القاهرة ـ «القدس العربي»: ختم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، زيارته إلى مصر التي استغرقت 3 أيام، أمس الثلاثاء، في مدينة العريش في محافظة شمال سيناء، حيث اعتبر أن استئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة «أولوية الأولويات»، مشيرا إلى أن القطاع يضم مليوني شخص «محاصرين» ولا يمكن الحديث عنه كـ «مشروع عقاري».
وقال في تصريحات من مدينة العريش المصرية القريبة من قطاع غزة إن الوضع اليوم في غزة لا يمكن التساهل معه «وهو لم يكن أبدا بهذا السوء».
لا يمكن محو التاريخ
وأضاف «نطالب أولا باستئناف دخول المساعدات في أسرع وقت ممكن».
وأكد أن قطاع غزة يعيش فيه مليونا شخص «محاصرين» ولا يمكن الحديث عنها كـ «مشروع عقاري».
وقال «حين نتحدث عن غزة نحن نتحدث عن مليوني شخص محاصر بعد أشهر من القصف والحرب».
وأضاف «لا يمكننا محو التاريخ والجغرافيا. لو كان الأمر ببساطة مشروعا عقاريا أو استحواذا على أراضٍ لما كانت الحرب اندلعت من الأساس».
كما أدان ماكرون استهداف طواقم الإغاثة والعاملين في القطاع الإنساني في غزة، بعد أسبوعين من استشهاد 15 مسعفا في رفح بنيران إسرائيلية.
وقال: «ندين هذه الهجمات بشدة، ويجب كشف الحقيقة كاملة» في شأن ما تعرض له المسعفون.
وزاد ماكرون، برفقة نظيره المصري عبد الفتاح السيسي مستشفى العريش العام لتفقد الجرحى والمرضى الفلسطينيين القادمين من غزة.
وقال الطبيب في مستشفى العريش محمود محمد الشاعر للصحافيين إنه منذ بدء الحرب استقبل المستشفى 1200 مريض فلسطيني، موضحا أن هناك عدة مستشفيات أخرى قريبة تستقبل أيضا مصابين فلسطينيين من غزة.
وأضاف أن المستشفى استقبل الكثير من المصابين، بينهم إصابات في العين والمخ «والكثير من حالات البتر بين الأطفال».
كما تفقد ماكرون والسيسي مخازن الهلال الأحمر المصري التي تشهد تكدسا في المساعدات بسبب إغلاق الاحتلال المعابر، وزار معبر رفح.
ووصف الرئيس الفرنسي مدينة العريش بأنها «ترمز للدعم الإنساني للمدنيين في غزة».
دعا لاستئناف المساعدات وتفقد جرحى فلسطينيين وأدان قتل إسرائيل لمسعفين
وحذر مصدر إغاثي فرنسي من أن الدواء سينف من قطاع غزة خلال أسبوع، مشيرا إلى أن القطاع لم تدخله أي مساعدات منذ شهر.
وقال مصدر إغاثي فرنسي آخر لوكالة «فرانس برس» إن سعر المياه ارتفع كثيرا في القطاع، معتبرا أن إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية ورقة ضغط في المفاوضات مع «حماس».
وبين مصدر من الهلال الأحمر المصري، إن الرئيس الفرنسي تحدث مع المسؤولين في الهلال، مثمنا الجهود المصرية في استقبال المساعدات الإنسانية والغذائية والإغاثية والوقود من دول العالمن وكذلك العمل على إدخال المساعدات لقطاع غزة في وقت فتح المعابر، وكذلك استقبال الجرحى والمصابين والمرضى الفلسطينيين القادمين من غزه للعلاج في المستشفيات المصرية.
ووفق السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، فإن زيارة ماكرون تأتي لتأكيد تضامن فرنسا مع الجهود المصرية الكبيرة في استقبال ورعاية المصابين من أبناء الشعب الفلسطيني جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة.
ووفق قوله، شملت الزيارة تفقد الرئيسين السيسي وماكرون مستشفى العريش ولقاءهما بعدد من الجرحى الفلسطينيين، لا سيما من النساء والأطفال، وكذلك مركز الخدمات اللوجستية التابع للهلال الأحمر المصري المخصص لتجميع المساعدات الإنسانية المقدمة من مصر وكافة الدول الموجهة إلى قطاع غزة.
وأوضح أن السيسي شدد على موقف مصر الراسخ، قيادةً وشعبًا، في دعم الأشقاء الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن مصر تبذل جهودًا حثيثة ومساعي دبلوماسية مكثفة بهدف التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والعمل على إدخال المساعدات الإنسانية اللازمة إلى أهالي القطاع، حفاظًا على أرواح الأبرياء وحماية الشعب الفلسطيني الشقيق من تداعيات العدوان. كما وجه الشكر للجانب الفرنسي على الدعم الذي يقدمه للمساهمة في تقديم الرعاية الطبية اللازمة للجرحى الفلسطينيين.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيسين أكدا خلال الزيارة على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وأهمية العمل على الإسراع في نفاذ المساعدات الإنسانية وضمان حماية المدنيين وعمال الإغاثة، مشددين على رفضهما القاطع لأي محاولات تستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم. وكانت السلطات المصرية حشدت الآلاف من المواطنين أمام مطار العريش ومعبر رفح لإعلان رفضهم لمخطط تهجير الفلسطينيين، بالتزامن مع زيارة ماكرون المعبر.
«كلنا خلف الرئيس»
ورفع المحتشدون الأعلام المصرية والفلسطينية ولافتات تعبر عن دعمهم الكامل للسيسي، من بينها: «كلنا خلف الرئيس»، و«نؤيد قيادتنا السياسية في حماية حدود الوطن»، إلى جانب لافتات ترحيب بالرئيس الفرنسي كُتب عليها: «أهلاً بالرئيس ماكرون في سيناء السلام».
كما رفع المشاركون شعارات ترفض خطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وتؤكد على أن «سيناء ليست بديلاً عن غزة»، كما تضمنت الهتافات تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي، ومطالبات بوقف الجرائم بحق المدنيين في القطاع المحاصر.
وكان أعضاء في مجلس النواب المصري وقيادات في أحزاب موالية على رأسها حزب «مستقبل وطن» الذي يمثل الغالبية في البرلمان، واتحاد القبائل العربية الذي أسسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، قد أشرفوا على نقل المواطنين من المحافظات مساء الإثنين إلى سيناء.
ورصدت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان معاناة عدد من المشاركين في الوقفة الاحتجاجية التي نُظمت قرب مطار العريش رفضا للتهجير وتأييدًا لقرارات السيسي، حيث واجه الحاضرون ظروفًا قاسية وسط منطقة صحراوية تفتقر إلى أبسط الخدمات الأساسية.
ونقلت المؤسسة عن مشارك من وسط القاهرة قوله: «تم توجيهنا من قِبل حزب «مستقبل وطن»، وأخبرونا أننا سنحصل على 500 جنيه ووجبات. لكن الواقع مختلف تمامًا. لا توجد محال أو مصادر مياه، والحرارة مرتفعة، والغبار يملأ المكان».
وأضاف مشارك آخر من محافظة دمياط: «مشينا أكثر من كيلومترين حتى وصلنا إلى حي العبور لشراء مياه أو طعام ولم نجد إلا البسكويت». كما اضطر العديد من السيدات والأطفال إلى اللجوء لمنازل الأهالي القريبة لقضاء الحاجة، بسبب عدم وجود دورات مياه في المنطقة المخصصة للوقفة.
وسجلت المؤسسة وقوع حالات إغماء لعدد من السيدات بسبب شدة الحرارة ونقص المياه، في ظل غياب سيارات الإسعاف القريبة، حيث تدخل متطوعون من الهلال الأحمر المصري لتقديم الإسعافات الأولية ونقل المصابات.
وفي شهادة أخرى، قال أحد الشباب المشاركين إن بعض أعضاء حزب «الجبهة الوطنية» أبلغوهم بأنهم ذاهبون إلى شرم الشيخ، لكنهم فوجئوا بالوصول إلى منطقة صحراوية خالية من الخدمات، ولا توجد فيها مياه أو دورات مياه.
إلى ذلك، أثارت مشاهد الرقص من المحتشدين عند المعبر استياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تداولوا فيديوهات لسيدات وهن يرقصن ويحملن العلم المصري أمام المعبر.
وكتب المحامي والناشط المصري هيثم محمدين على صفحته على الفيسبوك: «أخبرهن أن خلف السور توجد إبادة».