الشباب لملء القاعة واستشراف الماضي: خديوي و63 سنة ثورة وضيوف فوق الستين

حجم الخط
0

الشباب لملء القاعة واستشراف الماضي: خديوي و63 سنة ثورة وضيوف فوق الستين

توفيق رباحيالشباب لملء القاعة واستشراف الماضي: خديوي و63 سنة ثورة وضيوف فوق الستين بعض الناس يصرّون علي ابقائنا سجناء الماضي برغم ما فيه من قرف وهزائم وخيبات من كل نوع لا حصر لها.بعض هؤلاء قناة الجزيرة . انظروا السهرة السياسية التي نظمتها ليلة رأس السنة وضيوفها، العقيد معمر القذافي وحسنين هيكل واخرين. قاسمهم المشترك انهم ينتمون الي هذا الماضي، يتحدثون لـ امة (اضعها بين هلالين حتي لا يعترض الزعيم الليبي لانه عندما سئل في نفس السهرة ترك السؤال والقي محاضرة حول ما الامة وما الاعراق وما الاوطان)، اقول امة ثلاثة ارباع افرادها دون منتصف العمر، غداؤها وعشاؤها اليومي كلام عن المستقبل والاصلاح والشباب وغيره من عبارات الموضة.والذين جيء بهم لاستعراض احداث العام المنقضي شلة تجاوزت الستين، اذا استثنينا عزمي بشارة، اداروا جلسة طويلة فاترة حد الملل.وانت تشاهد تلك الفرجة المفتوحة تقول في قرارة نفسك انك تعيش ما يسميه المعالجون النفسانيون vu Dejˆ (سبق رؤيته)، نوع من التهيئات. اذا كنت من هؤلاء، لا تخف، فليس بك مسّ او جنون، لانك علي صواب وانت فعلا شاهدت نفس الفرجة ليلة رأس السنة الماضية، وستشاهدها السنة المقبلة والتي بعدها ان شاء الله.وانت تشاهدها ينتابك الاعتقاد بان هذا الوطن (بين هلالين مرة ثانية لنفس السبب) العربي الممتد من الخليج الي المحيط اُصيب بعقم فلم يبق فيه اناس يحيلون للمستقبل. كأن لا قدر ولا مستقبل لهذا الكيان المسمي العربي الا في ماضيه القريب المظلم. (لاحظ ان الشبان، كما في الواقع، جيء بهم لملء القاعة والتفرج لا غير).ثم بصراحة، ماذا بقي للقذافي ان يقول ولم يقله في الـ36 الماضية من ثورته ؟ هل يحتاج حقا الي ساعات اضافية في قناة مثل الجزيرة وهو الذي يسكن تلفزيون بلاده 24/24 ساعة؟ (حتي عندما ينتهي البث يحدث ان يتحفنا التلفزيون الليبي بصور العقيد وسط الجماهير علي وقع انغام يا قايد ثورتنا علي دربك طوالي ).لا احد يفكر في الاعتراض علي محمد حسنين هيكل، لكن ماذا يهم امة (بين هلالين مرة ثالثة لنفس السبب) ثلاثة ارباع افرادها اقل عمراً من احفاد النحاس باشا والخديوي اسماعيل؟ علاوة علي ان لهيكل برنامج اسبوعي بنفس القناة مدته ساعة اعتقد انه يكفي صاحبه والمشاهدين.كان احري بـ الجزيرة ان تخرجنا قليلا من سجن الماضي كأن تفتح متنفسا بتنويع في المشارب السياسية والعمرية والجغرافية والاختصاص.يا ناس، هذه الجزيرة ، ، قناة التغيير الموعود و منبر من لا منبر له . بيد انها اصبحت منبر من له اكثر من منبر. اذا اصرت علي نفس التصرف، اراهن من اليوم، مَن يشاء، علي ما سيقوله القذافي في سهرة رأس السنة المقبلة، وسأكسب الرهان. جيش الاحتلال ؟ نعم.. لكن انتم بالصحراء الغربية! اشعر بالخجل وبكثير من الحرج كلما استمعت للتلفزيون الجزائري يتحدث عن نزاع الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليزاريو. لسبب اول هو ايماني ان هذا الخطاب المستعمل يسيء لعلاقات البلدين. ولسبب ثان هو ان هذا الخطاب ملغوم لا غاية منه او له الا اصابة الاخر ـ المغرب ـ بالضغط او السكتة القلبية. علاوة علي انه خارج الزمن مستنسخ من قاموس الحرب الباردة التي قرأنا الفاتحة علي روحها منذ زمن. جيش الاحتلال (المغربي)، انتفاضة العيون (التي يخوضها انصار البوليزاريو)، القوات الاستعمارية (المغربية)، القمع الدامي (الذي يمارسه جيش الاحتلال المغربي)، وغيرها من العبارات يتعمد التلفزيون الجزائري استعمالها فتجعل المستمع يعتقد ان الامر يتعلق باسرائيل والاراضي الفلسطينية. علما ان الاعلام الجزائري، التلفزيون في مقدمته، توقف عن استعمال هذه التعبيرات الا عندما يتحدث عن جيش اسرائيل وتعامله مع الفلسطينيين.فضلا عن ان هذه التعبيرات تتعارض كليا مع شعارات الحياد الذي يقول مسؤولون جزائريون ان بلادهم اختارته في النزاع بين المغرب والبوليزاريو، يبدو ان هناك تصعيدا في اللغة التلفزيونية المستعمَلة يعكس عمق الازمة بين البلدين. تصعيد يجعل اي مراقب محايد يتساءل هل هي ضرورية هذه العبارات، ولماذا يبدو التلفزيون الجزائري ملكيا اكثر من الملك. فلو ان البوليزاريو ذاتها امتلكت تلفزيونا لفكرت مليا قبل استعمال مثل هذه العبارات القاسية.طبعا، من السذاجة الاعتقاد ان رئيس تحرير هذه النشرة او تلك قرر من تلقاء نفسه استعمال هذه التعبيرات. الامر اكبر بكثير من التلفزيون وكل مسؤوليه. انها سياسة رسمية والتلفزيون تحت الهيمنة المطلقة لاعلي سلطة في البلد.في المقابل ايضا، من السذاجة تصديق مضمون عبارات ود ليس هناك ادفأ منها يتبادلها قائدا البلدين في المناسبات الرسمية وتُقرأ علي المشاهدين في نشرة اخبار اليوم الموالي. وهي رسائل غريبة (من حيث مضمونها الدافئ) تشبه رسائل الغرام بين المراهقين. اخر هذه الغراميات تلك التي بعث بها ملك المغرب لبوتفليقة يوم اعلان خروجه من المستشفي والتي قُرئت في التلفزيون الجزائري حرفيا رغم طول مضمونها (لا يلفت الانتباه فيها، مثل تلك التي يبعثها بوتفليقة للملك، غير اللغة المستعملة والتي كأن صاحبها عاد قرونا الي الوراء ينهل من مخزون ابن مالك). لكن في نفس الاسبوع بث التلفزيون الجزائري اكثر من خبر عن الصحراء الغربية كلها ضمن سياق جيش الاحتلال و الانتفاضة و القمع الدموي .الانصاف يدفعني الي القول انني لا اسعد عندما استمع الي القنوات المغربية تغطي نفس الموضوع. هي ايضا لا تقل شؤما ولؤما، لكن في الاتجاه الاخر. التقاطع بين هؤلاء وهؤلاء يكمن في ان قرب الجزائر والمغرب من موقع الاحداث لم يفد لا التلفزيون المغربي ولا الجزائري. فلا اذكر ان قناة مغربية او جزائرية بثت صورا لما حدث او يحدث في العيون وغيرها. كأن هذه الانتفاضة يقوم بها اشباح في كوكب اخر رغم ان العيون واخواتها علي مرمي حجر من الجزائر والرباط.مفهوم ان المغرب ليس في مصلحته بث صور لقواته تمارس قمعا علي مدنيين عزّل يُفترض انهم يطالبون بالاستقلال، لكن التلفزيون الجزائري الحريص كل هذا الحرص علي هذه الانتفاضة المباركة، لماذا لا يهتم بها فعلا واكثر بايفاد فريق الي الاراضي الصحراوية؟ ولماذا يكتفي بالاخبار المنقولة له عبر شيء اسمه وكالة الانباء الصحراوية ؟ والي متي ستظل الصور التي يبثها عن الصحراء وسكانها مقتصرة علي الجانب الفلكلوري، غناء ورقص ووعدات واباريق الشاي؟ حتي البوليزاريو التي يريد التلفزيون الجزائري تصويرها مثل حركات التحرر بامريكا اللاتينية في السبعينات عجزت عن تسريب صور تلفزيونية تنقل ما يحدث.هل بقي امل في حركة ثورية تعجز عن تسريب صورة عن انتفاضة تسميها ربيع العيون وينقل عنها تلفزيون الجزائر ان شعبها يخوضها منذ تسعة اشهر في كل الاراضي المحتلة ؟توبة! لن اقع في غرور القول ان ما كتبته الاسبوع الماضي عن استلام العربية مشعل الاساءة للعرق البشري ببث صور الرهائن بالعراق في وضعيات مأساوية جعلها تفكر في بث شريط عن هؤلاء الناس (الرهائن)، يبدو من عنوانه والترويج له انه نوع من التكفير عن ذنب.بما ان الجماعات التي تختطف او تتبني الخطف ستظل لغزا يصعب التحقيق او التنقيب من حوله، سيكون من الاسهل علي العربية وغيرها البحث في الرهائن، من هم، كيف ذهبوا الي العراق والمصير المشؤوم الذي كان في انتظارهم. تكفي مقابلة بعض الناجين والاستماع لهم، وهم كُثر، كأن الخاطفين يمارسون التمييز حتي في القتل بما ان اغلب مَن ينفذ فيهم الحد عرب ومسلمون. وتكفي مقابلة ذوي بعض المذبوحين والاستماع لهم لـ طبخ تحقيق مثير للعواطف.مهما يكن، يبدو ان في البرنامج الذي سيُبث مساء اليوم نوعا من الانصاف لمن تعرضوا لمحنة الاختطاف، ولو ان لن يحس بنار الجمرة الا من داس عليها . يبقي سؤال واحد يكمن في كيفية التعامل مع الصور، وكلها توسل يمزّق القلوب ومآس ودموع، في موضوع لا قيمة له من دون صور. ارفق هذا الكلام بتحفظ اراه مهمّا: ستشاهدون البرنامج اذا لم تحتج حكومة العراق لدي السعودية (من انه دعاية للارهابيين مثلا) فتأمر الاخيرة العربية بـ اطفاء الضوء علي البرنامج مثلما اطفأته فجأة، هي وعائلة الاعلام السعودي ملتئمة، علي عبد الحليم خدام وفروعه وما يمت له بصلة. ہ كاتب من اسرة القدس العربي [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في قائمتنا البريدية