الخرطوم رحبت بالمبادرة الأمريكية وأعلنت تمسكها بمنبر جدة وتستفسر من واشنطن بشأن دعوة التفاوض مع «الدعم السريع» في جنيف

محمد الأقرع
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: سلّمت الحكومة السودانية ردها للولايات المتحدة الأمريكية بشأن دعوتها للتفاوض مع قوات الدعم السريع في الرابع عشر من أغسطس/ آب المقبل، وجاء من خلال 5 نقاط تمثل تحفظات واستفسارات حول مفاوضات جنيف.
وأوضح بيان لوزارة الخارجية السودانية قائلا إن «رد الحكومة السودانية عبّر عن الشكر لكل الجهود المخلصة لإنهاء الحرب التي شنتها مليشيا المتمرد محمد حمدان دقلو الإرهابية على الشعب السوداني. وجدد الاستعداد للانخراط في أي مفاوضات لإنهاء احتلال مليشيا التمرد الإرهابية للمدن والقرى ومساكن المواطنين والمرافق العامة والخاصة وفك الحصار عن المدن وفتح الطرق للمساعدات الإنسانية. وأكدت الحكومة أنها هي الأحرص على صون دماء السودانيين وحفظ كرامتهم. لذا ستتعاون مع أي جهة تسعي لذلك».
وأضاف البيان:»أوضحت الحكومة في ردها أن أي مفاوضات قبل تنفيذ إعلان جدة، الذي ينص على الانسحاب الشامل ووقف التوسع، لن تكون مقبولة للشعب السوداني الذي يتعرض للتشريد والتقتيل والاغتصاب والتطهير العرقي ونهب ممتلكاته. ولفتت النظر إلى أن طرفا واحدا يعتدي يوميا على المدن والقري والمدنيين. وبدلا من فتح منابر جديدة، طالب الرد بإجبار المتمردين والمرتزقة على وقف عدوانهم المستمر، على المدن والقرى وفك الحصار عن المدن وفتح الطرق وذلك بفرض العقوبات التي تردعهم وداعميهم، إذ أن أطراف المبادرة هم ذات أطراف منبر جدة، والموضوعات هي متطابقة لما تم الاتفاق عليه.»
وأشار الرد لضرورة «التشاور المسبق مع الحكومة السودانية حول شكل وأجندة أي مفاوضات، والأطراف التي تشارك فيها أو تحضرها، مع التأكيد على أن يكون منبر جدة وما تم فيه من اتفاق هو الأساس.»
وطلبت الحكومة السودانية في ردها بعقد اجتماع مع حكومة الولايات المتحدة للتمهيد الجيد لمفاوضات السلام بما يحقق الفائدة التي يتوقعها الشعب السوداني منها.
وفي هذا الإطار قال وزير الخارجية السوداني حسين عوض في تصريحات صحافية، إن الخرطوم سلّمت واشنطن ردها على مبادرة إجراء مفاوضات في سويسرا، مشيراً إلى أن ترحيب السودان بالمبادرة وجميع مبادرات وقف الحرب.
وأوضح أن الخرطوم متمسكة بمنبر جدة لأنه وضع الإطار الصحيح للحل في السودان، لافتاً إلى أن تشتيت منبر جدة بمبادرات جديدة لن يساهم في إيجاد أرضية للحل.
ويذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد أطلقت دعوة لعقد جولة جديدة للتفاوض بين الجيش وقوات الدعم السريع في الرابع عشر من أغسطس/ آب القادم بهدف وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية وتطوير آلية مراقبة ورصد للتحقق حالة توقيع اتفاق.
وكان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي» أعلن ترحيبه بالدعوة الأمريكية وأكد استعداده للانخراط في المفاوضات.

المبعوث الأمريكي والأطراف المتحاربة

وفي السياق، أوضح المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيريلو أن مفاوضات جنيف القادمة مصممة لبحث اتفاق متعلق بوقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة بصفتها العسكرية، لذلك قُدمت الدعوة إلى قادة الجيش والدعم السريع.
ودعا خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة الكينية نيروبي، مساء الإثنين، الجيش إلى أخذ الدعوة إلى مفاوضات جنيف على محمل الجد.
ورأى بيريلو، أن غالبية ساحقة من الشعب السوداني بما فيهم داعمو الجيش يريدون رؤية قادتهم يذهبون إلى المفاوضات، كاشفاً عن تواصلهم مع البرهان ومرونتهم في التعامل على مدار عدة أشهر مع قيادة الجيش. مشيراً في الوقت نفسه إلى تواصله مع قائد الدعم السريع وتلقيه موافقته للذهاب إلى مفاوضات جنيف. وأشار إلى عرض قدم للجانبين بخصوص عقد اجتماعات تمهيدية مكثفة للتحضير للمفاوضات
وأوضح بيريلو، أنه يتلقى بشكل متكرر من السودانيين سؤالا حول إمكانية استخدام البند السابع في مجلس الأمن الدولي، وقال: «إن الذين يراقبون مجلس الأمن ربما يرون عدم وجود إرادة سياسية لاستخدام هذا النهج فيما يخص السودان».

