الصورة من حساب رئاسة الجمهورية الجزائرية بفيسبوك
الجزائر- “القدس العربي”:
قرّرت الجزائر وجنوب أفريقيا تطوير علاقتهما الثنائية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، وفقا لما ورد في بيان مشترك صدر عقب زيارة الدولة التي قام بها رئيس جمهورية جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، إلى البلاد.
وعقب انتهاء الزيارة التي وصفت بالتاريخية، قال البيان المشترك للرئيسين الذي صدر مساء الأحد، إن رئيسي البلدين قرّرا رفع مستوى العلاقات إلى “شراكة إستراتيجية” من خلال التوقيع على إعلان شراكة إستراتيجي، وذلك “في خطوة لترقية العلاقات الثنائية”.
واعتبر البيان أن الزيارة عكست “الروابط التاريخية العميقة بين البلدين، والمتجذرة في نضالهما المشترك من أجل الحرية والعدالة”، مبرزا في الوقت ذاته “الأهمية الإستراتيجية للشراكة بين الجزائر وجنوب أفريقيا”.
ووفق المصدر ذاته، فقد تطرقت المحادثات بين الرئيسين إلى سبل تعزيز التعاون الثنائي، حيث أشادا بالصداقة المتينة التي تجمع البلدين وضرورة “ترجمتها إلى شراكة اقتصادية مستدامة”. وأكد البيان على أهمية مجالات التعاون ذات الأولوية، من بينها: الاقتصاد والتجارة، الطاقة والمناجم، الفلاحة، التعليم، الدفاع والأمن، البنى التحتية، التكنولوجيا الرقمية، الصحة، التعاون الثقافي، وتبادل الخبرات العلمية والتقنية.
كما نوّه الرئيسان بالتقدم المحرز منذ الدورة السادسة للجنة الثنائية السامية للتعاون المنعقدة في 2015، واتفقا على ضرورة وضع “خطة عمل محددة الآجال” لتحقيق أهداف التعاون المشتركة تحضيرا للدورة المقبلة للجنة. وفي هذا الإطار، اتفق الطرفان على تشجيع الاستثمار وتعزيز التبادل التجاري عبر منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية. كما رحّبا بإنشاء مجلس أعمال مشترك، ودعيا القطاع الخاص في البلدين إلى اغتنام الفرص المتاحة.
وبالمناسبة، أشرف الرئيسان على توقيع مذكرات تفاهم وبروتوكولات تعاون في مجالات: القانون والقضاء، الاقتصاد، المقاولاتية، الابتكار، علوم وتقنيات الفضاء، والبحوث الزراعية. كما أشار البيان إلى التقدم المحرز في إعداد سبع مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية تشمل قطاعات: السياحة، الشؤون الاجتماعية، الأرشيف، الموارد المائية، المالية، والبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، على أن يتم التوقيع عليها لاحقا بعد استكمال الإجراءات من الجانب الجنوب أفريقي.
ووفق البيان، وجّه الرئيس رامافوزا دعوة لنظيره الجزائري عبد المجيد تبون للقيام بزيارة دولة إلى جنوب أفريقيا، حيث سيترأسان معا أشغال الدورة الثامنة للجنة الثنائية السامية للتعاون المرتقبة سنة 2025 في بريتوريا. وأعرب الرئيس الجنوب أفريقي عن تقديره للمحادثات المثمرة التي أجراها خلال زيارته، مؤكدًا التزامه بتمتين واستدامة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين.
وفي نص الوثيقة، تم الإشارة إلى “الخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس رامافوزا أمام البرلمان الجزائري بغرفتيه”، حيث شدد على التضامن الإستراتيجي بين البلدين وضرورة تعزيز التعاون للنهوض بالتحول الاجتماعي والاقتصادي في أفريقيا، وتنفيذ أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي. كما جدّد الرئيسان التزامهما بمبادئ الحرية والتضامن والسعي للإنهاء الكامل للاستعمار في القارة الأفريقية.
وكان رامافوزا، قد ركزّ في خطابه أمام البرلمان الجزائري على الظاهرة الاستعمارية، حيث تتقاسم الجزائر وجنوب أفريقيا، كما هو معلوم، نفس الموقف بخصوص دعم القضيتين الفلسطينية والصحراوية. وذكر أن الجزائر وجنوب أفريقيا “كلاهما عانى من ويلات الاستعمار واضطهاده ومصادرة الأراضي، وكلاهما يمتلك رصيدا نضاليا ضد الاستعمار”، مجدّدا شكر بلاده العميق للجزائر نظير وقوفها إلى جانب جنوب أفريقيا في مكافحة نظام التمييز العنصري. واعتبر أن شعب جنوب أفريقيا “أصبح اليوم حرا بفضل مساهمة الجزائر في حريته”، مشيرا إلى أن الجزائر كانت “أول بلد زاره الزعيم الراحل نيلسون مانديلا غداة إطلاق سراحه”، حيث قال: “الجزائر هي التي صنعت مني رجلا”.
وشدّد رئيس جمهورية جنوب أفريقيا على أن بلاده والجزائر “تتخذان موقفا حازما في دعم الشعبين الصحراوي والفلسطيني”، مشددًا على ضرورة أن “تنتهي الآن” حرب الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة. وأوضح أن الجزائر وجنوب أفريقيا “تدركان معنى أن يكون شعب ما تحت وطأة الاستعمار”، ما يجعلهما “تقفان موقفا حازما لدعم الشعب الفلسطيني”، مؤكدا أن حرب الاحتلال على قطاع غزة “يجب أن تنتهي الآن”.
وذكر أن بلاده اتخذت خطوة مهمة من خلال رفع مرافعة قانونية إلى محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال الصهيوني، مبرزا أن الاحتلال “يرتكب عمليات إبادة جماعية ضد المدنيين في قطاع غزة”. وأضاف: “قتل النساء والأطفال، قصف المنازل والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية هي وصمة عار. لا يمكننا السماح بمثل هذه التجاوزات، ولدينا مسؤولية أخلاقية لوقف هذه الإبادة”.
وأشار إلى أن هذه التطورات “حفّزت جنوب أفريقيا، الدولة البعيدة جغرافياً عن فلسطين، للجوء إلى محكمة العدل الدولية دعما للفلسطينيين”. وتابع: “قمنا بهذا لأن نيلسون مانديلا قال: حريتنا لن تكتمل حتى ينال الفلسطينيون حريتهم الكاملة وحقهم في تقرير المصير”.
وبشأن القضية الصحراوية، أكد الرئيس رامافوزا أن الجزائر وجنوب أفريقيا “تواصلان الالتزام بدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره”، مشيدا بـ”الدعم الثابت الذي تقدمه الجزائر لنضال الشعب الصحراوي”.
لا تخيفنا