الخوف سلاح جديد يقتل سكان غزة.. “القدس العربي” تروي قصصا من الواقع الأليم

أشرف الهور
حجم الخط
0

غزة- “القدس العربي”:

لم يعد الموت وحده هو ما يرعب سكان قطاع غزة بعد عودة إسرائيل لاستئناف الحرب وارتكاب المجازر الدموية، بل أصبح انتظار الموت أو الإصابة، وأصوات الصواريخ لها ذات التأثير، على جميع السكان الذين عادوا يعانون من مشقة الحرب والنزوح والقتل والتدمير.

شل الحركة وإغلاق المساجد

وخوفا من الغارات التي تشتد يوما بعد يوم، توقف السكان عن الذهاب إلى المساجد، لأداء صلاتي العشاء والتراويح، وباتت الحركة ليلا وتحديدا بعد أذان المغرب، مقصورة فقط على ذوي الحاجة الملحة.

وفي هذه الأوقات، يلتزم السكان والنازحون في الخيام أو في مراكز الإيواء، أماكن إقامتهم حتى قبل موعد الإفطار، وقليلا منهم من يخرجون، بسبب الانتشار المكثف للطيران الحربي الإسرائيلي فوق أجواء قطاع غزة، وخاصة الطيران المسير “كواد كابتر”.

وبعد أن جرى إزالة الردم وبقايا الزجاج المحطم من مساجد قطاع غزة، التي تعرضت لأضرار جسيمة أو جزئية، وعاد روادها من المصلين مع بداية شهر رمضان، عادت هذه المساجد لتغلق أبوابها، مع تجدد الحرب، ولم تعد تستضيف أي فعاليات رمضانية، بعد أن كان السكان يتهيأون لبدء إحياء الليالي العشر الأخيرة من الشهر الفضيل.

ويقول محمد برغوث، الذي يقطن في مدينة خان يونس، إنه في فترة التهدئة وتوقف إطلاق النار، كان كثيرا ما يحرص على التنقل من المنزل إلى السوق، وكذلك إلى أحد المساجد القريبة من منزله، وأنه كان يحرص على البقاء من بعد صلاة العصر حتى قرب آذان المغرب في المسجد، يقرأ القرآن ويصلي، قبل أن يعود مجددا عند آذان العشاء للمشاركة في صلاة التراويح، لكن هذا الرجل وهو في بداية الخمسينيات، قال إنه لم يعد يفارق منزله إلا للضرورة القصوى منذ أن عادت الحرب من جديد.

ويشير خلال حديثه لـ”القدس العربي” إلى أن حجم الخوف والرعب من الغارات الجوية، وعدم القدرة على التنبؤ بما سيحدث، بعد كم التهديدات الإسرائيلية الكبيرة لغزة، يجعله كباقي السكان يعيش الرعب والخوف على مدار الساعة، لافتا إلى أن أسابيع التهدئة الماضية جعلت سكان غزة يتنفسون هواء لا تعلوه رائحة البارود والدماء.

ويقول المسن أبو العبد النجار، الذي يقيم في إحدى مناطق النزوح غربي مدينة خان يونس، إنه ورجال المنطقة كانوا يصلون في مكان قريب عبارة عن خيمة واسعة، منذ بدء شهر رمضان، وكان الجميع يحرص على صلاة التراويح. ويشير لـ”القدس العربي”، إنه منذ عودة الحرب لم يعد أي منهم يذهب إلى مكان صلاة الجماعة، وقد تحدث عن لحظات الرعب التي عاشها وأسرته في الساعات الأولى لعودة الحرب، وقال إنه منذ ذلك الوقت لم يشهد حجم الخوف طوال فترة الحرب السابقة التي امتدت لأكثر من 15 شهرا.

وفي مناطق أخرى وسط وشمال قطاع غزة، توقفت حركة المواطنين بشكل كبير، بما في ذلك الذهاب إلى المساجد، خشية من استهدافها وارتكاب مجازر.

الخوف من القادم

وبدا الخوف من القادم يهيمن على جميع سكان القطاع، في ظل التهديدات الإسرائيلية بتوسيع رقعة الهجمات والتوغلات البرية، وظهر ذلك جليا في تعليقات السكان على مواقع التواصل الاجتماعي. وكتب حساب باسم ندا على موقع “فيسبوك”: “الخوف إلي بنعيشه هالأيام أضعاف إلي عشناه أول الحرب، الواحد حاسس قلبه هيوقف من الخوف والمصير المجهول”، وأضافت: “بنتشاهد على ارواحنا، من فكرة الموت بأي لحظة”. أما صفا عودة التي تقطن مدينة رفح فكتبت: “للأسف عادت الحرب مرة أخرى، مدينتي رفح الآن تتعرض لقصف شديد ونزوح ما بقي من سكانها، ونحن لا  نعلم ما هو مصيرنا، الخوف والقلق مسيطر علينا، متى سينتهي هذا الكابوس؟”.

أما عبد الماجد مصدق، فكتب وهو يصف الحالة التي يمر بها سكان غزة في هذا الوقت: “رفح.. تهجير تحت وقع العدوان والقصف المستمر، من نزوح لنزوح، من موت إلى موت، من جحيم إلى جحيم”.

هذا وذكرت عائلة الشابة هيا مرتجي، أنها لم تتحمل ما حصل في أول الغارات التي عادت بها قوات الاحتلال للحرب على غزة، فتوقف قلبها من شدة القصف حول منزلها، وقد جرى إدخالها إلى غرفة العناية المكثفة.

وهناك قصص كثيرة أخرى عن حالات الخوف التي يعيشها السكان، بفعل الغارات الجوية العنيفة، وقال أحد أرباب الأسر وسط قطاع غزة لـ”القدس العربي”، إنه لم يعد يترك منزله إلا لقضاء أشياء مهمة، وأنه لا يريد أن يحدث معه أو مع أفراد أسرته أي مكروه، وهم بعيدون عن بعضهم البعض، ويؤكد أنه كغيره من السكان يشعر بصدمة كبيرة، ولا يقدر على مواساة أطفال العائلة، الذين يفزعون ليلا من أصوات الطائرات والغارات الجوية.

ويخشى هذا الرجل والمكني بأبي محمد ويقطن في مخيم النصيرات، من عمليات نزوح جديدة، بناء على أوامر من جيش الاحتلال. ويشير إلى أنه وأسرته نزحوا أربع مرات في فترة الحرب السابقة، حين كانت قوات الاحتلال تهاجم المناطق الشمالية للمخيم، وقد استذكر أيام إقامته المريرة في خيام النزوح، وأضاف: “الي بيحصل في مناطق الشمال وفي مدينة رفح، وتهديدات الاحتلال بتخلينا نخاف من إلي بنتظرنا”، وأضاف: “ما في أمان في أي مكان، والخوف هذه المرة أكثر بكثير من المرة السابقة”.

أوضاع صعبة

وكان جيش الاحتلال أمر سكان أحياء كثيرة من مدينة رفح، إضافة إلى بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا شمال القطاع، بالنزوح القسري، وقبل ذلك هدد أحياء تقع شمال مدينة غزة بالنزوح، بعد أن هدد جميع سكان المناطق الشرقية للقطاع.

ووفق تقارير عبرية، فقد كشفت عن وجود مخطط إسرائيلي لشن هجوم بري كبير على غزة، يتضمن إرسال عشرات الآلاف من الجنود لاحتلال مساحات شاسعة من القطاع، بناء على خطة رئيس الأركان الجديد الجنرال إيال زامير.

وكان الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش، قال إن الحرب الجديدة ضد غزة، ستكون عملية تدريجية جرى التخطيط لها خلال الأسابيع الأخيرة، وأنها ستبدو مختلفة تماما عن السابقة.

وبسبب تجدد الحرب والتهديدات الإسرائيلية، وخشية من الأيام القادمة، أعلنت وزارة التربية والتعليم في غزة، عن وقف الدوام الوجاهي في مدارس غزة والنقاط التعليمية.، وجاء ذلك بعدما أعلن عن استشهاد فتاة، خلال ذهابها إلى أحد المراكز التعليمية لتلقي الدروس، جراء غارة إسرائيلية استهدفت المكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية