«الدكتور عوني»… العودة بالأحداث إلى الوراء

كثيرا ما يتضارب طريقا العلم والروحانيات، لأنهما طريقان متضادان، فالعلم مبني على نظريات مادية مستندة إلى حقائق وقوانين علمية بحتة، وعالم الروحانيات يستند إلى أمور غامضة غير مفهومة، يستعصي فهمها على رجل العلم والتجربة مثل عوني بطل رواية «الدكتور عوني» للكاتب العراقي رياض المولى.
اختار المولى شخصيته الرئيسية «الدكتور عوني»، طبيب نفسي عراقي درس في العاصمة الأسكتلندية أدنبرة وتخرج في إحدى جامعاتها العريقة ليعود إلى بلده العراق، ويواصل مهنته الإنسانية في معالجة النفوس العليلة.
«الدكتور عوني» هو الشخصية المحورية الرئيسية للعمل الروائي والركيزة الأساسية لأحداثها، إضافة إلى شخصية «هادي» السكرتير الشاب البصراوي القادم من جنوب العراق الجميل، الذي سيكون بيت أسرار الدكتور وخادمه المخلص والأمين.
الرواية طرحت أفكارا جديدة ربما تطرق لأول مرة في عمل روائي عراقي بحت. الأولى فكرة استحضار الجن ودخول عالم الأرواح، حيث يقرر الدكتور عوني أن دخول هذا العالم الغامض، عن طريق تجربة شخصية يقوم بها، رغم المخاطر المحدقة به. والثانية فكرة السفر عبر الزمن وإمكانية العودة منه، حيث يستيقظ الدكتور عوني بعد أن أغمي عليه أثناء جلسة تحضير للأرواح قام بها في منطقة صحراوية غير آهلة بالسكان ليكتشف أن عشرة أعوام من عمره انسلخت فجأة حيث يجد أن كل شيء في العراق قد تغير، بدءا من النظام الحاكم والأوضاع، فبعد إن كان هذا البلد آمنا ينعم بالاستقرار يجده الان نهبا للعصابات والإرهاب والتناحر الطائفي وضياع الأرواح وغيابا تاما للقانون. وهنا يسلط رياض المولى الضوء على ما حصل في العراق من أزمات وصراعات بعد سنوات التغيير. يعيش الدكتور عوني حالة من الاكتئاب بعدما شاهد البلد نهبا للعصابات والمجاميع الإرهابية وكذلك تعرضه للكثير من المواقف الغريبة، التي من شأنها أن تعزز في داخله فكرة العودة بالزمن للوراء ومحاولة معرفة ما حصل خلال السنوات العشر الماضية، أي منذ بداية التسعينيات وحتى سقوط النظام في 2003، لذا يقرر فجأة السفر إلى لندن عند أحد الأطباء العراقيين الذين تتلمذوا على يديه ليقرر عمل جلسة تنويم مغناطيسي يحاول من خلالها العودة للماضي. وهنا نلاحظ أن الكاتب يخوض تجربة العودة بالاحداث إلى الوراء عن طريق السفر عبر الزمن.
الرواية كتبت بأسلوب مميز بعيد عن الإسهاب والتكرار. الأسلوب جاء متماسكا من حيث الفكرة الرئيسية والشخصيات، مع المحافظة على مسارها الروائي وفقا للأحداث، وهذا ما يميز رياض المولى في جميع أعماله الروائية الأخرى.
صدر للأديب العراقي رياض المولى في مجال الرواية: «منعطف الرشيد»، «الدكتور عوني»، «جذور القصب».

 صحافي من العراق

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية