في فترته الرئاسية الأولى منح ترامب حصة كبيرة من الأضواء لجاريد كوشنير زوج ابنته إيفانكا، ويبدو أنه ومن باب واجباته الأبوية سيمنح فرصة الظهور لأسرة زوج ابنته الصغرى تيفاني، من خلال تعيين مسعد بولس والد الزوج، منصب مستشار الرئيس للشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط، وبذلك يمكن الاطمئنان على السعادة الأسرية للسيدة تيفاني، ويتوجب ربما العتب على بعض المليارديرات العرب لإهمالهم اقتناص هذه الفرصة في وقت مبكر، على إيقاع أغنية (وناسبنا الحكومة) من المسرحية الشهيرة «ريا وسكينة».
السخرية أمر مرتبط بالعبث، ويبدو أن المعلقين السياسيين سيتحولون إلى منافسين محتملين لكتاب الكوميديا، مع استمرار المفارقات المتتالية في تصريحات وأفعال الرئيس الأمريكي المنتخب، وآخرها التهديد بجحيم في الشرق الأوسط، إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن في غزة، بكل ما يحمله من سلوك تنمري لا يليق بطالب مدرسة مزعج، ويحمل النبرة الاستعراضية غير الضرورية، خاصة مع التقدم في المحادثات الجارية في القاهرة، والتوقعات السائدة بالوصول إلى تسوية، أو ما يشبه التسوية قبل التاريخ (المقدس) المحدد، فهل تشاور ترامب مع مستشاره ونسيبه، وهل تهديده نتيجة توصية من النسيب؟ إذا كان الأمر كذلك، فالشرق الأوسط أمام مشكلة حقيقية!
سيجد المختصون ممن أفنوا حياتهم في تحليل مسارات التاريخ في مأزق، وستصبح الثقافة القائمة على الانطباعات لنسيب الرئيس طاغية على آراء مستندة لخلفيات معرفية مهما كانت مرجعيتها
لا يمكن لمسعد أن يزعم لنفسه خبرة عميقة بالشرق الأوسط ومشكلاته، ولا خبرة سياسية بشكل عام، فنشأته في بيت أحد رؤساء البلديات في شمال لبنان، يرتبط بزعامات الطوائف والإقطاع السياسي، لا تؤهله لذلك، وسياحته بين الجاليات العربية والمسلمة في التحشيد لترامب، لا يبرر أن يكون ممثلًا للرئيس في ملفات كثيرة معقدة وشائكة، تتمدد على مساحة شاسعة ومزدحمة من العالم، ولكن الرئيس ترامب لا يفكر بهذه الطريقة، ولا توجد مؤشرات من قراراته المتخذة حتى اليوم لنيته توفير الصدمات على المستوى الدولي. هل يمكن أن يفسر اهتمام ترامب بالملف اللبناني بعلاقة المصاهرة القائمة؟ يبدو أن هذه النقطة أصبحت على شيء من الوجاهة المنطقية بعد تعيين بولس، بل أصبح من الممكن التنبؤ ببعض صفحات المستقبل اللبناني، من خلال قراءة آخر دعوات العشاء التي تلقاها في زياراته لبلده في السنوات الأخيرة، وهذه جهود ربما ينصرف لها الصحافيون الاستقصائيون وتصبح أرضية خصبة للشائعات. المقاربات المبدئية لسياسة الشرق الأوسط غير مريحة، وإن تكن ثمة نقطة إيجابية، فهي قدرة بولس على التواصل باللغة العربية، وبذلك تتراجع أهمية الوسطاء الدبلوماسيين، الذي يأتون لمواقعهم في منظومات طبقية، ولا يمثلون النبض السياسي في بلدانهم، ويتحصلون على فرصة الفذلكة والفتوى في فوائض المعنى في الترجمة، أو هوامش الاختلاف الثقافي حول الكلمات والمصطلحات. مع الدبلوماسيين سيجد المختصون ممن أفنوا حياتهم في قراءة المراجع وتحليل مسارات التاريخ في مأزق حقيقي، وستصبح الثقافة القائمة على الانطباعات لنسيب الرئيس طاغية على أية آراء مستندة لخلفيات معرفية مهما كانت مرجعيتها. هل يعتبر ذلك أمرا سلبيا بالكامل؟ أم أن حالة الفوضى التي ستنشأ عن الاستخفاف بالمنطقة وتفاعلاتها ستكون فرصة لبناء مواقف مواجهة مفاجئة، ومن يمكنه أن يقود ذلك، وضمن أية شروط. تبدو الشعوب العربية غير مقروءة بالصورة الكافية، ويوجد تشكك عميق في مدى تقارب ما تقدمه منظومات الحكم العربية من المواقف الحقيقية لشعوبها، وبالتالي فإن الأمريكيين سيبحثون هذه المرة على قياس عمق النهر بالقفز داخله مباشرة، وهو التصرف غير الحكيم، وما يحدثه من خلخلة يمكن أن تحول المنطقة إلى ثقب أسود، يسترجع أوروبا الحرب العالمية الأولى في وقت تسويق الأحلام اللوجيستية الكبرى ووعود الرخاء الاقتصادي.
