الخرطوم- «القدس العربي»: أودى قصف مدفعي نفذته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، بحياة العشرات، فيما وصفه حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي، بالجريمة الإرهابية والمروعة.
وقالت حكومة الإقليم إن عمليات الحصر ما تزال جارية بينما تتواصل عمليات القصف المدفعي على الأحياء الغربية وسوق المواشي.
وتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر منذ أشهر، حيث يعيش المواطنون المحاصرون وسط المعارك أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد، في ظل القصف المتواصل والنقص الحاد في المعينات الصحية.
وحسب شهود عيان تحدثوا لـ “القدس العربي”، استهدفت عمليات القصف بالإضافة إلى سوق الماشية، أحياء “الرديف” و”الثورة”، ما أدى إلى تدمير عدد من المنازل وفرار الأهالي إلى المناطق المجاورة.
وأفاد أحد الناجين بسقوط العديد من القذائف في السوق وعدد من الأحياء، مضيفاً: “راح ضحيتها الكثير من الأرواح وجرح آخرون”، قائلاً: “لقد نجونا بأعجوبة”. وتابع: “لقد تصاعدت عمليات القصف منذ أسابيع، ترتقي في كل يوم أرواح جديده دون أن يكترث لها أحد”.
وفي بيان حول الهجوم الذي نفذته قوات الدعم السريع على سوق المواشي ومناطق أخرى من مدينة الفاشر، أمس الخميس، قال مناوي إن “ما حدث جريمة مروعة وإرهابية بامتياز تضاف لسجل الدعم السريع المتمردة”، مضيفاً: “إنها نفذت قصفاً مدفعياً عنيفاً باستخدام المدفعية الثقيلة بمدينة الفاشر تجاه المواطنين العزل في منازلهم وفي سوق المواشي الواقع غربي المدينة”.
وندد بالهجوم، مشيراً إلى أنه أدى إلى سقوط العشرات بالإضافة إلى الجرحى الذين ما تزال تجري عمليات حصرهم، مستنكراً استهداف المواطنين، والأسواق والمرافق العامة، والمستشفيات.
وطالب مناوي المجتمع الدولي بالتدخل السريع لوقف هذه الانتهاكات وسفك دماء المدنيين المحاصرين في الفاشر.
وقالت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر، إن عمليات القصف ظلت مستمرة حتى مساء الخميس، مستنكرة ما اعتبرته تدويناً متعمداً من قبل قوات الدعم السريع، نحو منازل.
وبينما تضيق قوات الدعم السريع الخناق على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور غرب السودان، أعلنت القوات المسلحة تقدمها في المحور الجنوبي الشرقي.
وقالت إنها كبدت متحركاً تابعاً لقوات الدعم السريع خسائر بالغة في الأرواح والعتاد في محور كبري مايرنو، وتسلمت ودمرت عدداً من المركبات القتالية، بينهم مرتزقة قالت إنهم من دولتي جنوب السودان وإثيوبيا، مؤكدة جاهزيتها لتطوير العمليات.
وليست هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها الحكومة السودانية عن مشاركة مرتزقة أجانب في الحرب المندلعة في البلاد منذ منتصف أبريل/ نيسان من العام الماضي، حيث حذر حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي في مايو/أيار الماضي من عمليات تجنيد واسعة قال إن قوات الدعم السريع تقوم بها لحشد مرتزقة من غرب أفريقيا.
وقال إن قادة “الدعم السريع” يغرون المرتزقة بنهب واستباحة مدينة الفاشر، داعياً إلى استنفار عام في المدينة من أجل “الدفاع عن الأرواح والممتلكات”.
وفي مارس/آذار الماضي، اتهمت وزارة الخارجية السودانية الإمارات باستخدام عشرات الآلاف من المرتزقة من عدة دول لإمداد قوات الدعم السريع.
في المقابل، قال زعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن الجيش يريدهم أن يوقعوا على اتفاق وقف إطلاق نار بينما يقوم بحشد من وصفهم بـ”المرتزقة الأجانب” في المعسكرات.
وفي العاصمة الخرطوم، قالت لجان مقاومة كرري، غرب مدينة أم درمان، إن قوات الدعم السريع جددت قصفها للمدينة، ما أدى إلى سقوط قتيلين وتدمير العديد من المنازل.
وحسب شهود عيان تحدثوا لـ” القدس العربي”، استطاع الجيش تدمير المدفع الأرضي الذي كانت تستخدمه قوات الدعم السريع لتنفيذ هجماتها من مدينة بحري على الأحياء الغربية للمدينة بعد ثلاثة أيام من القصف العشوائي.
وقالت لجان المقاومة إن القوات المسلحة استطاعت بعد اشتباكات عنيفة مع “الدعم السريع”، التقدم نحو مناطق جديدة غرب أم درمان في منطقة المنصورة، ووصلت إلى مشارف حي النخيل والبستان عبر شارع ليبيا.
وبينما عاد الهدوء النسبي إلى المدينة التي يسيطر الجيش على نطاق واسع منها، أعلنت الحكومة عودة مستشفى الدايات -الولادة، للعمل جزئياً بعد خمسة عشر شهراً من التوقف، ما عرض حياة العديد من الأمهات للخطر.
ومنذ الأشهر الأولى للحرب، حولت قوات الدعم السريع المستشفى الواقع شرق أم درمان إلى ثكنة عسكرية ومعتقل احتجزت فيه العديد من المواطنين ومنسوبي الجيش. وتعرض المستشفى لعمليات نهب واسعة طالت الأجهزة والمعدات، فضلاً عن التدمير الجزئي لمبانيه.
وخلال حضوره افتتاح المستشفى، أشار والي الخرطوم أحمد عثمان، إلى إصرار كوادر مستشفى الدايات على تشغيله جزئياً بتوظيف ما تبقى من الأجهزة، فيما أكدت القابلات جاهزيتهن للانخراط في العمل بشكل فوري.
ووجه الوالي رسالة لكل الذين أعلنوا استعدادهم للمساهمة بالأجهزة والمعدات الوفاء بالتزاماتهم حتى يدخل المستشفى مرحلة التشغيل الكامل، كما ناشد وزير الصحة الاتحادي بالإسهام في تشغيل المستشفى.
وقال مدير عام وزارة الصحة محمود القائم، إن وزارته مهمومة للغاية بعد استعادة الجيش نطاقاً واسعاً من أم درمان بتشغيل كل المؤسسات العلاجية، مشيراً إلى أن مستشفى “الدايات” يعتبر أكبر مستشفى تخصصي في إفريقيا، وأنه سيخفف الضغط على مستشفى النو الذي يستضيف حالياً مستشفيات الولادة.
وأشارت إدارة المستشفى إلى تعرضه لتخريب ممنهج عبر سرقة الأجهزة المهمة، لافتة إلى أن التشغيل الجزئي سيبدأ بـ 3 غرف عمليات و80 سريراً.
حسبي الله على كل من يقتل المظلومين والابرياء