الخرطوم ـ «القدس العربي»: في وقت تبنى مجلس الأمن الدولي بالأغلبية مشروع قرار يدعو لوقف الأعمال العدائية في السودان قبل حلول شهر رمضان، اشترطت الحكومة خروج الدعم السريع من كل المدن التي دخلتها قواته بعد توقيع إعلان جدة للمبادئ الإنسانية في أيار/مايو الماضي.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش قد ناشد الأطراف المتقاتلة في السودان وقف العدائيات خلال شهر الصيام، في ظل تحديات بالغة يواجهها المدنيون في مناطق العمليات العسكرية.
وبينما لم تعلق قوات الدعم السريع على قرار مجلس الأمن الدولي، قالت وزارة الخارجية السودانية أنها ترحب بوقف إطلاق النار، وفق شروط محددة تضمن عدم تكرار ما اعتبرتها تجارب هدنة فاشلة.
وقالت أنها استجابت لدعوات الأمم المتحدة خلال شهر رمضان الماضي والتزمت كذلك بالهدن الإنسانية التي تم إقرارها عبر منبر جدة، متهمة قوات الدعم السريع باستغلال تلك الهدن المتكررة للتزود بالسلاح وتعزيز موقفها الحربي، واحتلال المزيد من مساكن المواطنين والمستشفيات والمساجد والكنائس والأعيان المدنية.
بينما لم تعلق قوات الدعم السريع على قرار مجلس الأمن الدولي، قالت وزارة الخارجية السودانية إنها ترحّب بوقف إطلاق النار، وفق شروط محددة تضمن عدم تكرار تجارب هدنة فاشلة
وشددت على أن تلك الهدن عمقت الأزمة الإنسانية في البلاد ووضعت المدنيين في مواجهة المزيد من الانتهاكات.
ورهنت التزامها وقف إطلاق النار بأربعة اشتراطات، تشمل خروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والمرافق العامة والأعيان مدنية، مشيرة إلى أن القوات التي يقودها النائب السابق لرئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي» سبق والتزمت بذلك في مباحثات جدة.
وشددت على انسحاب الدعم السريع َمن ولايتي الجزيرة وسنار بالإضافة إلى ولايات دارفور الأربع التي تسيطر عليها (نيالا، الجنينة، زالنجي، الضعين) وكل المدن التي سيطرت عليها بعد التوقيع على إعلان المبادئ الإنسانية في 11 أيار/مايو الماضي ومن ثم تجميع قواتها في مكان يتفق عليه.
وطالبت قوات الدعم بالتوقف عن ارتكاب ما اعتبرتها فظائع وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان في مختلف الولايات السودان وإعادة المنهوبات العامة والخاصة ومحاسبة مرتكبي أعمال التدمير التي طالت المرافق العامة وممتلكات المواطنين.
وشككت في التزام قوات «حميدتي» بوقف العدائيات في رمضان، قائلة: إن تلك القوات شنت الحرب خلال شهر رمضان من العام الماضي. وأضافت: «هي عاطلة عن كل وازع ديني أو أخلاقي أو وطني ولا يمكنها بالتالي مراعاة حرمة الشهر الكريم».
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف نيسان/أبريل الماضي يتبادل الجانبان الاتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين وتدمير الاقتصاد الوطني والمرافق العامة في البلاد.
ويواجه المدنيون منذ اندلاع حرب 15 نيسان/ابريل الماضي، أوضاعا إنسانية شديدة التعقيد، بينما تتصاعد العمليات العسكرية داخل المدن والأحياء، والتي أسفرت عن مقتل 10 آلاف سوداني على الأقل وفق تقارير نشرتها الأمم المتحدة في تشرين الأول/نوفمبر الماضي.
وكشفت تقارير حديثة عن أن حصيلة القتلى في ولاية غرب دارفور وحدها تصل إلى قرابة 15 ألف قتيل، وسط اتهامات لقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد إثنية المساليت.
وتهدد نذر المجاعة أكثر من 25 مليون سوداني، بينهم 18 مليون طفل بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة، ويعيش العديد منهم في حالة من الخوف الدائم – الخوف من التعرض للقتل أو الإصابة أو التجنيد أو الاستخدام من قبل الجهات المسلحة.
وتجاوز عدد النازحين في السودان وفق تقديرات نشرتها منظمة الهجرة الدولية، تسعة ملايين شخص يمثلون، بينهم أكثر من مليوني طفل دون سن الخامسة. فيما اعتبرته الأمم المتحدة أكبر أزمة نزوح في جميع أنحاء العالم.
والجمعة تبنى مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الذي قدمته بريطانيا لوقف العدائيات في السودان خلال شهر رمضان، بواقع 14 صوتا بينما امتنعت روسيا عن التصويت.
وطالب القرار الأممي جميع الأطراف تبني وقف فوري للأعمال العدائية وتمكين وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون أي عوائق، والامتثال بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني.
وناشدت الأطراف المتقاتلة في السودان، الالتزام بحماية المدنيين والأعيان المدنية، والتعهدات بموجب إعلان جدة لحماية المدنيين في السودان.
كما شجع القرار المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان رمطان لعمامرة على استخدام مساعيه الحميدة مع الأطراف والدول المجاورة، لاستكمال وتنسيق جهود السلام الإقليمية.
وفي السياق أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيبها بتبني مجلس الأمن الدولي قرارا بالأغلبية يدعو إلى وقف الأعمال القتالية في السودان خلال شهر رمضان.
وعبرت عن أملها بالتزام كافة الأطراف السودانية بقرار مجلس الأمن بما يحافظ على أرواح المدنيين وروحانية الشهر الفضيل.
ودعت الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى الالتزام بمخرجات محادثات جدة والإسراع في الوصول إلى اتفاق حول مشروع وقف العدائيات وحل الأزمة عبر الحوار السياسي با يحقق الاستقرار والسلام في البلاد.
وناقش وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ونظيره السعودي فيصل بن فرحان، في اتصال هاتفي الجمعة أهمية إنهاء الصراع في السودان والحول دون وقوع المزيد من الأضرار واسعة النطاق في صفوف المدنيين.
وضع الشروط معناه اطالة الازمة وتعذيب الشعب وتدمير البلاد فقط