يعتقد الرئيس ترامب أنه هدية من السماء ليشيع الحياة الهانئة للتي يتخيلها لشعبه والشعوب الصديقة اللطيفة، من وجهة نظره، ولكن ما الذي يعرفه الرجل أصلاً عن معادلة الاستغلال القائمة بين الشرق والغرب، وما تشكله من سبب رئيسي للأزمة في المنطقة العربية! وهل سليل الإقطاع السياسي هو الشخصية المناسبة لفك طلاسم المنطقة وألغازها. لا يوجد سوى قلة من الأشخاص يمكنهم أن يقولوا لا للرئيس، وخياراته التي تتناسب مع إدارة شركة عقارية، تزيد الصورة ضبابية وتعقيدا، ولذلك فالمنطقة مقبلة على مرحلة صعبة ربما تشمل خرائط جديدة، أو تعزز الفوضى، أو تستبدل الأزمات السياسية بأخرى جديدة، وفي وسط ذلك توجد الفرصة في إنهاء أو تجسير الفجوة القائمة، واستعادة الشعوب العربية من وضعها الحالي ككتل سكانية إلى الدور المفترض، بوصفها كيانات اجتماعية تمتلك رأيا، وإرادة الشعوب العربية بحاجة إلى الظهور فعلا، على الرغم من الوقت المحدود والتجلي في سلسلة من المصالحات الضرورية، وغير القابلة للتأجيل، والتحدي الأساسي هو في البنية السياسية القائمة، التي تقدم آلاف الوجوه للمحاباة التي جلبت بولس ليكون الرجل الذي سيهمس في أذن ترامب بخصوص مستقبل المنطقة، وجميعهم يهمسون في أذن السلطة في المنطقة العربية، ويقدمون الصور المغلوطة والمشوهة عن الشعوب وتوجهاتها وتطلعاتها. من غير ذلك، سيجد المؤرخون أنفسهم بعد عقود قليلة مضطرين لتسمية الحقب التاريخية بإيفانكا وتيفاني بالطريقة نفسها، التي تطلق على الأعاصير العاتية في طقس فارغ لا يعني شيئا.
كاتب أردني
العائلات المتنفذة في بعض الدول قد تمثل قوة لا يستهان بها في مجالات السياسة والاقتصاد، حيث يمكن أن تهيمن على قطاعات كبيرة من الأسواق أو تلعب دورًا رئيسيًا في رسم السياسات العامة. لكن، في المجمل، لا يمكن اعتبارها “مؤسسة” بالمعنى التقليدي، كونها لا تلتزم بالهيكل التنظيمي أو القواعد القانونية التي تحكم المؤسسات الرسمية. هي تشكل نوعًا من “السلطة غير الرسمية” التي تتمتع بتأثير كبير على صنع القرار في الدولة، لكنها تظل مرتبطة بمصالح شخصية وعائلية. في بعض الحالات، يمكن لهذه العائلات أن تسهم في تعزيز استقرار النظام السياسي، لكنها قد تصبح أحيانًا عائقًا أمام التغيير والإصلاحات الجذرية، خصوصًا إذا شعرت بأن مصالحها مهددة. ومن ثم، رغم أن هذه العائلات قد تكون محورية في بعض الأنظمة، فإن تأثيرها لا يعكس بالضرورة قوة مؤسسية، بل يظل تحركها مرتبطًا بمصالح وأهداف خاصة، مما يجعل دورها في الإصلاح أو التحول الديمقراطي معقدًا ومتفاوتًا.
…في الغرب، تُعتبر العائلات المتنفذة مثل عائلة روكفلر وعائلة كينيدي في الولايات المتحدة نماذج لعائلات قد أسست تأثيرًا قويًا في السياسة والاقتصاد. عائلة روكفلر، على سبيل المثال، كانت تدير واحدة من أكبر إمبراطوريات النفط في العالم، وقد استثمرت في مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك المالية والسياسة، من خلال شبكة من العلاقات الشخصية والمؤسسية. عائلة كينيدي، رغم أنها أقل تأثيرًا اقتصاديًا، كانت لها أدوار سياسية بارزة، خاصة في الولايات المتحدة، حيث أسهمت في تشكيل السياسات العامة على مدى عدة أجيال.
أما عائلة ترامب، فهي مثال حديث على كيفية تأثير عائلة متنفذة في السياسة الأميركية. مع أن عائلة ترامب لم تكن تتمتع بنفس التاريخ الطويل من النفوذ مثل روكفلر أو كينيدي، إلا أن دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، واستغلاله لعلاقاته التجارية والإعلامية، قد أتاح لهذه العائلة دورًا كبيرًا في تشكيل سياسات الولايات المتحدة. عائلة ترامب تمكنت من استغلال نفوذها السياسي والاقتصادي، فضلاً عن مكانتها الإعلامية، لتؤثر في التصورات السياسية والاقتصادية في البلاد…(تتمة)
…مقارنة بذلك، في الأنظمة العربية، غالبًا ما تكون العائلات المتنفذة تمارس تأثيرًا قويًا في السياسة والاقتصاد ولكن من خلال تحالفات غير رسمية، حيث تلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على استقرار النظام القائم من خلال السيطرة على قطاعات معينة مثل الطاقة والعقار والأعمال الكبرى. في بعض الحالات، تُعتبر العائلات جزءًا من النظام السياسي نفسه، مع تأثيرات مباشرة على الحكم والسياسات.
الفرق بين العائلات المتنفذة في الغرب والعائلات المتنفذة في الأنظمة العربية يكمن في نوعية العلاقات التي تربط هذه العائلات بالسلطة. ففي الغرب، رغم أن العائلات المتنفذة قد تكون لها علاقات قوية مع السياسة، إلا أنها لا تمارس السلطة بشكل مباشر بنفس الطريقة التي تفعلها العائلات في بعض الأنظمة العربية. في الأنظمة العربية، تلعب العائلات دورًا مباشرًا في السلطة والنفوذ من خلال علاقتها القوية بالحكم، وغالبًا ما تكون جزءًا من الهيكل السياسي ذاته…(تتمة)
…دور هذه العائلات في الإصلاح والتحول الديمقراطي في الأنظمة العربية يظل معقدًا. في بعض الحالات، يمكن لهذه العائلات أن تكون عاملًا مقاومًا للتغيير لأنها تسعى لحماية مصالحها الخاصة. ومع ذلك، قد يكون لديها أيضًا القدرة على دفع الإصلاحات إذا كانت تدرك أن التغيير ضروري للحفاظ على استقرار النظام أو مصالحها على المدى الطويل.
ترمب داعية الاُسرة الطَّبيعيّة وأوَّل رئيسة حكومة إيطاليّة (جورجيا ميلوني) شعارها المُقدَّس: (الله، الوطن، الاُسرة الطَّبيعيّة)، طلقت والد ابنتها الإعلاميّ المُدنس لتعليقاته المُنحرفة الإباحيّة ولخيانته رباط الزوجيّة الأقدس. الاُسرة الطَّبيعيّة نواة المُجتمع السَّوي؛ رأيٌ فِطريٌ نشرتموه أو حجبتموه، في الحالتين يُعتبر ذلك موقفكُم صحبتكُم السَّلامة والصَّحيفة. ترمب رمز للاُسرة الموسرة ضدّ الإجهاض والشّذوذ. الحديثُ النبويُّ الشَّريف مُتفق عليه عن مُواصفاة الزَّوجة الصّالحة، اظفر بها لمالها وجمالها وحسبها ودينها، الودودُ الولود.