التايمز: أردوغان شم رائحة ضعف عند بوتين فاستغلها لصالحه

إبراهيم درويش
حجم الخط
9

لندن- “القدس العربي”:

قال المعلق في صحيفة “التايمز” روجر بويز إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اشتم رائحة فرصة للتخلي عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنه يرى أن الغرب لا يعرف بعد إن كان الرئيس التركي سيظل يراوح ما بين ولائه للغرب والكرملين. ولكن الإشارات كثيرة، حسبه، حول تحول في سياسة أردوغان بعد فوزه الأخير بالانتخابات الرئاسية.

ووصف الكاتب في بداية مقالته تسليم الرئيس التركي خمسة من قادة الجنود الأوكرانيين، في معمل أزوفستال في “ماريوبول” العام الماضي، الذين استسلموا للروس بعد حصار 80 يوما وسلمتهم روسيا لتركيا كي يظلوا لديها حتى نهاية الحرب، بأن أردوغان حنث بوعده وسلمهم للرئيس فولدومير زينلنسكي الذي استقبله في أنقرة الأسبوع الماضي. وكان رد المعلقين الروس حادا وغاضبا، وقال السناتور الروسي فيكتور بونداريف إن “تركيا أصبحت دولة غير صديقة”، وأخبر الدعائي سيرغي ماردان المشاهدين الروس “دعونا نشترك في شعور الإهانة الوطنية”.

ويعلق بويز، قائلا: “يجب أن لا يكون هذا مفاجئا للكرملين، فتركيا عضو في حلف الناتو وهي ذاهبة لقمة الحلف وعليها البحث عن طرق لحرف الانتباه عن علاقاتها الغامضة مع نظام بوتين. وتعرف موسكو جيدا وخلال الـ 18 شهرا الماضية أن تركيا قدمت مسيرات بيرقدار لأوكرانيا، ولو كان لديه شك فما على الكرملين إلا البحث في يوتيوب عن فرقة أوكرانية تغني بالزي العسكري أغنية تحتفل بالمسيرات التركية”.

منذ زحف زعيم مرتزقة “فاغنر” يفغيني بريغوجين نحو موسكو، فقد بوتين هالة الرجل القوي في عين الزعيم القوي.. واحترام أردوغان لبوتين ذهب، وربما كانت هذه النتيجة المهمة لمهزلة بريغوجين

وبعيدا عن هذا، يقول بويز إن أردوغان الذي أعيد انتخابه يبدو وكأنه يقوم بتحول حقيقي. أخبر زيلينسكي إنه يدعم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، وقرر رفع الفيتو عن انضمام السويد للحلف العسكري وعرض أن تقوم البوارج العسكرية التركية بمرافقة سفن القمح الأوكراني عبر البحر الأسود، لو وافقت روسيا على تجديد الاتفاق في الأسبوع المقبل، بل وطلب من فرنسا مراقبة عمليات بناء مفاعل نووي تبنيه روسيا في تركيا.

 وتظل التحركات هذه تعبيرا عن علاقات تعاقدية بالطبع، فمقابل عدم الوقوف أمام عضوية السويد، وافقت على تشديد القوانين ضد الناشطين الأكراد، إلى جانب صفقة جانبية مع الولايات المتحدة للموافقة على صفقة مقاتلات أف-16.

ويشير الكاتب إلى أنه فوق كل هذا، يحتاج أردوغان لجذب الاستثمارات الأجنبية لدعم اقتصاد بلاده. ولا يمكن لدول الخليج أو روسيا تمويل الاحتياطات الناضبة من المصرف المركزي، خاصة وأن حالة البلد المالية يرثى لها. ولهذا جاء الحديث هذا الأسبوع عن إحياء ملف عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، مع أن فرصة حدوث هذا بعيدة، فكل اتفاقيات الاتحاد الأوروبي مع تركيا تقوم على أساس لعب أنقرة دور الحاجز ضد تدفق المهاجرين إلى القارة. ولهذا يحاول الغرب خلق وهم ميل أردوغان له بعيدا عن واقع الأمر. غير أن هناك، حسب الكاتب، مكونات جادة في دبلوماسية الرئيس التركي.

ويقول إنه منذ زحف زعيم مرتزقة “فاغنر” يفغيني بريغوجين نحو موسكو، فقد بوتين هالة الرجل القوي في عين الزعيم القوي. وفي عام 2016 واجه أردوغان محاولة انقلابية من ضباط، وقد عرض بوتين، حينها، المساعدة. وكان رد أردوغان هو مناشدة الأتراك عبر التلفزيون لمواجهة الانقلابيين، وفرضَ الأحكام العرفية وطرد حوالي 4 آلاف قاض ومحقق وقام بإغلاق صحف وفرض قوانين مكافحة إرهاب ضد الأكراد. وبالمقارنة، مشى بوتين مثل النائم وسط أزمة الشرعية التي واجهها. وتم عرض وظائف على مرتزقة فاغنر في وزارة الدفاع الروسية.

ويرى الكاتب أن احترام أردوغان لبوتين ذهب، وربما كانت هذه النتيجة المهمة لمهزلة بريغوجين. ولكن هذا لا يعني، حسب الكاتب، أن “السلطان” يعانق الغرب، لكنه جمد على ما يبدو عضويته في نادي العثمانيين الجدد- رومانوف من الحكام الأقوياء. وذهب الكاتب للقول إنه “ربما حسب أردوغان فإنه سيتفوق على بوتين ويتحول الحامي الكبير للجنوب العالمي”.

يبدو أردوغان غامضا في طرقه أكثر من بوتين، وهو سيد في لعبة الغزل السياسي، لكن أهم نتيجة من قمة “الناتو” هذا الأسبوع هي أن كل واحد سيتركها بحس من الحيرة متسائلا عن نوايا الزعيم التركي، وهو ما سيثير فرحه

ويشير الكاتب إلى أن قادة من أفريقيا التقوا مع بوتين الشهر الماضي وأخبروه أنه لو أراد عقد القمة الأفريقية هذا الشهر في سانت بطرسبرغ فيجب أن يقدم لفتة نحو السلام. واقترحوا عليه مزيدا من تبادل الأسرى وإعادة الأطفال الأوكرانيين الذين أخذهم الغزاة الروس، وعبروا عن خوفهم من ارتفاع معدلات التضخم بسبب أزمة الحبوب التي تسببت بها الحرب.

 ويعلق الكاتب أن هناك فرقا في أسلوب بوتين وأردوغان، فقد لعب الأول دور المخرب، ولكنه فشل في ملء الفراغات الناجمة عن هذا. واستخدمت الحرب في أوكرانيا كساحة لتجريب الأسلحة والأساليب، لكن النتائج كانت قليلة وفوضوية ولا تصلح لأن تكون دعاية لصفقات السلاح الروسية لدول أفريقيا. ولكن تركيا أصبحت الشريك الجذاب لأفريقيا من خلال أسلحتها رخيصة الثمن. ونفس الأمر يتعلق بطريقة تحويل روسيا للطعام إلى سلاح ضد أوكرانيا، حيث زرعت الألغام في الأراضي الخصبة وفجرت سدا وحاصرت الموانئ وقصفت صوامع الحبوب والتي أدت لتأثر العديد من زبائن أوكرانيا في أفريقيا. وبحسب الكاتب فقد وثق الجنوب ببوتين باعتباره حامل الراية السوفييتية القديمة، لكن الثقة تتلاشى.

 ويعتقد الكاتب أن تركيا التي تريد حماية مسار الحبوب عبر البحر الأسود بدأت تنظر أبعد ساحة المعركة الأوروبية. ففي النهاية لا يزال أردوغان يتجنب الاختيار الواضح بين الغرب أو الكرملين، ويبدو غامضا في طرقه أكثر من بوتين، وهو سيد في لعبة الغزل السياسي، لكن أهم نتيجة من قمة “الناتو” هذا الأسبوع هي أن كل واحد سيتركها بحس من الحيرة متسائلا عن نوايا الزعيم التركي، وهو ما سيثير فرحه، كما يرى الكاتب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سمير مروان:

    لم أكن مرتاحا لتعامل الطيب أردوغان مع متزعم حلف البطش والتسلط والإجرام والقتل والتنكيل بالشعوب دون رحمة ولا شفقة.

  2. يقول المطلق:

    بعد أنتهاء الحرب العالمية الثانية تشكلت وعقدت الكثير من الاحلاف السياسية والعسكرية ومن وقتها لم يحدث الكثير من التغيير عليها. إلا أن العمر الافتراضي لها بداء يقترب من الشيخوخة. إذا لا بد من حرب تجدد روح الشباب فيها وترجع كل واحد لمكانه ووضعه الطبيعي
    يبقى الحلفاء حلفاء ودم الاستعمار يجري في عروقهم
    يبقى الوضع على ما هو عليه إلا أن تحدث معجزة سماوية.

  3. يقول العلمي:

    إنها حيل السياسة.
    أردوغان ليس من البلادة ليستفز بوتين الجريح، الذي لازال يملك من الوسائل و الإمكانيات بدول الجوار ليدمي تركيا.
    ليس هناك شعوب أدرى بسلوك الذئاب كالأتراك و الروس

  4. يقول عدنان:

    ماذا قدم الغرب للشعوب المستضعفة والعالم 3 سوى الفقر والتجويع ونهب الثروات وغلق الأبواب واحتكار التصنيع والمعلومة وديون مرهقة …. شيئ طبيعى ان تدير هذه الشعوب ظهرها وتتجه نحو الصين ودول الشرق وجنوب امريكا … أنظر للصين مثلا كيف تقدم منتجاتها الصناعية ومشاريعها الاستثمارية ومعاملها الرخيسة ومنتجاتها ووسائل الإنتاج بأثمان في المتناول …

    1. يقول عمران:

      لا تستطيع ان تتجه الى اي مكان اذا كنت كسيح و مقعد.
      هذا حال الامة العربية مع هولاء الحكام المجرمين القتلة اللصوص العملاء، هولاء همهم الكرسي، و هم انفسهم مجرد صعاليك عبيد عند من يحميهم من القوى الشرقية و الغربية، كلاً له سيد يحمي عرشه، المغمس بدماء شعبه.

  5. يقول تاريخ حروب الغرب وأتباعهم:

    بحثت في المقال أيضا عن نقد وتفصيل لسياسات روسيا التدميرية في سوريا والفيتو في غير صالح الشعب السوري ومنع المساعدات عنهم وتجربة الترسانة الفتاكة هناك، لكن لم أجد من الكاتب أي ذكر لذلك!!!

  6. يقول رضوان ابوعيسى:

    اردوغان سياسي محترف يفهم رياح السياسة وتقلباتها وخفاياها ويلعب بالاوراق المناسبة للخطوة الآتية دون ان يراها الاخرين، فحسب رؤية اردوغان ان بوتين سائر الى نهايته ولا يريد ان يكون معه بالسفينة الغارقة بل يرى سفينة زيلينسكي هي العائمة!

  7. يقول كريم إلياس /الجمهورية الفرنسية:

    الرئيس اردوغان..لاعب محترف..و سياسي محنك..و رجل دولة بإمتياز! خدم شعبه و دولته تركيا التي كانت تئن تحت وطاة حكم العسكر الرعاع و من والاهم…و لذلك فالرجل لا يؤمن الا بالافعال لا بالاقوال..في بداية الحرب العبثية الاجرامية التي شنها النظام البوتيني على اوكرانيا..وقف اردوغان على المنصة و كأنه يتفرج على مجريات الاحداث..و اظهر نوعا من الحياد اتجاه روسيا المعتدية و اوكرانيا..و لكن بعد اشهر متتالية و تغير مجرى الاحداث بعد دخول حلف النيتو على الخط ..و هو الحلف الذي تنتمي اليه تركيا..أيقن ان روسيا لن تنتصر في هذه الحرب و ان القضية قضية وقت ليس الا..و لذلك بدأت بوادر التحول في الموقف التركي تلوح في الافق..بعدما غرق المجرم بوتين و عصابته..في المستنقع الاوكراني..و احسن ما فعله و ما سيفعله اردوغان ..هو تخليه عن هذا المجرم الذي اوقع بلده و شعبه في ورطة يصعب الخروج منها بسهولة..و السلام

  8. يقول dzman:

    من يثق في الأتراك مثل من يثق بذئب

اشترك في قائمتنا البريدية