النائب الديمقراطي جمال بومان والانتصار للحق الفلسطيني

على خطى عضو مجلس الشيوخ الأمريكي بيرني ساندرز، يقود الآن النائب جمال بومان ممثل الحزب الديمقراطي عن ولاية نيويورك، الجهود الحثيثة لإقناع إدارة بايدن بتغيير نهجها المنحاز نحو إسرائيل، والتوجه نحو اعتماد مجموعة خطوات مهمة لإحلال السلام في الشرق الأوسط. هذه الأصوات الشجاعة، التي كانت من ضروب الخيال قبل عقد من الزمان، أصبحت أمرا عاديا هذه الأيام.
الفضل في ذلك، والحق يقال، للاختراق الذي مثله عضو مجلس الشيوخ بيرني ساندرز، الذي رشح نفسه للانتخابات الرئاسية 2016 و2020، وأطلق جدلا كبيرا، خاصة على مستوى النخب السياسية، عندما بدأ يتحدث عن الفلسطينيين وحقوقهم، وضرورة الضغط على إسرائيل كي لا تستخدم المساعدات الأمريكية لتعزيز الاستيطان والاعتداء على المدنيين. ومناظرته الشهيرة مع المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون في 12 فبراير 2016 كانت صرخة عالية ضد مؤسسة الحزب العميقة المؤيدة لإسرائيل. لقد أحدث ثورة حقيقية داخل الحزب الديمقراطي، حزب الأغلبية، الذي يضم الفقراء والأقليات والمهاجرين والمثليين والليبراليين واليساريين والشباب غير العنصري وغالبية النساء، بفضل ذلك التحول الكبير وانخراط الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية وأنصار القضية في العمل الميداني في الولايات المتحدة وصل الكونغرس شباب وشابات في العقد الأخير يحملون وعيا مختلفا عن القضية الفلسطينية، وتقف على رأس هؤلاء مجموعة نسائية كان الرئيس السابق ترامب يطلق عليهن «عصابة الأربع»: إلهان عمر ورشيدة طليب والأكسندرا أوكاسيو كورتيز، وأيانا بريسلي.، وقد أعيد انتخابهن جميعا في الانتخابات الأخيرة رغم جهود المؤسسات الصهيونية الحثيثة لإسقاطهن.

على خطى ساندرز : يقود النائب عن ولاية نيويورك، الجهود الحثيثة لإقناع إدارة بايدن بتغيير نهجها المنحاز نحو إسرائيل

جمال بومان ورسالة النواب الأربعة عشر

قاد جمال بومان، وبتشجيع ومشاركة من السناتور الكهل بيرني ساندرز و12 نائبا، بتحرير رسالة قوية لإدارة بايدن سلمت لوزير الخارجية أنتوني بلنكين، يدعو فيها إلى اتخاذ خطوات جادة ومتوازنة إذا أرادت هذه الإدارة أن تحقق السلام في الشرق الأوسط. وهذه الرسالة تعتبر أهم تحول حقيقي داخل الحزب الديمقراطي، وتعكس التغير الأخير الذي نشرته شركة استطلاع الرأي غالوب (Gallup) المشهورة، يوم 16 مارس الماضي وجاء فيه أن نسبة تأييد الفلسطينيين لدى الحزب ارتفع من 38% السنة الماضية إلى 49% بزيادة 11 نقطة خلال سنة واحدة، ما يدل على تحول جذري عميق لدى قاعدة الحزب الديمقراطي. تطالب الرسالة إدارة الرئيس بايدن بإجراء تغييرمنهجي في تعامل الإدارة مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وتطالب بتحول في سياسة الولايات المتحدة، تتضمن إقرارا بأن تفاقم العنف، وضم المزيد من الأراضي، وإنكار حقوق الفلسطينيين لن يحقق السلام، وأن تحقيق السلام يتطلب حماية الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ومنح حق تقرير المصير لجميع الفلسطينيين والإسرائيليين.. «وبهذا يمكننا تحقيق سلام دائم»، كما جاء في الرسالة.
وطالبت الرسالة إدارة بايدن بعدم دعم مشاريع المستوطنات الإسرائيلية، ومراقبة استخدام الأسلحة الأمريكية في حالة الدفاع المشروع عن النفس فقط. كما عبر الموقعون الأربعة عشر عن قلقهم البليغ من تحركات الحكومة الإسرائيلية، التي تظهر أن الضم غير القانوني للضفة الغربية المحتلة يجري بشكل متواتر، مؤكدين أن «مهمة الحكومة الإسرائيلية المناهضة للديمقراطية والإطاحة بسيادة القانون هي مهمة تهدد الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء». وقد لقيت الرسالة، حسب صحيفة «هآرتس»، تأييدا من أكثر من 70 شخصية مرموقة من قادة يهود أمريكيين بعثوا برسالة للإدارة تؤكد أن «عنف الدولة الإسرائيلية، وعنف المستوطنين، يزداد سوءاً في ظل حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة الحالية ويقلل بشكل فعال من إمكانية تحقيق العدالة في المستقبل».

شجاعة في قول الحق

في مقابلة مع صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قال بومان إن على الولايات المتحدة أن تقوم بشيء حيال الصراع، بالطريقة نفسها التي لعبت بها دورا رئيسيا على مدى سنوات عديدة، في تمويل إسرائيل ودعم حقها في الدفاع عن نفسها والاستمرار كدولة. ويرى بومان أن الصمت حيال ما يجري للفلسطينيين تحت نير الاحتلال الإسرائيلي مرفوض، وأن على الرئيس الأمريكي أن يتدخل وألا يصمت بشأن القضية، وطالب إدارة بايدن على ألا يقتصر موضوع حل الدولتين على الحديث فقط من دون خطوات ملموسة تجسد هذه السياسة. وقال «إن هناك حاجة ماسة إلى إجراء تغييرات في السياسة (الأمريكية)، وممارسة الضغط، وبناء العلاقات حتى نصل إلى نقطة يمكن فيها للإسرائيليين والفلسطينيين أن يعيشوا جميعا بسلام وعدالة». وتحدث بومان في المقابلة عن زيارة قام بها ضمن وفد للكونغرس إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021، مشيرا إلى أنه استقى كثيرا من المعلومات من تلك الزيارة، التي مكّنته من رؤية وتجربة الاحتلال عن قرب وعلى نحو شخصي، وقد أراد التصرف بهذا الشأن منذ عودته من تلك الزيارة.

جمال بومان ضيفا على الجاليات الفلسطينية

منذ انتخاب بومان للكونغرس في 2021 وهو ضيف مفضل لدى الجالية الفلسطينية الكبيرة المنتشرة في المدن الأمريكية الكبرى، خاصة نيويورك وشيكاغو ولوس أنجليس وسان فرانسيسكو ودالاس وغيرها. وفي الكثير من المناسبات يدعى بومان بصحبة النائبة من أصول فلسطينية رشيدة طليب، ليكونا ضيفي الاحتفال. وكان آخر تلك المناسبات، التي حل فيها الاثنان ضيفين على الجالية الفلسطينية احتفالية يوم الأرض في مدينة شيكاغو، التي تضم واحدة من أكبر التجمعات الفلسطينية في الولايات المتحدة، ويوجد فيها حي كبير يطلق عليه اسم «فلسطين الصغرى» كما يوجد فيها مسجد كبير بني على طريقة المسجد الأقصى وقبة الصخرة. وكالعادة لا يتورع جمال بومان من قول كلمة الحق في منتهى الشجاعة عند الإعراب عن تأييده للفلسطينيين. ففي الاحتفالية المذكورة في مركز الجالية الفلسطينية دعا من على المنبر جميع الأطفال الموجودين في القاعة إلى المسرح وقال لهم: «أباؤكم جاؤوا من فلسطين لأنهم تعرضوا للظلم هناك، عليكم أن تعملوا بشكل دؤوب لدعم أراضي آبائكم وأجدادكم حتى التحرير من الاحتلال»، ثم دعا النائبة رشيدة طليب لتقف إلى جانبه على المنصة والأطفال ما زالوا في أماكنهم وقال: «رددوا خلفي: تعيش فلسطين». ثم أردف قائلا: «سأظل أدافع عن الشعب الفلسطيني داخل الكونغرس وخارجه، حتى يؤسس الفلسطينيون دولتهم الحرة».
بوادر الفجر بدأت تبزغ وانتصار الحق على الباطل مسألة وقت، «قل جاء الحق وزهق الباطل.. إن الباطل كان زهوقا». ما نريده من الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية أن يتخلوا عن انكفائهم وعزلتهم والخروج إلى الشارع الأمريكي لدعم التغيير الحاصل، والذي بدأ ينتقل من الشارع إلى الكونغرس ونأمل أن يصل في يوم ليس بعيدا إلى صناع السياسة، ويومها سنرى كيف لهذا الكيان المسخ أن يعيش عندما تنهار مظلة الحماية الأمريكية.
محاضر في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة رتغرز بولاية نيوجرسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جمال الناطور:

