الاتحاد الأوروبي يتجه نحو صفقات أسلحة مشتركة بين أعضائه والتعاون مع تركيا في مجال الطائرات المسيرة

حسين مجدوبي
حجم الخط
2

لندن- “القدس العربي “: حث الكتاب الأبيض للدفاع الخاص بالاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء على تفضيل عقد صفقات أسلحة مع الشركات الأوروبية بدلاً من الولايات المتحدة. كما يُتوقع أن يفتح الاتحاد الأوروبي الباب على مصراعيه للتعاون مع الصناعة الحربية التركية، لاسيما في مجال الطائرات المسيرة.

يواجه الاتحاد الأوروبي نقاشًا معقدًا حول ضرورة تأمين دفاعه بشكل مستقل عن المظلة الأمريكية، في ظل التغيرات الجيوسياسية التي شهدها العالم مع تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. حيث ضغط ترامب على أوكرانيا للتخلي عن أراضيها لصالح روسيا مقابل السلام، في حين يطالب الأوروبيون الآن بتوفير حماية لأنفسهم دون الاعتماد على الولايات المتحدة، التي تركز اهتمامها بشكل أكبر على التحديات القادمة من الصين.

بعد الاجتماع الهام لقادة أوروبا الأسبوع الماضي، والذي تم الاتفاق فيه على تخصيص 800 مليار يورو للتسليح وتمويل الأبحاث العسكرية، بدأت بعض الدول بالفعل في التصديق على هذه الخطة، مثل البرلمان الألماني الذي صادق عليها اليوم الجمعة. وفي هذا السياق، تناولت صحيفة “الباييس” في عددها لهذا الجمعة معطيات حصلت عليها حول “الكتاب الأبيض للدفاع” الخاص بالاتحاد الأوروبي، والذي سيتم عرضه الأسبوع المقبل على قادة أوروبا للمصادقة عليه بعد إدخال التعديلات اللازمة. ويُبرز مضمون الكتاب أن “الدول الأعضاء لن تتمكن من إحداث فرق إلا إذا عملت بشكل مشترك، ويجب أن يُرافق زيادة الإنفاق الدفاعي تعزيز كبير للقاعدة الصناعية الدفاعية الأوروبية”.

من أبرز النقاط التي يؤكد عليها الكتاب الأبيض هو هشاشة الضمانة الدفاعية الأمريكية في الوقت الراهن، بالإضافة إلى تحديد نقاط ضعف الدفاع الأوروبي. وفي هذا السياق، يحث الكتاب على إعطاء الأولوية لمشتريات الأسلحة من شركات صناعة الأسلحة الأوروبية، مع تفعيل المشتريات المشتركة من الصواريخ الهجومية والطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع الجوي. تهدف المفوضية الأوروبية إلى تحقيق نسبة 35% من المشتريات العسكرية المشتركة بين جميع الدول الأعضاء، في حين أن النسبة الحالية لا تتجاوز 18%. وفي المقابل، تتصرف الدول في النسبة المتبقية وفق استراتيجياتها الخاصة، مما يخلق توازناً بين الاستراتيجيات المشتركة والوطنية. ومن شأن تحقيق 35% من المشتريات المشتركة تحقيق مستوى مقبول جدا من التكامل الدفاعي عكس الوضع الحالي.

يتبين من خلال نوعية السلاح المنصوص عليه في الكتاب الأبيض أن هناك حاجة ماسة للعتاد المستخدم حاليًا في الحروب الحديثة، والتي تعتمد بشكل رئيسي على الحرب عن بُعد من خلال الصواريخ والطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع. وتؤكد الحروب الراهنة، مثل الحرب الروسية-الأوكرانية وعملية طوفان الأقصى، على أن غالبية المواجهات بين القوى الكبرى تتم باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، مما يسلط الضوء على أهمية تكثيف الاستثمارات في هذه الأنواع من الأسلحة لتعزيز القدرات الدفاعية.

نظرا للنقص الحاصل في بعض أنواع العتاد العسكري، يبرز الكتاب الأبيض ضرورة الانفتاح على دول مثل النرويج وتركيا وبريطانيا. وبينما تشترك بعض الدول الأوروبية مع بريطانيا والنرويج في عدد من المشاريع العسكرية، مثل المقاتلة الأوروبية بالتعاون مع بريطانيا، يتوقع أن ينفتح الاتحاد الأوروبي على تركيا على مستويين. الأول، الاعتماد عليها في بناء استراتيجية دفاعية، خاصة وأنها عضو في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). والثاني، الاستفادة من تقدم تركيا في صناعة بعض أنواع العتاد العسكري، لاسيما الطائرات المسيرة الهجومية، التي تمثل عنصرًا حاسمًا في الحروب الحديثة.

لا توجد أي دولة أوروبية حالياً، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، قادرة على منافسة تركيا في صناعة الطائرات المسيرة، خاصة بعد أن أثبتت الطائرات المسيرة التركية دورها الكبير في الحرب الروسية-الأوكرانية. فقد مكنت هذه المسيرات الجيش الأوكراني من إيقاف العديد من التقدمات الروسية وضرب أهداف استراتيجية حيوية. ورغم أن بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا كانت تفكر في شراء المسيرات التركية في الماضي، إلا أنها تراجعت بسبب الكبرياء التاريخي. ومع ذلك، قد تتجه هذه الدول الآن نحو عقد صفقات مع أنقرة، مثلما يفكر فيه العديد من الدول الأوروبية الأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عيسى الجزائري:

    ماذا عن استراتيجية الدول العربية؟، إن وجدت!.

  2. يقول خالد:

    هذه رسالة لكم لا يزال يردد الماكينة الألمانية
    ألمانيا تريد شراء مسيرات تركية ولا يمنعها سوى الكبرياء
    تركيا من كانت عاصمتها السابقة اسطنبول قبل 25 سنة أكبر مزبلة في العالم هاهي اليوم مركز سياحي ومركز طبي ومركز صناعي عالمي
    التطور ممكن لأي دولة في العالم فقط السعي والعزم هو من يحقق هذا

اشترك في قائمتنا البريدية