الجزائر تتوعد بتقليص مساحة السفارة الفرنسية لديها بنسبة 85 بالمائة رداً على “تحرشات بإقامة سفيرها في باريس”

حجم الخط
24

الجزائر– «القدس العربي»: لا تستبعد الجزائر، ردّاً على مضايقات تتعرض لها إقامة السفير الجزائري بباريس، اتخاذ إجراءات تصل إلى حد تقليص مساحة السفارة الفرنسية بنحو 85 بالمائة من مساحتها الحالية، وهو إجراء في حال تم، سيؤكد عمق الأزمة غير المسبوقة في تاريخ البلدين.
وذكرت صحيفة «الخبر» الجزائرية واسعة الانتشار، استناداً لمصادرها، أنه «من المرجح أن تلجأ الجزائر لاتخاذ إجراءات في إطار مبدأ المعاملة بالمثل «المقدس» لديها»، فمن الممكن «أن يتم تقليص مساحة إقامة السفير الفرنسي بالجزائر العاصمة من 4 هكتارات إلى هكتار واحد، ومساحة مقر السفارة الفرنسية من 14 هكتاراً إلى هكتارين فقط». كما يرجح أيضاً استناداً للمصادر نفسها، «مراجعة قيمة استئجار مقرات البعثة الدبلوماسية الضئيلة، التي لم يتم مراجعتها منذ عقود لتصل إلى عدة ملايين، بالأورو طبعاً».
ويأتي التهديد بهذه الإجراءات رداً على قرار السلطات الفرنسية سحب مساحات ركن السيارات التابعة لإقامة السفير الجزائري ببلدية «نويي سور سان» بضواحي باريس، وإجراءات أخرى يمكن وصفها بالصبيانية، وفق ما ورد في مقال الصحيفة. بالإضافة إلى سحب فضاءات ركن السيارات، قررت مصالح البلدية التي يترأسها كريستوف فرومنتان، تسليط ضريبة سنوية لبوابة الحراسة المنصبة أمام مدخل الاقامة وحددت قيمتها بـ 11700 أورو (سنوياً). وأضافت الصحيفة أن «هذه القرارات هي ترجمة لخلو جعبة الجهة المقابلة من أي رد أمام صرامة الموقف الجزائري»، إذ لم تجد السلطات الفرنسية «غير التهجم على بعض السيارات الدبلوماسية وبوابة حراسة لا تتعدى مساحتها 2 متر مربع».

وتقع السفارة الفرنسية بالجزائر في بلدية حيدرة بأعالي العاصمة، وهي منطقة راقية لا تختلف فيها أسعار العقارات عن العواصم الأوربية. وتشغل السفارة مساحة ضخمة تتضمن مكاتب وإقامات للدبلوماسيين الفرنسيين وقنصلية الجزائر العاصمة. وسبق للأمين العام لمنظمة المجاهدين الراحل، سعيد عبادو، أن تحدث قبل سنوات عن أن السفارة الفرنسية لا تستحق كامل هذه المساحة، في إشارة دعا من خلالها إلى تقليص المصالح الفرنسية في البلاد.
وسبق للجزائر أن لوّحت باستعمال ملف العقارات في سياق استعراض أوراق الضغط الذي يمتلكها كل بلد عن الآخر. ففي مقال لها منتصف آذار/مارس الماضي، أكدت وكالة الأنباء الجزائرية أن موضوع الممتلكات العقارية الموضوعة تحت تصرف فرنسا داخل الجزائر هو «ملف لطالما تجاهلته باريس ويكشف بوضوح عن معاملة غير متكافئة بين البلدين». وجاء مقال وكالة الأنباء الرسمية ردّاً على «اتهامات صدرت من اليمين الفرنسي المتطرف تجاه الجزائر، بالاستفادة من المساعدات الفرنسية، وعدم احترام الاتفاقيات الموقعة بين البلدين».
وكشفت الوكالة التي تعبر عن التوجه الرسمي أن «هناك 61 عقاراً في المجموع تشغلها فرنسا على التراب الجزائري مقابل إيجارات جد منخفضة، ومن بين هذه الأملاك العقارية، مقر سفارة فرنسا بالجزائر الذي يتربع على مساحة شاسعة تقدر بـ 14 هكتاراً (140.000 متر مربع) بأعالي الجزائر العاصمة، مقابل إيجار جد زهيد لا يغطي حتى سعر غرفة الخدم بباريس». وأضافت: «أما إقامة سفير فرنسا، المعروفة باسم «ليزوليفيي» (أشجار الزيتون)، فإنها تتربع على مساحة 4 هكتارات (40.000 متر مربع) ومؤجرة بالفرنك الرمزي، على أساس سعر إيجار لم يتغير منذ سنة 1962 إلى غاية شهر أوت 2023. ولم تبد فرنسا قط للجزائر مثل هذا السخاء على ترابها». وتابعت تقول: «وهذا مجرد غيض من فيض، وما خفي أعظم».

تقع السفارة الفرنسية بالجزائر في منطقة  حيدرة، التي لا تختلف فيها أسعار العقارات عن العواصم الأوربية.. ومن الممكن “تقليص مساحة إقامة السفير الفرنسي من 4 هكتارات إلى هكتار واحد، ومساحة مقر السفارة الفرنسية من 14 هكتاراً إلى هكتارين فقط”

وتحدث المقال إلى جانب ذلك، عن «العديد من الاتفاقيات الثنائية لفرنسا؛ للاستفادة من مزايا كبيرة في الجزائر. أبرز مثال على ذلك هو اتفاقية 1968، التي تنظم وضع الجزائريين في فرنسا وتمنحهم نظام هجرة خاصاً مقارنة بالجنسيات الأخرى، ولا تكف باريس عن التنديد بهذه الاتفاقية متناسية ذكر الفوائد التي تجنيها منها، ولا سيما اليد العاملة الجزائرية التي ساهمت بشكل كبير في إعادة البناء والنمو الاقتصادي في فرنسا، في حين لا تستفيد الجزائر من أي امتياز مماثل في فرنسا».
وأردفت أن «المثال الصارخ الآخر على ذلك هو اتفاق 1994 الذي يضبط مختلف جوانب التعاون بين البلدين، لا سيما في مجال التجارة والاستثمارات. في الواقع، هذه الاتفاقيات سمحت بشكل خاص للمؤسسات الفرنسية بالاستفادة من ظروف جد مواتية للعمل في الجزائر، مع الحد بالمقابل من الفرص المتاحة بالنسبة للمؤسسات الجزائرية الناشطة في فرنسا. مرة أخرى، المزايا أحادية الطرف وتفيد بالدرجة الأولى الاقتصاد الفرنسي».
ويأتي هذا الفصل الجديد في وقت ينتظر أن تتعمق الأزمة أكثر فأكثر بين البلدين، بعد قرار محكمة الاستئناف في باريس طلب الإفراج المؤقت عن الموظف القنصلي الجزائري المحتجز في باريس بشبهة التورط في محاولة اختطاف الناشط المدعو أمير ديزاد. ونقلت، وفق ما أفادت به وسائل إعلام فرنسية، أن القضاة رفضوا كل صيغ الإفراج الممكنة، بما في ذلك فرض المراقبة بواسطة سوار إلكتروني على المتهمين الثلاثة، وبينهم الموظف القنصلي الجزائري. وكانت هذه القضية قد فجرت الأزمة من جديد بين البلدين بعد فترة تهدئة إثر مكالمة الرئيسين عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون، ثم زيارة وزير الخارجية الفرنسي جون نويل بارو إلى الجزائر.
وبعد اعتقال الموظف القنصلي بتاريخ 8 نيسان/أبريل 2025، احتجت الجزائر بشدة، واصفة ما جرى بـ»الممارسات القذرة» تجاه موظف قنصلي محميّ بالحصانة، حيث تمت معاملته «بطريقة مشينة ومخزية على شاكلة سارق»، حسب نَصّ بيان الخارجية الجزائرية. وقال كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بالجالية الوطنية بالخارج، سفيان شايب، في تصريحاته للتلفزيون الجزائري، إنّ «عملية التوقيف جاءت تحت ذريعة أن هاتفه المحمول (الموظف القنصلي) مرتبط بعنوان إقامة يحاذي إقامة أحد الخارجين عن القانون (أمير بوخرص).»
واتخذت الجزائر إثر ذلك قراراً بطرد 12 موظفاً قنصلياً فرنسياً في الجزائر، وهو ما قابلته باريس بالمثل مع استدعاء سفيرها في الجزائر، في قرار غير مسبوق للسلطات الفرنسية منذ استقلال الجزائر سنة 1962.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حمادة:

