■ علمت أنَّ زوجها قد نُقل إلى المستشفى إثرَ حادثٍ مروريّ، فاتّجهت إلى هناك بذهولٍ ورهبة حيثُ أخبروها أنَّ المحاولاتِ جاريةٌ لإنقاذه، فمرَّ يومان عصيبان في قلقٍ وترقّب وتساؤلٍ حارق: «هل سيموت؟ أم يعودُ إليها ببعض حياة؟» لتجدَ نفسها في لحظةِ صدقٍ مريرة تُفضّل الاحتمالَ الأوّل، لأنَّ الثّاني يتطلّبُ منها مقاديرَ من الحبِّ هي قطعا لن تكونَ قادرة على تقديمِها، فالحياةُ معه لم تكن نزهة، بقدْرِ ما كانت رحلة من الشّقاء، فهي لا تنسى كيف اجتهدَ طوالَ الوقت في تعزيز نفورِها منه، كان باردا مستبدّا متسلّطا يستمتعُ بالهيمنة عليها ليل نهار، وهو يُحصي عليها أنفاسَها وحركاتِها، ولا يوفّرُ مناسبة ليستلّذُ بتوجيه النّقد الجارحِ لها. لماذا لم تهجرْه؟ كانت أجبن من أن تتّخذَ خطوة كتلك، مُقنعة ذاتها، ببلاهة، أنّه سيتغيّرُ يوما ما!
اقتربَ منها الطّبيب بحذر ليخبرَها أنَّ جميعَ محاولات إنقاذِه باءت بالفشل، لكن، وبعد جهودٍ مُضنية، استطاعوا الاحتفاظَ بدماغه حيّا، إضافة إلى إحدى عينيه، والأعصاب الموصلة بينهما، ليتمَّ وضعُ ذلك كلَّه داخلَ جهازٍ متطوّر يُصدرُ صوتا معيّنا في ما إذا رأت عينُه ما يثير الغضب!
أطرقت بذهولٍ تامّ لتسمعَه يضيف: «أعلمُ مدى سرورك بالنّتيجة رغم تواضعها، فهذه بقاياه التي ستشعرك أنّه ما زال معك وبقربك، وكم نحن آسفون سيّدتي لأنّنا عجزنا عن إنقاذ الأعصابِ الخاصّة بالفرح أو الحبّ أو الانفعالات الأخرى!». استلمت الجهازَ بملامحَ جامدة لا تحملُ أيَّ تعبير، ومضت تاركة الطبيبَ خلفها سعيدا مزهوّا مُنتشيا بإنجازه. وصلت إلى البيت، فوضعته على المنضدة برفق وهي تقاومُ شعورا بالذّعر من تلك العين المبحلقة فيها، لكن هدّأت نفسَها حين تذكّرت أنّه عينه إيّاها ليس إلا، تلك التي اعتادت على مراقبة حركاتها وعدِّ أنفاسها، وقامت لتغيّرَ ثيابها، فتناولت ثوبا منزليّا مريحا كانت قد ابتاعته في وقتٍ مضى، ثوبا كان يمقتُ لونَه، فحرمها من ارتدائه، رغمَ علمه أنّها تعشقُ ذلك الّلونَ تحديدا! عادت وجلست لتتسلّى بقراءة مجلّة، وفجأة، بدأ رنينٌ رتيب يصدرُ من الجهاز، نظرت نحوه، ابتسمت، ابتعدت قليلا وعادت، لكنَّ الجهازَ لم يتوقّف عن الرّنين، فذهبت واستبدلت الثّوبَ بآخر وجلست، هنا فقط، توقّفَ الصّوت! أدارت جهاز التلفزيون، فطالعها برنامجٌ وثائقيّ عن النّباتات الغريبة في الغابات الاستوائيّة، شدّها الموضوع فبدأت بالمتابعة، ثمَّ لتفاجأ بالرّنين يتصاعدُ من جديد، حينها تذكّرت أنّه موعدُ برنامجه الرّياضيّ المفضّل، لكنّها قرّرت التّجاهل لوهلة، فارتفع الرّنينُ إلى حدٍّ اضطرها لتغيير القناة حتى يصمت وقد كان!
قامت، ودارت في المكان قليلا، ثمَّ عادت وفي يدها سيجارة، واحدة من سجائره هو، كان يستمتعُ بالتّدخين في الوقت الذي كان يردّد فيه أنَّ السّيجارة في يد المرأةِ أمرٌ يستفزّه، وجلست أمامه، فارتفعَ الرّنين مرّة أخرى ليخرجَ حادّا صارخا صاخبا، لكنّها لم تأبه، بل أكملت السّيجارة كلّها بدونَ رغبةٍ حقيقيّة منها بالتّدخين، والصّوتُ يزدادُ صخبا وغضبا وشراسة! تناولت كتابا، وقرّرت إنهاءه بعد أن كان يمنعها من القراءة لذلك المؤلّفِ تحديدا، لأنَّ توجّهاته السّياسيّة لا تتّفق مع رؤيته هو، فزعق الرّنينُ من جديد واستمرّ وتواصلَ إلى أن ألقت الكتابَ جانبا! مضت أيّامٌ قليلة على ذلك الوضع بينهما، ثمَّ سُمع صوتُ انفجارٍ مدوٍّ للجهاز ذات ليلةٍ في البيت. وبعد، كانت تلك حكايةٌ سقتها ببعض التّصرّف من مسلسل أجنبيٍّ غرائبيّ قديم وشائق بعنوان:
«توالايت زون» والّلبيبُ من الإشارة يفهم !
٭ كاتبة من الأردن
تحياتي للكاتبة ومع بالغ المودة:……..ترددت كثيرا في التعليق، ولك ولأسباب خارجة عن ارادتي ومن باب الامانة الادبية وغيرها…وباب حبنا للقدس العربي………….نود ومسبوقا بالاعتذار للكاتبة وارجوا منها قبول اعتذاري:- الانفجار من رواية حجر الصوان لكاتب الأفغاني عاتك رحيمي ترجمها عن الفرنسية كامل عويد العامري، من منشورات دار المأمون لسنة 2008 وبالامكان وبسهولة الرجوع الى الرواية فهر موجودة على موقع دار المأمون…لم يكن تناص، كان تطايق في الفكرة والواقعة وباختصار….لم اكن في نيتي التنبه ولكن ماورد في مقال الروائية الاستاذة غادة السمان دفعني لهذا الذي كتبته ….تقديري واحترامي
بعد قراءتي للمقالة قرات تعلق الاخ مزهر جبر الساعدي
ان اختصار فكرة رواية كاملة باحداثها في عدة اسطر هو كلك نوع من الابداع الفني ولكن ما كان يجب ان تفعله السيدة الكاتبة هو الاشارة للرواية وكاتبها.وهو امر لا يقلل من شان الكاتب بل يزيده.
مع احترامي للكاتبة والاخ مزهر
تحياتي للاخ سلام عادل: اولا ما كتبته الكاتبه ليس مقالة، بل هي قصة قصيرة، ثانيا؛ الكاتبه لم تلخص ما جاء في رواية حجر الصبر بل اخذت منها الفكرة والواقعة والفضاء من غير تلخيص، التلخيص شيء اخر، فيه الكثير من الشرح والتعقيد وتفكيك العمل…..انساق الرواية ليس واحدة هناك عدة انساق، متعالقة،في سياق واحد…. لذا اود ان ابين لم يكن قصدي باي شكل من الاشكال التقليل من شأن الكاتبة، القصد كان، الغرض التنبيه للامانة الادبية… تقديري للاخ سلام وللكاتبة مع الاعتذار وبالغ المودة للجميع.
الاخ سلام المحترم، تحياتي لك: فاتني في الرد على تعليق؛ ان اوضح السيدة الكاتبة، لم تتحدث عن الرواية و تورد الشخصية الرئيسية في الرواية، كتبت قصة قصيرة، كتبت بضمير المتكلم، لذا كيف نقول انها لخصت الرواية….كل الاحرتام للكاتبة ولك اخي
أخ مزهر، تطابق فكرة المقالة والواقعة لعمل آخر هو أمر يجب الإشارة إليه مباشرة دون تردد. شكراً جزيلا لك! ولكن من الجدير بالذكر أن عاتك رحيمي لم يكتب رواية بعنوان “حجر الصوان” بل بعنوان “حجر الصبر” والتي تم تحويلها لفيلم سينمائي من إخراجه عام 2012. الفيلم يتناول قصة تدور أحداثها خلال الحرب في أفغانستان وعن إصابة رجل بالشلل التام بعد تعرضه لعيار ناري في رقبته. فتجد زوجته بذلك فرصة للبوح بأسرارها وآراءها به وبعلاقتهما دون خوف من ردة فعله. الزوج لا يتفاعل مع كلامها ويتوفى بعد فترة من الوقت فتبدأ أرملته برحلة للبدء بحياة جديدة.
في حين أن الدكتورة هنا تناولت قصة مختلفة شكلاً ومضموناً وإن كانت لا تخلو من تشابهات، ولكنها بعيدة كل البعد عن التطابق الذي تفضلت به. فضلاً عن أن القصة مأخوذة من مسلسل أمريكي بعنوان Twilight Zone كما أشارت الكاتبة وهو من فترة الستينيات.
ليس إعجابي بكتابات الدكتورة ما دفعني للرد على تعليقك بقدر ما رأيت فيه من تسرع في الإتهام. مع مودتي وتقديري.
اخ احمدمع الشكر: اولا :الرواية اسمها حجر الصبر وقد بينت ذلك في التعليق الثاني -ثانيا: لم اكن متسرعا فقد قراءت القصة وليست المقالة مرتان…-ثالثا لم تكن مقالة، كانت قصة قصيرة…ثالثا:لو قراءت حجر الصبر مع ما كتبته السيدة الكاتبة تلاحظ بوضوح درجة التطابق؛ هناك امرأة زوجها اصيب بعجز اي تحول الى الموت السريري وفي قصة الكاتبة؛ هناك امراة وهي الكاتبة الساردة، زوجها اصيب في الانفجار وسبب له موت سريري..- المرأة في رواية حجر الصبر، لها موقف من زوجها، المرأة في فصة السيدة الكاتبة، لها ايضا موقف من زوجها…هناكيف لايكون هناك تطايق اخي الغالي….هناك تطابق وهذا امر واضح جدا. تقديري لك ولك للسيدة الكاتبة وللجميع.