السياسة المصرية بين حربين ومجاعتين: غزة والسودان!

حجم الخط
10

ضمن التعليقات على «مؤتمر القوى الوطنية السودانية» الذي عقد تحت شعار «معا من أجل إيقاف الحرب» في العاصمة الإدارية لمصر، قارن الإعلام الرسمي المصري بين هذه التحركات الدبلوماسية فيما يخص السودان مع تحركات مقابلة فيما يخص القوى الفلسطينية، مذكرا بلقاء العلمين بين القوى الفلسطينية قبل العدوان على غزة بأسابيع، باعتباره محاولة لتحويل الحالة الصراعية الى حوار يبعد القوى الفلسطينية «عن التدخلات الخارجية» وأشار الإعلام المصري الى كون هذا جزءا من نهج أكبر لتحقيق «مصالحات إقليمية» بين أطراف مختلفة، مثل تركيا وإيران.
تطور الموقف المصري من الحرب الإسرائيلية على غزة بسرعة عبر بيانات رسمية واتصالات بعدة دول، وأخذ منحى آخر مع رفع استعدادات محافظة شمال سيناء، وأغلقت المعابر أمام البشر والمساعدات، وارتفعت حدة النبرة المصرية مع دعوات مسؤولين إسرائيليين سكان غزة للتوجه الى مصر، مؤكدة أن القاهرة لن تتردد في حماية أمنها القومي، وتصاعدت الردود الإسرائيلية على ذلك، وصولا إلى احتلال معبر صلاح الدين (فيلادلفيا) في خرق لاتفاقيات التسوية مع مصر، وفي تحويل للحرب على غزة إلى مجاعة واستخدام التجويع كسلاح حرب. لقد تركز الضغط المصري على منع دخول الغزيين إلى سيناء وأدى ذلك عمليا إلى إغلاق القطاع على سكانه، واستخدم جهاز أمني تحت مسمى شركة خروج الغزيين الهاربين من القصف والقتل وسيلة للتكسب وأخذ الرشاوى لم يواجه التصعيد العسكري ـ السياسي الإسرائيلي بخطوات مناظرة، وبذلك تُرك سكان غزة تحت رحمة إسرائيل، فيما بدا الدور المصري في المفاوضات بين إسرائيل و«حماس» أقرب للوسيط المحايد منه للداعم لمواقف الفلسطينيين، وكان لافتا، بعد العدوان على غزة، تدفق القروض المالية على مصر حيث أعلن الاتحاد الأوروبي عن خطة لدعمها بقيمة نحو 10 مليارات دولار و«إجراء محادثات بشأن الديون» كما أجرى صندوق النقد الدولي محادثات مع القاهرة بشأن زيادة قرضها البالغ 3 مليارات الى أكثر من 5 مليارات، وهو ما فسر بكونه «حزمة إغراءات ستقدم لمصر لضمان دعمها لأي تصور غربي لحل الأزمة في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب».
وفقا للأمم المتحدة فإن المجاعة وشيكة في شمال غزة ويمكن ان تحدث في أي وقت، ونصف السكان (حوالي 1,1 مليون شخص) يتضورون جوعا، وفي السودان حذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن الصراع المستمر قد أغرق البلاد في «واحدة من أسوأ الكوابيس الإنسانية في التاريخ الحديث» ما قد يؤدي الى أكبر أزمة جوع في العالم.
جاء المؤتمر الأخير حول السودان (6 إلى 7 تموز/ يوليو) كمحاولة دبلوماسية مصرية بعد توقف مبادرة دول جوار السودان التي لم تتقدم منذ مؤتمرها العام الماضي، ورغم مشاركة واسعة ضمت الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودولا خليجية (السعودية وقطر والإمارات) لكنه استبعد قوى سياسية فاعلة مثل «المؤتمر الوطني» وقوى أخرى، وكان الحوار، كما وصفه ساسة سودانيون، «ضيقا جدا، ولم يكن هناك اتفاق على القضايا».
تزامن المؤتمر مع حملة تحريضية في مصر ضد اللاجئين السودانيين فيما أعلنت السلطات الرسمية أن جهات إنفاذ القانون ستقوم بترحيل أي لاجئ أو أجنبي مخالف لـ«ضوابط الإقامة» فيما قالت منظمة العفو الدولية الشهر الماضي إن مصر اعتقلت بشكل جماعي آلاف اللاجئين الفارين من الحرب في السودان ورحلتهم بشكل غير قانوني.
بالنسبة للفلسطينيين، يرتبط الوضع في غزة، بصراع وجودي مع عدو يخطط ويعمل علانية لاستئصالهم وإبادتهم واقتلاعهم من أرضهم التاريخية، وهذا الموقف يتشابك مع تاريخ طويل لبلاد الكنانة نفسها، لكن مصر، بعد إقرار قياداتها السياسية معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1978 وحتى الآن، وخصوصا مع استمرار تدهور أوضاعها السياسية – الاقتصادية نتيجة عقود من الحكم العسكري، صارت تعمل ضمن تقاطعات المصالح الوازنة، مع إسرائيل والدول الغربية.
يشتبك التاريخ المصري مع السوداني أيضا، منذ الفراعنة، وحتى فترة حكم محمد علي للسودان، وهو تاريخ خلف مناطق معقدة تتردد أصداؤها، وتتفاعل سلبا أو إيجابا، بين السودانيين والمصريين. ضمن هذا السياق، تبدو المحاولات الدبلوماسية المصرية لحل النزاع القائم في السودان مطلوبة ومؤثرة، لكن وقف الحرب وبدء تسويات سياسية واجتماعية يجب أن يتوازى مع احترام للسودانيين داخل مصر وخارجها، ومع أخذ الاعتبار لمجمل القوى السودانية الوازنة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح// الاردن:

    *للأسف تراجع دور مصر في عهد السيسي
    وأصبحت عاجزة عن مساعدة الآخرين..
    وحالها يقول ( لله يا محسنين ) .
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد ومنافق.

  2. يقول عابر سبيل:

    وهنالك مجاعة ثالثة مقنعة أيضا وهي سببها السيسي لشعب مصر !!

  3. يقول السودانين ليس لهم عزر:

    نفهم تعقيدات القضية الفلسطينية وكل العالم الغربى المنحاز للكيان الظالم ولكن لا أفهم السودان الذى انفصل عن مصر ثم انفصل عن جنوب السودان ثم يقاتل نفسه بنفسه. بصراحة وجود أكثر من خمسة ملايين سوداني في مصر هو عبء على مصر بل هو عبء على اغنى دولة في العالم.

  4. يقول ماذا بقي من امة "خير امة:

    غزة العزة
    ماذا بقي من الدين والاخوة والكرامة والإنسانية والمجازر والمجاعة والقتل والدمار على بعد أمتار.

  5. يقول عماد غانم:

    بانضمامه لجامعة الدول العربية أصبح السودان آخر دولة عربية عوض اول دولة إفريقية ، بدا إنهيار السودان بتطبيق النميري احكام الشريعة الإسلامية بنصيحة من وزيرة الترابي/ كان ذلك قبل وصول الثورة الإسلامية للحكم في إيران
    باستيراد الترابي لنموذج سني للثورة الإسلامية واستضافة مؤتمر العالم الإسلامي ل10 سنوات أصبح السودان حاضنة لكل افات الإسلام السياسي وبالنتيجة انقسم السودان على جثة 2 مليون ضحية ومعاناة 5 ملايين مشرد، خلع البشير وانضمام السودان لاتفاق ابراهيم افضل ما حدث في السودان منذ نصف قرن
    كل من الجيش والدعم السريع متفقين على منح روسيا امتياز مناجم الذهب والموانيء، ولا ضير في ذلك ولكن رجالات الحزب الوطني في الاستخبارات العسكرية كانوا يتوهمون أن الظرف مواتي للعودة للسلطة ، فعاد السودان للصفر
    مصر (حفظها ونصرها الله) راضية بالهم والهم مش راضي فيها!

  6. يقول رياد:

    وهل يعتبر السفاح القابع علي قلوب المصرين رئبس حقيقي لمصر كلا فهو عبارة عن أداة غربية وليست مصرية يدعي انه يخدم الشعب المقهور به بينما هو عباره عن مخطط حبكه بموافقة الصهيوني واداره واشنطن لنخريب الوضع اكثر ما هو خربان للأسف لكن اين الشعب من هذا وهذه هي الماساه للاسف

  7. يقول الجنتلمان:

    سموا الأشياء باسماءها.
    المصريون حكومة وشعبا يتعاملون مع السودانيين بفوقية وعنصرية لان بشرتهم سوداء.
    الدين ضعيف جدا بالرغم من امتلاء المساجد أيام الجمع، والوعي أضعف ما يكون عند الشعب المصري إلا قلة مضطهدة ممن لم يرحم ربي.
    لن تقوم قاءمة لمصر أبدا أبدا إلا عندما يحترم سعادة الباشا اللواء عم عبده البواب ويقف خلفه في الطابور. بدون فعل ذلك بتلقائية وحبا في احترام الآخرين وحبا في النظام العام لن يكون لمصر شأن حيث هذه الشغلة بالذات هي ألمحك لتقدم مصر وبغيرها أتحدى ان تخطوا مصر خطوة إلى الأمام وستظل تعيش على ترديد نغمة حضارة السبعة آلاف سنة المقطوعة الوصل عمن يتشدق ويفاخر بها الان في هذا الزمان اللا بديع واللا همزاني..

  8. يقول الكروي داود النرويج:

    هكذا هو الحكم العسكري المتخلف دائماً سياسيا و اقتصادياً !
    أسد على الشعب ونعامة على من يدعمه !!
    و لا حول و لا قوة الا بالله

  9. يقول alaa:

    هذا هو الحال ولا حول ولا قوة الا بالله وحسبنا الله علي الظالم

  10. يقول ابو سلامه:

    فعلاً اساس السياسه المصريه حالياً هو الحصول على الاموال وبأي طريقه للاٍنفاق على مشاريع ما انزل الله بها من سلطان . مصر لا تستطيع حالياً اتخاذ اي سياسه تنشئ لموقف يؤكد قوة مصر . المعلوم ان سيناء باستثناء عشرين كيلومتراً شرق قناة السويس خاليه من اي قوه مصريه حقيقيه وعلى ذلك يد مصر مكبله عن اي رد فعل مقابل اسرائيل.
    مصر انتهت كقوه اقليميه وتداركمزرعه لجيش لا يعرف هو نفسه ماهي وظيفته التي أُعطيت لشيخ عرب اسمه العرجاني

اشترك في قائمتنا البريدية