السودان: عشرات القتلى بينهم داعية في قصف لـ«الدعم السريع» على الفاشر

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: قُتل 57 سودانياً، الخميس، إثر استهداف قوات «الدعم السريع» الأحياء السكنية في الفاشر بالقذائف المدفعية والطائرات المسيرة، فيما حمّلت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر دولتي الإمارات وتشاد مسؤولية ما يحدث من انتهاكات وجرائم.
وبعد هدوء نسبي استمر ليومين، تجددت هجمات «الدعم» على الفاشر منذ الأربعاء، وأطلقت لجان المقاومة تحذيرا للمواطنين بأخذ الحيطة والحذر وتجنب التجمعات.
وأشارت إلى تعرض المدينة إلى هجومين، أمس الخميس، أولهما كان بالقذائف المدفعية في ساعات الصباح الأولى، والثاني في فترة ما بعد الظهيرة واستمر حتى المساء.
وقالت إن «الدعم السريع هاجمت سوق المواشي وأحياء مدينة الفاشر المختلفة»، مشيرة إلى أن معظم القتلى الذين بلغ عددهم (57) حسب عمليات الرصد الأولية من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى عدد كبير من الإصابات الخطيرة.
وأكدت مقتل الداعية الإسلامي خريف محمد إبراهيم خريف، أحد الدعاة البارزين في مدينة الفاشر، إثر قصف «الدعم» مسجد بلال بن رباح في حي النصر في المدينة.
وأكدت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش والقوة المشتركة للحركات المسلحة المساندة للحكومة، أمس الخميس، تصديها لمحاولة اقتحام المدينة من الناحيتين الشرقية والجنوبية الشرقية للفاشر.
وطالبت المواطنين بأخذ الحيطة والحذر وضبط الحركة، مشيرة إلى أن القوات المسلحة والقوة المشتركة في الفاشر نجحوا في صد هجمات متكررة شنتها الدعم السريع صباح الخميس. في المقابل، استمرت الأخيرة في قصف مناطق متفرقة في المدينة بالمدفعية وهجمات الطائرات المسيرة.

طائرات شحن إماراتية

وحمّلت لجان المقاومة دولتي الإمارات وتشاد مسؤولية استمرار هجمات الدعم السريع. وقالت إن دولتي تشاد والإمارات تقتل السودانيين»، مضيفة: أن «الجرائم اليومية التي يواجهها السودانيون تتحمل مسؤوليتها الإمارات وتشاد، بما يتضمن حصار مواطني الفاشر منذ أكثر من عام».
وأشارت إلى أن «طائرات الشحن الاماراتية تواصل الهبوط باستمرار في المطارات التشادية وفي مطار نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، آخرها أمس الخميس، حيث هبطت إحدى تلك الطائرات نهاراً في مطار نيالا»، في إشارة إلى نقل أسلحة لقوات «حمديتي».
واعتبرت أن ما يظهر أنها «حرب بين الجيش السوداني والدعم السريع تُدار من خلف ستار لصراعات خارجيّة وتموَّل وتُوجَّه بعناية لخدمة أجندات إقليمية ولو على حساب دماء الأبرياء».
وأضافت: «هذا هو الحال في مدينة الفاشر، آخر قلاع دارفور الصامدة، والتي باتت اليوم تحت حصار خانق وقتل ممنهج، لم يعد بالإمكان فصله عن الدور المشبوه لدولتي الإمارات وتشاد».
وفي رسالة إلى أبو ظبي، قالت لجان المقاومة: «أنتم شركاء الدعم السريع في قتل السودانيين».
وأضافت: «لا يمكن الحديث عن ميليشيات الدعم السريع التي تُحاصر الفاشر وترتكب انتهاكات بحق المدنيين، دون الإشارة إلى الدعم العسكري واللوجستي والمالي الذي تتلقاه من دولة الإمارات»، مشيرة إلى أنها «تعتبر الإمارات شريكًا مباشرًا في الجريمة، لا مجرد داعم خارجي».
وتابعت أنها» توفر الوقود والذخيرة لاستمرار القتل، وبالتالي تتحمّل مسؤولية قانونية وأخلاقية أمام المجتمع الدولي والشعب السوداني».
وفي رسالة أخرى لدولة تشاد، الجارة الغربية للسودان، قالت: « لن ننسى استخدامكم الحدود المفتوحة مع دارفور، لتمرير السلاح والمرتزقة والدعم لقوات حميدتي»، متهمة إياها بالتواطؤ مع الإمارات.

لجان المقاومة تؤكد هبوط طائرة شحن إماراتية في مطار نيالا

وأشارت إلى أن الدور الذي تلعبه تشاد لا يقل خطورة عن دور الإمارات، مشيرة إلى أن حدودها المفتوحة مع دارفور تعد ممرًا آمنا للسلاح والمقاتلين المرتزقة، كما أن القوات والعناصر المسلحة تنطلق من داخل الأراضي التشادية لدعم عمليات الدعم السريع، وأن الحكومة التشادية لم تتخذ أي إجراء حقيقي لضبط حدودها أو وقف هذه التدفقات، مما يجعلها متواطئة بالفعل.
وقالت إن تشاد تسوق نفسها كوسيط إقليمي لتمرير الميليشيات إلى السودان، الأمر الذي يزيد من تأجيج الحرب داخل السودان، وتحديدًا في دارفور، حيث تُحاصر الفاشر ويُقتل أبناؤها في ظل صمت دولي مُريب».
وأضافت: أن «الرصاصة لا تأتي من البندقية وحدها، بل من القرار السياسي في عواصم بعيدة ترى السودان مجرد رقعة نفوذ»، مشددة على أنه لا حياد في دماء الأبرياء، وإن مسؤولية الإمارات وتشاد فيما يحدث في السودان بشكل عام والفاشر بشكل خاص حقيقية لا يمكن الفرار منها.
وطالبت المجتمع الدولي بمحاسبة هذه الدول، كما يُحاسب الفاعل المباشر، مشددة على أن الصمت عن تمويل القتل، أو تسهيله، أو تبريره، هو مشاركة فيه، وأن شعب السودان لن ينسى من ساهم في نزيفه، مهما تغيرت التحالفات، أو تلثمت الوجوه خلف أقنعة الوساطة»، في إشارة إلى مشاركة الإمارات لمؤتمر لندن حول الأوضاع في السودان الذي انعقد الثلاثاء الماضي.
وفي 5 مارس/ آذار الماضي تقدمت الحكومة السودانية بشكوى لدى محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات، طالبت خلالها بمنع وقوع إبادة جماعية، متهمة أبو ظبي بمساندة قوات الدعم السريع في ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق مجموعة المساليت في ولاية غرب دارفور، ضمن انتهاكات أخرى، والخميس قبل الماضي انعقدت أولى جلسات الاستماع بالخصوص في مقر محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي.
وقال وزير العدل معاوية عثمان، أمس الخميس، إنه وفقاً للمادة 36 من النظام الأساسي لمحكمة العدل تلتزم دولة الإمارات بأن تمنع وتوقف دعمها المباشر للميليشيا، فلولا هذا الدعم لما استطاعت هذه الميليشيا أن ترتكب هذه الجرائم بحق الشعب السوداني.

طلبان للمحكمة

وقال إنهم طالبوا في جلسات الدعوى ووفقاً للنظام الأساسي للمحكمة أن تلتزم دولة الإمارات فوراً بإيقاف دعمها للميليشيا وأن تدفع للمحكمة بعد شهر بتقرير يثبت امتناعها عن تقديم ذلك الدعم، ومن ثم تقدم تقريراً دورياً كل 6 أشهر عما نفذته في هذه الأحكام.
وأضاف: «قدمنا طلبين لهذه المحكمة، الطلب الأول يتعلق بالمرافعة الشفوية والطلب الثاني يتعلق بالاختصاص أثبت من خلاله أن الاختصاص ينعقد بهذه المحكمة حسبان أن الانتهاكات الجسيمة تمت بمساندة ودعم مباشر من دولة الأمارات وهي موثقة عبر تقارير المنظمات الدولية وعبر المنظمات الحقوقية».
وقال إن قضيتنا موثقة ومتماسكة بشكل جيد.
وأضاف الوزير «نحن في انتظار قرار المحكمة فيما يتعلق باختصاصها، وفيما يتعلق بالتدابير المؤقتة التي تستخدمها في مواجهة دولة الإمارات».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية