حين طرح باشلار مفهوم القطيعة الإبستيمولوجية كان يتحدث عن تاريخ الأفكار العلمية وتطورها في الزمن. ولما كانت الأفكار والمعارف والعلوم وليدة صيرورة تاريخية تتجسد في الزمان والمكان، يمكننا الحديث أيضا عما نسميه بـ«القطيعة التاريخية» التي تبرز من خلال قطيعة حقبة جديدة مع حقب تاريخية وجغرافية سابقة عليها وعلى مستويات متعددة. وبذلك نتحدث عن تحولات جذرية تمس الدول والشعوب، فتصبح حياتها مغايرة لما كانت عليه. قد تستمر بعض رواسب الحقبة السابقة في الوجود، ولكن من دون أن يكون لها أي تأثير في التطور الجديد الذي بات يعرفه المجتمع مع هذه القطيعة.
إن بعض المتبجحين، وليس في المغرب فقط، لا يعترفون بالقطيعة التاريخية. بل إنهم يقتطعون أكثر من ثلاثة عشر قرنا من تاريخ المغرب الفعلي، ليعودوا بنا إلى تاريخ ما قبل الفتح الإسلامي ليعتبروه التاريخ الحقيقي للإنسان الأمازيغي وللدولة المورية وإمبراطورياتها العظيمة، ولأبطالها الذين دحروا الرومان بفروسياتهم الاستثنائية في تاريخ البشرية، وكان لهم الأثر الأكبر في سقوط كل الإمبراطوريات، ومن بينها الأموية، ويصلون تاريخ تلك الدولة بكل التاريخ المغربي الذي تحقق مع الفتح العربي ـ الإسلامي، مؤكدين أن كل المنجزات المتحققة منذ هذا التاريخ امتداد لدولتهم المورية التي لم تعرف الثقافة فقط، ولكن الحضارة أيضا.
لقد مر تاريخ البشرية بأطوار وحقب عرف فيها تحولات جذرية، وقطائع مطلقة. يبدو لنا ذلك بوضوح في التحقيب الذي وضعه الباحثون لتاريخ أوروبا مثلا، وأسقطوه على تاريخ البشرية. فمع عصر النهضة الأوروبية دشنت القطيعة التاريخية مع العصور الوسطى. لقد تشكلت المدينة، والدولة، واللغات الحديثة، والثقافة الجديدة، ومن بينها التكنولوجيا. وصار الغرب بذلك أساس تاريخ حضارة جديدة هي الحضارة المهيمنة عالميا إلى وقتنا الراهن.
جاءت الحضارة الغربية الحديثة على أعقاب تراجع الحضارة العربية ـ الإسلامية التي كانت إبان تشكلها فاتحة عصر جديد احتلت فيه اللغة العربية مكانة عالمية، وأسقط الإسلام الإمبراطوريات المعاصرة له (الفارسية والرومانية والحبشية). تأسست الدولة والحضارة العربية الإسلامية على أساس ما تتطلبه المعايير الحقيقية والمُوحّدة والتي بواسطتها تُعرف الحضارة: لغة كتابية واحدة، ودين جامع، ومكان مقدس، ومدينة مركزية. وهذه هي مقومات الحضارة الحقيقة كما تجلت في كل الحضارات السابقة على الإسلام (بلاد الرفدين، ومصر، والصين والهند، وفارس، واليونان). تحققت مع هذه الحضارة قطيعة كبرى مع ما عرفه العرب قبل الإسلام، وامتدت آثارها إلى كل الشعوب التي دخلت في الإسلام. فتبنت اللغة العربية، والدين الإسلامي.
أحدث الإسلام قطيعة مع ما قبله على المستوى العالمي فامتد أثره في كل العالم المعروف آنذاك، فكانت اللغة العربية لغة التواصل والبحث العلمي، والمواثيق والمعاهدات. وكان الإسلام الدين المهيمن. لم يهمش المسلمون لغات وثقافات الشعوب التي دخلت في الإسلام (الأمازيغية، الفارسية، التركية، الكوردية…)، فظلت بعض العادات والتقاليد القديمة قائمة بشكل آو بآخر. كما أنهم لم يحاربوا أهل الكتاب (اليهود والنصارى) ولا الصائبة. وكل هذه اللغات والأديان ما تزال مستمرة إلى الآن.
شملت هذه القطيعة شمال أفريقيا منذ الفتح الإسلامي، فظهرت المدينة، والدولة، والكتابة بالعربية، والوحدة الثقافية. وها سكان هذا المجال ينتجون بالعربية ولهجاتها المختلفة، ويدينون بالإسلام حتى يومنا هذا، رغم اختلاف الأصول العرقية، والجينات والانتماءات لأن انخراطهم في الإسلام جعلهم يساهمون من خلال تمازجهم ومشاركتهم الجماعية في تثبيت هذه الحضارة وترسيخها، والحفاظ على استقلال الدولة والمجتمع من اي تدخل أجنبي (الاستعمار الغربي مثلا) يستهدف دينهم أو لغتهم الكتابية.
نرى في هذا السياق أنه مع الدولة الإدريسية بدأت القطيعة الحقيقية مع ما حقب ما قبل الإسلام في المغرب. لا شك في أنه كانت قبيل هذه الدولة محاولات لبناء حضارة تستمد مقوماتها من الحضارة العربية الإسلامية. لكنها لم تفلح في ذلك إلا مع الدولة الإدريسية. يبدو ذلك بجلاء في المقومات التالية. لقد بنيت مدينة فاس، ومع المدينة بني المسجد، ومع المسجد تشكلت اللغة الكتابية وترسخ الدين الجديد. وصارت المدينة التي تعد أول عاصمة في المغرب تستقطب المهاجرين من كل حدب وصوب. ورغم عشرات القرون ما تزال فاس أقدم وأعرق مدينة في المغرب تمثل بداية حضارة جديدة في المنطقة، بل لقد توسعت مع الزمن، وصارت كل الدول المغربية المتعاقبة في التاريخ المغربي لا تكتسب شرعيتها السياسية إلا بامتلاكها.
لكننا عندما نتساءل، بالنظر إلى شمال أفريقيا ما قبل الفتح الإسلامي، عما هي المقومات الحضارية التي كانت سائدة، والتي تتصل كلها بالدول التي تعاقبت على هذه المنطقة، لا نجد أنفسنا عمليا إلا أمام ما خُلِّف من آثار معمارية تدل على مرورها من هنا. أما اللغة الكتابية الموحدة، والمدينة، والدولة المركزية، والدين المؤسس للوحدة العقائدية فلم يكن لأي منها وجود. كانت الحياة الطبيعية للقبائل، تستمد أهميتها من العادات والتقاليد التي كانت تختلف من قبيلة إلى أخرى رغم وجود ما هو مشترك في الحياة البشرية التي تناظرها: لهجات محلية، ووسائل عيش تتصل بنمط البيئة السائد. فالصحراء ليست الجبل، ولا السهل.
ليعطنا أصحاب الدول والإمبراطوريات المورية ذات التاريخ التليد، والمجد الأصيل نموذجا لها في المغرب دالا على وجود حضارة بكل مقومات الحضارة. وليس الخبر كالعيان؟ وما هي أهم المقومات الحضارية التي ما تزال مستمرة من حقبة ما قبل الإسلام والتي ما تزال متواصلة إلى الآن؟ لقد أحدث الفتح العربي الإسلامي قطيعة تاريخية مع ما كان قبله في المشرق والمغرب. وكل ما عرفه التاريخ الإسلامي منذ البعثة النبوية ما يزال قائما إلى الآن من خلال المذاهب والطوائف والتيارات التي عرفها هذا التاريخ.
ليمارس البعض الاقتطاع بدل التوقف على القطيعة، ولهم أن يزعموا بأن هذه الدولة مورية، وأن المولى إدريس ليس عربيا؟ وليقولوا بأفواههم ما يشاؤون، لكن فاس ظلت عربية اللسان إسلامية الدين. وظلت فاس ملتقى العلماء من المغرب والأندلس والمشرق. وما حوته خزاناتها من كتب، وما ألف عنها دال على أنها لم تكن قرية معزولة، أو توجد بها منقوشات بسيطة من الأزمنة الغابرة، أو ذات أول بنك في تاريخ البشرية.
تعاقبت على المغرب دويلات وإمارات في كل تاريخه نتيجة الصراعات على السلطة السياسية التي كان يوظف فيها كل ما يتاح لها لفرض وجودها. كانت تقوم بهذه الحركات، تارة، قبائل عربية وأمازيغية، وكانت التحالفات تتم باستمرار بين القبائل المتنافرة بغض النظر عن أعراقها ولغاتها. لقد تحالف البورغوطيون مع عرب الأندلس لدحر الفاطميين. وتحالفت قبائل أمازيغية مع غيرها في إبادة الدولة البورغوطية. لم يكن الصراع عرقيا بين عرب وأمازيغ، كان بين رافضين للسلطة ومؤيدين لها. وكانت النهايات كلها لفائدة من يجسد أكثر القيم التي تكرست مع القطيعة التاريخية التي أحدثها الإسلام والثقافة العربية. حوربت الهرطقات والهلوسات الزعامية قبل المرابطين فكان القضاء عليها. ظهر مدعو النبوة والمشعوذون والتف حولهم العامة، وكانت نهاياتهم سريعة لأنها لم تنبن إلا على هرطقات وأباطيل لا علاقة لها بما تمثله الحضارة العربية الإسلامية.
مع الاستعمار يمكن أن نتحدث، في آن معا، عن تحول جذري عرفه المجتمع المغربي الحديث، مثلا، وعن شبه قطيعة تاريخية. فهل باستعادة تاريخ ما قبل الإسلام (السلفية العرقية)، أو باسترجاع الإسلام (الأصالة)، أو بتبني ما تفرضه الحضارة الغربية (الحداثة)، يمكننا المشاركة في الحضارة الإنسانية المعاصرة؟ هذا هو السؤال الإشكالي، الذي لم نجب عنه وعاجزون عن التفكير فيه بلا مواقف مسبقة، وما خلاه ليس سوى رحى تطحن القرون.
*كاتب من المغرب
اإن بعض المتبجحين، وليس في المغرب فقط، لا يعترفون بالقطيعة التاريخية. بل إنهم يقتطعون أكثر من ثلاثة عشر قرنا من تاريخ المغرب الفعلي،…
و ماذا عن الذين ينكرون تاريخ ما قبل ثلاثة عشر قرن….هذا كله فعل و ردة فعل. الحل هو تفعيل منضومة تربوية غير مسيسة و علمية.
لا قطيعة في التاريخ بل هو سيرورة دائمة و تراكم بنائي ..و عصر النهضة الأوربية الذي استدل به الكاتب هو استمرار للعصور الوسطى ..
القطيعة كمفهوم تاريخي حسب فهمي يعني الانتقال الى حقبة أخرى.. وهذا الانتقال يمر بمرحلة
انتقال.. وبالتالي تحدث سيرورة .. ربما سربعة في
مرحلة الانتقال…
.
والحقبة الجديدة ليست مخلوقة من لا شيئ.. فهذا
مستحيل عقلا ومنطقا.. بل هي مبنية على ما سبق
بطريقة تراكمية… زائد فواعل جديدة..
.
فارق الالوان .. او ال contrast بعد حين بين الحقب هو
الدي يعطي الانطباع ان هناك نقلة من لا شيئ..
.
الطبيعة تقول هذا بالقطع.. انه اذا اتى مؤثر جديد
الى مركب طببعي system.. فهو لا ينفيه.. بل يؤثر
ويغير فيه.. ويتغير المركب .. لكن يبقى موجودا بعد
أن تغير.. فقط..
.
ال 13 قرن التي عاشها تاريخ المغرب مع مؤثر عربي واسلامي
ليست هي نفس ال 13 قرن التي عاشتها امم اخرى. مع نفس المؤثر
العربي والاسلامي .. ما يؤكذ ان هذه القطيعة الحادة غير
موجودة .. بل هناك سيرورة وتطور طبيعي.. يبقى
فيها الاصل هو أصل النتائج اصلا..
.
وها نحن رغم اللغة العربية نجد اننا نستعملها في
قالب امازيغي في معضمه…
.
يا استاذ يقطين.. لا توجد قطيعة في الطبيعة اصلا..
بل continum… فقط… في كل الضواهر الطبيعية
وبالنالي حياة البشر وخضارتهم.. وتاريخهم..
.
هناك استثناء واحد أحد لا غير … وهو ضواهر ال quantum…
.
لكن هذا لا ينطبق على المركبات ال macro… مثل الانسان..
تتمة..
.
طبعا ما وصلت اليه حضارة المغرب هو سيرورة
تراكمية .. continun.. وبالنالي تاربخ حضارة المغرب
لا يبدأ مع الفتح الاسلامي… بل من قبل… والا ..
لوجدنا نفس النتائج للفتوحات الاسلامية كلها
وفي كل الدول..
.
لكننا نلاحظ نتائج مختلفة كثيرا وجدا… لماذا اذا..
.
لأن ما سبق الفتوحات الاسلامية هو من حدد النتائج مسبقا…
بالتفاعل طبعا مع المؤثر الجديد..
.
يحق لنا اهل المغرب ان نتحدث عن الحقبة
المورية والاسلامية والعربية…
.
على فكرة… ننعت في جامعات الغرب بالمور…
ومنها اتت كلمة morocco.. و maroc.. الخ…
.
وهذا لا ينفي ذاك… اما ابيض أو أسود… لا طبعا…
.
كانت حضارة مورية نطورت بالتفاعل مع مؤثرات
عدة ومنها العربية والاسلامية.. وكل هذا هو المغرب..
وتاريخ المغرب..
هنا فهم مغلوط لحركة التاريخ وغير مستند إلى معرفة يُعول عليها. فالتاريخ يمكن أن يحتضن مقاطع تخييلية. وإن كان التاريخ يطالب بالأصالة والصدق والموضوعية، فمن السخف الادعاء بالحياد الاستمراري، إذ يتمثل الماضي عبر اللغة بما هي نسق قابل للانهيار. فالمؤرخ يلجأ بدوره إلى المجاز لإعادة بناء الماضي، ويظهر عبر بلاغة خطابه، لا يصف ما جرى فقط، بل كذلك يبنيه بنهجه الخاص. بموازاة هذا الوعي الجديد، حتى جاك لوغوف يتساءل: «أليس لتاريخ الفرد العادي دلالته ودراميته، مثل تاريخ العظماء؟ أليس لتاريخ اللباس وهيئة اللباس وطريقة الأكل جاذبية أكثر من تاريخ المعارك والاجتماعات الدولية والحملات الانتخابية؟». وعلى شاكلة هذا التاريخ، يمكن ذكر التاريخ من أسفل والتاريخ المجهري والتاريخ اليومي إلخ. وحتى بيير بورديو يتكلم عن الوهم السيري الذي يُترجم ذاتيا داخل المعرفة السوسيولوجية، بدعوى أنه يوجد داخل الحياة أشخاصٌ عديدون، ويوجد لدى كل شخص تواريخ عديدة وحيوات ممكنة، داعيا إلى تجاوز التعارض بين الموضوعية والذاتية عبر محكيات الحياة.
الدكتور يقطين يعلم أن تعريب المغرب جاء كمعادلة سياسية بين القصر وحزب الإستقلال: مراكش التي يحمل المغرب إسمها وإلى حدود الثماننيات من القرن الماضي كان سكانها يستعملون “الشلحة” في معاملاتهم اليومية: قبل الفرنسيين كان هناك مغرب القبائل التي تقبل أو ترفض(السيبة) قرارات السلطة المركزية،أي كان هناك نظام إتحادي،كل قبيلة تختار زعيمها(القايد) الذي يُمثلها لدى السلطان الذي تتم مبايعته من طرف القبائل،كل قبائل المغرب رفضت حكم المولى عبد الحفيظ وقررت التخلص منه ليستنجد بفرنسا ويطلب الحماية كما التجار المغاربة(لولا الفرنسيين لكان…).الأمازيغ لم يكتبوا،كما الvikings أو المغول أو التتار أو الهنود الحمر…حضارة المغرب بدايتها ظهور التجمع الإنساني في المغرب،حتى لو كان تجمعا بدائيا،لأن الحضارة معناها وجود نظام عام،ربما لم تكن هناك أمريكا قبل الإستيطان الأروبي،وحضارة المغرب لم يكن دخول الإسلام بدايتها بل إمتداد لها.
اخي الكريم.. مراكش اسم مدينة مشهورة في العالم.. وهي كانت أحد
عواصم الانظمة التي حكمت المغرب في التاريخ.. قد يسمي البعض
دولة المغرب بعاصمتها كما حدث مع الاتراك.. لكن هذا شأنهم في لغتهم
هم.. يسموننا كما يشاؤون.. الاتراك لحد الآن يسمون المغرب بفاس.. احدى عواصم
دولة المغرب ايضا..
.
ونحن بدورها نفعل نفس الشيء مع الدول.. المجر على سبيل المثال.. وهم يسمون
أنفسهم بكلمة قريبة من هنغاريا..
.
اما التعريب فقد بدأ بشكل طبيعي مع مجيئ الاسلام… القرآن عربي.. وتم تسريع
التعريب سياسيا وهذا شيئ ايجابي جدا .. لأن الأمازيغية كما تعرف غير مكتوبة..
والتيفناغ هي نتيجة للاجتهاد فقط..
.
والدولة تحتاج إلى لغة لتحتوي الحضارة والتقدم بين الأمم..
.
ففي غياب كتابة الأمازيغية كان علينا ان نختار بين الفرنسية او العربية..
.
فاختار الساسة العربية.. وليس ضد الأمازيغية في شيئ.. بل لأن قوة
اللغة العربية هي ان لها احرف ومكتوبة.. وعمق سياسي مهم آنذاك..
والامازيغية كانت… لا احرف لها وغير مكتوبة..
فهل تتصور تقدما بدون لغة مكتوبة..
مراكش التي تلبس اسم المغرب بها لا يتحدث اهلها الشلحة مع احترامي و تقديري لها و و لكل منطوق لهجي محلي و انا واحد من ساكنتها و ما بالك بالعديد من مدن المملكة اما عن قولك ان التعريب كان اتفاقا بين القصر وحزب الاستقلال فهذا شيء مضحك ، تعريب ماذا التعليم ام لسان البشر اذا كنت تقصد تعريب التعليم فالمرجو منك ان تقدم لنا دليلا يثبت لنا كيف كان تعليم المغاربة باللغة التي تتخيلها حضرتك اما ان كنت تقصد الانسان فبأي طريقة عرب لساننا هل بالقوة ام بفعل تعويذة سحرية.تحياتي
ما لم نفرق بين مفهوم الحضارة و الثقافة سنظل نسمي اي تجمع بشري حضارة
تحية لالاستاذ سعيد وللجميع لا شك ان هناك قطيعة تاريخية ما بين الحضارات التي نشات في المكان الواحد وقد يكون المغرب ليس المثل الافضل ولكن لو اخذنا العراق مثالا فقد توالت عليه حضارات او الاصح انشا العراقيون حضارات منذ سومر مرورا بالحقبة الاكدية والبابلية الكلدانية والاشورية ومع دخول المسيحية سادت اللغة الارامية السريانية على ما قبلها وفرضت حضورها على الممالك الصغيرة في المنطقة كلها كالحضر والحيرة ومع دخول العرب المسلمين للعراق تحول العراق تدريجيا الى العربية فالعامل الرئيسي هو الدين ولكن من انشاوا الحضارة هم اهل البلد لان العرب لم يكونوا في الجزيرة بنفس مكانة اهل العراق وكذلك الشام من الناحية الثقافية والعمرانية ولكن يجب ان لا ننسى او نتناسى ان القرار السياسي او مركز الحكم هو صاحب القرار ولكن الامر نفسه لم يحصل مع العثمانيين فمركز الحكم بعيد واصحاب القرار السياسي لم يهتموا بالناحية الحضارية والثقافية فلم تسود اللغة التركية في انحاء الامبراطورية لعدم وجود التعليم ومؤسساته والعكس حدث في المغرب العربي مع الفرنسيين
المقارنة مع الفرنسية ليست دقيقة..
صدق او لا تصدق.. هناك من لا يستطيع
الحديث بالفرنسية في المغرب.. ولا يستطيع
فهمها سوى من درسها في المدرسة.. ومارسها..
لا يمكن ان نقول أن المغاربة يجيدون الفرنسية..
هذه مقولة خاطئة.. بل تقريبا اغلبيتهم لهم معلومات
لغوية في الفرنسية.. وجزء منهم يجيدها فعلا..
.
والأمر زاد .. بعد انتشار الإنجليزية..
.
وحتى اللغة العربية هناك من له صعوبة في
فهمها والحديث بها.. ليسوا كثيرين .. لكنهم موجودون..
أو يتحدثون بالحد الادنى للحديث..
.
وحديثك يؤكد انه لا توجد قطيعة بما ان اهل العراق
هو من بنى هذه الحضارات.. بالوان تختلف شيئا ما..
لكن بخط متصل يصل الحقب ببعضها..
.
نجد البصمة العراقية في كل العصور..
.
وكل حقبة هي نتاج لحقب سبقت زائد فواعل جديدة.
.
نفس الشيئ حدث في المغرب.. حقبة الاسلام والعربية بنت
على حقب سبقت لتعطي بناء يختلف عن المشرق ..
لنفس الاسلام ولنفس العربية.
اتفق كليا مع تحليل اخ سلام عادل
تحية للاستاذ سعيد وما يكتبه أما عن القطيعة مع تاريخ العصور الغابرة فهو ككل الأمم التي لها تاريخ ويبقي مشتركا لكل الإنسانية ،واليوم يجب التمسك بما تحتويه الحضارة الإنسانية العصرية والمشاركة في بناء حضارة إنسانية تتسع للجميع.
المهم في الامر نحن الذي وجدنا انفسنا ننتمي للثقافة العربية ولبعض العادات والتقاليد التي ورثناها من العرب ان نحدد من نكون نحن هل نحن عراقيون او مغاربة او اقباط او سوريون بالمعنى الشامل او فييقيون ام نحن عرب في رايي ان وضعنا الحاضر يتطلب منا الانتماء للمكان الذي ننتمي اليه فكعراقي يجب ان يكون مفهوم العراقية شامل للجميع فنحن ننتمي لسومر واكد وبابل واشور وبغداد والبصرة والكوفة واربيل والموصل وكل الحواضر الثقافية التي انتجها العراقيون فلو قلنا نحن عرب فسنفقد الشعور بالفخروالزهو بما قدمه السومريون وكل ما قدمه من اتى بعدهم للحضارة الانسانية وسنركز افتخارنا على ما قدمته البصرة والكوفة وبغداد وبالتالي سيكون هناك ظلم لكل المكونات العراقية الاصيلة
هتا اثفق معك.. العراق هي نتاج لكل ما سبق..
كما أن المغرب نتيجية لكل ما سبق .. والامازيغة
مكون رئيس في شخصية المغربي وثقافته..
.
الانتماء العربي هو ايضا حقيقة كما هو للعراق..
.
لأن الانتماء لأمة لا يكون جينيا بل هو نتيجة تفاعلات
في التاريخ كونت نوع من الوحدة الجامعة بين
مكونات أمة أكبر. . وحدة المصير ووحدة النطلعات..
والتحالفات… الخ…
.
سؤال… ألا ترى أن هناك فرق شاسع بين القومية
الفارسية والقومية العربية…
.
طبعا هناك فارق شاسع…
.
لكن جينيا وبعد دراسات ومسح جيني جديد نجد
أن نسبة جينات الشرق الاوسط العربية في ايران ازيد
من 50% .. اكثر من العراق وسوريا ومصر.. بمعنا جينيا
الفرس اكثر عروبة من دول عربية…
.
لكن هذا لا يعني شيئ في الشخصية .. والانتماء..
.
الانتماء هو قرار واعي عبر التاريخ..
.
ومن هذا المنطلق.. نحن امازيغ المغرب جزء من الامة العربية …
وهذه حقبقة سياسية وثقافية وتاريخية ..
.
وجب فقط تعديل مفهوم عربي الى شيئ اكبر من مفهوم جيني…
.
ووجب الكف عن استثمار هذا لمشاربع سباسية
اقصائية كما عند الناصريين والقوميبن العرب..
.
أمازيغية المغرب حقيقة.. والانتماء العربي حقيقة ايضا..
.
والتفكير بأبيض واسود ليس في صالح المغرب
اصلا.. لا ثقافيا ولا سياسيا.. بل له اهداف لا تطمئن..
داءما ما تثيرني مصطلح الحضارة العربية الإسلامية لا أفهم معناها وهل نحن نشترك مع الهنود المسلمين والاندونسيين والأتراك ووو في هذه الحضارة المذكورة .ولماذا لا نقول حضارة عربية فقط اسسها العربي المسيحي والمسلم واليهودي. أوان البعض يخشى من ان ليس هناك حضارة عربية مستقلة ويلجا إلى هذا التعميم.
ردا على الاستاذ ليس هناك قطيعة في التاريخ فالنهضة في اروبا خلقت من رحم الاقطاع والقرون الوسطى .والمغرب ليس وليد وصول رجل هارب من المشرق العربي واستقباله من طرب المغاربة وتبنيه وتكريمه حبا في ال البيت ولم تؤسس دولة في ذلك الوقت لان مفهوم الدولة كما هو معرو ف لا ينطبق على تلك المرحلة كما أن المغرب لا يعود تاريخه إلى تلك الفترة والا كيف نسمي الشعوب التي اوت ادريس الاول وكرمته وزوجته بإحدى بناتها.
ليس هناك قطيعة بل تطور طبيعي عندما تحدث أحداث وافكار جديدة فإن ما يقع هو تطور وليس قطيعة .
التاريخ عنيد كما الواقع فمهما حاولت إسقاط
ذاتية احد على.واقع معين فلن يقع اي تاثير
الفتح الاسلامي هو كيروزين منح المغرب أجنحة تغوص في عمق إفريقيا و اوروبا و يتصل بالمشرق نعم… و لكن الشخصية المغربية الأمازيغية كانت لها من التجارب الإنسانية المتراكمة ما يسمح لها بأن تتقبل و تنفتح على الاسلام كدين و فكر و بتحمل المسؤولية الجغرافية و التاريخية و يلعب حلقة وصل من جهة و يخلق الابداع و الريادة دون ان يفقد قيد أنملة من خصائصه الأمازيغية على طول التاريخ … هي عملة أساسها المادة التي تتجسد فيها القيمة .