«الأونروا» مهددة بخدماتها لملايين الفلسطينيين

 سعيد أبو معلا
حجم الخط
1

رام الله-«القدس العربي»: لا أحد يعلم متى تتوقف العملية العسكرية على مخيم جنين، ولا ما هو حجمها وتأثيرها على المخيم وسكانه، إنها فعل احتلالي جديد كما يدعي قادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
وبحسب مدير شؤون وكالة “الأونروا” في الضفة الغربية رولاند فريدريك فإن القوات الإسرائيلية استخدمت أسلحة حرب في جنين، فيما أصبح المخيم غير صالح للسكن مع نزوح ألفي عائلة منذ منتصف كانون الأول / ديسمبر الماضي.
ولا يبدو ما يجري في مخيم جنين منفصلاً عن استهداف وكالة “الأونروا”.
ومن المتوقع أن يدخل قانونان صوت عليهما الكنيست الإسرائيلي في أواخر شهر تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي بأغلبية ساحقة، حيز التنفيذ خلال الأيام المقبلة، أي بعد مرور 90 يوماً على إقرارهما.
ويمثل القانونان ترجمة كاملة لنوايا معلنة بحق الوكالة الأممية التي ارتبطت بقضية اللاجئين الفلسطينيين وحفظ حقهم بالعودة، بحسب تصريحات مدير الوكالة في الضفة لـ”القدس العربي”.
وفي حوار مع “القدس العربي” نشر في ملحقه الأسبوعي، يقول رولاند فريدريك، مدير شؤون “الأونروا” في الضفة الغربية، إن الوكالة لا تعرف حتى الآن كيف سيتم تطبيق القانونين”.
ويضيف أن “القانون الإسرائيلي الثاني الذي أقر من الكنيست لا يمنع بشكل مباشر عمل الوكالة في قطاع غزة والضفة، ولكنه ينص على قيود وعراقيل معينة، والتي إذا ما تم تطبيقها بالفعل فستؤثر بشكل مباشر على قدرتنا على تقديم الخدمات أو حتى قد يصل الأمر إلى منعنا من العمل، وفي مقدمة ذلك (وقف) سياسة التواصل مع السلطات الإسرائيلية”.
وينبّه فريديريك، في حواره مع “القدس العربي”، إلى أن “القرار الإسرائيلي خطير من ناحية منظور عمل الأمم المتحدة، حيث يعتبر فريداً من نوعه، فلم يتم اتخاذ أي قرارات أو إصدار أي تشريعات من هذا النوع ضد أي مؤسسة تابعة للأمم المتحدة منذ بداية عملها في الأربعينيات حتى اللحظة”.
ولكن، في تصريحات لفيليب لازاريني، خلال كلمته في العاصمة النرويجية قبل أيام خلال اجتماع “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين”، استخدم المفوض العام تعابير غامضة مثل: “إنهاء ولاية الأونروا” التدريجي في إطار عملية سياسية” و”الانتقال السياسي” و”نهيئ الأرضية للمؤسسات الفلسطينية المتكونة لتولى زمام هذه الخدمات”.

تصريحات خطيرة

ورأى الخبير في شؤون الوكالة الدولية سامي مشعشع لـ”القدس العربي” أن هذه التصريحات “خطيرة للغاية ومقلقة للغاية، وتؤشر على تنازل الوكالة عن دورها أو استسلامها الفعلي”.
ورغم أن الوكالة تؤكد أنها ستستمر في تقديم خدماتها لكن هناك تسريبات إعلامية تؤشر على أن الوكالة تستعد لوقف أعمالها في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس.
ويرى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون اللاجئين د. أحمد أبو هولي، أن التآمر على “الأونروا” يندرج في إطار تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وإسقاط حق العودة وإعادة النظر في تعريف من هو اللاجئ من وجهة نظر إسرائيل.
وتقدم “الأونروا” في مناطق عملياتها الخمس خدمات لما يقرب من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني، علاوة على تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة لـ 1.9 مليون فلسطيني نازح شرّدتهم الحرب الإسرائيلية من بيوتهم في قطاع غزة المنكوب.

مخيم جنين مثالاً

وبالعودة لمخيم جنين، تبلغ المساحة الكلية للمخيم أقل من نصف كيلو متر مربع، ويبلغ عدد السكان المسجلين بالسكن داخله أكثر من 24 ألف لاجئ، في حين كان عدد السكان فيه يبلغ وقت تأسيسه عام 1953 ما يقرب من 5297 لاجئا، حسب “أطلس المخيمات في الضفة الغربية والقدس” الذي أصدرته الوكالة.
وفي القدس المحتلة مثلا هناك “مخيم شعفاط” داخل الجدار الفاصل (تأسس عام 1965)، ويعيش فيه اليوم نحو 16419 لاجئا، بعد أن كان عدد السكان فيه وقت تأسيسه 3160.
وبحسب معطيات “الأونروا” فإن المخيم يحتاج إلى تأهيل مدرسة البنين وإعادة تأهيل مركز شرطة المدينة، وتأهيل شبكات تصريف مياه الأمطار، وتأهيل شبكة المياه في المخيم، وكذلك المعدات اللازمة لإدارة النفايات الصلبة وأعمال البنية التحتية.

القدس

وحسب تقرير “الأونروا” الجديد، ففي مدينة القدس المحتلة تدير الوكالة 10 مدارس، 3 منها داخل الحاجز/ الجدار، و7 منها خارج الجدار، حيث يدرس فيها نحو 2056 طالبا وطالبة، فيما يقدم الخدمة التعليمية فيها نحو 112 معلما ومعلمة.
أما في قطاع الصحة، فتقوم الوكالة على ثلاثة مراكز صحية، واحد منها داخل الحاجز/ الجدار، حيث يعمل فيها نحو 53 كادراً صحياً، كما تقوم مجموعة من الاستشارات الصحية السنوية بعدد 66729. وفي برنامج الإغاثة والخدمات الاجتماعية، يبلغ عدد المسجلين فيه نحو 36492 لاجئا، 268 منهم يحصلون على دعم مادي من خلال البرنامج شبكة الأمان الاجتماعي.
وإذا تم تنفيذ فعل طُرد “الأونروا” من القدس الشرقية المحتلة، فإن هذا سيترك تأثيراً مدمراً محتملا على نحو 75 ألف لاجئ فلسطيني يعتمدون على خدماتها هناك.
كما أن طرد “الأونروا” من القدس ستكون له دلالة سياسية عميقة، فضمّ القدس بصفتها عاصمة أبدية وموحدة للدولة اليهودية بدأ مع الاحتلال في عام 1967، وسيصبح حقيقة غير قانونية أخرى على الأرض.
وتفيد التقارير الإسرائيلية بأن “سلطة أراضي إسرائيل” ستستولي على المقر العام لـ “الأونروا” الذي يقع في الشيخ جراح وستسلمه للمستوطنين لإنشاء 1,440 وحدة سكنية.
وعملياً، بدأت بوادر تحلل الوكالة من بعض الأدوار، فعلى سبيل المثال أبلغ موظفو عيادة الزاوية الهندية في القدس في منطقة “باب الساهرة” بإنهاء دوامهم في المقر المذكور نهاية الشهر الحالي حيث سيتم إغلاق العيادة، وذلك على خلفية قرار حظر عمل “الاونروا”.

التعليم

ويكتسب ملف التعليم في الضفة أبعاداً مهمة أيضاً، حيث يبلغ عدد المدارس التي تديرها الوكالة نحو 96 مدرسة، 55 منها موجودة في المخيمات، أما أعداد الطلبة فبلغ 45195، وبلغ عدد أعضاء الهيئة التعليمية نحو 1519 معلماً، إلى جانب 232 معلما بنظام العقود المؤقتة. وتوفر “الأونروا”، وتدير، مجموعة من مراكز التعليم المهني، حيث يدرس فيها نحو 1078 طالباً، أما كلية العلوم التربوية فتضم نحو 692 طالباً. ويبلغ عدد المعلمين في المراكز 245 معلماً.
وفي برنامج الغوث والخدمات الاجتماعية هناك 8 مراكز تسجيل، و18 نقطة لتسجيل الخدمة، ويبلغ عدد اللاجئين المسجلين في هذا البرنامج أكثر من مليون مسجل.
ويبلغ عدد اللاجئين الفقراء المستفيدين من البطاقة الإلكترونية (برنامج شبكة الأمان الاجتماعي) أكثر من 6 آلاف أسرة، فيما يبلغ عدد من استفادوا منه نحو 36 ألف مستفيد. أما عدد السكان البدو المستفيدين من المساعدات الغذائية فيزيد عن 38 ألفاً.
وتقدم الوكالة مجموعة من الخدمات الاجتماعية، مثل برنامج النوع الاجتماعي، والإعاقة أيضا.
ويعيش حوالي 25 في المئة (284,577 نسمة) من السكان المسجلين لدى “الأونروا” في الضفة الغربية في المخيمات.
والمخيم رقم 1 في منطقة نابلس هو المخيم ذو الكثافة السكانية الأعلى (215,289 نسمة لكل كيلومتر مربع).

المشغّل الثاني

وتظهر الأرقام السابقة أن الوكالة هي المشغل الثاني بعد السلطة الفلسطينية، فهي تقدم خدمات في 19 مخيم إلى جانب خدمات خارج المخيم، وهو ما يجعل من غياب الوكالة بالأمر الذي سيزيد من المعاناة في الضفة، في ظل أن السلطة الفلسطينية ضعيفة ومحاصرة وبالكاد تقوم بأدنى مستوى من الخدمات، كما أنها لا تريد أن تقوم بدور الوكالة من حيث المبدأ حماية لحقوق اللاجئين.
ويقول فريديريك لـ”القدس العربي” إن “السلطة الفلسطينية ليست لديها القدرات والإمكانيات المالية لأخذ دور الوكالة، وبالنسبة للمؤسسات الأخرى التابعة للأمم المتحدة فإن اختصاصها يختلف عن وكالة الغوث”.
ويضيف “نحن الجهة الأممية الوحيدة عالمياً التي تقدم خدمات مباشرة للمستفيدين والذين هم اللاجئون الفلسطينيون، حيث نقدم هذه الخدمات لما يقارب 6 ملايين لاجئ فلسطيني بين الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تيسير خرما:

    بعد قرار أممي تقسيم فلسطين 1947 بين يهود وعرب نشأت وكالة لاجئي فلسطين (الأنروا 1949) فسجلت نازحي 1948 للقدس والضفة الغربية وقطاع غزة أي بفلسطين التاريخية (2.3 مليون) بينما اقتصر تسجيل فلسطينيين خارج فلسطين التاريخية على (3.6 مليون) ولم يسجل الباقي (3.8 مليون) رغم منع عودتهم سواء للمنطقة اليهودية أو العربية ولم يقبضوا تعويض، فعلى دول عرب ومسلمين استصدار قرار أممي يجبر الأنروا لتسجيل باقي شتات الخارج لحفظ حقهم بالعودة والتعويض وبالمقابل نقل مسؤولية كل نازحي الداخل لدولة الإحتلال حسب القانون الدولي

اشترك في قائمتنا البريدية