لندن ـ «القدس العربي»: طبعت وفاة رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد في 13 مايو/أيار الماضي الأحداث في أبو ظبي التي ارتبط اسمها في الفترة الأخيرة بوتيرة تطبيع العلاقات مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وتقارب مع نظام بشار الأسد، وبوجودها في اليمن، وتحديداً في الجنوب ودعم الميليشيات الانفصالية.
وأعلنت السلطات في الإمارات العربية المتحدة مع منتصف العام وفاة رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. وكان الرئيس الإماراتي الراحل غائباً عن الساحة السياسية في أبوظبي منذ سنوات عدة، ونادراً ما ظهر في الإعلام. وسريعاً انتخب المجلس الأعلى للاتحاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسا للإمارات، وكان إلى وقت قريب الحاكم الفعلي للدولة.
وبايع محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي، ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، رئيساً للبلاد. وتعد عائلة آل نهيان، من أثرى الأسر الحاكمة في العالم. ونشر موقع «بلومبيرغ» مؤخراً، تحقيقاً عن ثروة العائلة الحاكمة في أبو ظبي، التي تقدر بـ300 مليار دولار، قال فيه إنه «في منطقة يتجلى فيها البذخ بشكل كامل، يحافظ الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان على مظهر متواضع يكذب أهميته. إلا أن ذلك لم يوقف القيل والقال عن الرجل الذي يدير إلى جانب الأمن القومي، أكبر ثروة لعائلة حاكمة في العالم».
وفي الإمارات 6 في المئة من الاحتياطي العالمي المؤكد من النفط. وليس سرا أن عائلة آل نهيان ثرية لكن الاستثمارات الواسعة التي قامت بها والتي تتراوح من مجموعات ريهانا للملابس الداخلية إلى برنامج سبيس إكس، الذي يديره إيلون ماسك، دفع بالثروة إلى الضوء من جديد. وقال الموقع إن ثروة العائلة تقدر بـ300 مليار دولار وذلك حسب تحليل الممتلكات التابعة لها وبناء على مؤشر بلومبيرغ للمليارديرات، بما في ذلك الملفات المقدمة بشكل منتظم عنها وسجلات العقارات وما تكشفه الشركات عن حجم أسهمها. وهي ثروة أكبر من ثروة عائلة والتونز التي تقدر بـ 225 مليار دولار نظرا لملكيتها لشركة تجارة التجزئة الضخمة في الولايات المتحدة وول مارت إنك.
وفي الوقت الذي ما زالت فيه الإمارات حاضرة في المشهد اليمني كقوة عسكرية ضمن ما يُعرف بتحالف دعم الشرعية، فوجئ الرأي العام بإعلان الحكومة اليمنية المعترف بها، بخبر توقيع اتفاقية تعاون عسكري وأمني مع الإمارات. وأثار الخبر تساؤلات عديدة عن الأهداف من هذه الاتفاقية لاسيما أنها تأتي في مرحلة يبرز فيها الوجود الإماراتي في اليمن من خلال ميليشيات تدعمها أبو ظبي كقوات المجلس الانتقالي وقوات طارق صالح وقوات العمالقة أو من خلال وجودها كقوة «احتلال» في جزيرتي سقطرى وميون وغيرها، بما في ذلك وجود بعض قواتها في قاعدة عسكرية بمطار الريان بالمكلا في محافظة حضرموت (شرق).
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الحكومية، إن وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري وقع «مع وزير العدل الإماراتي، عبدالله النعيمي، نيابة عن وزير الدولة لشؤون الدفاع، اتفاقية التعاون العسكري والأمني ومحاربة الإرهاب، وذلك ضمن الجهود الرامية لتعزيز التنسيق العسكري والأمني بين البلدين الشقيقين». ورفض الحوثيون الاتفاقية. وقال حسين العزي، نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ غير المعترف بها، «تحاول أبو ظبي باتفاقها استعمال المرتزقة كغطاء بائس لإطالة تواجدها غير المشروع في أراضينا وهذا غير مقبول».
وقال مصدر مطلع «إن توقيت توقيع الاتفاقية يأتي بهدف الحصول على مبرر قانوني لاعتبار ما تقوم به الإمارات داخل الأراضي اليمنية جزءا من هذه الاتفاقية».
التقارب مع إسرائيل
وسجلت سنة 2022 مضي الإمارات في مسار تطبيع علاقاتها مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي. كما تتجه الإمارات لإنشاء أول حي يهودي كامل، يضم عدداً من المرافق والكليات. وسيكون الحي اليهودي الإماراتي، الأول من نوعه في دول الخليج، والأحدث في الدول العربية. وجاء الإعلان عن ذلك في تصريح للحاخام الأكبر للمجلس اليهودي الإماراتي، إيلي عبادي. وقال عبادي: «هناك حوالي 2000 يهودي يقيمون في الإمارات، ويمارس 500 يهودي شعائرهم الدينية». واستطرد أن عدد اليهود في الإمارات تضاعف منذ توقيع «اتفاقيات إبراهيم» التطبيعية بين سلطات الاحتلال والإمارات والبحرين عام 2020. وتوقع الحاخام أن يتضاعف الرقم أربع مرات خلال السنوات الخمس المقبلة.
وخلال سنة 2022 عزفت الأوركسترا الإسرائيلية لأول مرة في عاصمة عربية النشيد الوطني لدولة الاحتلال، وهو ما دفع تل أبيب لاعتبار الحدث «عرضاً تاريخياً». وحلّت عقيلة الرئيس الإسرائيلي ميخال هرتسوغ، ضيفة شرف خلال العرض.
وتعتزم الولايات المتحدة عقد اجتماع مطلع 2023 يضم إسرائيل والدول العربية التي أبرمت اتفاقات تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، في إطار مساعيها لحضّ الحكومة الإسرائيلية اليمينية المقبلة برئاسة بنيامين نتنياهو على ضبط النفس، على ما أعلن مسؤول أمريكي.
وقال مسؤول أمريكي كبير إن الولايات المتحدة تعمل على تنظيم اجتماع ربما في الربع الأول من عام 2023 لوزراء خارجية الدول التي شاركت في قمّة النقب في آذار/مارس 2022. وشارك في القمة بصحراء إسرائيل التي كانت تحكمها آنذاك حكومة وسطيّة، وزير خارجية مصر أول دولة عربية طبّعت العلاقات رسميا مع إسرائيل، ونظرائه من دولة الإمارات والبحرين والمغرب التي طبّعت العلاقات مع الدولة العبرية عام 2020 في إطار ما سمي باتفاقات أبراهام التي رعتها واشنطن.
اعتقالات الأجانب
وتواترت أخبار اعتقال أو محاصرة عدد من الأجانب في الإمارات العربية.
وناشد إيطالي، رئيسةَ وزراء بلاده، جورجيا ميلوني، المساعدة على إخراجه من سفارة بلاده في الإمارات، بعدما وُجهت له اتهامات بدعم الإرهاب في اليمن.
وقال الإيطالي إنه ضحية خلافات سياسية بين بلاده والإمارات. وفي تقرير أعدته أنجيلا غويفريدا من العاصمة روما، قالت فيه إن أندريا كوستانتينو (49 عاما) عالق منذ ستة أشهر في سفارة بلاده بأبو ظبي، بعد الإفراج عنه من سجن الوثبة سيئ السمعة، حيث قضى أكثر من عام بتهم تمويل الإرهاب في اليمن، بعد أن نقل شاحنة محملة بالديزل لزبون هناك.
ولم يكن كوستانتينو قادراً على مغادرة الإمارات بدون دفع غرامة بقيمة 275 ألف يورو في اتهامات يقول إنها «عارية عن الصحة». ووصف حياته بأنه يعيش مثل الجرذ في غرفة صغيرة بالسفارة، قائلا: «لا أنام إلا عدة ساعات في الليل حيث أعاني من كوابيس مستمرة، بسبب الفترة التي قضيتها في السجن والكابوس الحالي العالق فيه، وأبدوا مثل شخص دفن حيا».
محاولات خفض التوتر
وسعت الإمارات مؤخراً لخفض توتر علاقاتها مع عدد من الدول، على غرار قطر وتركيا.
وقام الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بأول زيارة رسمية له إلى الإمارات منذ تسعة أعوام. كما وصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات، قبيل نهاية السنة، إلى العاصمة القطرية الدوحة، في أول زيارة رسمية منذ إعلان المصالحة الخليجية في قمة العُلا التي استضافتها السعودية.
وكشفت المصادر الرسمية القطرية، أن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد، تقدم مستقبلي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لدى وصوله والوفد المرافق الصالة الأميرية بمطار حمد الدولي. وأكدت وكالة الأنباء القطرية أن الشيخ محمد بن زايد وصل الدوحة في زيارة رسمية للبلاد. وبحث الجانبان في أول لقاء يجمع البلدين بعد المصالحة الآليات والإجراءت المشتركة، بهدف الحفاظ على «اللحمة الخليجية، وتطوير آليات العمل الخليجي المشترك، وبما يحقق الاستقرار والإزدهار في المنطقة».