أنقرة-“القدس العربي”: مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية التركية المقبلة والتي توصف بـ”الأهم في تاريخ البلاد” يعود إلى الواجهة بقوة حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الذي يعتبر الحزب الحاسم أو “بيضة القبان” في الانتخابات المقبلة، إلا أن لا أحد من التحالفات القائمة يجرؤ على التحالف مع الحزب بشكل علني بسبب الاتهامات الموجهة له بأنه “يمثل الواجهة السياسية لتنظيم بي كا كا”، وهي التهم التي ينفيها الحزب ولا تدعمها المعارضة لكنها تخشى آثارها السلبية.
وبينما يتصدر “تحالف الجمهور” المكون من حزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية بشكل أساسي الحملة ضد الشعوب الديمقراطي باعتباره “الواجهة السياسية لـ بي كا كا”، يتقرب “تحالف الأمة” المعارض من الحزب في مسعى للحصول على دعمه في الانتخابات المقبلة، ولكن دون الدخول معه في تحالف سياسي علني، وهو ما أثار غضب الشعوب الديمقراطي ودفعه للتهديد بعدم دعم التحالف في الانتخابات المقبلة.
والشعوب الديمقراطي هو ثالث أكبر حزب سياسي في البرلمان التركي بواقع 56 مقعداً من أصل 600، ويشكل ثالث أكبر قوة سياسية في البلاد من حيث الناخبين، ويوصف بأنه “بيضة القبان” التي من شأنها ترجيح فوز أحد التحالفين الرئيسيين بالبلاد في الانتخابات المقبلة، حيث تعول المعارضة على الحصول على دعمه في الانتخابات المقبلة من أجل إنهاء حكم حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان المتواصل منذ 18 عاماً.
وزادت أهمية الشعوب الديمقراطي عقب الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد عام 2019، حيث دعم الحزب تحالف المعارضة في الانتخابات وساعدها بالفوز في عدد من كبرى البلديات ومنها أنقرة وإسطنبول وأنطاليا لأول مرة منذ نحو عقدين، وهو ما عزز آمالها بقدرتها على الفوز بالانتخابات البرلمانية والرئاسية في حال الحصول على دعم الشعوب الديمقراطي.
لكن المعارضة التي تسعى بقوة خلف أصوات “الشعوب الديمقراطي” تتجنب الدخول في تحالف علني رسمي مع الحزب، وتفضل الحصول على دعمه في الانتخابات المقبلة بشكل غير معلن وباتفاقيات سرية وضمنية كما جرى في الانتخابات المحلية عام 2019 وهو ما يرفضه الحزب الكردي بشكل مطلق، مشدداً على أنه لن يقبل الدخول في تحالفات سرية ويريد تحالف علني رسمي.
وفي أحدث مثال على موقف المعارضة، نجحت 6 أحزاب معارضة تركية لأول مرة، قبل أيام، في عقد اجتماع لاتخاذ موقف سياسي مشترك للمرحلة المقبلة في البلاد، وإمكانية توسيع تحالف المعارضة ليشمل الأحزاب الـ 6، إلا أن اللافت كان غياب حزب الشعوب الديمقراطي عن الاجتماع الذي اعتبر بمثابة نقطة تحول في الحياة السياسية التركية.
وبينما استبعد الاجتماع الحزب الكردي، ضم حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، وحزب الجيد حليفه بـ”تحالف الأمة” والحزب الديمقراطي وحزب السعادة الإسلامي وحزبي الرفاه والتقدم والمستقبل بزعامة حليفي أردوغان السابقين علي باباجان وأحمد داود أوغلو.
استبعاد الحزب فجر غضب الشعب الجمهوري الذي توعد المعارضة بعدم دعمها في الانتخابات المقبلة، وقالت الزعيم المشارك للحزب برفين بولدان: “من تجاهلونا واعتبرونا غير موجودين (اجتماع الأحزاب الستة)، عندما يأتي المكان والزمان المناسب لن يجدونا وسنعتبرهم غير موجودين”، في تهديد واضح بأن الحزب لن يتجاوب مع المساعي المتوقعة لتحالف المعارضة للحصول على دعم الحزب في الانتخابات المقبلة.
ومن المتوقع أن تواصل المعارضة مساعيها بقوة من أجل الحصول على دعم الشعوب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة، إلا أن الضغوط المتواصلة التي تمارسها الحكومة والاتهامات والملاحقات المتزايدة لنواب ومسؤولين كبار بالحزب بتهمة دعم تنظيم بي كا كا تُصعب مهمة المعارضة التي لا تبدو مستعدة على الإطلاق للدخول في تحالف علني مع الشعوب الديمقراطي خشية اتهاماها بالتحالف مع حزب “متهم بدعم الإرهاب” وبالتالي تسهيل مهمة العدالة والتنمية بالفوز في الانتخابات المقبلة.