هجمات بالمسيّرات

وفي التطورات العسكرية، نفذت قوات الدعم السريع هجمات بالطائرات المسيرة على مباني حكومية في ولايتي النيل الأبيض ونهر النيل، بينما استمرت المعارك في مدينة الفاشر غربي البلاد.
وقال مصدر ميداني، لـ«القدس العربي» إن مُسّيرة انتحارية استهدفت مجمع الهندسة في جامعة الإمام المهدي بمدينة ربك في ولاية النيل الأبيض جنوب البلاد.
بالتزامن، أسقطت الدفاعات الجوية التابعة للجيش مُسيرتين بالقرب من مباني الأمانة العامة لحكومة ولاية نهر النيل والجهاز القضائي في الدامر شمالي السودان ليل الإثنين. فيما لم تسجل أي إصابات أو خسائر.
وأوضحت لجنة أمن الولاية، إن المسيرتين أسقطهما الجيش، ووقعت الأولى فوق أعلى مبنى الحكم المحلي والثانية في السور دون حدوث أية إصابات أو خسائر بشرية، لافتة أن الهجوم نتج عنه اشتعال نيران محدودة تعاملت معها شرطة الدفاع المدني بصورة سريعة وتمكنت من إخمادها.
وقالت اللجنة في بيان الثلاثاء: « تثبت مليشيا آل دقلو المتمردة بهذا الهجوم استمرارها في نهج العدوان والإرهاب الذي لن تجني من ورائه سوى الهزيمة الساحقة بعزيمة القوات النظامية والمقاومة الشعبية ووحدة الشعب السوداني وصلابته».
إلى ذلك، أفاد سكان محليون «القدس العربي» أن السلطات الأمنية طوقت موقع الحادثة، مشيرين إلى أن المُسّيرات عبرت حي الشاعديناب وشوهدت على ارتفاع قريب من المنازل من اتجاه الجنوب إلى الشمال حيث مباني رئاسة الولاية.
وقال السكان إن التيار الكهربائي انقطع في المدينة مباشرة بعد الحادثة قبل أن يعود لاحقاً، كذلك بعض شبكات الاتصال.
وكانت المضادات الأرضية اسقطت الأحد، ثلاث طائرات مُسّيرة كانت تريد استهداف قاعدة «كنانة» الجوية في النيل الأبيض دون وقوع خسائر.
ويقول خبراء عسكريون، إن مسّيرات الدعم السريع هي مسيرات خفيفة الوزن مصنوعة من البلاستيك ومزودة بمحرك تستطيع من خلاله أن تحلق مسافة 500 كلم وتعمل بنظام التوجيه عن طريق (جي بي اس) وهي غير دقيقة في إصابة أهدافها.
وفي سياق المعارك، تواصلت الاشتباكات بين الجيش والحركات المسلحة المساندة له وقوات الدعم السريع ومليشيات القبائل المتحالفة معها، وقال شهود عيان لـ«القدس العربي» إن الجيش أحرز تقدما كبيرا في شمال وشرق المدينة، بينما لجأت قوات الدعم إلى قصف الأحياء السكنية والمستشفيات والأسواق بالمدفعية الثقيلة.
وكشفت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر أن عدد الضحايا الذين سقطوا في المدينة جراء استهداف مدفعية الدعم السريع للأحياء السكنية والأسواق خلال الأيام الثلاثة الماضية بلغ 43 طفلا و13 امرأة، و9 رجال بالإضافة إلى عدد آخر من المصابين.
وأفاد ناشطون محليون، عن استهداف الدعم السريع للمستشفى السعودي ما أدى إلى مقتل وإصابة كوادر طبية ومرافقين للمرضى بالإضافة إلى تدمير جزئي طال المباني والمعدات الطبية.
وقال نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، طوبي هارورد، إنه من غير المقبول استمرار قصف المرافق الطبية في مدينة ‎الفاشر. وأضاف في تغريدة على منصة إكس، أن الهجمات على البنية التحتية المدنية، مثل المستشفيات، تشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي وقد ترقى إلى جريمة حرب.
كذلك أوضح والي شمال دارفور المكلف، أن قصف الدعم السريع، للمستشفى السعودي بمدينة الفاشر، أسفر عن سقوط 3 قتلى وإصابة أكثر من 20 آخرين.
وفي منحى آخر، شهدت مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان معارك بين الجيش والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، وذكرت تقارير صحافية أن الجيش تصدى لهجوم نفذته حركة الحلو في منطقة «التومات» شرق المدينة وتمكن من غنيمة عتاد عسكري بعد فرار القوى المهاجمة.
ويشار أن قوات الحلو دخلت في مواجهات عنيفة مع الجيش في الفترات الماضية في منطقة جنوب كردفان وولاية النيل الأزرق، وفشلت جهود الوساطة من حكومة جوبا في الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية.
وفي صعيد مختلف، أصدرت سلطة الطيران المدني السودانية نشرة طيارين «نوتام» عبر المكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للطيران المدني بالقاهرة، تعلن فيها عن فتح المسار الشرقي أمام حركة عبور الطيران بدءاً من اليوم الأربعاء. وكانت السلطات السودانية أغلقت المجال الجوي بالتزامن مع اندلاع الحرب في البلاد منتصف أبريل/نيسان الماضي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية