الخرطوم- «القدس العربي»: قالت غرفة طوارئ مدينة بحري، شمال العاصمة السودانية الخرطوم، إن انقطاع خدمات الإنترنت وضع أكثر من 62 ألف أسرة في مواجهة خطر الجوع بعد توقف التبرعات عبر التحويلات البنكية بسبب انقطاع خدمات الإنترنت.
وأدى تعطيل الاتصالات إلى توقف التطبيقات البنكية التي يعتمد عليها أغلب السودانيين في ظل شح السيولة النقدية، فضلاً عن تعطيل الإجراءات الرسمية وشل الخدمات الصحية والتعتيم على مجريات المعارك وتداعياتها الإنسانية.
وتوقف إمداد 56 مطبخاً كانت تقدم الوجبات للمدنيين العالقين في مناطق العمليات العسكرية في مدينة بحري شمال الخرطوم. فيما أشارت غرفة الطوارئ هناك إلى أن تلك المطابخ كانت تتلقى الدعم المالي عبر التطبيقات البنكية.
والإثنين الماضي، انقطعت شبكة الهواتف المحمولة في جميع أنحاء البلاد، في وقت اتهم جهاز تنظيم الاتصالات والبريد قوات الدعم السريع بقطع الشبكات وتخريب أبراج الاتصال.
وشهدت العاصمة الإدارية بورتسودان وعدة مناطق أخرى انقطاعاً كاملاً في شبكات الاتصال والإنترنت للأسبوع الثاني، بينما يعاني نطاق واسع من إقليم دارفور من توقف الخدمة لأشهر.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يشهد قطاع الاتصال والإنترنت تردياً واسعاً، بلغ ذروته بتوقف الخدمة بشكل كامل في العاصمة الإدارية بورتسودان.
وتشغل ثلاث شركات رئيسية قطاع الاتصالات في السودان، بما يشمل شركة سوداني المشغل الأساسي لشركة سوداتل التي تقدم خدمات الاتصال السلكي واللاسلكي في البلاد، بالإضافة إلى زين الكويتية وإم تي إن الجنوب إفريقية.
وتتمركز معظم مقسمات الخدمة التابعة لشركات الاتصال في العاصمة الخرطوم، حيث تتصاعد المعارك منذ نحو عشرة أشهر.
وقال جهاز تنظيم الاتصالات والبريد السوداني إن قوات الدعم السريع قامت بإيقاف العمل في مراكز بيانات شركتي سوداني وإم تي إن، متهمة إياها بالتخريب والإمعان في زيادة معاناة المواطنين، واتهمها بإجبار الفنيين في شركة زين للاتصالات على إيقاف الخدمة عن ولايتي نهر النيل وبورتسودان والتهديد بإيقافها بشكل كلي.
وأشار إلى أن الدعم السريع تطالب بإعادة الاتصالات إلى مناطق سيطرتها في ولايات دارفور مقابل إعادة الخدمة إلى أنحاء البلاد الأخرى. وأرجع توقف الخدمة في إقليم دارفور إلى إحراق العديد من الأبراج وتخريب الفايبر وانقطاع التيار الكهربائي وانعدام الوقود.
وأفاد شهود عيان لـ”القدس العربي” بعودة شركة سوداني للاتصالات أمس الإثنين إلى الخدمة بشكل محدود في العاصمة الإدارية بورتسودان وبعض المدن الأخرى، وسط وعود حكومية بإعادتها في بقية أنحاء البلاد.
وفي ظل التداعيات المتفاقمة لتردي وانقطاع خدمات الاتصال والإنترنت، قالت غرفة طوارئ مدينة بحري، في منشور على حسابها بمنصة “إكس”، إن انقطاع الاتصالات والإنترنت تسبب في تعليق كل الخدمات الصحية والاستجابات الأولية للحالات الطبية وحالات الانتهاكات.
شددت قوى الحرية والتغيير على ضرورة إلزام جانبي القتال بالتعهد على ضمان استمرار خدمات الاتصالات والإنترنت في كل أنحاء السودان وعدم تعريضها للقطع المتعمد أو أي إجراءات أو تدخلات متعمدة يترتب عليها التأثير السلبي على كفاءة وجودة خدماتها واعتبار أي تعدٍ عليها بمثابة جريمة من جرائم الحرب.
وحذرت من تحويل هذه الخدمة الحيوية كإحدى أدوات الحرب بين الطرفين، لافتة إلى الأضرار المباشرة التي ترتبت عليه، وتبعاته على المواطنين وعموم الحياة في مناطق النزاع بجانب وجود تأثيرات ومهددات مباشرة على الأمن الصحي والغذائي للمتواجدين داخل السودان الذين ترتبط حياتهم ومعاشهم على التطبيقات البنكية المرتبطة بشبكات الاتصالات والإنترنت.
بينما دقت نقابة الصحافيين السودانيين جرس الإنذار بأنّ قطع خدمتي الاتصالات والإنترنت يُساعد كذلك في التستر وإخفاء الانتهاكات والجرائم المرتكبة جرّاء الحرب الدائرة، ويساعد في الإفلات من العقاب مستقبلاً.
ولفت إلى تأثيره على مستخدمي التطبيقات البنكية، الذين يواجهون صعوباتٍ بالغة في استخدام هذه التطبيقات، في ظل تردي جميع الأوضاع بما فيها الاقتصادية بفعل الحرب.
وحذرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتاين سلامي، من أن انقطاع الاتصالات في السودان يحد من قدرة الملايين الأشخاص على إرسال واستقبال المال، في وقت هم في أمس الحاجة له.
ولفتت إلى أنه يعيق أنشطة الاستجابة الإنسانية المهمة ووصول الناس إلى المعلومات المنقذة للحياة.
وطالب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، بإعادة شبكات الاتصال في جميع أنحاء السودان فوراً، واعتبر قطعها أمراً غير مقبول، مشيراً إلى أنه يمنع المدنيين من الوصول إلى الخدمات الأساسية.