السياسيون العراقيون يترقبون نتائج المفاوضات بين واشنطن وطهران: خطوة لتجنّب حرب وشيكة في المنطقة

مشرق ريسان
حجم الخط
0

يعوّل السياسيون العراقيون على انفرج الأزمة العميقة بين واشنطن وطهران، وانعكاسها على أمن واقتصاد العراق، ويحذّرون من خطورة أي تعثّر في المسار التفاوضي الذي من شأنه إشعال فتيل الحرب.

بغداد ـ «القدس العربي»: لم يُخفِ السياسيون والمسؤولون في العراق، اهتمامهم العميق بنتائج المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، لما للدولتين من تأثير مباشر على الداخل العراقي من جهة؛ والمنطقة بأسرها من جهة ثانية، ففيما يعوّلون على انفرج الأزمة العميقة بين واشنطن وطهران، وانعكاسها على أمن واقتصاد العراق، حذّروا من خطورة أي تعثّر في المسار التفاوضي الذي من شأنه إشعال فتيل الحرب في الشرق الأوسط.
السياسي العراقي، محافظ نينوى الأسبق، أثيل النجيفي، أشّر لمحاولات لأطراف سياسية عراقية، تحاول إثارة الأزمات في الداخل العراقي، تزامناً مع انطلاق جولة المفاوضات الأمريكية ـ الإيرانية.
وقال النجيفي- وهو قيادي في تحالف «متحدون» السياسي- في إيضاح له، إنه «في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية وانطلاق المفاوضات الأمريكية الإيرانية، تسعى بعض الأطراف العراقية (لم يسمّها) لإثارة الأزمات التي يأملون من خلالها عودة أجواء النزاعات الطائفية لتخدم مصالحهم السياسية والانتخابية».
وأشار إلى أنه «في نينوى أطلقوا حملات من الاتهام والتشويه ضد كل جهة منضبطة وملتزمة بالأوامر والتوجهات الرسمية ولا تتماشى مع محاولاتهم لخلق الأزمات، وهاهم أخيرا يثيرون قضية تقسيم نينوى بطريقة لا تخفي توجها وخطابا طائفيا، وأترفع عن ذكر كثير خطاباتهم واشاعاتهم تفاديا للتماشي مع مقصودهم».
ورأى أنه «مهما أثاروا من أحداث وإشاعات ومحاولات فإننا ندعو أهالي محافظة نينوى خصوصا والمجتمع العراقي عموما إلى التحلي بالهدوء وعدم الانجرار للرد على هذه المحاولات العقيمة وما يتعبها من ردود مقابلة وتهييج الرأي العام، ونحيل الأمر برمته للمؤسسات الرسمية في الدولة التي تدرك خطورة هذا الخطاب على مجمل الوضع الداخلي والخارجي للعراق، وتعرف أنه يمس سلطتها ومصالحها بالدرجة الأولى وأنه يتقاطع بصورة كاملة ووضع إقليمي ودولي قادم سيفرض نفسه على الجميع».
وسبق أن لفت النجيفي إلى إجراء إيران مفاوضات الملف النووي في العقد الماضي، عندما كانت تسيطر على سوريا ولبنان وتتلقى التسهيلات للتوسع في اليمن والعراق، حسب رأيه، مبيناً أنها «تبدأ مفاوضاتها الآن مع الولايات المتحدة وقد خسرت سوريا ولبنان وتتعرض للضغوط في اليمن والعراق».
ويقرّ بأن «إيران بارعة في التفاوض وتسعى لتعبيد طريقها إلى الولايات المتحدة، بينما تريد الأخيرة حسم هذا الملف واحتواء إيران. يبقى أهون أوراق التفاوض عند إيران هي الملف العسكري في العراق واليمن، فلا يمكن لها ان تقارن بين أهمية ملفها النووي أو قدرتها الصاروخية ولا تخلصها من العقوبات الاقتصادية بملف لا تضمن سيطرتها عليه ويتعرض للضغوط في بلاد أخرى».
وأضاف: «علينا أن نراقب، فإيران ستخسر بالتأكيد نفوذها العسكري في العراق واليمن. ستسعى لاستبداله بنفوذ سياسي واقتصادي وثقافي تتنافس به مع قوى متعددة، ويبقى الفيصل في هذا الرأي العام العراقي».
أما الوزير العراقي السابق، زعيم تحالف «مستقبل العراق»، باقر الزبيدي، فاعتبر العراق «من أكثر الدول اهتماما» بالمحادثات الإيرانية ـ الأمريكية التي تستضيفها العاصمة العمانية مسقط، عازياً السبب في ذلك إلى تأثير الدولتين الواضح في الداخل العراقي.
الزبيدي ذكر في بيان صحافي، أن «الجانبين خرجا بتصريحات إيجابية عن الجولة الأولى، وهو مؤشر مهم على أن الطرفين مصممان على الوصول إلى نتيجة نهائية لغلق هذا الملف الطويل تماما»، مبيناً أن «الملف النووي الإيراني هو المحور الرئيسي للمحادثات، لكن المؤثر الحقيقي على ملف المفاوضات بشكل عام هو ملف محور المقاومة في المنطقة والحلول التي من الممكن التوصل إليها في هذا الملف والرؤية المشتركة بين الجانبين له».
وحسب معلومات الوزير العراقي السابق، فإن «الجانب الإيراني قام بدراسة معمقة لشخصيات الإدارة الأمريكية من الرئيس إلى أصغر فرد في هذه المنظومة، وهم يعلمون بشكل أكيد أنهم أمام إدارة يقودها رجال أعمال والمفاوضات نفسها تتم عبر رجل أعمال هو المبعوث الخاص لترامب في شؤون الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف».
ورأى أن «هذه النقطة جعلت الجانب الإيراني يدفع باتجاه عقد صفقة ضخمة من شأنها أن تسيل لعاب إدارة ترامب المتلهفة على عقد الصفقات الكبيرة من أجل تلافي المشاكل التي سببتها التعرفة الجمركية والتي لها تأثيرات مستقبلية على الداخل الأمريكي».
وحسب اعتقاد الزبيدي فإن «الجانب الأمريكي بالمقابل يعلم أن هناك موجة إيرانية داخلية سواء من رجال السياسة والدولة أو من الأوساط المجتمعية تدفع باتجاه المفاوضات التي من شأنها أن تنهي العقوبات الاقتصادية وترفع الحمل عن كاهل الشعب الإيراني».
وبحكم التأثير الإيراني والأمريكي على العراق، فإن بغداد ستكون من أكبر المستفيدين من أي اتفاق إيراني ـ أمريكي وبأي صيغة كانت، حسب الزبيدي الذي عزّا ذلك إلى أن «الاتفاق سينعكس سياسيا وأمنيا واقتصاديا على العراق كدولة تملك مصالح مع الطرفين، وربما نشهد مشاريع مشتركة بين الدول الثلاث، وهو ما يعني وجود العراق كحلقة ربط بين أهم أطراف الصراع العالمي».
غير أنه ذكّر أن «هناك دولاً ستعمل على محاولة تخريب أي اتفاق إيراني ـ أمريكي، وستقوم عبر لوبياتها في أمريكا أو عبر إعلامها العميق بنشر الأكاذيب في محاولة بائسة أخيرة لإيقاف التغيير القادم للمنطقة في حال تم الاتفاق بين واشنطن وطهران».
ومنتصف الأسبوع الماضي، كان وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين، قد عبّر لنظيره الإيراني، عباس عراقجي، دعم العراق لأي جهد يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، فيما أشار عراقجي إلى أن الجولة الثانية من المحادثات مع أمريكا ستُعقد في روما.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي جمع الطرفين، بيّن فيه عراقجي أن «المفاوضات بين الجانبين الإيراني والأمريكي سارت بشكل جيد»، مشيرًا إلى «مناقشة المشروع النووي»، فيما أكد أن «الجولة الثانية من المحادثات ستُعقد قريبًا في العاصمة الإيطالية روما، برعاية سلطنة عُمان أيضًا».
وحسب بيان للخارجية العراقية، فإن فؤاد حسين أعرب عن ارتياحه لمسار الحوار القائم، مثمنًا الدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عُمان في تسهيل المفاوضات، مؤكدًا «دعم العراق لأي جهد يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي».
وكان رئيس الدبلوماسية العراقية قد عبّر عن أمله في استمرار الحوارات «بما يُفضي إلى اتفاق مبدئي يُبعد شبح الحرب؛ لأن البديل سيكون كارثيًا على المنطقة والعالم».
وقال في تصريحات أدلى بها للصحافيين الأسبوع الماضي، إن «الجانبين الإيراني والأمريكي أبديا استعدادًا لمواصلة التفاوض، ونعتبر ذلك خطوة إيجابية»، مشددًا على أهمية «تعاون دول الجوار في مجال مكافحة الإرهاب»، محذرًا في الوقت عينه من أن «الفوضى وغياب الاستقرار يُمهّدان الطريق أمام انتشار التنظيمات المتطرفة، كما حدث مع تنظيم داعش في سوريا».
وأشار الوزير العراقي إلى ضرورة «إنشاء آلية عمل مشتركة عالية المستوى لمنع أي تهديد إرهابي مستقبلي»، مؤكدًا، أن «العراق يؤدي دورًا محوريًا في إطفاء بؤر التوتر في المنطقة، من خلال سياسة خارجية متوازنة تستند إلى مبدأ الحوار والتفاهم المشترك».
كما يؤيد زعيم تيار «الحكمة» وتحالف «قوى الدولة الوطنية»، عمار الحكيم، تعزيز فرص الحوار بين واشنطن وطهران، ودعا في الوقت نفسه المجتمع الدولي إلى الدفع بهذا الاتجاه أيضاً.
وأفاد في تصريحات أطلقها من إقليم كردستان العراق، نهاية الأسبوع الماضي، أن الجولة الأولى من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بعثت «رسائل طمأنينة واضحة للمنطقة»، مشيرًا إلى أن العراق غالبًا ما يكون «أول المتضررين من التوتر بين الطرفين، وأول المستفيدين عندما تنخفض حدّته».
وأوضح الحكيم أن «العراق لطالما كان في قلب الصراعات الإقليمية، وكلما تصاعدت التوترات بين طهران وواشنطن كان المتضرر الأول، والعكس صحيح؛ إذ إن التفاهم بين الجانبين يفتح آفاقاً من الاستقرار والازدهار في المنطقة، ويمنح العراق فرصة للالتفات إلى مشاريعه التنموية».
ودعا الحكيم المجتمع الدولي إلى «دعم مسارات الحوار الإقليمي والدولي، لما لها من انعكاسات إيجابية على استقرار العراق والمنطقة بأسرها».
ورأى أن رسائل الجولة الأولى من مفاوضات طهران وواشنطن، «ليست مجرد إشارات سياسية، بل بارقة أمل لمرحلة جديدة يمكن أن تُسهم في تخفيف أعباء المنطقة، ووضع العراق على مسار أكثر استقراراً وتنمية».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية