الرئاسيات تفجر خلافا في أكبر حزب إسلامي بالجزائر.. ورئيسه السابق يتهم قيادته بـ”إبعاده لعدم إزعاج الرئيس تبون”

حجم الخط
19

الجزائر- “القدس العربي”:

طفا إلى السطح خلاف عميق في حركة مجتمع السلم الجزائرية، بين رئيسها السابق عبد الرزاق مقري والقيادة الحالية، في أعقاب النتائج المخيبة التي حققتها الحركة بمرشحها عبد العالي حساني شريف، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

 وبعد صمت طويل وتساؤلات كثيرة حول سرّ غيابه عن الحملة الانتخابية، ظهر مقري في مقال مطول يشرح ملابسات ما حدث، بتفاصيل مثيرة تتهم الحركة التي رسّخ وجودها في المعارضة منذ سنة 2013 قبل أن يغادر قيادتها عام 2023، بالاستعداد للعودة للحكومة، تحت مبررات سياسية واهية.

ونشر رئيس حمس السابق (اختصار حركة مجتمع السلم)، ضمن مقاله رسالة كان قد وجهها لرئيس مجلس شورى الحركة في أواخر أيام الحملة الانتخابية، بعدما قال إنه الظلم الذي تعرض له من بعض من اتهموه بالتدليس والافتراء، على تخلفه في دعم مرشح الحركة في الرئاسيات.

وذكر مقري أن الجميع في الحركة، حتى من يختلفون معه، يعرفون الجهود الكبيرة التي بذلها خلال قيادته للحركة، مشيراً إلى أنه عمل على إخراجها من الأزمات وتعزيز استقرارها، وتحقيق نجاحات انتخابية وتنظيمية. وأكد أنه كان يرغب في مواصلة التعاون مع القيادة الحالية، إلا أن ذلك لم يتحقق لأسباب لا تتعلق به شخصياً.

وأوضح أنه كان بعيداً عن المشاركة في الحملة الانتخابية بسبب عدم استشارته أو تكليفه بأي دور فيها من قبل قيادة الحركة أو مدير الحملة. وقال: “لم يتم وضعي في برنامج الحملة، ولم يتم الاتصال بي من قبل رئيس الحركة أو أي من أعضاء مكتبه، في حين تم استشارة جميع قيادات الحركة السابقين”.

وأضاف أن استبعاده من الحملة الانتخابية ربما يعود إلى “خشية رئيس الحركة ومن حوله من أن وجوده قد يهدد توجهاتهم الجديدة”. كما أشار إلى أن معلومات وصلته من داخل الحركة “تؤكد أن المرشح ومدير حملته كانوا يخشون رد فعل سلبي من الرئيس تبون إذا تدخل مقري في الحملة، نظراً لمعارضته الواضحة لتوجهات الرئيس”. وتابع قائلاً: “لو شاركت في الحملة الانتخابية، لاعتبر ذلك تطفلاً وتشويشاً على علاقة قيادة الحركة بالسلطة الحاكمة”.

وذهب مقري في بيانه إلى التأكيد بأن قيادة حركة مجتمع السلم الحالية تريد العودة إلى النهج السابق لما قبل 2013، حين كانت تشارك في الحكومة. وأوضح أن هذا التوجه الجديد يظهر من خلال التقارب الحاصل بين قيادة الحركة الحالية والسلطة الحاكمة، مشيراً إلى ما قاله أبو جرة سلطاني (عرّاب توجه المشاركة) في مجلس الشورى الأخير: “لقد عدتم بعد عشر سنوات إلى نهجي”.

وأضاف أن هذا التوجه يعكس عودة الحركة إلى المسار القديم، وأن الحديث عن شراكة سياسية جديدة ليس إلا “ذر للرماد في العيون”، حيث إن شروط هذه الشراكة الحقيقية غير متوفرة. وأكد في تعقيبه على ذلك، أن الحديث عن شراكة سياسية جديدة ما هو إلا “ذر للرماد في العيون”، لأن ميزان القوة الذي يتطلبه تحقيق هذه الشراكة غير موجود.

وبناء على ذلك، أشار إلى أن الخلاف العميق بينه وبين رئيس الحركة يتعلق بالتوجه السياسي، موضحاً أن الرئيس الحالي للحركة انقلب على رؤية كان شريكاً فيها. وأكد أنه لا عيب في وجود اختلافات سياسية، مشيراً إلى أن حرية الرأي مكفولة داخل الحركة، وأنه على الرغم من كل ما حدث، فهو عضو في الحركة ولم يتوقف عن أداء واجباته تجاهها.

وذكر أنه لم يعد لديه أي عمل داخل الحركة في هذه المرحلة، ليس بإرادته بل بإرادة الآخرين، مؤكداً أنه انشغل بأعمال أخرى خارج الجزائر لخدمة الأمة والقضية الفلسطينية. وأضاف: “لا يعقل أن أترك عملاً مفيداً من أجل انتخابات أُبعدت عنها، خاصة وأنه لم يُطلب مني المشاركة فيها ولو رمزياً”.

أما بخصوص الاتهامات التي تروج بأنه غاضب لعدم ترشحه في الانتخابات، نفى مقري ذلك جملة وتفصيلاً، موضحاً أنه رغم رغبته المعلنة في الترشح بناءً على رؤية سياسية وبرنامج مختلف، فإنه لم يطلب الترشح ولم يسعَ إلى ذلك، حيث علم مبكراً أن ترشحه غير ممكن لأسباب تتعلق بالنظام السياسي، مشيراً إلى تشابه ما حدث له مع ما تعرض له الشيخ محفوظ نحناح مؤسس الحركة عام 1999.

وكان مقري قد كشف في حوار شهير له مع “القدس العربي” في أيار/مايو الماضي، عن رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية، مؤكدا أن له “القدرة الرغبة” لرئاسة الجزائر. وانطلقت منذ الحين، خلافات كبيرة داخل الحركة التي أعابت قيادتها عليه التصريح بذلك، وبدأت معركة داخلية انتهت بترشيح رئيس الحركة عبد العالي حساني شريف بأغلبية أعضاء مجلس شورى حمس.

وفي ظل الانتقادات اللاذعة التي تتعرض لها قيادة حمس بعد نتيجة 3 بالمائة من الأصوات التي حصل عليها مرشح الحركة، انبرت شخصيات قيادية في الدفاع عن حساني شريف، معتبرة أن هذه النتائج التي اعترف المرشحون الثلاثة في بيانهم أنها غير دقيقة ومتلاعب فيها، لا يجوز أن تكون معيارا للحكم عليه.

وفي تدوينة له، دافع نائب رئيس حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، عن رئيس الحركة ومرشحها في الانتخابات الرئاسية عبد العالي حساني شريف، مشيرًا إلى أن الأخير أظهر قدرات استثنائية في قيادة الحركة وتنظيم حملتها الانتخابية بنجاح.

وأبرز الكاتب أن حساني شريف يتمتع بشخصية قيادية متميزة، تحملت عبء تنظيم أكبر حزب سياسي في الجزائر، وأكد أنه أثبت قدرة عالية على الصبر والتحمل، والتفاعل مع مختلف الأفراد والهياكل الحزبية. وأوضح أن هذه السمات ظهرت جليةً منذ توليه مسؤولياته التنظيمية داخل الحركة، حيث كان يُعد العقل المدبر للتوازنات الداخلية فيها.

وفي سياق الإشادة به، اعتبر حمدادوش أن حساني شريف قاد حملة انتخابية مبهرة، حيث نجح في جمع أكثر من 100 ألف توقيع صحيح رغم التعقيدات الإدارية والتقنية التي رافقت هذه العملية. ورغم الانتقادات اللاذعة التي تعرض لها، خصوصًا من حيث افتقاره للكاريزما والخبرة القيادية، أشار حمدادوش إلى أن حساني شريف تمكن من تفنيد تلك المزاعم عبر خطاباته القوية، وخاصة في الحفل الختامي لمؤتمر الحركة، حيث أثبت أنه يمتلك قدرةً استثنائية على التواصل والإقناع.

وأضاف أن الحملة الانتخابية لحساني شريف تميزت بالواقعية والتوازن، واستندت إلى برنامج انتخابي متكامل تجاوز الحدود الأيديولوجية والحزبية، ما جعله مرشحًا جادًا لرئاسة الجزائر. كما أشار إلى أن حساني شريف اختار بشكل واعٍ عدم التجريح في الأشخاص والهيئات، وركّز نقده على السياسات العامة والإخفاقات التنموية، ما أضفى على حملته بُعدًا سياسيًا وطنيًا.

وفي السياق ذاته، كشف حمدادوش أن حساني شريف قاد حملة انتخابية ماراثونية، شملت زيارات إلى 40 ولاية في غضون 20 يومًا، تضمنت تجمعات جماهيرية ولقاءات مع النخب والأعيان، وعملاً جواريًا مباشرًا مع المواطنين. وأشاد بالديناميكية التي أحدثها حساني شريف داخل الحركة، حيث نجح في استعادة ثقة أبناء الحركة من مختلف الأجيال القيادية، وإعادة العديد من القيادات التاريخية إلى صفوف الحزب.

وفي اعتقاد حمدادوش، فإن الهجمات التي تعرض لها حساني شريف خلال الحملة الانتخابية كانت مدفوعة بمصالح سياسية ضيقة وحسد شخصي من بعض الخصوم السياسيين. وأكد أن هذه الهجمات لم تثنِ الرجل عن مواصلة عمله السياسي، بل أظهرت قدرته على مواجهة التحديات والصمود أمام محاولات التشويه والتشويش.

ويرى نائب رئيس حمس أن الجزائر كسبت من هذه الانتخابات قيادة سياسية جديدة متمثلة في عبد العالي حساني شريف، معتبرًا أنه يجمع بين خصائص القيادات الوطنية التاريخية مثل عبد الحميد مهري والشيخ محفوظ نحناح. وأوضح أن الانتخابات، رغم نتائجها، أكدت أن الرجل شخصية سياسية واعدة يمكنها أن تلعب دورًا محوريًا في مستقبل الجزائر.

وينتظر أن تشهد مجالس حركة مجتمع السلم التي تعد أكبر حزب إسلامي في الجزائر وتحوز على أكثر من ستين نائبا في البرلمان، نقاشات ساخنة في تقييم الرئاسيات، مع توقعات بعودة الصراع بين تيار المشاركة في الحكومة والرافضين لذلك إلا على قاعدة الفوز بالانتخابات التشريعية وتحصيل الأغلبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سعد المغربي:

    الحزب الإسلامي حمس و الحزب اليساري الاشتراكي هما فقط كومبارس لمسرحية من تأليف و سيناريو النظام .

    1. يقول يوغرطا:

      وحزب العدالة والتنمية المغربي أداة في يد المخزن يوجهه في كل الاتجاهات . المهم ان حركة خمس لم تطبع ولم تقبل بالتطبيع مع الكيان الصهيوني الارهابي.

  2. يقول سعد المغربي:

    مرحبا بكم في انتخابات العالم الرابع.

  3. يقول م/ب اولادبراهيم:

    الى الخ محمد حتاحت/مانشستر:
    ليست قيمة ثابتة بل متحركة ولن في السينغال تجربة .

1 2

اشترك في قائمتنا البريدية