الخرطوم- عادل عبد الرحيم: الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية أكملت شهرها التاسع في البلد العربي الإفريقي، لتمتد إلى 9 ولايات في الوسط والغرب من أصل 18، دون أن تفضي إلى حسم عسكري أو سلام مأمول.
إذ انطلقت منتصف أبريل/ نيسان الماضي، شرارة الحرب من العاصمة الخرطوم، وانتهى بها الأمر لتنتقل للمرة الأولى في شهرها الثامن إلى ولاية الجزيرة (وسط) المتاخمة للعاصمة والمعروفة بكثافتها السكانية وأهميتها الاقتصادية والزراعية، فضلا عن كونها أوت آلاف النازحين من الصراع.
وبعد انضمام “الجزيرة” إلى خريطة تمدد الصراع التي كانت تضم ولاية الخرطوم و5 ولايات في دارفور (غرب) و3 ولايات بكردفان (غرب)، باتت ولايات أخرى مهددة باندلاع القتال فيها بعد تعرضها لقتال متقطع بين الجيش و”الدعم السريع” مثل ولايات النيل الأبيض (جنوب) وسنار (جنوب شرق) ونهر النيل (شمال).
غير أن الحرب بين الطرفين شهدت انعطافا بارزا بانتشار “الدعم السريع” في ولاية الجزيرة وسيطرتها على عاصمتها الشهيرة “ود مدني” في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد معارك مع قوات الجيش استمرت نحو 4 أيام، انتهت بإعلان الأخير انسحاب قواته من المدينة، ليقرر بعدها إجراء تحقيق في الأسباب والملابسات التي أدت لهذا الانسحاب.
بعد إعلان “الدعم السريع” سيطرتها على ولاية الجزيرة وعاصمتها، ازداد الرفض السياسي والشعبي لنقل الصراع بين الطرفين إلى الولاية، كما انطلقت دعوات شعبية في “الجزيرة” والولايات المتاخمة لـ”حماية الأرض والمال والعرض” بمسميات عديدة بينها “المقاومة الشعبية المسلحة”، عقب انتشار أعمال نهب وسلب واعتداءات جسدية منسوبة لأفراد القوات شبه العسكرية.
ازدادت حالات التبليغ عن “انتهاكات قوات الدعم السريع” بالمناطق التي انتشرت فيها داخل ولاية الجزيرة، وقوبلت هذه الانتهاكات بإدانات محلية ودولية، بينما كان رد “الدعم السريع” عبر بياناتها المتكررة بالنفي، ملقية المسؤولية على “متفلتين خارجين عن القانون”.
الحرب التي يخوضها الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” منذ أبريل الماضي، خلفت أكثر من 13 ألف قتيل وما يزيد على 7 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
أثارت “الانتهاكات المستمرة” المنسوبة لأفراد “الدعم السريع” المزيد من الغضب الشعبي، لترتفع وتيرة الدعوات لحمل المواطنين السلاح لحماية أنفسهم وممتلكاتهم، لا سيما في ولايات بينها نهر النيل والشمالية (شمال)، والنيل الأبيض (جنوب)، وكسلا والقضارف والبحر الأحمر (شرق)، وسنار (جنوب شرق).
ومنذ سيطرة “الدعم السريع” على مدينة ود مدني، شهدت هذه الولايات حشودا شعبية و”تعبئة عامة” لمواجهة القوات شبه العسكرية التي باتت تصنفها السلطات الرسمية “منظمة إرهابية”، وهي خطوة قوبلت بمباركة الجيش السوداني وإشرافه.
ففي 5 يناير/ كانون الثاني الجاري، قال البرهان إن “الشعب السوداني كله يقف مع الدولة ومع قواته المسلحة ويحمل السلاح للدفاع عن الوطن”، مضيفا: “نحن لن نتوانى في تدريب وتسليح كل قادر على حمل السلاح”.
البرهان الذي يشغل أيضا منصب القائد العام للقوات المسلحة السودانية، أكد أنه “من حق كل مواطن أن يدافع عن نفسه وداره وماله وعرضه”، مستدركا: “لأن المرتزقة (في إشارة للدعم السريع) استهدفوا المواطنين ونهبوا ممتلكاتهم وهجروهم من منازلهم وحاربوهم بكل وضاعة”.
يعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوداني عثمان فضل الله، أن “مجريات الحرب الحالية موجهة للمواطن بشكل رئيسي، فحوادث النهب والسلب والانتهاكات والاعتداءات الجنسية في الخرطوم ومن بعدها ولاية الجزيرة، أشاعت حالة من الرعب وسط سكان الولايات المهددة بانتقال الحرب إليها”.
ووفق فضل الله الذي تحدث للأناضول، فإن تسليح المواطنين لحماية ممتلكاتهم وأعراضهم من الانتهاك في حالة عدم قدرة الجيش على حمايتهم “أمر لا غبار عليه بل تفرضه الضرورة”.
وتابع: “بالنظر إلى ما يجري على الأرض، فإن تسليح المواطنين لحماية أنفسهم أصبح حملة تحشيد وتسليح بغرض جعل المواطن جزءا من الاصطفاف السياسي الماثل، وهي محاولات تتخذ من مخاوف المواطن وقودا لإشعال المزيد من نيران الحرب”.
وأبدى فضل الله، خشيته من أن “حملات التسليح الشعبي تمضي في ولايات وإثنيات بعينها”، باعتبار أن هذا الأمر “مؤشر على أن البلاد ستنزلق إلى شقاق مجتمعي وتدفع دفعا إلى حرب أهلية”.
ومحذرا من مخاطر “الخطاب التعبوي والشعبوي للمواطنين”، قال المحلل السياسي السوداني إن “مشكلة هذا الخطاب أنه قد يقوم على ضلعين غاية في الخطورة وهما العنصرية والخطاب الديني المتطرف”.
وأشار إلى أن “السودان شهد نزاعات قبلية كثيرة من قبل، وتوفر السلاح حاليا بأيدي المواطنين ربما يزيد من دموية تلك النزاعات”.
أما الكاتب والمحلل السياسي السوداني عمار الباقر، فيرى أن “دعوات التسليح التي يتبناها طرفا الصراع الهدف منها مصادرة الحريات والصوت المدني المناهض للحرب”.
وقال الباقر للأناضول، إن “الشعب السوداني قد يلجأ إلى الدفاع عن نفسه، وذلك لدرء الخطر الناجم عن دخول المليشيات (الدعم السريع) إلى المدن والقرى الآمنة، ولكن لن يتطور الأمر إلى أبعد من ذلك”.
وتابع: “غالبا سوف يلجأ الشعب إلى أساليب المقاومة الشعبية عبر الأدوات السلمية كما حدث في ولاية الجزيرة، حيث قام السكان المحليون بإغراق الأراضي بالمياه لتعطيل مركبات مليشيا الدعم السريع من الوصول إلى قراهم”.
ومع استمرار الحرب بين الجيش و”الدعم السريع”، لم تفلح جهود سعودية أمريكية وأخرى إفريقية بقيادة الهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد” في إيقاف الصراع بين الطرفين أو الحيلولة دون زيادة المعاناة الإنسانية التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها “أحد أسرع الأزمات العالمية نموا”.
وتشترط الخرطوم لبدء أي مباحثات جديدة بتنفيذ “إعلان جدة” وإخلاء قوات الدعم السريع منازل المواطنين والأعيان المدنية التي تحتلها وتستخدمها مراكز عسكرية.
وكانت مفاوضات سابقة بين الجيش و”الدعم السريع” في جدة أسفرت في مايو/ أيار الماضي، عن أول اتفاق بينهما حمل اسم “إعلان جدة”، وشمل التزامات إنسانية وعدة شروط، منها “الالتزام بالإجلاء والامتناع عن الاستحواذ واحترام وحماية كل المرافق الخاصة والعامة كالمرافق الطبية والمستشفيات ومنشآت المياه والكهرباء، والامتناع عن استخدامها للأغراض العسكرية”.
(الأناضول)
السودان بلد عريق و طفل الخليج ابن زايد يخربه كما خرب مصر و ليبيا و اليمن و غيرهم من البلاد حتى في افريقيا و الحل هو كف هذا الطفل عن تخريب بلاد العرب