الدوحة- “القدس العربي”:
دشنت السلطات في قطر مركزاً ومسجداً خاصاً للنساء يتيح للمرأة تطوير ذاتها في الشؤون الدينية والدنيوية من منظور شرعي وفهم شامل للعبادة، مع التأكيد على دور العبادة في الحياة المعاصرة وحتى لا تبقى مصليات النساء مهمشة ومنزوية في ركن قصي بوضع لا يليق بقيمة المسجد الروحية والإيمانية بما يجعلها بيئة غير جاذبة للفتيات.
وافتتحت الشيخة موزا بنت ناصر، رئيسة مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع ومؤسسة “المجادلة” وهو مركز ومسجد للمرأة، ليُمثّل وجهة للنساء المسلمات من جميع الأعمار والخلفيات. ويأتي تدشين “المجادلة”، ليكون إضافة إلى الصروح التي أطلقتها مؤسسة قطر للتربية والعلوم التي ترعاها الشيخة موزا بنت ناصر، وهي والدة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وأسُس المجادلة بمبادرة من الشيخة موزا بنت ناصر، مؤكدة أنه يهدف لتعزيز الهوية الإسلامية للنساء وتوعيتهنّ بأمور دينهنّ ودنياهنّ، شخصياً وأسرياً واجتماعياً، من خلال إيجاد مساحة للتعبّد والتعلّم، وللتطوير والإرشاد واستنباط الحلول من داخل الإسلام.
وفي السنوات الأخيرة أطلقت مؤسسة قطر للتربية والعلوم عدداً من المشاريع المماثلة مثل مسجد المنارتين في قلب المدينة التعليمية ويضم كلية للدراسات الإسلامية. كما افتتحت المؤسسة مكتبة قطر الوطنية التي تعتبر من أهم الصروح المكتبية في العالم.
وتحدثت الشيخة موزا بنت ناصر حول رؤية تأسيس “المجادلة” مؤكدة أنه: “يُقال في الفلسفة أنّ الجدل أصل التطور، ها قد علمنا كيف أن خولة بنت ثعلبة (رضي الله عنها)، اتّخذت من الجدل، وكانت خير مجادلة، سبيلاً لتجسيد رؤيتها في سعيها إلى حلّ مشكلتها”.
وأضافت: “أظهرت خولة بنت ثعلبة بمبادرتها شجاعة وقوة شخصية ووعياً في أن الدين تسهيل في الدنيا وليس العكس، فلم تقف مكتوفة الأيدي، بل سعت وبحثت عن حل لمشكلة من داخل منظومتها الدينية، قاصدة حفظ حدود الله في نفسها وأهلها بعقل وتبصّر”.
لطالما فكرت في كيفية تعزيز هوية المرأة المعاصرة عبر إيجاد مساحة موضوعيّة ومتوازنة من داخل منظومتنا الدينية والثقافية والحضارية، فاهتديتُ إلى خلاصة مبنية على نموذج الصحابية خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها التي جادلت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحُسنى، وقد كانت في جدالها تجسيداً…
— موزا بنت ناصر Moza bint Nasser (@mozabintnasser) January 31, 2024
ويتميز مبنى المجادلة بتصميمه المعماري الذي يمنح قيمة إضافية للمكان، ويسهم في تسليطِ الضوء على مفهوم العدالة في العبادة من خلال إنشاء مركز ومسجد يتيح للمرأة تطوير ذاتها في الشؤون الدينية والدنيوية من منظور شرعي وفهم شامل للعبادة حتى لا تبقى مصليات النساء مهمشة ومنزوية في ركن قصي، بوضع لا يليق بقيمة المسجد الروحية والإيمانية بما يجعلها بيئة غير جاذبة للفتيات، على حد تأكيد راعية المشروع.
وجاء اختيار الاسم استلهاماً من خولة بنت ثعلبة، وهي في بحثها أن تكون على بينة من أمرها، وتحيا حياتها على بصيرة، لتكون بذلك أصدق تعبير عن التصور الإسلامي للمرأة، ونموذجاً يحتذى لمن تريدُ أن تنهض بنفسها ومجتمعها من داخل منظومتها الدينية والثقافية والحضارية.
واستوحي “المجادِلة: مركز ومسجد للمرأة”، من الدور التقليدي للمسجد ركيزة أساسية يقوم عليها المجتمع، وتم تزويده بفصول دراسية، ومكتبة، وأماكن للتجمع، ومقهى، وحدائق، ليُشكل مساحة مجتمعية فريدة للنساء، تستضيف طيفًا من الأنشطة، وتوفر البرامج باللغتين العربية والإنجليزية، والتي تتنوع ما بين الدورات طويلة المدى، وورش العمل، والجلسات حول التاريخ الإسلامي والشريعة الإسلامية، والرفاه النفسي، والعلاقات، ونوادي الكتب، والبرامج التدريبية، والبحوث.
وتحدث ضيف الشرف الدكتور عمر عبد الكافي، عن دور ولمسات المرأة التي تحيط بالجميع.
وشهد الافتتاح جلسة نقاشية حول أهمية توفير مساحات للنساء لدعم الهوية الإسلامية، وقد أدارت النقاش بثينه عبد الغني رئيسة مجلس إدارة مؤسسة عبدالله عبدالغني للتواصل الحضاري “حضارة”، وشاركت فيها بثينه النعيمي وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي، ولولوة بنت راشد الخاطر، وزيرة الدولة للتعاون الدولي، والدكتور عمر عبد الكافي ومي السيد ناشطة اجتماعية وباحثة في مجال الإسلام والدراسات الإسلامية وخلود نوح، أخصائية البرامج والتأثير في “المجادلة”.
بالإضافة إلى البرامج والأنشطة المجتمعية، سيفتح “المجادِلة” آفاقًا للتعليم والبحوث الإسلامية، ودراسة الدين الإسلامي في سياقه التاريخي والمعاصر. كما سيمثل محورًا لشبكات البحوث، وبناء القدرات، والتبادل الفكري بين العلماء، والممارسين، والنساء المسلمات من جميع الخلفيات. ويركز “المُجادِلة للبحوث” على دعم المشاريع البحثية في ثلاثة مجالات رئيسية: (1) النصوص والشريعة والأخلاقيات الإسلامية (2) حياة المرأة المسلمة (3) صحة ورفاه المرأة المسلمة.
وأكدت الدكتورة سهيرة صديقي، المديرة التنفيذية لـ”المجادلة”، والأستاذة المشاركة في الدراسات الإسلامية وعلوم الأديان، أن المركز يقدم وجهة للنساء المسلمات من جميع الخلفيات ومناحي الحياة للوصول إلى مجموعة واسعة من البرامج والأنشطة المصممة للمساعدة في التنقل في العديد من الجوانب المعقدة للحياة الحديثة.
وتتمثل الفكرة في جمع عدد شامل من الموارد تحت سقف واحد بهدف تعزيز مجتمع إسلامي تشارك فيه جميع النساء، ويتم تقدير مشاركتهن ومساهماتهن والاعتراف بها، وتشكل اهتماماتهن ووجهات نظرهن الفكر الإسلامي المعاصر والخطاب العام”.
ويعد “المجادِلة” مركزاً ومسجداً يقدم طيفًا من البرامج الدينية والتنموية والاجتماعية للنساء المسلمات من جميع الأعمار والخلفيات ويتيح لهن مساحة للدراسة، والتفاعل من خلال الحوار، والعبادة في آنٍ واحد. واستوحي من الدور التقليدي للمسجد باعتباره الركيزة الأساسية التي يقوم عليها المجتمع، وتم تزويده بفصول دراسية ومكتبة ومسجد ومقهى وحدائق ومناطق متعددة الأغراض.