غزة ـ «القدس العربي»: القيود التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، قد تشكل جريمة حرب، حسب ما قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أمس الثلاثاء.
وبيّن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، أن المجاعة في قطاع غزة سببها القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية.
وشدد في بيان، على ضرورة منع المجاعة المقبلة على غزة، مبينا أن التحذيرات الصادرة عن الأمم المتحدة في الآونة الأخيرة بهذا الصدد «لم تؤخذ بعين الاعتبار».
وأضاف: «هذه الكارثة من صنع الإنسان ويمكن منعها كليا، فالمجاعة والوفيات الناجمة عنها في غزة سببها القيود الشاملة التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية والسلع التجارية وتوزيعها».
وأوضح أن أبعاد القيود الإسرائيلية المستمرة على وصول المساعدات إلى غزة، والطريقة التي تواصل بها إسرائيل هجماتها، قد تعني استخدام «التجويع وسيلة للحرب» الأمر الذي يعد جريمة حرب.
في حين قالت منظمة «المطبخ المركزي العالمي» إن المساعدات التي وصلت إلى القطاع الجمعة عبر الممر البحري من قبرص، وزعت على السكان في شمال غزة عن طريق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
وقالت المنظمة الأمريكية غير الحكومية، إنه لم يتم بعد تحديد موعد مغادرة السفينة الثانية من لارنكا التي تأخرت بسبب سوء الأحوال الجوية.
وأضافت في بيان أن «نحو 200 طن من المساعدات التي وصلت على متن السفينة الإسبانية أوبن آرمز سُلمت صباحاً إلى شمال قطاع غزة في إطار قافلة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي» دون مزيد من التفاصيل.
وصلت السفينة أوبن آرمز التي تستخدم عادة في مهام إنقاذ المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، إلى شاطئ غزة الجمعة، بعد ثلاثة أيام من إبحارها من لارنكا.
ويحمل القارب الثاني واسمه جينيفر 240 طنا من المواد الغذائية.
وفُتح الممر الإنساني البحري من قبرص العضو الأقرب إلى قطاع غزة في الاتحاد الأوروبي، لمواجهة نقص المساعدات التي تصل بالشاحنات إلى الأراضي الفلسطينية. لكن المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية تؤكد أن إرسال المساعدات عن طريق البحر أو إلقائها من الجو لا يمكن أن يحل محل الطرق البرية.
وسيصبح 70% من سكان شمال غزة على حافة المجاعة ما لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة لتسهيل إيصال المساعدات على نطاق واسع وتجنب الجوع الكارثي، وفق منظمة «آكشن إيد» الدولية.
وأضافت في بيان صادر عنها، أن المجاعة وشيكة في المحافظات الشمالية ومن المتوقع أن تحدث في أي وقت بين منتصف آذار/مارس وأيار/ مايو 2024.
وأشارت المنظمة إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي منعت آلاف الأطنان من المساعدات من العبور برا من رفح وإلى شمال غزة، حيث تشتد الأزمة خلال الأشهر القليلة الماضية.
ولفتت إلى أنه وفق مسؤولين في الأمم المتحدة، فإن ربع المواطنين في غزة أصبحوا على بعد خطوة من المجاعة.
كما أفادت منظمة «اليونيسف» بأن طفلاً واحداً من بين كل ثلاثة أطفال يعاني سوء التغذية الحاد.
كما أشار التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن جميع الأسر تقريباً تقلل وجباتها حتى يتمكن أطفالها من تناول الطعام، في حين أشار التقرير أيضا إلى ارتفاع حاد في وفيات الأطفال، وهو ما يعتقد خبراء التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أنه قد يشير إلى بداية وشيكة للمجاعة.
وأكدت المنظمة أن هناك العديد من النساء يعانين مشاكل صحية، ما تسبب بمشاكل فقدان الوزن لديهن ولدى أطفالهن، كما يولد الأطفال بوزن أقل من 3.5 كيلو غرام، وهو متوسط الوزن الطبيعي للطفل حديث الولادة، نتيجة لنقص المواد الغذائية المغذية، وخاصة للنساء الحوامل.
وتابعت: رغم وجود محاولات لإيصال الغذاء والمساعدات إلى المحتاجين، إلا أن التقارير عن الهجمات التي شنتها القوات الإسرائيلية على مراكز توزيع المساعدات التابعة للأمم المتحدة هددت سلامة إيصال المساعدات في جميع أنحاء غزة، ما ترك الكثيرين دون مساعدات منقذة للحياة مثل الغذاء والإمدادات الطبية.
وسجلت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» عددا غير مسبوق من الانتهاكات ضد موظفيها ومنشآتها منذ بدء الحرب، إذ قُتل ما لا يقل عن 165 من أعضاء فريق الأونروا، وتم استهداف أكثر من 150 منشأة.
كما يواجه حوالي 2,000 طبيب وطاقم طبي في شمال غزة مجاعة شديدة، ما يجعلهم منهكين غير قادرين على إطعام أنفسهم بشكل صحيح أثناء العمل على مدار الساعة على إنقاذ الأرواح.
كما أدى نقص المساعدات والإمدادات المتوفرة في غزة إلى ارتفاع أسعار السوق بالنسبة إلى الضروريات مثل حليب الأطفال والحفاضات والدقيق وغيرها من المواد الأساسية.
وقالت مسؤولة التواصل والمناصرة في منظمة «آكشن إيد» فلسطين، رهام جعفري: يمثل اليوم علامة فارقة قاتمة بالنسبة إلى ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون الآن في واحدة من أسوأ الكوارث في الذاكرة الحية.
وفي غضون ستة أشهر فقط يقف جزء كبير من قطاع غزة على شفا مجاعة يمكن تجنبها تماما أمام أعيننا. كما يعيش الفلسطينيون ستة أشهر من الجوع الشديد، وهو في كابوس لا ينتهي ويودي بحياة الأطفال بينما تلد النساء المصابات بسوء التغذية الحاد أجنة ميتة. وما زال العالم يراقب في صمت. إن إعلان اليوم يمثل وصمة عار جماعية على ضمير الإنسانية وإدانة كارثية للدول الغربية التي نامت على هذه الكارثة بينما لم تقدم سوى القليل من الإجراءات الهادفة إلى تجنب مجاعة وشيكة.
زعماء العالم مطالبون بشكل عاجل بالاستيقاظ والانتباه إلى الحجم الهائل لهذه الكارثة بعد العديد من التحذيرات المأساوية في الأشهر الأخيرة. إن انتظار تأكيد حدوث مجاعة لاتخاذ الخطوات العاجلة اللازمة لزيادة المساعدات أمر لا يمكن الدفاع عنه، فنحن بحاجة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار الآن.