“الاستراتيجية”… الكلمة الأكثر سخرية في إسرائيل

حجم الخط
1

النجاحات التي حققها الجيش في الأسابيع الأخيرة ضد ساحة الشمال وحالة النشوة المبالغ فيها لدى المستوى السياسي، دفعت الكثيرين للتفكير بأن حزب الله هزم. هذا خطأ، بالطبع: صحيح أن منظمة الإرهاب تلقت ضربات قاسية، لكنها لم تنكسر. حزب الله يجد صعوبة كبيرة في تنفيذ خطته الحربية، لكنه لا يزال قادراً على إلحاق خسائر وأضرار بإسرائيل، كما شهدنا في الهجوم الذي قتل فيه مواطنان في “كريات شمونة”.

قد يحاول حزب الله تشديد هذه الهجمات بقدر ما يعمق الجيش الإسرائيلي عملياته البرية جنوبي لبنان ويواصل ملاحقة قادة التنظيم وبناه التحتية في بيروت والبقاع اللبناني أيضاً. نسبة الاعتراض العالية للدفاع الجوي، إلى جانب الانضباط المبهر في الجبهة الداخلية، قلصا مدى الإصابات، لكن لا يمكنهما نفيه تماماً.

يجدر بنا تذكر هذا أيضاً في سياق الحدث الأكبر الجاري في الخلفية – الهجوم في إيران، الذي يتعين فيه على إسرائيل التفكر بالكلمة التي أصبحت مؤخراً موضع تنديد وسخرية، “الاستراتيجية”، لأن من واجبها أن تفكر وتحسب بضع خطوات إلى الأمام. الكابنيت السياسي – الأمني الذي سينعقد لحسم شكل وتوقيت الرد، ينبغي أن يأخذ في الحسبان ليس فقط اعتبارات الردع، بل أيضاً الرد الإيراني المحتمل الذي قد يجرنا إلى حرب استنزاف، واستعدادات الجيش والجبهة الداخلية لحرب متواصلة كهذه.

على الكابنيت أن يفكر أيضاً بسياقات دولية واسعة، وعلى رأسها الموقف الأمريكي الذي تحتاج إسرائيل إلى دعمه أثناء الهجوم (في المجال الجوي والاستخباري) وبعده (في الساحة الدبلوماسية)، وبالطبع في مسألة الذخائر التي ستلقى أهمية إذا ما علقت إسرائيل في معركة تلزمها بتعميق أعمالها في إيران. قوات أمريكية أيضاً من شأنها أن تتضرر جسدياً إذا ما قررت إيران توجيه المليشيات الشيعية في العراق ضدها، ومساعدتها حيوية لإسرائيل أيضاً في الجوانب الدفاعية ضد رد إيراني محتمل – كما ثبت في الهجومين الإيرانيين.

إن رحلة غالانت إلى الولايات المتحدة تستهدف إعطاء جواب لهذه الأمور وغيرها. وعرقلتها، في أحبولة سياسية زائدة وبشعة أخرى من نتنياهو، مست بأمن إسرائيل وبالعلاقات مع واشنطن. مكالمة نتنياهو مع الرئيس بايدن لا جدوى منها في هذا الموضوع، على خلفية مقت متبادل بين الرجلين. سيتم التنسيق العملي على أي حال بين أجهزة أمن الدولتين، واتخذت إسرائيل مرة أخرى صورة من تتغلب فيها سياستها الصغيرة على شؤون وطنية ذات أهمية عليا وربما وجودية.

إن القتال المكثف في الشمال والهجوم المرتقب في إيران يجتذبان معظم الاهتمام عن المعركة المحتدمة في الأسابيع الأخيرة والمقلقة لجهاز الأمن: الإرهاب الفلسطيني. معطيات العمليات والإحباطات مخيفة ومتزايدة، بينما تمارس حماس ومنظمات الإرهاب الأخرى، في الخلفية، ضغطاً هائلاً لتنفيذ عمليات أخرى. انضمام عرب إسرائيليين إلى دائرة الإرهاب في العمليات الأخيرة يستوجب تأكيد اليقظة لدى “الشاباك” والشرطة، بل يستوجب أيضاً صوتاً أكثر وضوحاً من قيادة الجمهور العربي في إسرائيل، الذي سيكون أول من سيدفع الثمن في حالة التصعيد.

وفي خلفية الأمور، اندحر 101 مخطوفا في غزة إلى الهوامش. مع أن تقارير مختلفة ألمحت إلى إمكانية استئناف المفاوضات حول الصفقة، لكن يبدو أن الموضوع بعيد ومعقد، وليس على رأس اهتمام الحكومة. الآن بالذات، حين تكون يد إسرائيل هي العليا في الشمال أيضاً، بوسعها أن تبادر إلى خطوة واسعة في غزة – ربما تغيير مقاييس الصفقة المقترحة (“الكل مقابل الكل”) في محاولة للخروج من الطريق المسدود.

 يوآف ليمور

إسرائيل اليوم 10/10/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    هه سفاح غزة العزة سيمنى بهزيمة نكراء لم تسمع بها الغبراء ولن تنفعه الأسلحة القذرة الأمريكية و البريطانية والألمانية والفرنسية الحاقدة الغادرة الجبانة التي عاثت سفكا بدماء الفلسطينيين منذ 1948 ✌️🇮🇷🇱🇧🇵🇸☹️☝️🚀🐒🚀

اشترك في قائمتنا البريدية