الجزائر – «القدس العربي»: أظهرت الجزائر توجهاً لإعادة بناء علاقاتها مع شركائها الأوربيين في مجال الطاقة، على ضوء المواقف الدبلوماسية الأخيرة للبلاد. وبات الغاز يشكل ورقة ضغط قوية في يد الجزائر، التي تعتبر من أهم مزودي سوق جنوب المتوسط بهذه المادة الاستراتيجية.
لم يعد الغاز مجرد سلعة رخيصة الثمن تبيعها الجزائر للأوربيين في عقود طويلة الأجل، بل تحول في ظل الحرب الروسية الأوكرانية إلى سلاح دبلوماسي فعال، يمكن استعماله في دعم مواقف البلاد من القضايا ذات الأولوية، وهو ما يمكن استنتاجه بوضوح من تصريحات المسؤولين الجزائريين في تعاملهم المختلف مع كل من إيطاليا وإسبانيا اللتين تربطهما بالجزائر أنابيب غاز، بعدما تدخلت السياسة لتفسد العلاقات مع مدريد مؤخراً.
وعكس الأيام الأولى للحرب التي تحفظت فيها الجزائر عن الرد على طلبات زيادة الإمدادات بالغاز، أصبح مدير شركة سوناطراك النفطية الجزائرية يصرح علناً بإمكانية أن تقوم بلاده برفع الصادرات للشركاء الأوروبيين وفق ما يتوفر لها من فوائض، وهو تطور لافت لم يكن ليصرح به هذا المدير لولا منحه الضوء الأخضر السياسي. وقبل ذلك، كانت الجزائر تراقب عن كثب الأحداث، مع الامتناع عن اتخاذ قرار يفسر لصالح دعم الأوروبيين في عقوباتهم الاقتصادية ضد روسيا، حتى إن مدير سوناطراك قرر مقاضاة صحيفة وضعت عنواناً لتصريحاته يفيد بأن الجزائر مستعدة لمساعدة الأوروبيين في مسألة نقص الغاز. لكن السفير الروسي نفسه في الجزائر، تحدث لوسائل الإعلام عن عدم وجود أي إشكال في رفع الجزائر صادراتها لأوروبا من الغاز، معتبراً المسألة تجارية بحتة ولا علاقة لها بالأزمة في أوكرانيا.
ومما قاله مؤخراً مدير سوناطراك توفيق حكار في حواره مع وكالة الأنباء الرسمية، إن الجزائر تتوفر حالياً على بعض المليارات (من الأمتار المكعبة الإضافية) التي لا يمكن أن تستخلف الغاز الروسي، لكن مع التأكيد في الوقت ذاته أنه “من خلال وتيرة استكشافاتنا فإن قدراتنا ستتضاعف في غضون أربع سنوات مما ينبئ بآفاق واعدة مع زبائننا الأوروبيين”.
لكن في حال زيادة التموين، فإن العلاقة لن تكون مثل السابق. وذكر مدير سوناطراك في هذه النقطة، أنه لا يستبعد تطبيق زيادة في أسعار الغاز المباع لإسبانيا تحديداً. وقال: “الجزائر قررت منذ بداية الأزمة في أوكرانيا التي أدت إلى انفجار أسعار الغاز والبترول الإبقاء على الأسعار التعاقدية الملائمة نسبياً مع جميع زبائنها. غير أنه لا نستبعد إجراء عملية مراجعة حساب للأسعار مع زبوننا الإسباني”.
ومع أن مدير سوناطراك لم يوضح أسباب مراجعة الأسعار مع إسبانيا دون غيرها، إلا أن الإجابة لن تكون بعيدة عن التطورات الأخيرة بين الجزائر ومدريد بعد قرار إسبانيا تغيير موقفها من قضية الصحراء الغربية باتجاه دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية. ودخلت العلاقات بين البلدين أزمة غير مسبوقة في تاريخهما، حتى إن الجزائر استدعت سفيرها في مدريد لتصبح العلاقات الدبلوماسية شبه متوقفة بين البلدين.
والمعروف أن الجزائر تبيع إسبانيا وإيطاليا بأسعار تفضيلية عبر عقود طويلة الأجل تم تجديدها قبل 3 سنوات، وهي أسعار لا علاقة لها بسوق الغاز قصير الأجل الذي ينقل عبر الناقلات البحرية والذي شهد طفرة غير مسبوقة. لذلك، توصف الجزائر عند البلدين بالشريك الموثوق والآمن في مجال الطاقة، فهي تضمن النقل عبر أنابيب بحرية ولم تتخلف يوماً عن تزويد البلدين حتى في ظل ظروفها الأمنية الصعبة سنوات التسعينيات.
وبخلاف إسبانيا، تظهر الجزائر تقارباً كبيراً مع إيطاليا التي تشترك معها في الكثير من المواقف الدبلوماسية خاصة الأزمة في ليبيا. وانعكس ذلك بوضوح في مسائل الطاقة، فقد أعلنت أول أمس سوناطراك أنها تباحثت مع عملاق النفط الإيطالي إيني حول إمكانية رفع إمداد إيطاليا بالغاز على المديين قصير ومتوسط الأجل، وذلك بمناسبة زيارة المدير العام لمجمع إيني كلوديو ديسكالزي للجزائر.
وكان الرئيس الإيطالي قد زار الجزائر قبل أشهر رفقة وفد وزاري هام وتم التوقيع على مشاريع مشتركة. ولعل أبرز ما تريده الجزائر من إيطاليا مساعدتها على زيادة الاستكشافات النفطية والغازية والاستثمار في مشاريع طاقة جديدة. وتعتزم الجزائر استثمار 40 مليار دولار ما بين 2022 و 2026 في مجال الاستكشاف والتنقيب والإنتاج، في وقت تركت الاكتشافات الأخيرة المقدرة بحوالي مليار برميل، انطباعاً في حال تواصلت هذه الوتيرة، بأن عصر النفط لم ينته بعد في الجزائر.
وحتى قبل الحرب في أوكرانيا، كانت الجزائر قد استعملت ورقة الغاز في خلافها مع المغرب، بعد قرار قطع العلاقات بين البلدين. ورغم عدم التصريح العلني بأن الأسباب سياسية، إلا أن قرار وقف العمل بأنبوب الغاز المار عبر المغرب نحو إسبانيا نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2021، تزامن مع الانزعاج الشديد للجزائر من تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد من على الأراضي المغربية العدائية ضدها بالإضافة لقضية برنامج بيغاسوس للتجسس الذي استعمل ضد مسؤولين جزائريين وغيرها من مبررات قطع العلاقات التي قدمتها الخارجية الجزائرية، مما جعل وقف العمل بالأنبوب أشبه بالرد السياسي أو العقوبة من قبل الجزائر.
هناك خلط كرونولوجي للاحداث .. للاسف ..
.
ورد في المقال : “أن قرار وقف العمل بأنبوب الغاز المار عبر المغرب نحو إسبانيا نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2021،
تزامن مع الانزعاج الشديد للجزائر من تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد من على الأراضي المغربية ”
.
و هذا قد يعطي الانطباع ان سبب قطع الانبوب و العلاقة و الجو .. هو تصربح الوزير .. و هذا غير صحيح …
.
فنظام الجزائر قطع كل شيئ عدى الاكسيجين بفترة زمنية كبيرة قبل التطبيع .. وقبل تصريح الوزبر ..