الانتفاضة تبدد ظلمات العراق

منذ اكثر من ستة عشر عاما ذاق الشعب العراقي الويلات إثر الاحتلال الأمريكي الغاصب عام 2003. أراد المحتل وأذنابه تشويه تاريخ العراق المجيد الموغل في القدم. لقد عملا جاهدين لإلغاء حضارته وتفتيت شعبه وتمزيق نسيجه الاجتماعي.
لقد راهن وكلاء الاحتلال في بداية الأمر على تمزيق نسيجه الاجتماعي عبر إثارة مشاعر المواطنين العراقيين الشيعة على أنهم مظلومون وجاءوا لنصرتهم. لقد ترجموا مخططهم التمزيقي منذ البداية فعملوا على تأسيس ما سموه بالبيت الشيعي الذي أرادوه بديلا للبيت العراقي. ولاكمال تشويه تاريخ هذا الشعب جاءوا بدستور سلط هيمنة الحزبين الكرديين على الأغلبية العربية في العراق ومنح الشيعة الموالين لإيران السلطة التنفيذية على حساب السنة والشيعة العرب.
ارتبط الحكم الجديد في العراق منذ عام 2003 ارتباطا عضويا بإيران. لهذا فإن أغلب أحزابه الحاكمة طائفية منحت ولاءها المطلق لإيران. لا بل يدين بعضها بمبدأ ولاية الفقيه في إيران الذي يقضي بأن تكون الأوامر الدينية والسياسية الصادرة من طهران فرض ديني إلى جميع الإتباع أيا كانت جنسيتهم أو قوميتهم.
لقد تمكن السياسيون الذين جاء بهم الاحتلال الأمريكي من تغييب نصف الشعب العراقي عن المشهد من خلال تهميش سنة العراق العرب بافتعال الحرب الطائفية عام 2006. في الوقت نفسه غيّب أيضا أكثر من 82 في المئة من العراقيين العرب الشيعة والسنة بتسليط الطائفيين الموالين لإيران. أي أن الحكم الفعلي بات بيد الأغراب الأجانب المعادين لهوية العراق.
لقد تواطأ الحزبان الكرديان أيضا على تمزيق وحدة الشعب العراقي لمصالحهم الانفصالية فأصبحوا على توافق شبه تام مع الطائفيين العراقيين الحاكمين في بغداد. أصبحت كردستان شبه مستقلة ولها القرار الفصل في تحديد مسارات العراق. من جهة أخرى بات العراقي لا يستطيع أن يدخل كردستان إلا عندما يجد كفيلا كرديا له. رضي طائفيو بغداد بسيطرة الحزبين الكرديين على كردستان وشاركوهم تقاسم الكعكة العراقية. لأن المحتل الأمريكي يريد ذلك بعد أن أبعد العرب السنة والشيعة على السواء.
اليوم وبعد هذا السفر الطويل المليء بالدم والقتل والتهجير والتهميش شعر العراقيون بأن بلدهم في يد عفريت لا يبالي إلا بمداراة هواه ومغامراته ورغباته. ففي الأول من تشرين الأول / أكتوبر انتفض العراقيون بعد أن شعروا بأن السير وراء الطائفية السياسية المقيتة لن يجلب للعراق سوى مزيد من الدمار والتخلف والفقر والضياع والتمزق.
ليس من الغريب إذن أن نشاهد المتظاهرين يرفعون في بغداد والمحافظات الأخرى لافتات تطالب بضرورة إعادة هوية العراق العربية أو لافتات أخرى ترفض دستور بريمر الذي أدخل العراق في عصر صراعات طائفية تنتمي إلى العصور الوسطى. هذا يعني بأن أغلب العراقيين العرب لا يقبلون أن يقودهم الأغراب، كما أن السنة والشيعة مذاهب عبادية لا يمكن تسييسها لتتحول إلى معاول هدم وتدمير وتمزيق المجتمع. العراقيون لن يسمحوا بعد اليوم أن تكون الطائفية أو القومية أو الدين سببا أو حجة لتمزيق وحدتنا الوطنية.
لقد علم الشعب العراقي أن قواعد لعبة الاحتلال وأذنابه من العملية السياسية إلى دستورها فضحت وفشلت وهي في طريقها للانهيار. وما لعبة حكم الشيعة للعراق إلا مسرحية وقع ضحيتها الشيعي المخلص قبل السني. لقد قال العراقيون كلمتهم بأن من يحكم العراق المستقبلي هو ذلك المخلص المحب لوطنه الكفء العادل الحريص على مصالح العراقيين كل العراقيين بدون أي تمييز وترك الهويات الفرعية.

كاتب عراقي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    حرق صور الخميني بجنوب العراق دليل على الخط الوطني للثورة! لقد دخل السُنة الآن على الخط!! ولا حول ولا قوة الا بالله

اشترك في قائمتنا البريدية