الباحث الفرنسي سيدريك لابروس لـ”القدس العربي”: الشرع يقتدي ببن سلمان ولا يتحمل مسؤولية أحداث الساحل

حسن سلمان
حجم الخط
1

تونس – “القدس العربي”:

أكد سيدريك لابروس، الباحث الفرنسي المتخصص بالجماعات المسلحة في سوريا، أنه لا يمكن تحميل الحكومة السورية الحالية المسؤولية عن المجازر التي وقعت في المناطق الساحلية، معتبرا أن الجماعات التي ارتكبتها ترفض الامتثال للخطوط التي رسمتها السلطات الجديدة لإعادة الأمن والاستقرار للبلاد.

وقال لابروس، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “يرغب البعض بتحميل السلطات الجديدة في دمشق، المنبثقة من هيئة تحرير الشام، المسؤولية عن الفظائع التي حدثت في الساحل السوري، لكنهم يتجاهلون حقيقة أن الحكومة الجديدة لا تسيطر على العديد من الجماعات الجهادية، وبعض حلفائها السابقين، وحتى بعض قادة الميليشيات الذين وعدوا بالانضمام إلى الجيش الجديد، لكنهم لم يفعلوا ذلك حتى الآن”.

وأضاف: “ومن الأمثلة على ذلك أبو عمشة (محمد الجاسم)، وهو قائد ميليشيا سابق خدم تركيا لعدة سنوات، ارتكبت قواته فظائع في الساحل. وهذا الرجل يرفض الامتثال للخطوط التي رسمتها السلطات الجديدة. حتى إن انتهاكاته مستمرة في بعض الأرياف التي تغيب عنها قوات الأمن السورية”.

“الإعلان الدستوري كُتب لاستيعاب الحلفاء الإسلاميين للرئيس أحمد الشرع وهو يعزز دور الشريعة وحقوق المرأة وحرية التعبير في آن واحد”

وتابع بالقول: “يمكن تلخيص ما حدث في الساحل بأنه: فظائع مروعة ارتكبتها جماعات ترفض الانصياع للحكومة الجديدة أو قادة مستقلون للغاية (عنها). والدليل على ذلك أنه منذ وصول القوات الموالية حقًا لأحمد الشرع (الأمن العام)، هدأ الوضع”.

وفيما يتعلق بمسودة “الإعلان الدستوري” وموقف الأكراد منها، قال لابروس: “يستند هذا الإعلان الدستوري بشكل كبير إلى دستور عام 1950 (دستور الاستقلال). وقد كُتب لاستيعاب الحلفاء الإسلاميين للرئيس أحمد الشرع، مع تعزيز دور الشريعة الإسلامية داخل الدولة. وفي الوقت نفسه، يُعزز حقوق المرأة وحرية التعبير”.

وأضاف: “يعود رفض الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لهذا النص بشكل أساسي إلى عاملين: عدم وجود اعتراف صريح بالأكراد في النص، وعدم كون شكل الدولة علمانيًا. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الأكراد لم يرفضوا خارطة الطريق التي وُقعت قبل أيام قليلة (بين الشرع ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديموقراطية)، وأعلنوا عن نيتهم ​​المشاركة في صياغة الدستور القادم”.

وحول الاتفاق الأخير بين الشرع وعبدي، قال لابروس: “للتوضيح: هو ليس اتفاقًا في الحقيقة، بل أقرب إلى خارطة طريق. وقد ساهمت الولايات المتحدة بشكل كبير في التوصل إليها. وهي نتاج أشهر من مفاوضات حظيت بدعم الولايات المتحدة، كما ذكرت”.

“الشرع أمام تحدٍّ كبير وهو خيبة أمل جنوده الراغبين بإقامة دولة إسلامية، وربما تأتي أقوى معارضة له من معسكره وحلفائه السابقين”

وأضاف: “إدارة ترامب ترغب بالخروج من الأزمة السورية ولديهم شعور بالرضى أنهم حققوا حدا أدنى من الاستقرار. ولذلك ضغطوا على حليفتهم، قوات سوريا الديمقراطية، للتحرك نحو دمشق. أما بالنسبة لدمشق، فالأمر يتعلق بمسألة أخرى: رفع العقوبات الدولية. ولتحقيق ذلك، يجب عليهم تقديم ضمانات بالانفتاح على عملية الانتقال السياسي”.

وقبل أيام، كشفت مصادر عن توقيع اتفاق بين دمشق وبعض وجهات السويداء، يقضي بإلحاق الأجهزة الأمنية في السويداء بوزارة الداخلية السورية، وأن يكون عناصر الشرطة المحلية من أبناء المحافظة الواقعة جنوب البلاد. إلا أن الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز زعماء طائفة الموحدين الدروز، نفى هذا الأمر، ووجه انتقادات لاذعة لحكومة دمشق، التي وصفها بـ”المتطرفة والمطلوبة للعدالة الدولية”.

وعلق لابروس على ذلك بقوله: “الشيخ حكمت الهجري ليس سوى واحد من ثلاثة زعماء دينيين للطائفة الدرزية في سوريا. لكن لديه نفوذ قوي وصوتٌ مسموع. ويُعد رفضه للاتفاقية التي تم توقيعها دليلاً على رغبته في الحصول على المزيد من المكاسب من دمشق”.

واستدرك بالقول: “لكن الدروز لا يتفاوضون على قلب رجل واحد لأنهم ليسوا متحدين. فبينما يُصعّد الشيخ حكمت الهجري من حدة التوتر، وقّع فصيل درزي (رجال الكرامة) اتفاقية مع دمشق لدمج رجاله في وزارة الداخلية، وهذا يؤكد ما قلته سابقا”.

“مجازر الساحل ارتكبتها جماعات ترفض الانصياع للحكومة الجديدة أو قادة مستقلون للغاية عنها”

وحول الخطوات المطلوبة من الحكومة الجديدة لاستعادة ثقة السوريين، وتجنب تقسيم البلاد على أسس طائفية، قال لابروس “لبناء ثقة حقيقية وطويلة الأمد، سيتعين على أحمد الشرع مواصلة ما بدأه منذ منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2024، أي الانفتاح السياسي. وقد فعل ذلك بالفعل”.

وأضاف: “هذا لا يجعله ليبراليًا، بل ظل محافظًا دينيًا متشددًا. لكنه في هذا يستلهم سياسة محمد بن سلمان في السعودية. لقد عيّن بالفعل أشخاصًا من حوله في اللجان الدستورية والقضائية، ممن كانوا -تاريخيًا- معادين له. وسيتعين عليه مواصلة ذلك. لقد أعلن عن تعديل وزاري قريبًا، وسنرى تشكيلته”.

وتابع لابروس: “علينا أن نأمل في انفتاح. سنتمكن حينها من مراقبة تشكيل أول مجلس شعب منذ سقوط النظام. على أي حال، هو (الشرع) ملزم بالتصرف بهذه الطريقة إذا أراد رفع العقوبات. لكن هذا يضعه أمام تحدٍّ كبير: خيبة أمل جنوده، الذين لا يرون إقامة دولة إسلامية كما كانوا يأملون. وربما تأتي أقوى معارضة من معسكره السابق ومن حلفائه السابقين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فصل الخطاب:

    للأسف الشديد حقيقة مرة ☹️☝️🔥

اشترك في قائمتنا البريدية