أنطاكيا – «القدس العربي»: بهدف وقف الانتهاكات بحق المدنيين في مدينة رأس العين وريفها، غربي الحسكة، أعلنت فصائل تابعة لـ»الجيش الوطني» عن تشكيل لجنة لرد الحقوق إلى أصحابها، وذلك بعد أكثر من عام على سيطرة الفصائل على منطقة عملية «نبع السلام».
وعلى غرار لجنة «رد المظالم» التي شكلها ما يعرف بـ»الجيش الوطني» الموالي لأنقرة، في منطقة عمليات «غصن الزيتون» أعلنت فصائل منضوية في «الفيلق الثاني» التابع لـ»الجيش الوطني» المدعوم تركياً، عن تشكيل اللجنة، وأوضح بيان أن الهدف من اللجنة، «إحقاق الحق وإعطاء كل ذي حق حقه». ويتكون الفيلق الثاني من فصائل عدة أهمها فرقة السلطان مراد، وفرقة الحمزة، ولواء المعتصم، ولواء صقور الشمال وجيش الإسلام وفيلق الرحمن.
وقال الشيخ محمد الخطيب، المسؤول في «الجيش الوطني» عن متابعة لجان رد الحقوق في الشمال السوري، إن اللجنة تم تشكيلها بالتوافق بين الفصائل المنتشرة في رأس العين وريفها. وأَضاف لـ»القدس العربي» أن اللجنة مكونة من مندوبين عن الفصائل، إلى جانب الشرطة العسكرية، التي تشكل الذراع الأمنية للجنة، وذلك لتنفيذ ما يصدر عنها من قرارات.
وحول عمل اللجنة، قال الصحافي علي النجار، الموجود في رأس العين، إن اللجنة ستقوم باستقبال ومتابعة الشكاوى المقدمة من الأهالي للشرطة العسكرية.
وأوضح في حديثه لـ»القدس العربي» أن هناك شكاوى كثيرة على عسكريين تتعلق بوضع اليد على عقارات ومساحات من الأراضي الزراعية، وأملاك أخرى تعود لمدنيين، ومهمة اللجنة متابعة كل ذلك.
وحسب النجار، فإن اللجنة ستقوم برد كل الحقوق للمدنيين، بعد التوثق من الأدلة على الملكية، وكذلك ستبحث في الشكاوى بين العسكريين أيضاً . وشهدت منطقة عمليات «نبع السلام» انتهاكات توصف بأنها «واسعة» وغالباً ما يُتهم عناصر من الفصائل بالوقوف خلفها، وشهدت المنطقة كذلك أكثر من جولة اقتتال بين الفصائل، لأسباب متصلة بالانتهاكات.
وقال مصدر أهلي من رأس العين، إن الأهالي لا زالوا بعد مضي أكثر من عام على دحر التنظيمات الكردية، يعانون من غياب عامل الأمان، إلى جانب استمرار الانتهاكات من العسكريين، ومصادرتهم للممتلكات، وتنفيذ الاعتقالات بذريعة التعاون مع الأحزاب الكردية. وأضاف لـ»القدس العربي» طالباً عدم ذكر اسمه، كذلك يبدد الاقتتال بين الفصائل الذي يتجدد من حين لآخر، والمفخخات التي لا تكاد تنقطع، ونقص الخدمات، من الشعور بالاستقرار لدى غالبية الأهالي.
وحول أصداء تشكيل «لجنة الحقوق» قال المصدر: «لا زال الحكم باكراً على عمل هذه اللجنة، وخصوصاً أن أمامها عملاً طويلاً بسبب كثرة الشكاوى على مصادرة الممتلكات للمدنيين، بحجة أنها تعود للأحزاب الكردية» معتبراً أن نجاح عمل اللجنة يعتمد على دعم الجيش التركي لها. وبرأي المصدر، فإن انصياع عناصر الفصائل لقرارات اللجنة، مرهون بمدى انخراط الجيش التركي فيها، وقال: «لن تستطيع هذه اللجنة فرض قراراها على قيادي عسكري، دون التلويح بالقوة من قبل الجيش التركي» كما قال.
وحسب مصادر سورية، فقد سجلت مدينة رأس العين وريفها نهاية عام 2019، نزوح أكثر من 250 ألف شخص من الأهالي، بينهم كرد وعرب ومسيحيون ومسلمون، إلى مدن أخرى مثل الحسكة وعامودا والقامشلي والدرباسية، وأقاموا في المخيمات أو المدارس، كما لجأ قسم منهم إلى العراق، وتتهم المصادر ذاتها الفصائل بالاستيلاء على جميع ممتلكاتهم من منازل ومحال وأراض زراعية.
من جانب آخر، تعيش مناطق «نبع السلام» واقعاً اقتصادياً متردياً، فالمنطقة باتت مغلقة باستثناء المعابر نحو تركيا، والغلاء يسود الأسواق. ويعتمد اقتصاد منطقة «نبع السلام» على الزراعة المروية بشكل رئيسي، وأسهم ارتفاع سعر المحروقات وغلاء المستلزمات الزراعية في تراجع الإنتاج الزراعي بشكل كبير، ما أدى إلى زيادة الفقر بين سكان المنطقة الذين تقدر أعدادهم بنحو 150 ألف نسمة. كذلك أثرت الحالة العسكرية والأمنية السائدة، على الثروة الحيوانية، وتحديداً الأغنام التي تُشتهر بها المنطقة، حيث تناقصت أعدادها بسبب نقص مساحات المراعي وارتفاع أسعار الأعلاف.
يذكر أن الجيش التركي، كان قد أعلن في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، عن بدء عملية «نبع السلام» بهدف تطهير منطقة شرق الفرات من العناصر «الإرهابية» تمهيدًا لإنشاء «منطقة آمنة» وفي 17 من الشهر ذاته، توقفت العملية بعد اتفاق تركي- أمريكي، أعقبه بأيام اتفاق تركي-روسي.