لا شك أن الاجتماع بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الأمريكي ترامب الأسبوع الماضي كان صعبا للغاية. وقد عبرت ملامح الملك بوضوح عن استيائه التام وهو يستمع للرئيس الأمريكي يتحدث عن تهجير الفلسطينيين من غزة للأردن ومصر كأنهم أحجار في لعبة شطرنج يحركهم كما يشاء.
لكن من المهم الإدراك أن الملك كان يعرف تماما ما سيقوله ترامب، ولكنه اتبع خطة واضحة وذكية وهي عدم المواجهة العلنية المباشرة مع ترامب، لأن ذلك لن يؤدي إلى نتيجة. لكن ما حدث في الاجتماع المغلق كان مختلفا تماما. فالهدف الأردني كان ولا يزال بكل وضوح إفهام ترامب خطورة خطته على الأردن كما على الجانب الفلسطيني، وأن الأردن تبعا لذلك ليس مستعدا لقبول أي صفقة أو أي تهديد، مهما كانت الصفقة مربحة أو التهديد مؤلما، فالأمر في النهاية يمثل تهديدا وجوديا للأردن، وهو بالتالي ليس عرضة للصفقات. الخطة الأردنية تمثلت في أكل العنب وليس في قتل الناطور، وباعتقادي أن الملك نجح في إيصال الموقف الأردني بوضوح دون المواجهة المباشرة التي لن تنفع الأردن، ولن تنفع الجانب الفلسطيني أيضا.
من المهم الإدراك أن المؤتمر الصحافي الذي عقد جاء قبل اللقاء المغلق، ولم يكن متفقا عليه سابقا، بل باغت الوفد الأردني في اللحظة الأخيرة. بالرغم من ذلك، حافظ الملك على رباطة جأشه، والمعلومات التي رشحت من اللقاء تفيد أن الملك شرح لترامب أن هذه خطة لا يستطيع الأردن الموافقة عليها بأي شكل من الأشكال، وأن الأردن بالتعاون مع مصر والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة سيتقدمون بخطة متكاملة ومفصلة لإعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها.
ستة عشر شهرا من القصف والقتل والتدمير الإسرائيلي لم تنجح في إخراج الفلسطينيين من أرضهم، ولن تنجح في ذلك أيضا تصريحات لرئيس أمريكي تجاوز كل القوانين الدولية
واضح أن ذلك باغت الرئيس الأمريكي، إضافة للفتة الإنسانية المتمثلة في معالجة ألفين من الفلسطينيين في الأردن ممن بترت أطرافهم، ما أربك ترامب ودفعه للقول إن الولايات المتحدة ستنظر في هذه الخطة، وهو ما صرح به لاحقا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو.
لقد اتبع الملك أسلوبا يدرك كيف يخاطب الجانب الأمريكي، ورغم أن البعض أراد أسلوبا عاطفيا مواجها، إلا أنه من الواضح أن مخاطبة الجانب الأمريكي بلغة منطقية وبخطة مضادة للخطة الأمريكية هو الأسلوب الأنجع والأذكى والأكثر فعالية. تبعا لذلك، من الواضح أن الاجتماع، وبالرغم من صعوبته، حقق اختراقا يجب البناء عليه. على الأردن اليوم استثمار ما تحقق لمواصلة الحديث مع الجانب الأمريكي بانتظام من قبل المسؤولين المعنيين، لتحويل هذا الاختراق إلى إجهاض خطة ترامب نهائيا. وها هي الأخبار تطالعنا برفض أكثر من مئة وأربعين عضوا من الكونغرس لخطة ترامب، كما أن معلومات مؤكدة تشير إلى رفض العديد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين للخطة، ما يجب استغلاله لتعظيم فرص إزاحة الخطة جانبا وللأبد.
