الجزائر: الأزمة السياسية تراوح مكانها والمعارضة تحضر لإطلاق مبادرة جديدة

كمال زايت
حجم الخط
0

الجزائر – “القدس العربي”: دخلت الأزمة السياسية في الجزائر أسبوعا جديدا بدون أن يعرف المشهد السياسي أية تطورات جديدة، فالوضع مازال يراوح مكانه، فيما يتمسك كل طرف بموقفه استعدادا للمواجهة المقبلة، لكن أصبح جليا أنه مادام الحال على حاله فإن الأزمة لن تعرف أي انفراج، وأنه ما لم يقدم أي طرف من الأطراف تنازلات فإن الأزمة ستظل قائمة.

الأسبوع الماضي غطت عليه تداعيات قضية العلم والرايات التي جعلت قضية الباءات تتراجع إلى المركز الثاني، فالعشرات من المتظاهرين تم توقيفهم في مظاهرات الجمعة الماضية بعد رفعهم للرايات الأمازيغية، وآخرون اعتقلوا في اليوم التالي بعد أن تم تحديد هوياتهم باستعمال كاميرات المراقبة، وقد عرضوا بسرعة على قاضي التحقيق، الذي أمر بحبسهم على ذمة القضية، ووجه لهم تهمتين الأولى تتعلق برفع علم آخر غير العلم الجزائري، والثانية هي المساس بالوحدة الوطنية، وهي تهمة ذات طابع إجرامي، ويمكن أن تؤدي إلى سجن المتظاهرين لسنوات طويلة. ذلك الأمر أثار الكثير من الجدل، خاصة وأنه يتصل برفع رايات تمثل مكونا من مكونات الهوية المعترف بها دستوريا، وهي الهوية الأمازيغية، وليست راية منافسة للعلم الجزائري، لكن محامي المتهمين نور الدين بن يسعد أبدى تفاؤله بإمكانية مراجعة وكيل الجمهورية للتهمة الثانية، والإبقاء على تهمة رفع علم غير العلم الجزائري، وهي تهمة ليست ذات طابع إجرامي. هذا الجدل أثير عقب تصريحات للفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش بشأن منع رفع أي راية عدا العلم الوطني خلال المظاهرات.

الجميع كان ينتظر ما سيقوله الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش، الذي كان في زيارة هذا الأسبوع إلى الأكاديمية العسكرية بشرشال، والذي أكد أن المؤسسة العسكرية تنتظر من الشعب تفهما يرتقي إلى مستوى رصيد الثقة التي تجمعه بجيشه، موضحا أن “المؤسسة العسكرية تنتظر من الشعب في كل ربوع الوطن، بل في كل شبر من أرض الجزائر الشريفة، بأن ينظر إلى كل خطوة نخطوها، وإلى كل مسلك نسلكه، وإلى كل عبارة ننطقها، وإلى كل وجهة نتجه إليها، وإلى كل نهج ننتهجه (..) ننتظر من شعبنا تفهما يرتقي إلى مستوى رصيد الثقة التي تجمع الشعب بجيشه”.

وأوضح أن “من كانت الجزائر الأصيلة التي استشهد من أجلها الملايين من الشهداء وجهته الرئيسية، فلا شك أنه سيلتقي في هذه الوجهة السليمة مع الأغلبية الغالبة من الشعب الجزائري الأصيل”.

وذكر أن هناك صعوبات تعترض المسلك المنتهج من قبل الجيش، مؤكدا إلى أن “هذه العراقيل يقف وراءها أشخاص يرون في كل عمل جدي ومخلص للوطن مساسا بمصالحهم ومصالح أسيادهم (…) لقد اتضحت النوايا وتجلت التوجهات” (…) “والبقاء سيكون للأصلح”.

وجدد الفريق صالح التأكيد مرة أخرى، على أن الجيش سيواصل مرافقته للشعب إلى غاية إرجاع الأمور إلى نصابها والسمو بالجزائر إلى مكانتها المستحقة بين الأمم، انطلاقا من الإخلاص الذي تكنه المؤسسة العسكرية للجزائر وشعبها.

وشدد الفريق صالح مجددا على عدم وجود أي طموحات سياسية لقيادة الجيش، معتبرا أن المؤسسة العسكرية تطمح لخدمة البلد والمرافقة الصادقة لهذا الشعب، إلى غاية تجاوز الأزمة وبلوغ أعتاب الشرعية الدستورية، للتمكن بعدها من الانطلاق على أرضية صلبة ومنطلقا سليما وصحيحا”.

وفي اليوم الثاني من الزيارة قال الفريق صالح ان الحملة ضد الفساد والمفسدين ستتواصل بدون هوادة، قبل وبعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، وان هناك جهات تريد التشويش على عمل القضاء، بالترويج لفكرة أن الوقت غير مناسب للقيام بهذه الحملة، وأنه يتعين تأجيل هذه الحملة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، معتبرا بأن “رئيس الجزائر المستقبلي المنتخب سيكون سيفا على الفساد، وسيعمل على تحقيق آماله وتطلعاته المشروعة ولن أحيد عن ذلك أبدا”.

وأكد أنه “لا مهادنة ولا تأجيل لمسعى محاربة الفساد (…) والذي سيتواصل بكل عزم وصرامة وثبات قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة وبعدها”، مع التأكيد مرة أخرى، على أنه لا طموحات سياسية لقيادة الجيش، وأن المؤسسة العسكرية ستواصل مرافقتها للشعب إلى غاية إرجاع الأمور إلى نصابها، والسمو بالجزائر إلى مكانتها المستحقة بين الأمم.

في المقابل بدأت المعارضة في التحرك، إذ تعتزم أحزاب وشخصيات معارضة عقد ندوة في السادس من يوليو/ تموز المقبل من أجل اقتراح تصورات لحل الأزمة القائمة، ورغم أن اجتماعات المعارضة ليست حدثا في حد ذاتها، إلا أن تعيين الوزير السابق عبد العزيز رحابي منسقا لها لفت الانتباه، خاصة وأن اسم رحابي تردد على الكثير من الألسنة من أجل لعب دور ما في المرحلة الحالية، فبعض الأطراف ترشحه لتولي رئاسة حكومة تكنوقراطية تشرف على تسيير المرحلة التي تسبق تنظيم انتخابات رئاسية. وكتب رحابي على صفحته بموقع “فيسبوك” قائلا إنه قد تم تعيينه منسقا لهذه المبادرة التي تهدف إلى وضع تصور وآليات للخروج من الأزمة، والذهاب في آجالِ معقولة إلى تنظيم أول انتخابات رئاسية ديمقراطية في تاريخ البلاد.

وذكر أن هناك “اتصالات واسعة بدون أي إقصاء من أجل المشاركة في تنظيم هذا اللقاء في كل مراحله والانخراط في السعي للخروج من الأزمة”، موضحا أنه في إطار مهمة التنسيق التي كلّف بها لإدارة هذه المبادرة السياسية الشاملة والجامعة لوضع تصور وآليات للخروج من الأزمة والذهاب في آجال معقولة إلى تنظيم أول انتخابات رئاسية ديمقراطية في تاريخ البلاد”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية