عمان ـ «القدس العربي»: صعدت قضية اتفاقية تأجير أراضي الغمر والباقورة الأردنية لإسرائيل وبقوة خلال أيام قليلة في خطاب الشارع الأردني. ويمكـــن ببساطة استثمار الضغط الشعبي الأردني سياسيا إذا ما توافرت الفرصة لإعادة إنتاج المشهد المتعلق.
فقد كان من الواضح أن الفعاليات الشعبية الأردنية، وطوال الأسبوعين الماضيين، صعّدت وحذرت بقوة حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز المثقلة بالملفات والمشكلات المعقدة، من عبور الفترة القانونية المتبقية على اتفاقية تأجير الأرض للاحتلال الإسرائيلي بدون قرار حاسم ينبغي أن يرقى حكوميا إلى مستوى خطاب الشارع ومطالب الناس.
هذا الإشكال في جانبه السياسي والدبلومــاسي يتمثل اليوم في أن زوايا ودهالـــيز ما تسمى بـ«صفقة القرن» لا توفر هـــوامش حقيقــية من المناورة أمام اللاعب الأردني، وفي أن العلاقات الإسرائيلية الأردنية بأسوأ أحوالها تماما.
حسابات معقدة ومتضاربة: الملكية لأشخاص «يهود» و«السيادة» للمملكة
وبكل حال، تشكل مجمل هذه الملامح عنصرا ضاغطا على حكومة الأردن المضطرة، في السقف الزمني والإطار القانوني وبعد أيام عدة فقط، إلى حسم خيارها وقرارها بخصوص اتفاقية تأجير أراضي الباقورة والغمر.
على الصعيد الشعبي، وفي ظل هذا الظرف المعقد سياسيا، يصعد خطاب بسقف مرتفع تحت عنوان «استعادة السيادة الأردنية على هذه الأراضي». ويعبر الأردنيون عن سعيهم لاستعادة ما يسميها حزب جبهة العمل الإسلامي الكرامة الوطنية، عبر سلسلة كبيرة من النشاطات والفعاليات.
وهنا برزت ظاهرتان تحديدا، حيث تم تشكيل اللجنة العليا الوطنية لاستعادة أراضي الغمر والباقورة، وحيث تحرك أعضاء في البرلمان في اتجاه المزاج الشعبي هنا، ومن بينهم خليل عطية، وخالد رمضان، وغيرهما، ثم يحاول كثيرون الاستثمار في الحالة التي تسعى لاستعادة هيبة البرلمان بالتوازي مع نقاشات صاخبة لمرحلة ما بعد قانون الضريبة.
ووقع 87 عضوا في مجلس النواب على مذكرة مكتوبة بعناية فائقة تطلب عقد جلسة نقاش دستورية لملف الباقورة والغمر، وهي مذكرة تعني دستوريا أن الحكومة مطالبة بشرح موقفها وبصورة محددة حول هذا الموضوع، وإن كانت «القدس العربي» تتوقع زحزحة وتحريك هذه الجلسة النقاشية العامة قليلا ولأيام عدة.
لذا فإن حكومة الرزاز اليوم مطالبة بالتعامل مع موجة كبيرة من ممثلي الشعب تتجاوب مع طموحات الشارع والتيار الإسلامي، في اتجاه ترسيم سيناريو الخطوة التالية في ملف هذه الأراضي.
وكان وزير الخارجية، أيمن الصفدي، قد أجاب في وقت سابق عن سؤال برلماني بالخصوص، متحدثا عن قرارات ستتخذها الحكومة تنسجم مع المصالح الأردنية أولا وأخيرا وفي الوقت المناسب.
وهي صيغة توحي على أقل تقدير بأن الحسم لصالح تمكين إسرائيل من تجديد اتفاقية تأجير تلك الأراضي لم يتقرر بعد، وبأن العديد من الاحتمالات وارد، خصوصا وأن نقطة تقاطع مصالح مشتركة بدأت تنمو ما بين موقف الدولة ومتطلبات حساباتها الإقليمية والدولية والسلمية، وبين مزاج الشارع وأحزاب المعارضة والبرلمان.
هذه القضية أصلا كان مهندس وموقع اتفاقية وادي عربة، الدكتور عبد السلام المجالي، قد لفت النظر إليها عندما صرح بأن أرض الباقورة والغمر مسجلة بأسماء أشخاص يتبعون دولة الاحتلال الإسرائيلي.
تلك كانت مفـــاجأة صاعـــقة للشارع الأردني، لكن تلك الملكية الفرديــة التي ارتبطت فيما يبدو وقبل عام 1948 بمشاريع بريطانية لإنتاج الطاقة والكهرباء، لا علاقة لها بمسألة السيادة على الأرض، الأمر الذي يفسر أصلا توقيع ملحق الاتفاقية ضمن بروتوكولات اتفاقية وادي عربة عام 1994 تحت عنوان التأجير، وفقا لشروحات قدمها المجالي لـ «القدس العربي» أيضا.