البلدوزر يندفع ويدمر والقانون صامت
حكاية قرية بلعين تعتبر تجسيدا لفساد سياسة الاحتلال في الضفة والقطاعالبلدوزر يندفع ويدمر والقانون صامت حكاية قرية بلعين لم تعد حكاية عادية حول مظالم الاحتلال، وانما خلاصة وتجسيدا لفساد سياسة الاحتلال. البلدوزرات في بلعين تواصل الاندفاع الي الأمام. تقوم باقتلاع اشجار الزيتون وتدمير الاراضي الزراعية، وكل ذلك من اجل اقامة بنية تحتية مفتخرة لبناء مئات الوحدات السكنية للاصوليين علي اراض أُخذت من أصحابها الفلسطينيين مع استخدام توكيلات مريبة. في نفس الوقت تقوم الدولة باستعراض خداع علي صورة بناء جدار أمني فوق اراضي بلعين، وتظهر البلدوزرات وكأنها مدافعة عن مواطني الدولة من الهجمات الارهابية.المسؤول عن كل هذه الامور والذي حظي بلقب البلدوزر ، والذي يندفع علي صهوة هذه الاعمال غير القانونية الكثيفة، نحو رئاسة الوزراء علي رأس حزب كديما ، يتحدث بدوره عن شن حرب حازمة ضد الاجرام. هذا العمل يعتبر في قاموس شارون الشهير منذ أن كان يدعو الي اقامة مستوطنة فوق كل جبل، يُسمي فرض الحقائق علي الارض . حدود دولة اسرائيل تفرض من خلال البلدوزرات والمصالح السياسية والمقاولين واعمال من خلف الكواليس، بدلا من ترسيمها من خلال المفاوضات مع الفلسطينيين، وحتي من غير نقاش شعبي ديمقراطي شفاف، وهكذا يتم فرش منطقة بناء الجدار بوحدات سكنية رخيصة وغير قانونية في جزء منها.بعد أن حظيت قرية بلعين بالاهتمام الدولي، وبعد أن قُدّم التماس لمحكمة العدل العليا من سكان القرية حول نهب اراضيهم، بدأت تتسرب وثائق تؤكد هذه الادعاءات. الادارة المدنية تؤكد أنه قد تمت المصادقة علي اعمال بناء غير قانونية، والمقاولون يدعون أن الوضع لا يمكن تغييره بعد أن تم بيع 520 وحدة سكنية.اراض فلسطينية خاصة حُوّلت الي اراضي دولة بطرق مريبة، وهذه العملية تمت حسب الوثائق بعلم رئيس مجلس موديعين ـ عيليت، يعقوب غوترمان. حتي بعد أن تُصدر اللجنة المحلية للتخطيط والبناء أمرا بوقف الاعمال يتبين أن البلدوزرات ما زالت تعمل وكأن شيئا لم يتغير. اتضح ايضا أن البناء يتم عموما خارج منطقة نفوذ موديعين ـ عيليت. ولكن في حكومة يري فيها شارون وشاؤول موفاز الامور بنفس الطريقة وعلي وجه الخصوص يغضان الأبصار بصورة مشتركة عن البؤر الاستيطانية غير القانونية، سواء قطع اشجار الزيتون أو البناء غير القانوني، لا توجد فرصة للتغيير.لو أبدي المستشار القضائي للحكومة جرأة وشجاعة ولم يكن ليُرسل ممثلي النيابة العامة للدفاع أمام محكمة العدل العليا عن كل نزوات الحكم وتبريرها بادعاءات أمنية، ولو كانت وزيرة العدل تسيبي لفني قد طلبت توضيحات من شارون وموفاز مبررة بذلك الصورة الشعبية الايجابية التي اكتسبتها لنفسها، ولو لم تكن وسائل الاعلام قد تركت ساحة الكفاح في بلعين لمجموعات من المتظاهرين من صفوف اليسار، وانما اعتبرتها وجها آخر من أوجه الحفاظ علي القانون والنظام ـ لكان من المحتمل ايقاف عملية فرض الحدود ومن خلال ذلك استلاب الاراضي من أصحابها الشرعيين. في هذه المرحلة يبدو أن محكمة العدل العليا ستكون مطالبة بانقاذ الدولة من نفسها ومن سياسة قادتها المبرمجة والاجرامية.أسرة التحرير(هآرتس) 4/1/2006