برلين ـ «القدس العربي» : في وسط حديقة عامة بالقرب من جامعة بون الألمانية، مخيم فلسطيني احتجاجي تشرف عليه مجموعة طلابية تُدعى «الصوت الفلسطيني».
يستمر هذا المخيم لأسابيع، وقد جذب الانتباه من المارة والطلاب وأفراد المجتمع المحلي، فضلا عن وسائل الإعلام. دخلت «القدس العربي» المخيم لتكتشف عن كثب الأجواء والأنشطة، وتستمع إلى أصوات المشاركين وآمالهم.
وداخله، يمتد مشهد يعكس أجواء مميزة، إذ تنتصب عشرات الخيم، كل منها يحمل طابعا خاصا، حيث زُيّنت بالأعلام الفلسطينية وبصور لمناطق فلسطينية كغزة ونابلس والقدس. وفي كل زاوية، تجد لوحات تحمل أرقاما توثّق حجم الخسائر وعدد الضحايا جراء الحرب في غزة، مما يعيد للزائرين صدى الألم والأمل الذي يعايشه الشعب الفلسطيني.
وينبض الجو في المخيم بالحياة والنشاط. تُسمع الأحاديث الجادة حول السياسة والنقاشات حول القضية الفلسطينية، وترى تفاعلا حيا بين الحاضرين، حيث يتشارك الجميع القصص والتجارب ويتبادلون الآراء. والبرنامج اليومي للمخيم مُعدّ بحرفية، مع جدول يشمل ورش العمل، وعروض أفلام قصيرة عن فلسطين، ونقاشات مفتوحة حول قضايا المنطقة.
نقل الصوت الفلسطيني
ويقول إبراهيم، الناشط الشاب والمنسق للمخيم، لـ»القدس العربي»، إن «الصوت الفلسطيني» يسعى لتوحيد الجهود الشبابية الفلسطينية والعربية في ألمانيا وإيصال مطالبهم إلى الرأي العام الألماني.
ويضيف: «نحن نحاول أن نقدم صورة مغايرة عن فلسطين، صورة ثقافية وإنسانية، بعيدا عن السياسات والأخبار التي تركز على الحروب والنزاعات فقط.»
ويهدف «الصوت الفلسطيني» إلى نقل صوت الفلسطينيين داخل ألمانيا إلى الجمهور الألماني، والتأثير على الرأي العام. ويقول إبراهيم إن أهداف المخيم تتلخص في توحيد الشعب الفلسطيني في المهجر، وتعزيز التواصل بين الشباب الفلسطيني.
من الأهداف أيضا، دعم الشعب الفلسطيني في غزة، الذي يعاني من الحصار، وتوحيد الجهود الدولية لدعم القضية. كما يُعنى المخيم بتنمية القدرات الفردية للشباب الفلسطيني، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وإشراكهم في القضايا العامة. ويمتاز ببرنامج يومي متنوع يجمع بين النقاشات الفكرية، وورش العمل، وجلسات الحوار. ويخصّص كل يوم لنشاط أو موضوع معين، بحيث تُتبادل الآراء والنقاشات حول قضايا مختلفة تتعلق بفلسطين والتراث الفلسطيني، وهو ما يضفي على المخيم جوا من الحوار المفتوح والتواصل البنّاء بين الطلاب الفلسطينيين والألمان.
يوم الطبخ الفلسطيني
من بين الأنشطة الرئيسية التي يتم تنظيمها، يوم خاص للطبخ الفلسطيني، حيث يتولى المشاركون إعداد أطباق فلسطينية تقليدية وتقديمها للزوار. ويشرح إبراهيم أن الهدف من هذا اليوم هو تعريف الزوار بالقضية الفلسطينية من منظور ثقافي، مشيرا إلى أن «الطعام يمكن أن يكون وسيلة قوية للتعبير عن الهوية والانتماء». وتشمل الأطباق التي تُقدَّم خلال هذا اليوم أكلات مثل المسخن والمقلوبة والتبولة، ما يسهم في بناء جسر من التفاهم بين الشعبين عبر التراث الغذائي. ويخصص المخيم يوما خاصا للطبخ الفلسطيني، حيث يعدّ المشاركون أطباقا تراثية مثل المسخن والمقلوبة. ويُقدّم الطعام للزوار بهدف تعريفهم بالتراث الفلسطيني بشكل مميز. ويقول محمد، الشاب الناشط الذي يشارك هذا النشاط، لـ»القدس العربي»، إن «الطعام أحيانا هو الجسر الأقوى للتواصل مع الآخرين، نريد للألمان أن يتعرفوا على قضيتنا من خلال تجاربنا اليومية وتفاصيل ثقافتنا. إنه يوم ينتظره الزوار والمشاركون على حد سواء، حيث يمزج بين اللذة والمعرفة». ومحمد طالب في جامعة بون ويشارك مع عشرات غيره في أنشطه هذا المخيم الشبابي.
ويقول إن الشرطة الألمانية تتعامل معهم بلطف وتزور المخيم بشكل يومي للتأكد من إجراءات السلامة العامة. ويضيف: «وجود الشرطة لطيف وودّي، فهم يحرصون على تفقدنا باستمرار، والتأكد من أن كل شيء يسير بسلام. نحن نرحب بهم لأن المخيم مصمم ليكون آمنا ومنظما، ونحن ملتزمون بالتعليمات القانونية».
الزوار هنا من مختلف الأعمار والخلفيات. تروي سابرينا، كيف تشعر بالفخر لمشاركتها في المخيم. تقول لـ»القدس العربي»: «نريد إيصال صوتنا للمجتمع الألماني، ونرغب في دعم الحرية والسلام للشعب الفلسطيني».
وعلى الجانب الآخر، كانت «كارولين»، التي تبادر بحماس: «أنا هنا لأنني أؤمن بحقوق الفلسطينيين، وبأنهم يستحقون السلام مثل أي شعب آخر. جئت لأعبر عن تضامني ولأتعلم منهم أيضا».