يبدو أن الإمارات تخلت، من الناحية العملية، عن أي اعتراضات على احتلال إسرائيل للأراضي العربية،
واستضافت مجموعة من قادة المستوطنين الإسرائيليين.
الدوحة ـ”القدس العربي”: تحولت الإمارات إلى الوكيل الحصري الداعم لتطبيع الدول العربية علاقاتها مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وتهافت نخبها وقياداتها لتعزيز علاقات التعاون مع تل أبيب لدرجة استغراب الإسرائيليين أنفسهم من هذا التقارب.
فمنذ توقيع إسرائيل اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين في مراسم أقيمت بالحديقة الجنوبية للبيت الأبيض يوم 15 أيلول/سبتمبر الماضي بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتحرك ماكينة دعاية أبو ظبي لجعل التطبيع حالة استقطاب وليس مجرد اتفاق على ورق.
ولا تزال صفقة شراء شيخ من الأسرة الحاكمة في الإمارات لنصف أسهم ناد إسرائيلي لكرة القدم معروف بعنصريته تجاه العرب والفلسطينيين، حديث الساعة في تل أبيب والعالم العربي، لا سميا وأن مشجعي النادي عرفوا بعدائهم الشديد للعرب والمسلمين.
ووقّع الشيخ حمد بن خليفة آل نهيان مع موشيه حوجيج مالك نادي “بيتار القدس” الإثنين، في العاصمة أبو ظبي، على صفقة شراء 50 في المئة من أسهم النادي، وفق قناة “كان” الإسرائيلية.
هذا المستوى من العلاقة دفع بن ويديمان، كبير المراسلين الدوليين لـ “سي إن إن” في تحليل نشرته الشبكة الإخبارية الأمريكية التعليق، أنه منذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 قامت إسرائيل بتطبيع العلاقات مع مصر والأردن (1994) ومؤخراً الإمارات والبحرين. واستطرد أنه وقعت إسرائيل والسودان، اتفاقية لتطبيع العلاقات. وأضاف أنه مع ذلك، لم تكن عمليات التطبيع بهذه السرعة، والحماس لها بهذا الشكل، كما هو الحال بين إسرائيل والإمارات.
تبرير جرائم الاحتلال
وأشار عدد من الدراسات البحثية أن شهر العسل بين الإمارات وإسرائيل كان بشعاً. فمنذ تطبيع العلاقات في أيلول/سبتمبر، تعاون البلدان على عمل ما يمكنهما من أجل الدوس على الحريات الديمقراطية وارتكاب الجرائم وتبييض الاحتلال.
ويبدو أن الإمارات تخلت، من الناحية العملية، عن أي اعتراضات على احتلال إسرائيل للأراضي العربية.
واستضافت مجموعة من قادة المستوطنين الإسرائيليين من الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل منذ حرب عام 1967 مع الأردن وسوريا ومصر.
وفي تشرين الأول/اكتوبر سمحت أيضا باستيراد النبيذ الذي تنتجه الشركات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، التي تحتلها إسرائيل أيضا منذ عام 1967.
وأشارت تقارير إلى أن الإمارات ستمول مع الولايات المتحدة وإسرائيل مشروع تحديث نقاط التفتيش الإسرائيلية في الضفة الغربية المستخدمة للسيطرة على حركة الفلسطينيين.
وأشارت شبكة “سي أن إلى أن” إن “الحماس المتبادل” وشهر العسل بين إسرائيل والإمارات، أثّر بطريقة لم تعد هذه تعترض على ما يبدو على احتلال إسرائيل للأراضي العربية.
قيادة قاطرة التطبيع
التطبيع الإماراتي لم يقتصر على التقارب الحاصل بين البلدين، وامتد أيضاً لمحاولة أبو ظبي جر العواصم الأخرى للحاق بالقاطرة التي تقودها. ومباشرة بعدها انضمت لنادي المطبعين بدعم إماراتي البحرين.
ولاحقاً تحركت الماكينة لسحب الخرطوم، ثم الرباط، عبر صفقات تشارك فيها الإمارات لتقديم هدايا مقابل التطبيع.
وفضح الدور الإماراتي في محاولات الضغط على الدول العربية والإسلامية للحاق بقطار التطبيع باكستان.
وأعلنت إسلام أباد، أنها بيّنت للإمارات موقفها الرافض للاعتراف بإسرائيل إلى حين التوصل إلى تسوية دائمة وملموسة للقضية الفلسطينية.
جاء ذلك في تصريح لوزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، خلال مؤتمر صحافي، في مدينة مولتان شمال شرقي البلاد.
