يحظى موسم الحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة بمكانة كبيرة في نفوس المصريين، وصار مناسبة كبرى للغناء وممارسة بعض الفنون مثل الرسم على بيوت الحجاج.
وتقول رشا سلامة الناقدة الفنية والباحثة في شؤون التراث المصري “إن أغاني وأهازيج الحج في صعيد مصر تتنوع ما بين أغانٍ وأهازيج تتردد عند سفر الحجاج، وأخرى عند عودتهم من الأراضي الحجازية بعد أداء مناسك الحج، وما بين أغان يتم ترديدها للسيدات من الفائزات بفرصة للحج لبيت الله الحرام، وما بين أغانٍ للرجال من الحجاج”.
وأضافت: “ما أن يتلقى الحاج، ذكرا كان أو أنثى، خبر اختياره ضمن جموع الحجاج، حتى تنطلق طقوس الحج في بيت الحاج وأولها الغناء الذي لا ينقطع من بيت الحاج، منذ تلقيه خبر اختياره للسفر إلى الأراضي الحجازية، وحتى عودته من أداء مناسك الحج بسلام، فتغنى النساء ويبتهج الرجال وتصدح مكبرات الصوت بأغاني الحج، حتى يصل الحاج إلى المطار أو الميناء مغادرا إلى الأراضي المقدسة، وعند العودة أيضا تنتظره الجموع بالغناء والأهازيج والطبل والرقص”.
وحسب سلامة، من أغاني الحج التي تغنى للنساء قولهم: “رايحة فين يا حاجة .. بتوبك القطيفة.. رايحة أزور النبي محمد والكعبة الشريفة” و ” أركبي يا حاجة وردي غطاكي .. مايرعبكيش المالح (أي لا تخافي من أمواج البحر الأحمر) دا ولدك في طولك (أي ابنك الذي بصحبتك صار كبيرا) .. وأركبي يا حاجة وردي غطاكي .. مايرعبكيش الجمل ولدك وراكي “.
ومن أغاني الحج التي تغنى للرجال قولهم: “يا وابور السفر لأحني قلوعك .. سيد المرسلين يكتب رجوعك .. حج من عندنا صغير بشوشة.. السنة حجتك ومن عاش عروسة”.
وقولهم: “يا حاجج يا حاجج خد اختك عديلة .. تنكتب لك حجة وتبقى جميلة .. يا حاجج يا حاجج خد اختك قبالك .. تنكتب لك حجة وتسلم جمالك .. يا نبي يا نبي ياللي ندهته .. نوله حجته ورده لأهله .. يا نبى يا نبى ياللى ناديته نوله حجته ورده لبيته “.
وأشارت سلامة إلى أن من الأغاني التي تردد عند عودة الحجاج قولهم: “يا بشير الهنا يا رايح بلدنا .. قول لأبويا العزيز يزوق عتبنا .. يا بشير الهنا يا رايح بلادي .. قول لأبويا العزيز يزوق عتابي .. زوقوا البوابة وحتى عتبها .. وعملوا لي الزواق غزالة وولدها .. زوقوا البوابة وحتى العتابي .. زوقوها مليح لما الحج ياجى”.
ويعرف المصريون بأنهم شعب شغوف بالغناء والموسيقى والفرح والاحتفال منذ عهود الفراعنة وحتى اليوم، وقد جعل المصريون لكل مناسبة أغنياتها وأهازيجها الخاصة، فهناك أغنيات وأهازيج للزواج والحصاد وللأعياد وحتى الموتى لهم أغانٍ حزينة يطلق عليها العدودة.
وتقول الباحثة المصرية أمل مصطفى إبراهيم، في كتابها “الغناء البلدي في مصر” الصادر عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، إن “الأغاني الشعبية تفصح عن شخصية مصر، وتعبر عن خصائص شعبها وعاداته وتقاليده وحتى وجدانه”.
وترى أمل مصطفى إبراهيم أن الثقافة الشعبية المصرية عرفت ما يسمى بـ “الغناء البلدي” الذي انتشر من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وأن ذلك الغناء البلدي صار معبرا عن البيئة المحلية المصرية، وهو غناء سهل الكلمات بسيط الألحان. (د ب أ)