1920، ويعتبر أساس النهضة الصناعية المستقلة على يد رائد الصناعة المصرية طلعت حرب.
وأكدت الحركة، أن خصخصة تلك البنوك تسلب الحكومة السيطرة على القطاع المالي، وعلى قدرته على توجيه الاستثمارات المحلية من خاصةٍ وعامة، وأن خصخصة المطارات بعد خصخصة خدمات الموانئ، ثم تكوين شركة قابضة تمتلك 7 موانئ مصرية تمهيداً لإتمام عملية الخصخصة، يمس بشدة مصالحنا الوطنية وأمننا القومي، بنفس الدرجة التي تمسها خصخصة المطارات.
وكذبت الحركة، ما وصفه بادعاء الحكومة أن تخارج الدولة من ملكية أصولها دافعه هو دعم القطاع الخاص في مصر، وقالت: ما يحدث مختلف عن ذلك تماما: فالطرف الذي يستحوذ على هذه المؤسسات البالغة الأهمية هو طرف خارجي، عربي أو أجنبي، وليس طرفا وطنيا، وفي ظل حقيقة أن المدين المعسر يقع تحت وطأة شروط الجهات الدائنة، حتى تلك التي تمس بأسس ومقومات الاستقلال السياسي والاقتصادي.
وزادت: ما حدث ويحدث هو بيع الدولة لأفضل أصولها الثمينة سدادا لديونها الضخمة، وبيعها بالدولار للأجانب أساسا، وليس بهدف دعم القطاع الخاص المحلي، حيث يتخذ البيع غالباً شكل التخارج الحكومي المصري لمصلحة الصناديق الحكومية السيادية الخليجية.
واعتبرت الحركة أن جوهر المشكلة الاقتصادية الراهنة، هو غياب الأولويات الصحيحة للتنمية، بتهميش القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة والخدمات القابلة للتصدير، لصالح قطاع التشييد بمجالاته المتعددة، خاصة المدن المترفة الجديدة كالعاصمة الإدارية والعاصمة الصيفية، والمشروعات غير الاقتصادية كالمونوريل وغيرها.
وواصلت: كل هذا أرهق الميزانية العامة، وأثقل كاهل الدولة والمجتمع، ودفع النظام إلى الإفراط في الاستدانة؛ حتى تضاعفت كل من الديون الخارجية والداخلية بنحو أربعة أضعافها منذ عام 2014 وحتى اليوم، مع العجز عن الاستفادة من تلك الديون في استثمارات إنتاجية يكفل عائدها المساهمة في سداد أقساطها وفوائدها.
وأكدت الحركة، أن الظروف الحرجة التي تشهدها البلاد، كانت تقتضي وقف المزيد من الاستدانة من الخارج، ووضع قائمة لأولويات المشاريع الضرورية وتأجيل الباقي، إلا أن الحكومة مستمرة في الاستدانة الجديدة من أجل مشاريع ليست ذات أولوية.
ولفتت الحركة إلى عدد من القروض الجديدة مثل قرض القطار السريع (2.3 مليار دولار)؛ وقرض مشروع توليد الكهرباء من طاقة الرياح في سوهاج (5 مليار دولار)، مع وجود فائض كهرباء منذ عام 2015 تدعي الحكومة اتجاهها لتصديره، وهو ما فشلت فيه حتى الآن.
وبحسب البيان، بلغ عبء الديون واجبة السداد خلال عام 2024 أكثر من 29 مليار دولار، ما يتيح لصندوق النقد الدولي، ممثل الدائنين، الضغط من أجل الخصخصة، وأيضا في اتجاه المزيد من تخفيض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار.
وتناول البيان مسلسل خفض قيمة العملة استجابة لشروط الدائنين، حيث كانت البداية بتخفيض الجنيه المصري إلى النصف عام 2016 (من 7.7 إلى 16 جنيهاً للدولار، ثم إلى الربع عام 2022 (حيث الدولار يساوي حوالي 31 جنيها)، فيما يترقب الجميع التخفيض الثالث الوشيك إلى سدس قيمته.
وقالت الحركة إن تخفيض العملة يطلق قوى التضخم والإفقار، ولفتت إلى ارتفاع نسبة المواطنين تحت خطي الفقر الأول (فقر الغذاء) والثاني (فقر الاحتياجات الأساسية): من 25، و60%، إلى 30 و70% على التوالي بعد تخفيض عام 2016، وإن هذا يوضح إلى أين ستصل معدلات الفقر الجديدة بعد تطبيق الحكومة لسياساتها الإصلاحية المرتقبة.
وأكدت الحركة أن الحكومة تجاهلت اقتراحاتها التي تقدمت بها خلال جلسات المرحلة الأولى من الحوار الوطني، وقالت: على العكس اندفعت الحكومة في نفس الاتجاه المهلك الذي تسير فيه، مما يشكل خطورة شديدة على الاستقرار السياسي والاقتصادي، ويهدد السِلم الاجتماعي الذي نسعى جميعا في الحركة المدنية لحمايته، خاصة في هذه الظروف الصعبة، التي تواجه فيها مصر ودول المنطقة تهديدات وتحديات بالغة الخطورة، وعلى كل الجبهات.
ولفتت الحركة، إلى أنها قدمت حلا بديلا مؤسس على العمل الجاد لبناء اقتصاد وطني مستقل نسبيا، ومنتج، يسعى لتغطية أغلب حاجات المجتمع الضرورية من غذاء وكساء ومستلزمات الحياة والإنتاج، محلياً.
كما دعت الحركة إلى تركيز دور الدولة على القطاعات الاستراتيجية؛ مثل الصناعات الثقيلة، والأسمدة، وغيرهما، وتكثيف الرقابة على الأسواق؛ والتدخُّل لمنع الاحتكار، مع توسيع المجال للقطاع الخاص المحلي.
وأوصت الحركة باتباع سياسات التقشف الحكومي، والحد من البدلات العالية ومصروفات الترف، ودمج الصناديق السيادية والخاصة في الميزانية العامة للدولة، وتحميل عبء الأزمة للطبقات القادرة عن طريق الضرائب التصاعدية، وتعبئة الموارد، مع تأمين الاحتياجات المعيشية للمواطنين. والعمل على توفير العملة الصعبة من خلال تقليل الاحتياجات الدولارية.
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، دعا الإعلامي المصري عمرو أديب، إلى تنظيم مؤتمر أصدقاء مصر يضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج.
ولفت إلى أنّ هذا المؤتمر يمكن أن يؤسس صندوقا لدعم مصر لمواجهة الأزمة، وإلى أن الدولة يقع عليها حمل ثقيل، وأن عليها الكثير من الديون التي تعمل على دفعها، مؤكدا أن الأزمة لن تتحل إلا من خلال أموال تأتي من الخارج.
ودعا أديب، المواطنين للتوقف عن حالة الملل والتعجب والشكوى، لكون الأزمة الاقتصادية ستستغرق بعض الوقت.
عبر "صندوق أصدقاء مصر".. عمرو أديب يقترح الحل للأزمة الاقتصادية pic.twitter.com/4k4AeryYsz
— مزيد – Mazid (@MazidNews) January 20, 2024
أما الإعلامي أسامة كمال، دعا إلى طرح المشروعات الرابحة التي تتخارج منها الدولة، لاكتتاب عام بالدولار للمواطنين.
وأضاف: الدولة جربتنا من قبل في الـ64 مليار جنيه في حفر قناة السويس وتم جمعهم في أسبوع.
وأكد أن هذا المقترح يمكن أن يساهم في سحب الدولار من السوق الموازية وإدخاله في القطاع المصرفي.
وكشف الدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري، أن صندوق النقد الدولي مقتنع بزيادة التمويل لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، مؤكدا أن الصندوق يقدم تسهيلات في تمويل برنامج الإصلاح.
وقال الفقي في تصريحات متلفزة: أتصور أنه يمكن فتح باب الاعتمادات في البنوك بالسعر الموازي للدولار، مضيفا: لابد من احتواء معدل التضخم حتى لا ترتفع الأسعار كثيرًا، بالإضافة إلى أن تدفقات النقد الأجنبي ستصب في البنوك مع تحرير سعر الصرف.
وأكد رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، أن 22 مليار دولار خرجت من مصر بسبب الأزمة الاقتصادية.
ولفت الفقي، إلى أن الصراع في السودان والأزمة في غزة يؤثران على مصر، مطالبا بتوفيق أوضاع الأجانب لمواجهة الأزمة الاقتصادية.
رجاءا التبرع لبناء قصور جديدة و شراء طائرات فاخرة للسيسي