الشؤون المدنية معطلة في سوريا… وتسجيل الوفيات والولادات والزواج معلَّق

جانبلات شكاي
حجم الخط
0

دمشق ـ «القدس العربي»: مع ازدياد شكاوى السوريين بعدم قدرتهم على إنجاز أي معاملة تتعلق بالأحوال المدنية من تسجيل الوفاة أو الولادة أو الزواج وغيرها، كشفت مصادر مسؤولة في «الشؤون المدنية» أن الشبكة المغذية لجميع المديريات في المحافظات السورية الـ14، متوقفة، والمديريات ومراكز النفوس المتفرعة عنها، لا تقدم أي خدمات، باستثناء المديرية المركزية في دمشق التي يقتصر نشاطها حالياً على منح بعض الأوراق الرسمية ضمن اختصاصها.

ساعات عمل قليلة

وقالت المصادر لـ«القدس العربي» إن العاملين في مديريات الشؤون المدنية في المحافظات كافة، يترددون يومياً على أماكن عملهم، لساعات قليلة من دون أن يمارسوا أي وظيفة، وحالهم هكذا منذ إسقاط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، ومن دون أن تكون لديهم أي معلومة عن أسباب إيقاف شبكة «الشؤون المدنية» على مستوى البلاد، والفترة التي ستبقى أعمالهم معلقة خلالها».
المصادر التي توقعت أن لا تطول فترة التوقف كثيراً «لأن الأمر يتعلق بمصالح كل السوريين، وهناك تراكم سيترك أثره».
أوضحت أن «القوانين والتعليمات التنفيذية، كانت تضع فترات زمنية محددة لتسجيل الوقائع إن في حال الولادة أو الوفاة أو الزواج أو الطلاق، وتصل إلى 15 يوماً في المناطق القريبة من مراكز الشؤون المدنية، والمعروفة عند المواطنين بدوائر النفوس في الريف السوري وفي المدن، على حين تصل إلى 30 يوماً في باقي القرى البعيدة عن تلك المراكز».
وبينت أن «موظفي الشؤون المدنية جاهزون لاستئناف عملهم مباشرة لكن وزارة الداخلية لم تشغل بعد البرنامج الإلكتروني الذي نعمل عليه، ويستطيع المواطن الحصول على بعض الوثائق التي كنا نقدمها مثل: إخراج القيد أو البيان العائلي أو بيان زواج أو الطلاق، من المديرية المركزية حصراً في شارع الثورة في دمشق، لكنه حتى هناك لا يستطيع تسجيل أي واقعة».
وإن كان سبب توقف الشبكة المركزية عن العمل يعود إلى مخاوف من إمكان التلاعب بالمعلومات المخزنة عن المواطنين السوريين أو الفلسطينيين المقيمين في سوريا، والذين يعاملون معاملة السوري في كثير من القضايا، وحتى عن المجنسين من رعايا الدول الأخرى أوضحت المصادر أنه «لا تتوفر أي فكرة ولا معلومة عن سبب إيقاف الشبكة، ولابد من أن تكون هناك بعض القضايا التي ربما يتابعونها لكننا لا نعلم ما هي، وربما هناك مساع لإدخال تعديلات جديدة على البرنامج المطبق أو تحديثه ليصبح ذا فاعلية أقوى وأسرع من البرنامج المعتمد حالياً، ولكن كل ما سبق هي مجرد تخمينات لا أكثر». وعن مدى دقة معلومات متداولة عن وجود عشرات الآلاف من الإيرانيين المجنسين، وعمل الإدارة المركزية في التدقيق بقوائم هؤلاء، أو في إمكان العمل على منح الجنسية لأناس جدد، قالت المصادر: «إن ذلك مجرد أقوال لا يمكننا تأكيدها، ولم نتلقَ أي كتب بهذا الخصوص ولم تتسرب أيضاً معلومات عن مثل هذه الأمور، وحواسب النفوس كانت تظهر سابقاً أوضاع المواطنين إن كانوا يحملون الجنسية السورية بالولادة أو ممن تم تجنيسهم حديثاً، فهؤلاء تحمل على قواعد بياناتهم تاريخ اكتسابهم الجنسية السورية». وأوضحت أن «مثل هذه الملاحظات يتم تثبيتها ضمن قواعد البيانات لما يتعلق ذلك بحقوق أخرى مثل التملك والإرث وغيرها، وهو ما كان يظهر عند زواج السوري من فلسطينية مثلاً أو بالعكس».

باستثناء المديرية المركزية في دمشق… وسجلات المعتقلين ستساعد ذويهم

وعن آليات تثبيت حالات الوفاة لسوريين اختفوا قسراً في مناطق العمليات العسكرية، أو ضمن المعتقلات والسجون، أوضحت المصادر أن «الأمر قبل سقوط النظام كان يتم عبر إصدار قرار حكم قضائي بسبب الفقدان، أما الآن فإن الوضع ليس واضحاً، وننتظر التعليمات الجديدة لمعالجة مثل هذه القضايا التي ترتبط بالمختفين أو المتوفين تحت الاعتقال من دون وجود أي توثيق لهم».
وتابعت: «إن إخفاء الوثائق الخاصة بمصير المعتقلين خلال عهد النظام السابق، كان شائعاً والكثير من السوريين لم يكن يعلمون مصير أبنائهم في المعتقلات، وفي المقابل كانت تصل إلى الشؤون المدنية خطابات من بعض الجهات الرسمية تثبت حالات الوفاة، وهؤلاء كان أقاربهم يتأكدون من مصيرهم إذا ما حصلوا على شهادة وفاة من دوائر النفوس».
وأوضحت المصادر أنه «في بعض الحالات ظهرت وقائع تناقض ما سبق، حيث تم الإفراج عن معتقلين كان ذووهم قد تبلغوا بوفاتهم، وهؤلاء كان لابد من صدور قرار قضائي لرفع إشارة الوفاة عن قيدهم الشخصي».
وبينت المصادر أنه «إذا ما توفرت اليوم سجلات عن مصير المعتقلين السابقين، وتم تزويدها للشؤون المدنية، فإننا في هذه الحالة سنوفر الكثير من الجهد على المواطنين، ولن تكون هناك حاجة لقرارات قضائية تثبت واقعة الوفاة». وعبرت المصادر عن قلقها في اتجاه مصير الكثير من زملاء المهنة، حيث «جرت عمليات إعادة تقييم للعاملين في الشؤون المدنية على مستوى الإدارة المركزية والمديريات في المحافظات، والموظفون بانتظار معرفة مصيرهم إن سيواصلون عملهم بعد تفعيل الشبكة المتوقع قريباً، أم سينقلون إلى أماكن أخرى، أو سيتم إنهاء عقود غير المثبتين منهم ممن كان يعمل بعقود سنوية». وأحدثت الشؤون المدنية في وزارة الداخلية السورية بموجب مرسوم تشريعي حمل الرقم 76 لعام 1947، وترتبط مباشرةً بوزير الداخلية عن طريق معاونه للشؤون المدنية، وتتمتع بالاستقلال المالي ويخضع العاملون فيها للقانون الأساسي للعاملين في الدولة ولا يوجد فيها عناصر عسكرية باستثناء الحراس وبعض السائقين.
وحسب نظامها الداخلي، فإن الشؤون المدنية تقوم بالإشراف على تنظيم الاستفتاء على منصب رئاسة الجمهورية، وعلى تنظيم انتخابات مجلس الشعب، والمساعدة في اجراءات انتخابات الإدارة المحلية، وتسجيل المواطنين (ولادة، وفاة، زواج، طلاق…الخ) ومعالجة قضايا التملك العقاري لغير السوريين، وقضايا التملك على الحدود، وشؤون الحج، وتدقيق معاملات الجنسية وإصدار صكوكها وتدقيق معاملات الوكالات الداخلية والخارجية، وطلبات إشهار أنظمة الجمعيات والأندية، والمعاملات المتعلقة بالشؤون الدينية، ومعاون وزير الداخلية للشؤون المدنية مكلف بمهام رئيس اللجنة المركزية لتسجيل المكتومين، ورئيس اللجنة العليا لأملاك الأتراك، ورئيس اللجنة العليا لأملاك اليهود، وعضو في لجنة الحج العليا.
ويكاد مبنى الإدارة المركزية للشؤون المدنية في شارع الثورة في دمشق، خالياً من المراجعين، بعد أن كان ذات المبنى يستقبل الآلاف يومياً، ورغم تعطل مصالح المواطنين، إلا أن حالة من القبول بالأمر الواقع مازالت مسيطرة على عموم البلاد.

لا أحد يفكر في الزواج

وقال أحد المواطنين لـ«القدس العربي» معلقاً على إيقاف تسجيل الوقائع، إن الأمر حالياً ليس حاجة ملحة، فيمكن تأجيل تقييد حالات الوفاة أو الولادة وحتى تثبيت عقود الزواج أو الطلاق، وأصلا في المنطقة التي قدمت منها، لم أسمع أحداً قد عقد قرانه في هذه الظروف منذ سقوط نظام الأسد، والزواج إن كان لابد منه، فلا يتوقف عند الأوراق الرسمية إذ يمكن القيام به عبر المشايخ، ومن ثم يمكن إعادة تثبيت العقد بعد أن تعود النفوس للعمل.
وبين المواطن أن الإجراءات المتوقفة حاليا تصبح ملحة إذا ما كان صاحبها يزور البلاد لفترة محددة ومجبر على المغادرة، لكن حتى هذا الوضع بات اليوم أسهل من زمن النظام السابق بعد تخلص الكثير من السوريين من رهاب الزيارة وإمكانية مراجعة الأفرع الأمنية، وأيضا مع عودة العديد من شركات الطيران العربية والأجنبية للعمل من مطار دمشق الدولي.

تلافي النواقص

ولم يتحرك أحد من عمال مديريات المحافظات للسؤال عن مصيرهم باستثناء العمال في مديرية الشؤون في السويداء الذين راجعوا مبعوث القيادة الجديدة لمحافظة السويداء مصطفى البكور للاحتجاج والاستفسار عن سبب توقف التوصيل الشبكي بين مديرية الشؤون في المحافظة والإدارة العامة في دمشق، حسب صحيفة «الوطن» السورية، التي نقلت عن البكور تأكيده ضرورة تلافي النواقص في المديرية، واتخاذ إجراءات سريعة من شأنها إعادة العمل في مركز مدينة شهبا لخدمات الأحوال المدنية الذي تعرض للسرقة والتخريب.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية