الروائي السوداني حمّور زيادة: الأدب يوحِّدُ الشعور الإنساني ويجعلنا أقرب إلى بعضنا

الصّادق الرضي
حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: الروائي السوداني حمور زيادة شارك في حفل معهد العالم العربي في باريس بمناسبة إعلان الفائز بـ(جائزة الأدب العربي المترجم إلى الفرنسية) في دورتها العاشرة، التي حصل عليها هذه السنة الروائي التونسي يامن المناعي، عن روايته «الهاوية الجميلة» وسبق أن حصل عليها في دورات سابقة: اللبناني جبور النويهي، والسعودي محمد حسن علوان، والسوداني عبدالعزيز بركة ساكن؛ حمور حصلت روايته «الغرق- حكايات القهر والونس» في هذه الدورة على تقديرية لجنة التحكيم، صدرت في طبعتها الأولى سنة 2009 وصدرت ترجمتها إلى الإنكليزية عن دار «إنتر لينك» في أمريكا، وترجمتها إلى الفرنسية، صدرت عن دار «أكت سود» في مارس/ آذار 2022، وصدرت له قبلها مجموعتان قصصيتان «سيرة أمدرمانية» و»النوم عند قدمي الجبل» وروايتان «الكونج» و«شوق الدرويش». وقال حمور في كلمته عشية الاحتفال 23 نوفمبر/ تشرين الثاني: «السودان بلاد الحكايات المنسية، أتيت من شعبِ عظيم. لكنه منكوب، كل شيء في بلادنا يدور حول السلطة، السلطة الاجتماعية، والسلطة السياسية. حاولت هذه الرواية أن تحكي بعض الأشياء عن السلطة، والعلاقات المعقدة، والتراتبية المجتمعية، حيث ينزل القهر بالنساء والرقيق والغجر، لكنهم يحرسون الهيكل الظالم ويحمونه، أردت أن أشير إلى العلاقة بين السلطة العسكرية الاستبدادية التي حكمت السودان أغلب سنوات استقلاله، والظلم الاجتماعي والنظام البطرياركي، كيف يجعلنا هذا النظام في حلفه مع الاستبداد ضحايا، كلنا بلا استثناء، ضحايا لا ينتصرون، لكنهم لا يخضعون، إنما يقاومون باستمرارالحياة وترديد الحكايات».

الطفل المختبئ داخل المبدع

حول الجائزة وأثرها على المبدع وكذلك عن فعالية الترجمة يقول زيادة لـ»القدس العربي»: «اعتقد أن الجائزة الأدبية هي نوع من الاعتراف، والتقدير وهو أمر جيد للكاتب، يحتاج المبدع أن يشعر بأن ما يقدمه يجد تقديراً؛ هناك تقدير من القراء والنقاد، نسب مبيعات عالية، وإضاءات نقدية جيدة على أعمال الكاتب وتجربته، الجائزة في حد ذاتها، بالتأكيد لا تعطي العمل قيمة فنية، يحدث أن يحصل عملٌ لا يحظى بتقدير القرّاء بجائزة معتبرة، فمزاج وتقدير لجان التحكيم قد لا يتفق مع تقييمات أخرى للقراء أو النقاد، لكن هناك دائماً ذلك الطفل المختبئ داخل المبدع، الطفل الذي يحب اللهو بالفن ومواجهة العالم بالخيال، هذا الطفل يفرح بلا شك بالاعتراف والتقدير». ويقول حول الترجمة: «أن ينشر الكاتب في لغات أخرى أمر يشبه الخروج إلى عوالم واسعة، هذا لا يعني أن لغتنا ضيقة، لكننا في الواقع نكتب بالعربية لقراء يفهمونها، وعلى معرفة عميقة بمحمولاتها الثقافية، يتشاركون معنا عادة التاريخ والهوية الجامعة، والترجمة تقدمنا لثقافات مختلفة، هذا ما يسعى إليه الأدب في بعض معانيه؛ أن يوحّد الشعور الإنساني حول العالم، أن يجعلنا أقرب لبعضنا.»

الكتابة الإبداعية ومعالجات درامية

حول المعالجة الدرامية لأحد نصوصه القصصية وتحويله إلى فيلم باسم «ستموت في العشرين» يقول: «يعود نجاح الفيلم إلى مخرجه أمجد أبوالعلاء، تعامل مع نص «النوم عند قدمي الجبل» باحتراف، استطاع في ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية قاسية، مع اندلاع ثورة ديسمبر/ كانون الأول 2019 أن يخرج بالسينما السودانية إلى مساحات جديدة، فحصل على جوائز من أهم المهرجانات في العالم، مثل مهرجان فينيسيا وقرطاج والجونة، إلخ، الفيلم حصل على أكثر من 19 جائزة دولية، وعرض تجارياً في مصر وفرنسا وألمانيا والهند وغيرها؛ سعدت أن يذكر اسمي ملحقاً بهذه التجربة بوصفي كاتباً للقصة الأصل التي أخذ عنها الفيلم، لذلك تجدني متحمساً لتجربة جديدة مقبلة مع المنتج المصري معتز عبدالوهاب، الذي يعمل الآن على فيلم مأخوذ عن رواية «الغرق – حكايات القهر والونس».
ويقول عن ورشة عمل في «الكتابة الإبداعية» قدّمها في الخرطوم أثارت جدلا كثيفا في وسائط التواصل الاجتماعي: «ورش الكتابة الابداعية تقليد عالمي، لكن في السودان، رغم ان هناك ورشا عديدة قدمت منذ سنوات ولا تزال تقدم، لكنها لم تحصل على زخم إعلامي كبير- ولعل هذا من حسن حظها. في حالتي أثار الخبر نقاشا حول الموهبة الفطرية والتعلُّم؛ الموهبة لا يمكن تعلّمها بالطبع لكنها تحتاج إلى تدريب وتنتفع بالإرشاد، وهذا بعض ما تقدمه الورش بجانب تبادل وجهات النظر، وتمرير الخبرات، ومعاونة الكاتب المبتدئ على اكتساب أدواته وتعزيز ثقته، لذلك كان الجدل الذي طرح بصيغة «هل يمكن تعلم الكتابة؟» في غير مكانه، بشكلٍ ما، نعم يمكن تعلم الكتابة كما يمكن تعلم الموسيقى والغناء والرسم والتمثيل، كل الفنون يمكن أن تُعلّم إذا توفّرت الموهبة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية