السعودية بشأن التطبيع: سننتظر ترامب ورؤيته تجاه القضية الفلسطينية

حجم الخط
0

أمير تيفون

أعلنت السعودية في نهاية الأسبوع بأنها لا تنوي المضي الآن بمفاوضات حول حلف دفاع مع الولايات المتحدة، وذلك بسبب الصعوبة في التغلب على العامل الإسرائيلي – الفلسطيني في مثل هذا الاتفاق على خلفية الحرب في غزة. هذا الإعلان وضع حداً للجهود التي استمرت أربع سنوات من جانب إدارة بايدن للمضي باتفاق ثلاثي مع السعودية وإسرائيل، ما قد يكون إنجازاً رئيسياً للرئيس الأمريكي في الشرق الأوسط. مع ذلك، تطمح السعودية إلى استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة بعد دخول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض في 2025.

في السنوات الأخيرة حاولت إدارة بايدن بلورة اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية، كجزء من عملية دبلوماسية واسعة استهدفت التوقيع على حلف دفاع بين أمريكا والسعودية. هذا الاتفاق كان يمكن أن يشمل تعهداً أمريكياً حول إعطاء مساعدات عسكرية للسعودية في حالة مهاجمتها، وأيضاً السماح بعقد سلسلة طويلة من صفقات السلاح بين الدولتين. اتفاق كهذا يحتاج إلى تأييد ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، وقدرت الإدارة الأمريكية بأنه هذا الاتفاق إذا كان شمل التطبيع بين إسرائيل والسعودية فسيسهل تجنيد تأييد الحزبين له، الديمقراطي والجمهوري.    

المفاوضات حول عقد اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية، إضافة إلى حلف دفاع بين أمريكا والسعودية، وصلت إلى مرحلة متقدمة في أيلول 2023. ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قال في حينه بأن السعودية تقترب إلى انعطافة تاريخية مع إسرائيل. التطبيع بين الدولتين كان يمكن أن يشمل أيضاً بادرة حسن نية ما من قبل إسرائيل لصالح الفلسطينيين. ولكن المفاوضات توقفت حول هذا الشأن بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر والحرب في غزة. خلال الحرب، تشددت السعودية في موقفها حول القضية الإسرائيلية – الفلسطينية، وأعلنت أنه لا يمكن حدوث تطبيع مع إسرائيل بدون تقدم حقيقي في إقامة الدولة الفلسطينية.

في الأشهر الأخيرة، دخلت المفاوضات إلى التجميد. وأوضحت السعودية للولايات المتحدة بأنه لا يمكنها التقدم أمام إسرائيل بدون إنهاء الحرب في غزة. في هذه الفترة، عزز بن سلمان علاقته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، واستضاف وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، مؤتمرا للدول العربية في موضوع قطاع غزة، الذي اتهم فيه بن سلمان إسرائيل بتنفيذ إبادة جماعية في قطاع غزة.

على خلفية صعوبة التقدم في المفاوضات مع إسرائيل، طلبت الإدارة الأمريكية فحص إمكانية المضي باتفاق حلف دفاع مع السعودية بدون صلة بإسرائيل. هذه العملية استهدفت تعزيز علاقات الولايات المتحدة مع دولة مهمة في الشرق الأوسط، وتوفير عقود للصناعات الأمنية الأمريكية بملايين الدولارات. الاتفاق مع السعودية مهم للولايات المتحدة من ناحية صراع النفوذ الدولي الذي تقوم به أمام الصين وروسيا. لذلك، حاولت الإدارة الأمريكية الدفع قدماً باتفاق أمريكي – سعودي منفصل، رغم فشل مفاوضات التطبيع.

الصعوبة الرئيسية للإدارة الأمريكية هي الحصول على دعم مطلوب لهذا الاتفاق لدى مجلس الشيوخ – دون أن يشمل عامل التطبيع التاريخي بين إسرائيل والسعودية وإنجازات سياسية لصالح الفلسطينيين. ثم أضيف إلى هذه الصعوبة خوف السعودية القائل بأن التوقيع على اتفاق مع الرئيس التارك بايدن سيظهر كإهانة للرئيس المنتخب ترامب، الذي سيدخل إلى البيت الأبيض عند أداء اليمين في 20 كانون الثاني القادم، وربما يحاول استئناف المفاوضات حول التوصل إلى اتفاق أمريكي – سعودي – إسرائيلي.

أظهر ترامب اهتماماً بالتوصل إلى هذا الاتفاق، استمراراً لاتفاقات إبراهيم الموقع عليها في أواخر ولايته الأولى. وطرح الموضوع في المحادثات التي أجراها مع رئيس الحكومة نتنياهو منذ فوزه في الانتخابات، وفي المحادثة التي أجراها مع محمود عباس قبل ثلاثة أسابيع تقريباً. عين ترامب رجل الاعمال ستيفن فيتكوف، الذي يعتبر الصديق المقرب له، مبعوثه الخاص للشرق الأوسط، الذي ستكون مهمته التوصل إلى الاتفاق المأمول. في الحقيقة، أعلنت السعودية عن إغلاق قناة المفاوضات، لكن المحادثات قد تستأنف بعد بضعة أشهر.

الصعوبة الرئيسية أمام إدارة ترامب للمضي بهذا الاتفاق، هي علاقات القوة في مجلس الشيوخ. طلبات السعودية في إطار الاتفاق تحتاج مصادقة 67 عضواً من بين الـ 100 عضو في مجلس الشيوخ، لكن للحزب الجمهوري 53 سناتوراً فقط. سيحتاج ترامب إلى تأييد 14 سناتوراً ديمقراطياً على الأقل. هذا هو المعنى الرئيسي لدور إسرائيل، وربما أيضاً الفلسطينيين، في الاتفاق المأمول.

هآرتس 1/12/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية