الاتفاق القسري في رفح ينهار لانه فُرض من الأعلي ولعدم وجود حكومات قوية تدافع عنه في لبنان وغزة
الاتفاق القسري في رفح ينهار لانه فُرض من الأعلي ولعدم وجود حكومات قوية تدافع عنه في لبنان وغزة أودي آدام، قائد المنطقة الشمالية يتحدث اللغة الفرنسية، وقد تعلم مدة عامين في الكلية الحربية في باريس. لهذه التفاصيل مغزاها في الاسابيع الأخيرة. آدام الذي يصفه زملاؤه علي أنه ضابط حريص ولكنه مستعد للاصغاء، عزز حواره مع الجنرال الفرنسي آلان فلغريني، قائد قوات الطواريء الدولية التي شُكلت لتكون قوات مؤقتة للطواريء ـ منذ 28 سنة ـ في لبنان.قوات الطواريء الدولية التي اعتبرها رفائيل ايتان، رئيس هيئة الاركان الاسرائيلي الاول الذي اضطر لقبول تشكيل هذه القوة بعد عملية الليطاني، عدوا، تظهر كقوة يمكن الاستفادة منها اذا ما تم التعامل معها بصورة ملائمة. في الاسبوع الماضي قامت هذه القوات بالمساعدة في اكتشاف مُطلقي صواريخ الكاتيوشا نحو كريات شمونة. وفي الشهر الماضي بعد اخفاق هجمة حزب الله علي المنزل الوهمي الذي أعده الجيش الاسرائيلي في قرية الغجر، كان لفلغريني دور هام في اقناع حكومة لبنان للتقدم بطلب رسمي لاعادة قتلي حزب الله وتغيير تعريفهم من مقاتلي الحرية الي قتلي العملية الارهابية.تعيين قائد قوة مراقبة ضمن قوات السلام هو في أغلب الاحيان ترقية مريحة قبيل تسريحه من الجيش، ولكن لفلغريني خلفية ملائمة: ملحق عسكري في بيروت ورئيس لقسم الشرق الاوسط وافريقيا في المخابرات العسكرية ومساعد لرئيس هيئة الاركان الفرنسي لشؤون المنطقة. تعيينه مراقبا هو قرار جديد للحكومة الفرنسية من أجل تطبيق سياستها الفاعلة في لبنان، والتي تتم بالتنسيق مع السياسة الامريكية ضد التدخل السوري.منذ انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان انخفض حجم قوات المراقبة الدولية من 5.700 عاطل عن العمل الي 2.000 ما زالت نجاعة هذه القوات أقل من وحدة ايغوز الاسرائيلية الخاصة بكثير، إلا أن طابعها كمتعاون مع حزب الله قد تغير بعض الشيء في ظل الظروف الجديدة في الساحة اللبنانية.تغير الموقف من قوات الطواريء الدولية بجهود مشتركة من قيادة المنطقة الشمالية وقسم العلاقات الخارجية في هيئة الاركان، هو مؤشر جديد علي الانعطافة الفكرية التي يمر بها الجيش الاسرائيلي. ضباط كبار يتجرأون الآن علي التحدث جهارا بما اعتبر قبل خمس ـ ست سنوات بمثابة كُفر ونُكران، وخصوصا: هناك حسب قولهم ايجابيات لتدويل الصراع الاسرائيلي ـ العربي. الحكومات والجيوش والمنظمات التي تتعرف علي المنطقة تقشر الشعارات عنها وتشعر علي جلدها بالواقع المحبط في صيدا وجباليا. وحتي اذا كانت شفقتهم مُكرسة للبائسين والضعفاء، إلا أنهم يتجردون من الحلول التجريدية احيانا.المثال الأخير علي ذلك هو فرار المراقبين الاوروبيين من معبر رفح. في جهاز الدفاع توقعوا من قبل فتح المعبر بأوامر من كونداليزا رايس بأن تجري فيه مسرحية، ولكن لا أحد يعرف اذا كانت كوميدية أم تراجيدية. المظهر الشكلي بوجود رقابة اوروبية قد تبدد مع أول عملية شغب قام بها عناصر من الشرطة الفلسطينية، الأمر الذي دفع المراقبين الاوروبيين الي فقدان رباطة جأشهم والفرار من المكان نحو قاعدة الجيش الاسرائيلي في كيرم شالوم.القوات الدولية في سيناء التي لا ينتمي مراقبو المعبر اليها، غيرت صيغة عملها بعض الشيء، ولاول مرة منذ تشكيلها في عام 1982، إثر انسحاب الجيش الاسرائيلي من غزة: الآن يفترض أن تقوم بمراقبة حرس الحدود المصريين المنتشرين علي طول محور فيلادلفيا.مثلما أصبحت قوات الطواريء الدولية في لبنان موجودة في العامين الأخيرين تحت تأثير فرنسا باعتبارها الدولة الوحيدة من بين الدول الآسيوية والاوروبية السبع المشاركة فيها التي تسعي الي بلورة الواقع، يتبين أن التأثير الامريكي في سيناء هو الأهم تماما مثل نظيره الفرنسي في لبنان. مدير عام القوات الدولية يعمل بتوجيه من وزارة الخارجية في واشنطن، وامريكا تدفع ثلث ميزانية هذه القوات (20 مليون دولار، واسرائيل تدفع مثلها إلا أنها تسترد المبلغ من خلال مشتريات محلية)، والمراقبون المدنيون (طاقم مكون من المُسرحين من الجيش الامريكي) يقومون بالاشراف علي قوة حرس الحدود المصرية في فيلادلفيا.إلا أن التأثير ليس تدخلا، ومن داعب نفسه خلال عشرات السنين بفكرة قيام الدولة العظمي بفرض التسوية علي اسرائيل والعرب، ملزم بسحب الفكرة نهائيا. من سيأتي من دون دعوة سيصطدم بالعمليات، كما يحدث في العراق، ومن يُدعي سيُقلل من العمل والتحرك طالما لم تقم الحكومات الضعيفة العربية في بيروت وغزة بفرض ارادتها علي التنظيمات المسلحة في مناطقها.أمير أورنمراسل الصحيفة لشؤون الجيش(هآرتس) 3/1/2006