وقال قريشي: “بيّنت لوزير خارجية الإمارات العربية المتحدة بشكل قاطع موقف باكستان من إسرائيل، وأننا لم ولن نستطيع إقامة علاقة مع إسرائيل حتى يتم التوصل إلى حل ملموس ودائم للقضية الفلسطينية”.
وجاءت تصريحات الوزير الباكستاني بعد يوم واحد فقط من زيارته للإمارات، والتي اعتبرها الكثيرون “حاسمة” وسط شائعات بأن إسلام أباد أرسلت سراً رسولاً إلى تل أبيب.
ونفت إسلام أباد هذه التقارير التي جاء معظمها من وسائل الإعلام الإسرائيلية.
ورداً على أسئلة تتعلق بتقارير عن ضغوط مزعومة من السعودية والإمارات ودول الخليج الأخرى للاعتراف بإسرائيل، قال قريشي إنه أوضح لنظيره الإماراتي “عمق العواطف والمشاعر” لدى الباكستانيين بشأن فلسطين وكشمير.
وكشفت التصريحات الباكستانية، الضغوط التي تمارسها الإمارات على عدد من الدول لتطبيع علاقاتها مع سلطات الاحتلال.
فضائح بالجملة
تميزت سنة 2020 إضافة إلى مسارات التطبيع الإماراتية، بعدد من الفضائح التي سجلت على أبو ظبي في ملفات مختلفة. ورصد المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، تقريرا أوروبيا حول تنامي تمويل دولة الإمارات العربية المتحدة جماعات ضغط في أوروبا، للتأثير على السياسات الأوروبية وتبييض سمعتها.
وقال المجهر الأوروبي – وهو مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروبا- إن التقرير الذي نشره موقع مرصد أوروبا للشركات “CEO” يكشف عن الوجه الخفي للوبي الإمارات في أوروبا وإنفاق أبو ظبي أموالاً طائلة بغرض كسب النفوذ.
وأكد الموقع الذي يختص في رصد تأثير مجموعات الضغط في صناعة السياسة في الاتحاد الأوروبي، أن جماعات الضغط الإماراتية تكشف عن طموحات الإمارات في حشد القوة العظمى الناعمة في بروكسل.
وجاء في التقرير أن الإمارات هي واحدة من أكبر دول العالم إنفاقاً على اللوبي. وبينما تُظهر صورة الاعتدال والاستقرار، فإنها تنتهج أهداف سياستها الخارجية في حروب دامية من اليمن إلى ليبيا.
حرب اليمن ومحاولات السيطرة في ليبيا
وتفضح عدد من التقارير الاستقصائية السياسات التوسعية الإماراتية في اليمن، وكشفت حقائق عن محاولات التمركز على السواحل الغربية، خدمة لأجنداتها الخاصة، مستخدمة المساعدات الإنسانية غطاء لأعمال استخباراتية، إضافة لنقل السلاح عبر سفن تجارية.
ومنذ 2017 يعانى اليمن صراعاً عسكرياً وسياسياً بين الحكومة الشرعية، والمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً.
كما تورطت أبو ظبي في ليبيا، وكشف عدد من المصادر تمويلها لخليفة حفتر المتهم بمحاولة الانقلاب على حكومة السراج المعترف بها دولياً.
ملاذ الفارين من العدالة
تحولت الأنظار إلى أبو ظبي كونها تحولت تدرجياً إلى ملاذ آمن للفارين من العدالة والمتابعين قضائياً في بلدانهم. وتشير مصادر أن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، سيهرب على الأرجح إلى الإمارات العربية المتحدة إذا قرر اللجوء إلى بلد آخر بعد مغادرته البيت الأبيض.
وتنطلق التحليلات كون هذه الدولة، التي وقع معها الرئيس الأمريكي في اللحظة الأخيرة صفقة أسلحة بمليارات الدولارات، هي ملاذ ضريبي آمن بالنسبة لترامب، الذي لديه خبرة كافية في التهرب من دفع الضرائب. ولا توجد معاهدة تسليم للمجرمين بين الولايات المتحدة والإمارات، وهذا يعني أنه سيتم حماية ترامب في أبو ظبي إذا واجه اتهامات بعد إنتهاء فترته الرئاسية. وسيكون إلى جانب خوان كارلوس ملك إسبانيا السابق، الذي انتقل للعيش هناك في 3 آب/أغسطس، بعد تخليه عن العرش، وسط اتهامات بالفساد، لتجنب الإضرار بحكم ابنه الملك فيليبي السادس.
أعجب بأن من يبالغون في التطبيع مع العدو الصهيوني، هم أبناء الشيخ زايد الذي قطع تصدير النفط في حرب 1973، قائلا (ليس البترزل العربي بأغلى من الدم العربي)… مثلما يثول المثل (النار يخلفها الرماد)، لا حول ولا قوة ألا بالله!