هناك موضوعان يجب التوقف عندهما. أولهما هذا التأييد الشعبي العارم والحاشد لموقف الملك في رفض التهجير. يقف الأردنيون والأردنيات اليوم صفا واحداً، بغض النظر عن اختلافاتهم ومشاربهم وأصولهم، وراء جلالة الملك والموقف الأردني، ويثبتون مرة أخرى أنهم لن يسمحوا بتهديد خارجي أن ينال من الأردن، وهو موقف يجب البناء عليه. لطالما تم الحديث عن ضرورة تحصين الجبهة الداخلية، وها هي هذه الجبهة تظهر للخارج والداخل صلابة الموقف الشعبي ووقوفه مع دولته حين تتعرض لضغوط خارجية. من المهم العمل لتحصين هذه الجبهة باستمرار، فهي الحصن المنيع أمام التهديدات الأمريكية والإسرائيلية.
اما الموضوع الثاني فهو نجاح الرئيس ترامب في بلورة موقف عربي موحد ضد خطته وهو ما لم يكن متوقعا، على الأقل بمثل هذه الصلابة. وفي حين أن قرارات القمم العربية عادة لا تؤثر كثيرا في مجريات الأحداث، إلا أن قرارات القمة المقبلة بالذات مرشحة لأن تكون في غاية الأهمية، خاصة إن خرجت بخطة مضادة مدروسة بعناية، وإن خرجت أيضا بدعم مالي للفلسطينيين، وللدول التي يمكن أن تتعرض لضغوطات مالية كالأردن ومصر. ولا شك أن الموقف السعودي الذي أعلن أن المملكة لن توقع اتفاقا مع إسرائيل دون الالتزام بدولة فلسطينية، وأعلن أيضا أن هذا الموقف ثابت وليس عرضة للتغيير، سيكون له أثر بالغ في واشنطن التي لا تزال تأمل في توقيع مثل هذا الاتفاق وترغب في تجاهل أي إشارة لحق الفلسطينيين في دولتهم.
لقد تجاهلت الخطة الأمريكية عدة حقائق أولها أن الولايات المتحدة لا تملك غزة ولا تملك الوسائل لتهجير الفلسطينيين، وأهمها أن ستة عشر شهرا من القصف والقتل والتدمير الإسرائيلي لم تنجح في إخراج الفلسطينيين من أرضهم، ولن تنجح في ذلك أيضا تصريحات لرئيس أمريكي تجاوز كل القوانين الدولية في تأييده لتطهير عرقي ينبذه العالم أجمع.
زيارة الملك ناجحة بكل المقاييس، وقد أثبت ومن ورائه كل الأردنيين والأردنيات أن أي تهجير لا يقايض بأية صفقات، فالاعتبار الوجودي للدولة الأردنية يعلو على أية صفقات.
وزير خارجية الأردن الأسبق
الذي تريدانة أمريكا والكيان الصهيوني من الدول العربية سيتم الموافقة علية. الدول العربية التي تم صناعتها من الدول الغربية ستقبل بأي مشروع غربي لانة يفرض عليهم وليس أمامهم سوى القبول. هذا من ناحية،
اما من الناحية الثانية، كل هذا التهريج لترحيل الفلسطينين ليس لا لصرف النظر عن كمية الجرائم التي حصلت في غزة. هل من احد يتكلم عن ما حصل لمدة 15 شهرا ؟ الكل يتكلم عن معاناة الأسرى الصهاينة خلال الاسر ، بينما ما حصل لغزة سيكون في طي النسيان.
رفض الإنتقاد ورفض إعطاء مساحة نقاش للرأي الآخر، الغرور، غياب الرغبة في رؤية الأمور من زوايا مختلفة، التأخر الطويل في تحديث حسابات الواقع حسب متغيرات الزمن، تجنب تفعيل وتعظيم منهاج التفكير العلمي المتشبع بروح النقد والبحث، تقزيم أسس ومخرجات أي حوار وطني أو مجتمعي أو إقليمي، عدم إنضاج ثقافة الحوار أفقيا ورأسيا، كل هذا يؤدي لما يمكن تسميته بالوعي الزائف… وعي زائف منتشر على المستوى الرسمي والنخبوي والشعبي، على مستوى الخواص والعوام، وعي زائف في فهم وإدراك حقيقة وواقع الأمور، وعي زائف في فهم تفاعلات الحاضر وإستشراف المستقبل… النضوج مسألة ذاتية…
تحياتي
في متاهة شرق المتوسط، منذ زمن صار الخلط بين الأسلوب والهدف، بين الأمنيات والواقع، بين المفهوم والغير معقول شائعا جدا في شرق المتوسط… في متاهة شرق المتوسط، الضحية واحدة والجلادون كثر…
تحياتي
يبدو وكأن المشهد يفرض حالة سباق، من يسبق أولا، من يأتي أولا: عودة الحرب المدمرة بأهداف صارت معلنة، أم إعتماد العرب لخطة عمل وإقناع الطرف المحلي بها، خطة عمل يمكن حشد تأييد سياسي وقبول ودعم دولي لها على طريق الإستقرار الطويل والإعمار وتحت سقف العنوان الكبير “دولة مستقبلية وإستقلال”… شعب بلا دولة هو شعب يقع في الفراغ وينثر في الهواء…
هل عرب اليوم هم عرب الأمس؟!…
هل يمكن صياغة عقد للتشبيك السياسي والدبلوماسي بين الأطراف العربية الفاعلة ذات العلاقة؟!…
من يأتي أولا…
تحياتي
المرشح لأن يسبق أولا هو من لديه إحساس أكثر بالزمن… الزمن الذي يمر بمتغيراته…
تقاس قيمة الشعوب بمقدار حركة الفكر فيها وبمدى إحساسها بالزمن… الدول والمجتمعات التي لا تريد أن تصبح فريسة للزمن، عليها أن تحرص مسبقا على أن لا تكون فريسة للأوهام…
من يبني آماله على الأوهام يجدها تتحقق في الأحلام…
تحياتي د. مروان
أول من يعرف أن خطة التهجير لا يمكن تنفيذها بأي شكل من الأشكال ، هو الرئيس الأمريكي ، سمسار العقارات والصفقات ، هذا الرئيس لم يطرح هذه الخطة إلا ليسمسر من ورائها الأنظمة العربية ، خاصة منها القابلة لمثل هذه السمسرة ، لأ ن الهدف من وراء كل هذه البهرجة والعنجهية ، ليس التهجير بل القضاء على المقاومة بكل فصائلها أولا كغكرة ومن تم كأسلوب نضالي وممارسة تحررية ، وهذه المهمة لم ينجزها الكيان الصهيوني الدعم والمساندة الغربية تمويلا وتسليحا ومشاركة ، لذا سيطلب من هده الأنظمة المطبعة والخانعة والمغلوب على أمورها وقراراتها ، أن تؤدي هذه المهمة ، إن هي أرادت أن تحافظ على دعمها العسكري ومساعدتها الإقتصادية ، هذه المهمة ستشبه إلى حد بعيد مهمة السلطة الفلسطينية برام الله ، لجم عنان المقاومة و تأمين أمن المستوطنات ، ولو اقتضى الأمر المواجهة والاعتقال والاقتتال بين الطرفين ، وسيطلب من هذه الأنظمة العمل على إخراج المقاومين من غزة لتفادي ما سماه الرئيس النعتوه بالجحيم…
تقول الحكمة من ينصحك صادقا فقد أحسن إليك… الحكمة هي النظر في الأشياء بحسب ما تقتضيه طبيعة البرهان… الوصول إلى الرأي السديد هو أمر غير ممكن بدون مشورة ونقاشات حرة… وأن لا يعرف شيئا أفضل له من أن يكتفي بمعرفة نصف الحقيقة… والحقيقة بحث وليس وصول، الحقيقة ثمينة جدا والأشياء الثمينة لا يتم إلقائها على الحشود… ومن لا تستطيعوا تعليمه الطيران، أخبروه على الأقل بأن يسرع بالسقوط!… النضوج مسألة ذاتية… ويبقى هناك أمل لا يموت…
تحياتي
كلام ملكنا كان في منتهى الحكمة والتريث .