استاءَ الكثير من الجزائريين من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي. ألقى ماكرون خطابا في قصر الإليزيه أمام حوالي 120 فرنسيا من أصول جزائرية يُسمَّون في الجزائر «الحَرْكَى» أو «الحَرْكيين» وعائلاتهم. وهؤلاء جزائريون انضموا بالآلاف (لا توجد إحصائيات دقيقة) خلال الفترة الاستعمارية وحرب الاستقلال إلى صفوف الجيش الفرنسي وتعاونوا معه إداريا وعسكريا ضد مجتمعهم وأهاليهم وشاركوا في ملاحقة الثوار والمتعاونين معهم.
مع إعلان الاستقلال في صيف 1962، بعد حرب دامية استمرت قرابة ثمانية أعوام، طُرد الفرنسيون، مدنيون وعسكريون، وتركوا وراءهم «الحَرْكَى» فريسة للخوف والذل والعار والاجتماعي، ولانتقام الأهالي الذين نكّل بهم الاستعمار وقتل ذويهم ودمّر حياتهم بمساعدة «الحَرْكَى».
تفيد وثائق سرّية فرنسية، مدنية وعسكرية، جرى الإفراج عنها حديثا، أن الحكومة الفرنسية في صيف 1962 أمرت وزراءها بترك «الحَرْكَى» في الجزائر. كما وجّه الرئيس شارل ديغول بمعاملتهم معاملة اللاجئين وفرز مَن تتوفر فيهم صفات اللجوء ومَن لا تتوفر فيهم. وتكشف أيضا أن بعض الضباط الفرنسيين خرجوا عن أوامر رؤسائهم واصطحبوا معهم بعض «الحَرْكَى» ثوابًا على تعاونهم وخدماتهم.
يروي شهود عيان جزائريون أن موضوع «الحَرْكَى» في ذلك الصيف من تلك السنة كان مأساة حقيقية، لأن الأمر لم يقتصر على رجال اختاروا طريقهم وكان عليهم أن يتحمّلوا تبعات اختيارهم، بل على عائلات ونساء وأطفال وعجزة نزل عليهم خبر نهاية الحماية الفرنسية لهم كالصاعفة. يقول شهود أيضا أن بعضهم تعلَّق بالمراكب وهي توشك على مغادرة ميناء العاصمة وغيرها من المدن الساحلية الجزائرية مثلما تعلّق مئات الأفغان بطائرات سلاح الجو الأمريكي وهي تتأهب للإقلاع من مطار كابل الشهر الماضي.
يُعتقد أن نحو 30 ألف «حَرْكي» نجحوا في الوصول إلى فرنسا ذلك الصيف من أصل 80 ألفا أرادوا المغادرة. لحظة الوصول إلى فرنسا كانت بداية المأساة وليس النهاية. فقد وضعتهم السلطات الفرنسية لشهور، بل سنوات في حالة البعض، في مراكز احتشاد قذرة ينخرهم الجوع والحيرة والخوف، يحرسهم عسكر وبوليس مدجّجون بالسلاح ويمنعونهم من الخروج. هذه المعاملة الفرنسية البائسة تؤلم «الحَرْكَى» وأبناءهم وأحفادهم اليوم أكثر مما تؤلمهم المطاردات التي عاشوها في الجزائر قبيل نجاحهم في الخروج منها. المصير الذي انتظرهم في فرنسا هو ما يعجز هؤلاء الناس عن الشفاء منه. وفي نضالهم من أجل رد الاعتبار، يذكرون غدر فرنسا بهم أكثر من انتقام الجزائر منهم. ربما إيمانا بأنهم خانوا الجزائر فعاقبتهم، وهو أمر انتظروه، وخدموا فرنسا فخذلتهم، وهو أمر مفاجئ وخيانة لم تخطر لهم على بال.
تخلل خطاب ماكرون الكثير من العواطف والاعتراف بخيانة «الحَرْكَى» وتخلِّي فرنسا عنهم عندما كانوا في أشد الحاجة إليها. ثم انتهى بالاعتذار باسم الدولة الفرنسية ووعَد بقانون ينظم تعويضات مادية ومعنوية سيرى النور قبل نهاية العام الجاري.
«الحَرْكَى» قضية فرنسية داخلية أولاوأخيرا. هم فرنسيون خذلتهم الدولة الفرنسية وتريد اليوم تعويضهم. الغضب الشعبي الجزائري (رسميا لم يصدر موقف) في غير محله
ركز ماكرون خطابه على خذلان فرنسا لهؤلاء الناس، دون الخوض في ما تعرّضوا له في الجزائر من مطاردة وتنكيل وتهميش.
رغم ذلك، وكما كان متوَقَّعا، استاء الجزائريون وراح بعضهم يقارنون بين امتناع ماكرون عن الاعتذار للجزائر عن جرائم الاستعمار، وسهولة اعترافه بالذنب والاعتذار من أناس خانوا مجتمعهم، بينما طاردت فرنسا مواطنيها المتعاونين مع الاحتلال الألماني أثناء الحرب العالمية الثانية وحاكمت مَن استطاعت منهم.
لا يحتاج الأمر إلى ذكاء عميق لتفسير هذه الثنائية: اعتذار فرنسا من الجزائر يحتاج إلى ضغط (lobbying) سياسي رسمي وأهلي قوي من الجزائريين.. والجزائريون لم يضغطوا وحكومتهم لم تطلب رسميا الاعتذار. واعتذارها من «الحَرْكى» ينبع من كون الدولة الفرنسية لا تجد غضاضة في الاعتراف والاعتذار عندما يتعلق الأمر بقضية رأي عام داخلية، مهما كانت القضية ثانوية ومهما تأخر الاعتذار فيها.
هذا ما يقودنا إلى صلب الموضوع: «الحَرْكَى» قضية فرنسية داخلية أولاوأخيرا. هم فرنسيون خذلتهم الدولة الفرنسية وتريد اليوم تعويضهم. الغضب الشعبي الجزائري (رسميا لم يصدر موقف) في غير محله. في الجزائر، و رغم أنه يشكّل إلى اليوم «وصمة» اجتماعية في جبين عائلات، وحتى عروش بأكملها، تعاونت مع الاستعمار الفرنسي أو تُتهم بذلك، أصبح موضوع «الحَرْكَى» ثانويا وربما الأخير في ترتيب قضايا الفترة الاستعمارية الكثيرة والمعقّدة. الجزائريون يتذكرون هذا الموضوع فقط عندما تثيره فرنسا، ويطرحونه في اتجاه أنهم يرفضون الصفح عنهم ويكرهون أن تنصفهم فرنسا.
هناك أيضا حقيقة الزمن والعمر. مَن يقاتلون اليوم من أجل رد الاعتبار هم «الحَرْكَى» الأبناء والأحفاد، لأن جيل الأباء انقرض إذ أن الأب الذي كان عمره حوالي الثلاثين أثناء الاستقلال في 1962، يحوم اليوم حول التسعين إذا كان لا يزال حيًّا. والأبناء لا يتحملون بالضرورة خطايا آبائهم. ولا تربطهم بالجزائر سوى تلك العلاقة المسمومة والقطيعة المعنوية العنيفة التي يريدون الشفاء منها. والمعروف عنهم أنهم أقل حنينا للجزائر وأقل احتراقا لزيارتها من آبائهم ومن الفرنسيين المسيحيين واليهود الذين وُلدوا على أرضها.
الذين يعتقدون أن فرنسا حسمت قضية «الحَرْكَى» بسهولة مخطئون. لقد تلكأت 60 عاما وترددت ووعدت ثم أخلفت فوعدت مجددا، إلى أن وصل ماكرون للرئاسة. هذا التأخر الكبير والخذلان يجد تفسيره في كون «الحَرْكَى» فئة هامشية غير مؤثرة انتخابيا في فرنسا، وغير مفيدة سياسيا وضارة اقتصاديا (أغلبهم عاشوا على المساعدات الحكومية بلا مؤهلات وظيفية وقضوا عمرهم ينتظرون علاوات الماضي والحاضر). كما أن موضوع الخيانة ضارب في أعماق الضمير الجمعي الفرنسي وليس سهلا التعامل معه. يعود الأمر إلى الحرب العالمية الثانية عندما احتلت ألمانيا النازية فرنسا في صيف 1940. آنذاك لم يجد الألمان أفرادا ومجموعات من العملاء الفرنسيين، بل حكومة وسلطة قائمة بذاتها بقيادة الماريشال فيليب بيتان، واتخذت من مدينة فيشي (وسط فرنسا) مقرا لها طيلة أربعة أعوام.
في البداية كان موضوع «الحَرْكَى» جرحا غائرا في الجسدين الجزائري والفرنسي. لكنه مع الوقت أصبح مشكلة فرنسية داخلية لا تعني الجزائريين، فعليهم التحرر منها بمناقشتها بموضوعية وهدوء بعيدا عن العواطف والشحناء.
كاتب صحافي جزائري
لم تعتذر فرنسا عن الجرائم التي اقترفتها إبان الاستعمار و في فجر الاستقلال كاجراء التجارب النووية في الصحراء الجزائرية. النظام الجزائري لا يهتم لانه مشغول بتقرير مصير الشعب الصحراوي الذي قرر مصيره منذ 1975 .
السؤال هو: لماذا ماطلت فرنسا كل هذه السنوات لكي لا”تنصف” هؤلاء الحركى (أو الحركيون Harkis) الذين قاتلوا من أجل رايتها ؟ هل كانت بذلك تحاول تفادي دفع تعويضات لهم؟ هل كانت تنتظر من الجزائر أن تصفح عنهم أو على الأقل أن تصفح عن أبنائهم واحفادهم الذين ليس لهم ذنب فيما اقترفه أباؤهم؟ ثم ماذا تغير الآن لتلتفت فرنسا (وعلى رأسها ماكرون ) أخيرا لمطالبهم؟ هل أصبحوا حقا قوة انتخابية يضرب لها ألف حساب، وكذلك قوة ضغط بفضل احتلال أبنائهم لمناصب مهمة في مفاصل الدولة والاقتصاد والمجتمع الفرنسي، وذلك بعد أن كان الآباء يعيشون فقط على الإعانات الاجتماعية التي تمنحها الدولة الفرنسية، ويتصفون باﻷمية على غرار الرعيل الأول من المهاجرين المغاربيين الذين هاجروا أو تم أخذهم عنوة إلى فرنسا ليشتغلوا في مختلف الأعمال الشاقة التي يحجم عنها الفرنسيون؟ ثم هل أصبح الحركى أهم عددا ونفوذا في فرنسا من الجالية الجزائرية التي تقدر بالملايين؟
الى احد المعلقين من الكرفة . أقول له:. الاهانة . التي ما بعدها اهانة . هي لما تقيم لجلادك بالامس تمثالا من البرانز في اكبر وارقى شوارع عاصمة بلدك . وتقدم التحية في كل لحظة وحين لعلم فرضه عليك . بينما قبر اول مجاهد . اول ثائر من اجل تحرير وطنك مجهول ومنسي ..؟ هذه هي الطامة الكبرى…3) توضيح وتصويب والى السيد الاستاذ العراقي صاحب مقالة الحركي 1) هذه ثورة وليست حرب فرق بين الثورة والحرب.( الحرب الفوة متكافئة .. الثورة تعيير شامل وهوما كانت انطلقت من اجل تحقيقة الثورة الجزائرية ) 2) الثورة الجزائرية انطلقت ليلة اول نوفمبر 1954 اللا غاية 19 مارس 1962 .. اما سنة 1956 كانت بالنسبة للثورة ؛ للقضية الجزائرية طعنة في الظهر( حادثة الطائرة والقادة الخمس) .
3) دفع الشعب الجزائري ب 10 ملايين شهيدا عبر 132 سنة من الاستدمار. وليس الاستعمار .اى من سنة 1830 الى غاية 5جويلية 1962 ثمنا للحرية والانعتاق. منها مليون ونصف مليون من الشهاء خلال الثورة التحريرية ( 1954 -1962) بمعدل 535 شهيدا في كل يوم . او 27 شهيدا في كل ساعة ثمن باهظ للحرية والانعتاق. لم يقدمه اى شعب. لان الحرية تؤخذ ولاتعطى.
تكريم الحركى لم يثر اهتمام احد في الجزائر الا بعض الصفحات على الفايس بوك … مثلما تكرم فرنسا من ساعدها على الهزيمة و الخروج من الجزائر …تكرم الجزائر من كانوا سببا في استقلالها و هروب الفرنسيين
لو كان هناك فقط تعويض ومنح للجوء لقلنا أن فرنسا تصفي فقط مشكلة داخلية عالقة منذ سنوات، (على غرار الأفغان المتعاونين مع الأمريكان )، لكن فرنسا قامت بتكريم وقدمت اعتذارا رسميا ووعدت بإعادة الاعتبار المعنوي والمادي للحركى…وفرنسا لم تقم بهكذا إجراء ات إلا لصالح اليهود ضحايا المحارق النازية…
أحداث تاريخية مبهمة .كل يلاغي بلغاه