    سفارة فرنسا بمساحة 14هكتارا وأربع هكتارات مساحة إقامة السفير انه احتلال من نوع آخر

  2. يقول البعد عنك نار:

    ان هذه العلاقة تشبه إلى حد كبير العلاقات الهستيرية بين زوجين ، فلا هم متزوجين ولا هم طلقاء وكما تقول الأغنية الشعبية : القرب منك نار والبعد منك نار عذاب في عذاب …
    ولقد وصل يوم الحسم حينها يأخذ كل من الطرفين طريقه وبكل حرية دون العيش في عذاب الماضي ودون الخوض في آلام الحاضر واستبعاد كل مستقبل يجمع الغريمين …
    ورغم كل هذا يبقى مشكل الأولاد !!! ولذا فعلى الذين يختارون العيش في فرنسا ان يفهمون أنهم وللابد فرنسيون وكل ولائهم إلى هذا البلد والذين يختارون الرجوع إلى البلد الأم فالجزائر من واجبها التكفل بهم واعطائهم بسخاء حتى ينسوا ماضيهم الرغيد مع الشعب الفرنسي لان المشكل في الحقيقة ليس بين الشعبين الذان طالما تعاشروا وتزوجوا فيما بينهم واشتغلوا نفس الأشغال وناضلوا من اجل نفس الحقوق فهذه هي المأساة بعينها …
    وإذ أفكر هكذا استفقت من سباة عميق وفزعت لما رأيت لان الحل هو بين يدي الشعوب فالتذهب السياسة إلى الجحيم …😎

  3. يقول قوادري بلخير:

    المعاملة بالمثل والدولة الجزائرية حاليا اول مرة تعاقب فرنسا حفظ الله الرئيس تبون

  4. يقول ابن الوليد. المانيا.:

    اذا كان ولابد من ذكر المغرب.. للمقارنات الفارغة..
    .
    فالعالم يعلم كيف انتهت عملية لي الدراع بين المغرب
    وفرنسا.. والتي دامت تلاث سنوات..
    .
    ليس هذا وحسب … بل مع اسبانيا… ايضا..
    .
    والكل يعلم كيف رجعت العلاقة بين اسبانيا والجزائر الى طبيعتها..

    1. يقول عزيز الكوتامي:

      لا لي ذراع و لا غير ذلك ، كل ما في الأمر أنَّ فرنسا تريد العودة إلى افريقيا بعد طردها

    2. يقول Nabil Bahij:

      الأخ عزيز ماذا عن إسبانيا

    3. يقول ابن الوليد. المانيا.:

      فاعترفت بمغربية الصحراء.. 😀
      .
      واسبانبا كذلك.. وامريكا ايضا..
      .
      هل يعقل با رجل..

  5. يقول Abdou:

    بالله عليكم هل طريقة منطقية للرد على فرنسا، ما هذه السياسة العرجاء، لماذا تستمر الجزائر بالعناد بسبب الصحراء الغربية المغربية

  6. يقول يا سلام:

    كل هاد المشاكل و لكن لو فرنسا تغير رايها في مغربية الصحراء سوف يتغير أسلوب حكام الجزائر

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية