بغداد ـ «القدس العربي»: جدّد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أمس الجمعة، دعم بلاده للموقف الإسباني تجاه العدوان الإسرائيلي بحق غزّة ولبنان، وفيما أشار إلى أن سياسة بلاده الدولية وعلاقاته الإقليمية تركّز على تعزيز الأمن والاستقرار، أكد أن العراق يشهد حراكاً تنموياً غير مسبوق، ويبحث عن الخبرات الإسبانية للإسهام في تطوير البنى التحتية.
وأجرى السوداني، مساء الخميس، زيارة إلى مؤسسة «البيت العربي» في مدريد، التقى خلالها جمعاً من النخب السياسية والدبلوماسية والثقافية والاقتصادية العربية والإسبانية، وذلك على هامش الزيارة الرسمية التي يجريها إلى إسبانيا.
وفي بيان صحافي أورده مكتبه أمس، أشار السوداني إلى أن «العلاقة بين العراق وإسبانيا تشهد تطوّراً ملحوظاً، بدءاً من الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء الإسباني إلى بغداد نهاية العام الماضي، وتوالي الزيارات المتبادلة من الوزراء والمسؤولين» مؤكداً سعي الحكومة إلى «التأسيس لشراكة استراتيجية متكاملة مع الجانب الإسباني».
وجدد رئيس الوزراء الإشادة بـ«الموقف النبيل للحكومة الإسبانية إزاء العدوان على غزّة ولبنان» لافتاً إلى أنه «موقف ينطلق من الإيمان بحقوق الإنسان والقانون الدولي» فيما بيّن أن «العراق يتبنّى رؤية واضحة في السياسة الدولية، وعلاقاته الإقليمية عمادها الشراكات المنتجة، وتشابك المصالح، وكل ما يعزز الأمن والاستقرار والتبادل المثمر مع الدول الشقيقة والصديقة».
وتطرق السوداني إلى «الحركة التنموية غير المسبوقة التي يشهدها العراق، وتطور القطاعات الاقتصادية المختلف، والحاجة إلى خبرات الشركات الإسبانية المعروفة بالرصانة والكفاءة للإسهام في تطوير البنى التحتية، وقطاعات الزراعة والموارد المائية والطاقة المتجددة والتعليم والصناعة وباقي المجالات».
وعن مشروع طريق التنمية، بيّن أن «العراق يخطط مع الأشقاء والأصدقاء في تركيا والإمارات وقطر للمضي في المشروع، وهو مفتوح لكل دول الجوار ودول العالم، لأنه أكبر من مجرد طريق لنقل البضائع، بل هو مسار دولي يربط المصالح الاقتصادية، كما أن الحكومة تخطط لأداء دور مهم مع الدول المنتجة للنفط في مسألة سندات الكاربون، والجهود العالمية للحد من آثار التغيّر المناخي».
كما حضر رئيس مجلس الوزراء العراقي المنتدى الاقتصادي العراقي ـ الإسباني الذي أقامته غرفة التجارة الإسبانية في العاصمة مدريد، بحضور نخبة من رجال الأعمال من كلا البلدين.
قال إن سياسة بلاده الدولية تركز على تعزيز الأمن والاستقرار
وشارك السوداني في الجلسة الافتتاحية التي تضمنت ندوة نقاشية خصصت للعلاقات الاقتصادية والشراكات الثنائية بين العراق وإسبانيا في جميع المجالات، ومناقشة آليات تعزيز حجم التبادل التجاري بين البلدين.
وعبر رئيس مجلس الوزراء، في بيان منفصل، عن تقديره لتنظيم المنتدى، مؤكداً أن زيارته جاءت «تلبية لدعوة رئيس الوزراء الإسباني، ورافقه وفد من وزراء الخارجية، والداخلية، والتجارة، والنقل، ومحافظ واسط، وكذلك مستشارون وأمين عام وزارة الدفاع ووكلاء عدد من الوزارات، ونخبة من رجال الأعمال في القطاع الخاص، ورؤساء اتحاد الغرف التجارية، واتحاد الصناعات العراقي، وهيئة السياحة».
وبيّن أن «الوفد العراقي الكبير يمثل رسالة اهتمام جدية في التعاون الوثيق مع إسبانيا، التي تربطنا بها مواقف مهمة، خصوصاً موقفها السياسي النبيل والإنساني تجاه القضية الفلسطينية». وأشار إلى «رغبة الحكومة في الإفادة من خبرات الشركات الإسبانية والتجارب الناجحة في مختلف القطاعات» مشددا على «المضي نحو شراكة استراتيجية شاملة في كل القطاعات، والذي تم تأكيده مع رئيس الوزراء الإسباني».
وأضاف: «حكومتنا جاءت قبل عامين لتقدم رؤية جديدة للنهوض بالاقتصاد العراقي» معلناً أن العراق يُنتج «4 ملايين برميل من النفط يومياً، وهو البلد الثالث في الإنتاج ضمن (أوبك بلس) ونمتلك خزينا كبيرا من النفط والغاز، ينتظر الاستثمار الأمثل».
وزاد: «مضينا في إصلاح القطاع المالي والمصرفي، ونطبق المعايير المصرفية في التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، وشرعنا في دعم القطاع الخاص العراقي، ودعمنا إنشاء (صندوق العراق للتنمية) الذي يستقطب الاستثمارات الأجنبية ويقدم الفرص».
وأكد أن «صندوق العراق للتنمية يمثل حاضنة لكل الشركات الأجنبية للدخول الى السوق العراقية، ويتعاون مع صناديق مهمة في العالم» مستدركاً بالقول: «وضعنا الضمانات السيادية لدعم القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع».
ولفت إلى أن «هناك لجنة مُختصة في سلسلة من لقاءات التعاون مع مؤسسات التمويل الدولية (هيرمس الألمانية، وساشا الإيطالية، وبيستا الإسبانية) وكذلك مع اليابان وفرنسا» كاشفاً عن توفير «العلاقة بين مؤسسات التمويل المالية الدولية والقطاع الخاص العراقي، عبر البنك العراقي للتجارة، والأولوية للصناعات الإنشائية، لأننا مقبلون على بناء مليون وحدة سكنية». ومضى يقول: «وضعنا الصناعات الغذائية والدوائية في الأولويات، ولدينا بحدود 3 مليارات دولار سنوياً من الاحتياجات الدوائية» منوهاً بأن بلاده تمتلك «بيئة آمنة جاذبة للاستثمار، وبلغت الاستثمارات الأجنبية في العراق بحدود 62 مليار دولار».
وتابع: «مضينا في مشروع طريق التنمية، الذي يمثل الممر الأقل كلفة بين الشرق والغرب، وهو يؤسس لمدن اقتصادية في العراق» معلناً «تخصيص بحدود 100 مليار دولار على مدى 3 سنوات، لتنفيذ مشاريع للبنى التحتية، وهي أرضية مناسبة لمشاركة الشركات الإسبانية».
وكشف السوداني أيضاً عن الاتفاق على «مشروع للسكة الحديد بين البصرة وإيران مع شركة إسبانية بحدود 250 مليون دولار، إلى جانب الائتلاف الذي يفاوض بشأن قطار (كربلاء ـ النجف) وفيه شركات إسبانية».
وإضافة إلى لقاء جمع السوداني بنظيره الإسباني بيدرو سانشيز، خلال زيارته مدريد، التقى أيضاً العاهل الإسباني الملك فيليب السادس، في القصر الملكي.
وشهد اللقاء، وفقاً لبيان أورده مكتب السوداني، استعراض العلاقات العراقية ـ الإسبانية، وأبرز ما أنجز بين حكومتي البلدين من خطوات واتفاقات وتفاهمات على سبيل تعزيز التعاون الثنائي، وتطوير الشراكة البناءة في مختلف المجالات. وأشاد رئيس الوزراء، خلال اللقاء، بـ«مواقف إسبانيا إزاء العراق، والقضية العادلة للشعب الفلسطيني، ودعمها لجهود إنهاء الحرب في غزّة ولبنان، وجهود تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة» مؤكداً «الحرص على توسعة قاعدة التبادل التجاري والاقتصادي الثنائي، وترحيب الحكومة بمشاركة الشركات الإسبانية في مشاريع التنمية والبنى التحتية الجارية في العراق».