    انتصار الحق مسالة وقت وليس اكثر ويدعم الحق وحده شعبنا الى ارضه ببرنامج نضالي متفق عليه وذلك سيوحد ساحات النضال ونحن في امريكا نلتف حول مشروعنا الوطني والنضال من اجل دفع الظلم عن اهلنا الصامدين تحت نيران وغطرسة العدو الفاشي.
    نعم يدا بيد للخروج لصناديق الاقتراع والمشاركه بانتخاب شخصيات تويد الحق وتدافع عن المظلومين في كل مكان.
    سننتصر ونعود ونحرر ونبني دولة فلسطين

  2. يقول قلم حر في زمن مر:

    سيكون مصيره نفس مصير السيدة إلهان عمر، للأسف الشديد حقيقة مرة وهي أنه في أمريكا لا صوت يعلو فوق صوت اللوبي الصهيوني اليهودي ????

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    ” ما نريده من الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية أن يتخلوا عن انكفائهم وعزلتهم والخروج إلى الشارع الأمريكي لدعم التغيير الحاصل، والذي بدأ ينتقل من الشارع إلى الكونغرس ونأمل أن يصل في يوم ليس بعيدا إلى صناع السياسة، ويومها سنرى كيف لهذا الكيان المسخ أن يعيش عندما تنهار مظلة الحماية الأمريكية. ” إهـ
    يجب أن يكون لهؤلاء دعم مادي من الشعوب العربية والإسلامية , كما يدعم اليهود بالعالم الكيان الصهيوني !
    طغاة العرب المطبعين أشد وطأة على الفلسطييين من الصهاينة أنفسهم !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول Subhi Ali, M.D.:

    Excellent commentary

    Subhi Ali, M.D.

  5. يقول الشاعر السعيد:

    سلم حرفك دكتور عبد الحميد. تمكن الصهاينة من خداع العالم فترة طويلة، ولكن يجب الانتباه الى انه يمكن للمرء ان يخدع كل الناس بعض الوقت، ولكن لا يمكنه خداع كل الناس كل الوقت. الان وبوجود وسائل الاعلام الحديثة، ووسائل التواصل، وانتشار المعلومة ستنحسر قدرة الكيان على الترويج لروايته خاصة مع ازدياد النشاط المناهض للظلم بين قطاعات مختلفة لا سيما بين الشباب. يجب ان نتذكر ان اسرائيل دولة طارئة وعابرة قامت في ظروف دولية طارئة، ونهاية وجودها يعتمد على تغير المعادلة الدولية التي انتجتها. العالم يتغير الان من حولنا.

  6. يقول عامر عريم:

    مقال جيد
    أدعو موظفي جامعة الدول العربية ووزارات الخارجية والإعلام في الدول العربية والإسلامية مساندة هذه الأصوات الحرة التي لم تتأثر بمجموعات الضغط الصهيونبة في الغرب.
    كما اتمنى ان تطرح القضية الفلسطينية على المسؤولين الغربيين بنفس الصراحة والجرأة

  7. يقول عصفور - امريكا:

    مقال رائع وجدير بالذكر بأن صمود صاحب الحق وهو الفلسطيني الذي لا تثني عزيمته أي قوة في العالم المتشبث بقوة الإرادة والثقة بالنفس العالية بأنه صاحب الوطن الحقيقي رغم المؤامرات التي تحاك من حوله وبمساعدة الطابور الخامس وللأسف الا انه يؤمن إيمانا قويا بأن حلم العودة قادم لا محالة وستهزم كل الأعداء ويبقى الوطن شامخا بفضل الله وحماته .

  8. يقول اديب عبدالله:

    اخي عبدالحميد. مقالك تدمع عيوننا من الفرح لطالما كانت الجالية الفلسطينية والعربية منطوية على نفسها لا تعمل شيئا ولكن هذا التغيير في الشارع الامريكي وداخل المحافل السياسية يشجع على الخروج للشارع واسماع صوت الشعب الفلسطيني وانّاته للمجتمع الامريكي والنتيجة لا شك معروفة ندعو الله الى زيادة هذه الجهود والنشاطات التي تبشر بالتغيير في الوقت الذي تنام فيه وتسكت الحكومة الفلسطينية ولا تريد حتى ان تشتكي للمحكمة الدولية عن جرائم الاحتلال مما يشجع الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة على التغوّل في البطش بهذا الشعب وسرقة ارضه وطمس صوته. فالامل كل الامل قد ياتي من تغيير الموقف الامريكي الداعم للاحتلال مما يعجل بزوال الاحتلال خاصة وان قواعد الاشتباك تغيرت بفعل المقاومة من الشمال والجنوب.

اشترك في قائمتنا البريدية