السودان: قوى الحرية والتغيير وقصور الرؤية‎

حجم الخط
0

من أجزل الكسب في خضم التنافس السياسي هو ما يزجيه إليك منافسك من القصور عن إدراك غاية مسعاه لضيق نظرته أو لغفلته عن مظان نجاحه، وهذا بالضبط ما يصنعه تحالف قوى الحرية والتغيير الذي ما زال في موضع الكيان المحتج المطالب بمكاسب تُسدى إليه وإلا احتج أكثر (فقط) لأن هذا ما يعرفه الكيان المحتج المعارض الذي يعتمد على وجود من يُحتج عنده وعليه.
هذا الكيان فشل في أن ينتقل من وصف الكيان «المعارض» إلى كيان صانع للأحداث أو جسم سياسي قائد، ولا أظن أن ذلك لقصورٍ في الإدراك ولكن لأن هذا التحالف بصورته الحالية البادية في المشهد السياسي لم يقر عزمه أن ينظر للتحديات الضخمة المعقدة التي تنتظر بناء دولة الحرية والسلام والعدالة المنشودة لما يصلح حال الوطن السودان.. ولكنه لفقر المبادرة أو ضعف الطرحٍ أو تشاكس رؤى أسلم إلى الركون إلى مداومة حالة الإحتجاج والشكوى مخافة ألا يحتمل أي هذا الجسم السياسي حركية موقع الريادة والمبادرة السياسية في شأن هذا الوطن وآثر طريقة البقاء السالبة باستنهاض المحتجين لمؤازرته بالكيد من عدو المرحلة النظام السابق، الكيزان، الإسلاميين، بقايا النظام في الجيش، وهي تظل تدور مع دوران تحالف قوى الحرية والتغيير في تيه سياساته وهروبه مما ينتظره منه أنصاره من أدوار الريادة. هذه النظرة كما أراها صرفته على الأقل في الوقت الراهن من أن يتطلع إلى الفوز بمجد قيادة السير بالسودان إلى استكمال طريق التغيير وبناء دولة المستقبل ولكنها آثرت قيد العقلية الصغيرة والأفق المحدود فوحلت في أول الطريق أو كادت، وأسدت غيرها من القوى في الساحة السياسية بما فيها المجلس العسكري مجالاً أن يتقدموا المشهد ويساهموا برؤى جادة في قضايا السودان المرحلية الملحة متمثلةً في إيجاد حلول عادلة للمرحلة الإنتقالية وإقرار محاسبة الفساد السياسي والاقتصادي وتجاوزات الأجهزة النظامية في الفترة السابقة وترسيخ الحرية والعدالة ووضع دستور بمشاركة جماعية والتهيئة السياسية لمشاركة الحركات المسلحة والتيارات الجهوية والتحضير لانتخاب ديمقراطي.

طبيب سوداني مقيم في بريطانيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية