التحوّل الرقمي والتغلّب على كورونا

حجم الخط
0

تعتبر جائحة كورونا أزمة إنسانية على نطاق عالمي، فيما يستمر الفيروس في الانتشار في جميع أنحاء العالم، مما يضع النظم الصحية تحت ضغط غير مسبوق في المعركة لإنقاذ الأرواح. من المتوقع أن يتفاقم الحجم البشري لهذه المأساة حيث ينتشر الفيروس إلى البلدان ذات الدخل المنخفض مع أنظمة رعاية صحية أضعف.
وتشير أحدث التقديرات في التوقعات الاقتصادية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في 10 حزيران- يونيو إلى انهيار غير مسبوق في النصف الأول من عام 2020 على انخفاض بنسبة 13 في المئة تقريبًا في الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

الأزمة الاقتصادية

تعتبر التجارة العالمية وقطاع إنتاج الطاقة أكثر من تأثر سلباً من انتشار الجائحة، ففي حين سجلت الأسواق العالمية تراجعاً متسارعاً في عجلة الانتاج بدءًا من شباط- فبراير عندما ضرب الفيروس آسيا، سجلت أسواق النفط بدورها انخفاضاً تاريخياً في مستويات الطلب تزامنت مع تراجع حاد في أسعاره.
ولقد وجه انخفاض أسعار النفط والتداعيات العميقة للوباء ضربة مزدوجة للاقتصاد الخليجي، وفي حين نجح القطاع العام في تحمّل هذه الأعباء بفضل السياسات الحمائية الحكومية، وجد القطّاع الخاص نفسه في مواجهة تحديات اقتصادية من جهة وتنظيمية من جهة أخرى.
في غضون بضعة أشهر فقط، قلبت جائحة كورونا الحياة اليومية للناس حول العالم. بالنسبة للعرب نتج عن الأزمة الاقتصادية للفيروس بروز تصنيفات جديدة للموظفين بين من طلب منهم الانتقال للعمل عن بعد ومنهم من دفع للبطالة القسرية وانتظار عودة الأسواق لممارسة مهنته. وبطبيعة الحال دفعت قوانين البعد الاجتماعي والحظر العديد من موظفي المكاتب إلى العمل من طاولات غرفة الطعام والأرائك والأسرة في منازلهم.
وقد يجد الكثيرون أنفسهم في هذا الموقف على المدى الطويل بينما تكافح الشركات للبقاء على الحياة ريثما ترفع القيود ببطء.
الآن، أكثر من أي وقت مضى، يعد التحول الرقمي هدفاً حيوياً لاستمرار جميع الشركات والعلامات التجارية والمؤسسات. وفي حال تأثر العمل بالوباء، فمن الأسئلة الهامة كيف يمكن تحوّيل العمل تحت الضغط الهائل للأزمة؟ أظهرت الأبحاث الأخيرة أن أقل من 30 في المئة من الشركات تنجح في التحول الرقمي، ويعود ذلك إلى عدّة أسباب بعضها تنظيمية، وأخرى ثقافية، ولكن العديد منها متعلق باختيار التكنولوجيا الخاطئة وضخ استثمارات هائلة في حلول غير مجدية.
يجب تحقيق عدة أهداف لضمان نجاح أي عملية تحوّل رقمي.
أولاً: الرشاقة وذلك سعياً نحو امتلاك مرونة تنظيمية أكبر للتكيف مع تحديات وعوائق مفاجئة واستمرار العمل تحت أي ظرف كان.
ثانياً: تخفيض الكلف سواءً في أتمتة الإجراءات الروتينية أو من خلال تبني تقنيات الذكاء الصنعي.
ثالثاً: الشفافية لتتبع جميع العمليات ومن قام بها .
رابعاً: التكامل بين جميع الحلول التقنية لضمان الوصول إلى البيانات الصحيحة دون عوائق.
يوفر التحول المفاجئ إلى العمليات والتفاعلات الافتراضية، داخل وخارج المؤسسة، فرصة لتسريع وتيرة التعلم وتبني التقنيات التي ربما بدأت المؤسسات في تجربتها. كما يتوسع التجريب، وكذلك التعلم.
يمكن أن يكشف التحول السريع إلى التقنية الرقمية أيضًا عن نقاط المشاكل المحتملة مع حزمة التكنولوجيا الحالية للمؤسسة، مما يمنح معاينة مسبقة لمدى جودة أداء «الوقف» في المستقبل. فيما يلي بعض العوامل التي يجب مراقبتها للتعرف بسرعة أكبر على التقنيات الجديدة: أمن البيانات. هل توجد خروقات أثناء الانتقال إلى العمل عن بعد ومشاركة البيانات؟ قابلية التوسع. أين تحدث الفواصل والأعطال حيث تصبح نسبة 100 في المئة من التفاعل مع العملاء والموظفين وشركاء العمل افتراضية؟

برامج الاجتماعات

تبرز أهمية التحول الرقمي وتسهيله للعمليات بشكل كبير من النظم المتكاملة والأتمتة وصولاً لبرامج الاجتماعات الافتراضية والأتمتة كحل مثالي لاستمرارية الأعمال لما فيه مميزات. وتحتاج المؤسسات إلى تحديد وتقييم والحصول على المزيج الصحيح من أدوات التعاون عبر الإنترنت لكل من الموظفين والشركاء حتى يتمكنوا من العمل عن بُعد.
وقد أتى الاعتماد على أدوات التعاون من ظهور الكثير من الشركات والمنصات المتخصصة العاملة في هذا المجال. وبين كثرة الأدوات المتاحة، يعتمد الاختيار بوضوح على الميزات الممكنة والميزانيات المتاحة. ومن المنصات المشهورة في مجال إدارة المهام «ريللو Trello» و«ووركيوم Workiom» المنصة العربية الأولى في الحقل.
تشير الأبحاث أن الأشخاص والمنظمات يتعلمون بسرعة أكبر عند العمل ضمن مناخ تعاوني. كلما زاد عدد الأشخاص أو المنظمات التي تضاف إلى مساحة حل مشتركة، كلما زادت سرعة التعلم وتحسن الأداء بشكل أسرع.
يجادل البعض في أن تأثيرات الشبكة هذه تحدث فيما يسمى بمنحنى التعاون. في وقت الأزمات، تؤدي الاحتياجات المتغيرة إلى تحولات سريعة في تفكير الموظفين وسلوكياتهم التي تلعب دور الرغبة الأكبر في تجربة أشياء جديدة.
كيف يمكن دعم أفضل الطرق التي يتعلم بها الموظفون الموهوبون. أحد الخيارات هو بناء أو الاستفادة من أسواق المواهب المستندة إلى النظام الأساسي التي تساعد المؤسسات على إعادة تخصيص موارد العمالة بسرعة عندما تتغير الأولويات والاتجاهات وتساعد الموظفين الموهوبين على زيادة معدل التعلم.
يجب التأكد من البحث ليس فقط داخل حدود الشركات الخاصة ولكن أيضًا عبر المؤسسات لتشمل الشركاء والموردين. من المحتمل أنهم سيكونون أكثر استعدادًا من أي وقت مضى للتعاون وتبادل البيانات والتعلم لضمان أفضل بقاء جماعي للجميع.
غالبًا ما يحدث في الشؤون الإنسانية أن أعظم الدروس تنبثق من أكثر أوقات الأزمات تدميراً. فالشركات التي يمكنها الحضور في الوقت نفسه والارتقاء فوق المطالب الحاسمة واليومية لاستجابتها للأزمات يمكن أن تكتسب رؤى فريدة لإبلاغ استجابتها والمساعدة في ضمان أن يصبح مستقبلها الرقمي أكثر قوة مما كانت عليه.

 مدير عام شركة «ووركيوم»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية