الأعمال الرمضانية المغربية سقطت في النّمطية وتجاهلت قضايا الشارع والإبادة في غزة

ماجدة أيت لكتاوي
حجم الخط
0

الرباط ـ «القدس العربي»: يستمر عرض حلقات الأعمال التلفزيونية خلال شهر رمضان، ما مكَّن المشاهدين من التمييز بين أعمال جيدة حازت متابعة واسعة ونالت استحسان النقاد، وبين أعمال أخرى تلقت سهام الانتقادات بالسقوط في النمطية والسطحية، وأعلن عدد من المتابعين توقفهم عن مشاهدة حلقاتها.
ووجّه الناقد الفني والسينمائي المغربي مصطفى الطالب ملاحظاته للأعمال التلفزيونية المعروضة قائلا إن القنوات المغربية عرضت إنتاجات تفتقر إلى الخيال وإلى العمق وإلى الجدية في المضامين، خاصة في ما يتعلق بالأعمال الكوميدية والدراما الاجتماعية التي تراهن عليها كل سنة، وأبرز أن هذه الأعمال استنفدت أغراضها لكون قصصها تسقط في التكرار والنمطية والسطحية، بالإضافة إلى ظهور نفس الوجوه الفنية، رغم ظهورها في ديكور جديد، والديكور وحده لا يصنع أعمالا جادة؛ بل هناك من الأعمال من اتهمت بالسرقة وبتقليد الطابع المصري أو التركي.
وأوضح الناقد الفني ضمن تصريح لـ «القدس العربي»، أن المشاهد المغربي كان يتطلّع إلى برمجة رمضانية تلامس قضاياه الاجتماعية والثقافية والروحية خاصة في ظل واقع يومي يُهيمن عليه غلاء المعيشة على جميع المستويات، وتأثُّر الشارع المغربي كما الشارع العربي بالإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة والضفة الغربية أمام صمت عربي رسمي.
وتابع: «من المؤسف أن نُسجل على القنوات العربية غياب إنتاج رمضاني يشير من قريب أو من بعيد إلى المجزرة الرهيبة التي تعرض لها أهل غزة وإلى سياسة التجويع والقتل البطيء التي عاشوها ولا زالوا يعيشونها، وكأنهم ليسوا منا ولسنا منهم» وفق تعبيره.
وأضاف الطالب أن بعض مشاهد هذه الأعمال لا تُراعي خصوصيات رمضان الروحية والتعبدية والتفكرية، ما يجعل جمهورا واسعا يهجر إلى محتويات أخرى على المنصات الرقمية تلبي حاجياته الروحية والثقافية. وهذا تحدٍ كبير يواجه القنوات المغربية التي لا تريد خوض غمار أعمال أدبية أو تاريخية أو دينية التي تستأثر باهتمام غالبية المشاهدين من مختلف الشرائح الاجتماعية والثقافية. أما بالنسبة للأعمال الكوميدية، فيكفي أن الجمهور يطلق عليها اسم «الحموضة» تعبيرا عن ضعف مستواها الفني والموضوعاتي، يضيف الطالب متحدثا لـ «القدس العربي»، وهذا النقد لم يعد يخفى على أحد فوسائل التواصل الاجتماعي خير دليل وخير «ترموميتر» لقياس مدى إعجاب أو رفض الإنتاجات الرمضانية.
وخلص الناقد الفني المغربي إلى أن ميزانية ضخمة تُصرف على هذه الإنتاجات الرمضانية دون أي مستوى فني متميز أو مواضيع جادة، ولو صرفت على عمل تاريخي أو أدبي أو ديني لكانت النتيجة أفضل.
ولفت الطالب إلى مفارقة بارزة، قائلا إنه في الوقت الذي يشهد المجتمع المغربي تطورا هاما وانفتاحا على العالم وثقافاته وإعلامه وإنتاجاته وتكونت لديه ثقافة بصرية متقدمة رفعت من ذائقته الفنية والثقافية والنقدية، ظلّ الإعلام الرسمي كما هو ولم يساير هذا التطور وتطلعات وطموحات الجمهور، بل ظل حبيس نظرة ضيقة للمجتمع ولأعمال فنية معينة تسيطر عليها نفس شركات الإنتاج.
بالإضافة إلى الأعمال الدرامية المعروضة على القنوات المغربية، فضل فنانون آخرون عرض إنتاجاتهم الرمضانية على منصة «يوتيوب»، ولعل من أكثرها متابعة السلسلة الفكاهية «الكالة»، والتي يستمر الفنان محمد باسو في عرض محتواها ضمن موسمها الثاني، بالإضافة إلى عرض «من هو كبور؟» للفنان الكوميدي حسن الفد.
ويستمر باسو عبر سلسلته في تقديم شخصية كاريكاتورية للوسيط الملازم لمكتبه والقادر على البت في الصفقات بالإدارات العمومية والمجالس المنتخبة، في صورة الرجل الخارق الذي يُعْتمَد عليه في إيجاد حلول لكل شيء، وهو نموذج موجود داخل الإدارات العمومية والمقاولاتية، أفرزته طبيعة العمل الإداري المغربي المتشبث بالعتاقة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية