القاهرة- القدس العربي»: قبل ساعات من إغلاق باب الترشح في انتخابات الرئاسة المصرية المرتقبة، أعلن أحمد الطنطاوي، رئيس حزب الكرامة السابق، توقف حملته الانتخابية بعد منع مؤيديه من قبل السلطة في مصر من تحرير توكيلات تأييد الترشح في انتخابات الرئاسة، مؤكداً نيته العمل على تدشين مشروع سياسي لثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.
وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده الطنطاوي وسط المئات من أنصاره في مقر حزب المحافظين في القاهرة.
وأضاف: «كنت أعددت 3 ملفات للترشح حتى من محبسي، ونحن لن ننسحب، وإذا كانت السلطة أغلقت مشهد الانتخابات، فإننا سوف نفتح أبواباً جديدة للنضال، وخلال سنوات معدودات سنرى هذا النظام البغيض يحمل عصاه ويرحل»، مؤكداً أنه لن يدعم أي مرشح ممن ارتضوا خوض الانتخابات في ظل هذه الأوضاع ومنعه من المشاركة.
وزاد: «أخيراً يمكن أن ندعي أن ثورة 25 يناير بات يتبلور لها مشروع سياسي، وعلينا أن نجتهد لإيجاد طريقة مبتكرة للنضال الشعبي لإيجاد غد آمن.
منظمات حقوقية: ولاية السيسي الثالثة تقوض فرص الإصلاح السياسي والاقتصادي في مصر
وتابع: «نحن نتشاور داخل الحملة الانتخابية وشركائها من الأحزاب التسعة التي أعلنت تأييدها لنا، لبناء مشروع مكتمل له مستويات، تنظيم سياسي، وتحالف سياسي واسع، وبرنامج انتخابي كمسودة مشروع إنقاذ وطني»، لافتاً أنه سيعلن هذا المشروع بعد أسبوعين.
وقال الطنطاوي: «ونحن نتحدث الآن هناك مواطنون ومواطنات يناضلون بجسارة لانتزاع حقوقهم في توكيل من يريدون، وهذا القمع يعكس الوجه القبيح للسلطة ومخاوفها من انتخابات حرة نزيهة».
وأضاف: «إذا ما سمح للأمل أن يكون اسماً مدرجاً في قائمة المرشحين الحالية، فإن السيسي لن يحصل سوى على واحد في المئة من الأصوات، فهو بالنسبة لي منافس «لؤطة»- سهل الفوز عليه- وهو أسوأ تعبير عن أسوأ سلطة».
وزاد: «الشعب المصري يستحق دولة مؤسسات تصون القانون، كما أكدنا في مناسبات سابقة سندرس رسائل المصريين جيداً وسنعمل لتحقيقها، وسيأتي يوم ويسترد المصريون حريتهم، وحق كل سيدة تعرضت للاعتداء أو رجل ذهب إلى مقر الشهر العقاري ولم يستطع تحرير التوكيل، لن يضيع حقه، وسيأتي يوم وسنعلم من مارس هذه الانتهاكات أننا نغفر ولا ننسى».
وتابع: «السيسي يشعر بالرعب من أن نلتقي في الصندوق، ونحن اليوم وننهي حملتنا».
وقال محمد أبو الديار، منسق حملة الطنطاوي: «بدأنا الحملة في منتصف أغسطس/ آب الماضي، وتعرض أول من حاول زيارة المقر إلى القبض، ثم أطلقنا استمارة التطوع وكنا نستهدف المئات حتى يتمكن من اكتمال بناء الحملة، لنجد أن 25 ألف استمارة، لنعرف أننا يمكننا من أول يوم استكمال توكيلات التأييد المطلوبة، إلا أننا واجهنا من أول لحظة المنع الممنهج المباشر بالقوة من السلطة».
وزاد: «شكلنا إدارة الحملة، تقدمنا من أول لحظة بالهيئة الوطنية للانتخابات بعد إعلانها بدء السباق الانتخابي مبكراً، بـ12 ضمانة رأينا أنها لو تحققت لتحققت انتخابات رئاسية نزيهة».
وتابع: «الآن نقف وقفة المنتصر، لأن شخصاً أعزل من أي شيء وقف وراءه الشعب المصري في وجه سلطة غاشمة، وكنا نأمل أن نصل للصندوق الانتخابي، ولم نكن سنحتاج سوى ستارة، لكنهم منعونا من خلال ميليشيات من البلطجية استغلوا الفقراء الذين تسببوا هم في فقرهم».
وواصل: «قدمنا 36 طلباً لو نفذ منها واحد فقط، لكنا تمكنا من جمع التوكيلات المطلوبة، خاطبنا المصريين في الخارج إن أشقاءكم في الداخل منعوا من تحرير التوكيلات، فذهبوا بالآلاف إلى مقرات القنصليات والسفارات، قوبلوا أيضاً بالمنع من خلال غلق السفارات وتحديد ساعات عمل أقل لا تناسب طبيعة العمل والمسافات بين المدن ومقر القنصليات في هذه الدول».
وزاد: «السلطة استغلت مال سياسي ومؤسسات دول لصالح الرئيس السيسي، ووثقنا أكثر من 800 شكوى إلكترونية عن انتهاكات تعرضوا لها خلال محاولتهم تحرير التوكيل، بداية من البلطجية أو تعطل السيستم، ووثقنا حوالي 50 فيديو مسجل للانتهاكات، وتعرض أكثر من 132 من أعضاء الحملة للحبس بقرار من نيابة أمن الدولة العليا بالتهم المعتادة وهي نشر أخبار كاذبة».
وتابع: «أطلقنا استمارة شعبية بعد استشارة اللجنة القانونية، خاصة وأن الهيئة الوطنية للانتخابات أكدت أنها لن تقبل سوى الاستمارة التي أعدت لذلك، وفي خلال 72 ساعة تسلمنا 70 ألف استمارة شعبية، وتلقينا أكثر من 130 ألف راغب في توثيق نموذج توكيل لنثبت لهذه السلطة أن الشعب المصري أن يوثق إرادته أمام مقار الشهر العقاري.
وختم: «حصلنا على 14 ألفاً و161 توكيلاً، وكل توكيل له قصة ورواية، وأن ثلث هذا العدد من داخل مصر، وثلثين من الخارج».
ولفت إلى أن 99 ٪ من توكيلات المصريين في الخارج جاءت للطنطاوي، فيما جاءت 1٪ فقط للسيسي.
وبلغ عدد المرشحين المحتملين الذين تقدموا بأوراق ترشحهم إلى الهيئة الوطنية للانتخابات، 4 مرشحين، هم الرئيس المنتهية ولايته عبدالفتاح السيسي ورئيس الحزب المصري الديمقراطي فريد زهران ورئيس حزب الوفد عبدالسند يمامة، ورئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر.
وطبقاً للجدول الذي وضعته الهيئة الوطنية للانتخابات، يغلق باب الترشح في الانتخابات، في الثانية من ظهر اليوم، على أن تجري عملية التصويت في شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
ولاية السيسي الثالثة
إلى ذلك، حذرت منظمات حقوقية مصرية مستقلة، من أن ولاية ثالثة للرئيس عبدالفتاح السيسي ستصادر أي فرصة للإصلاح السياسي والاقتصادي خاصة في ظل تنصله المستمر من المسؤولية عن الأزمة الراهنة، فضلاً عن أن تصريحاته المتوالية الأخيرة تكشف بشكل واضح أنه لا ينوي تغيير المسار.
وأكدت في بيان أن مصر تمر بمنعطف تاريخي حرج، وأن الفشل في عملية إصلاح سياسي واقتصادي جادة تبدأ فوراً؛ سيؤدي لتفاقم خطر عدم الاستقرار وتضاعف من احتمالية انهيار الدولة.
وتضمنت قائمة المنظمات الموقعة على البيان، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ولجنة العدالة، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز النديم، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.
وقالت المنظمات إنه في الفترة التي سبقت الإعلان رسمياً عن ترشحه لولاية رئاسية ثالثة، أشار السيسي إلى المجاعة الصينية الكبرى (1958-1962)، مشيداً بأنه في بلد مات فيه 25 مليون شخص بسبب نقص الغذاء، لم ينهض مواطنوه لتدميره، بل بنوه ليصبح قوة عظمى.
واعتبرت المنظمات أن هذا التصريح ينذر بخطر محدق في ضوء تعليقاته قبل يوم واحد أنه «إذا كان ثمن البناء والتنمية والتقدم هو الجوع والحرمان.. فلن نأكل أو نشرب».
وزادت المنظمات: «أشار السيسي إلى أن الدفع بملايين الأشخاص للشوارع والتحريض على الفوضى غير مكلف مادياً، واصماً فعلياً أي سيناريو قد يعبر من خلاله المواطنون العاديون عن رفضهم للوضع السياسي والاقتصادي الراهن».
وحسب المنظمات، فإنه منذ أن تولى السيسي السيطرة الفعلية على مصر في يوليو/تموز 2013، عاشت البلاد العقد الأسوأ لحقوق الإنسان في تاريخها الحديث. فرغم أن الحكم في مصر قبل 2011 كان استبدادياً بشكل واضح، إلا أن نطاق وشدة انتهاكات حقوق الإنسان قد تضاعفت بشكل كبير بعد 2013.
ولفتت المنظمات إلى صدور أحكام الإعدام بحق الآلاف في محاكمات جائرة وصفها خبراء الأمم المتحدة وقتها بأنها استهزاء بالعدالة، وقُتل ما يقرب من ألف متظاهر على أيدي قوات الأمن خلال النصف الثاني من عام 2013 فقط، في حين تصاعدت عمليات القتل خارج نطاق القانون وتحولت لنمط واضح ومتكرر في مختلف أنحاء البلاد.
وتناولت المنظمات في بيانها ظاهرة الاختفاء القسري، وقالت إن السلطات المصرية أخفت قسراً آلاف الأفراد، وإن مصر تلقت أكثر من أي دولة أخرى منذ عام 2020، بلاغات واستفسارات من الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري وغير الطوعي بالأمم المتحدة.
وعند سجناء الرأي، قالت المنظمات: «يقبع عشرات الآلاف من الأفراد السلميين في السجون، بتهم ذات دوافع سياسية، بينهم معارضون وصحافيون وأكاديميون ورجال أعمال والعديد من المواطنين العاديين، كما يتم استهداف منصات الإعلام المستقل ومنظمات المجتمع المدني بشكل منهجي في محاولة لإسكاتها، إما من خلال تشريعات تقييدية للغاية أثارت انتقادات المجتمع الدولي، أو من خلال الاعتقالات؛ حتى أضحت مصر واحدة من أكبر الدول التي تسجن الصحافيين في العالم».
أرمة حقوق إنسان
وأكدت المنظمات أنها سبق وحذرت من أن أزمة حقوق الإنسان في مصر ليست ضريبة غير مقصودة للاستقرار، ولا هي «شر لا بد منه»، بل هي سمة مقصودة لأسلوب الحكم الذي اعتمده السيسي منذ وصوله للسلطة عام 2013.
وبينت أنه مدى العقد الماضي، فرض السيسي سيطرته المباشرة على مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسات المستقلة اسمياً، فعبر العديد من التعديلات التشريعية والدستورية، تآكل هامش الاستقلال المحدود الذي حافظ عليه القضاء قبل عام 2013، ورغم أن الانتخابات التشريعية في مصر لها تاريخ طويل من التزوير والترهيب ضد المعارضة، إلا أن مستوى السيطرة التي تمارسها الأجهزة الأمنية على البرلمان الحالي قد وصل لمستويات غير مسبوقة، بالإضافة إلى سيطرة الرئيس على مؤسسات أخرى، مثل جهاز الرقابة الإدارية لمكافحة الفساد، حيث يتولى موالو السيسي الإدارة، بمن فيهم أحد أبنائه.
وأكدت المنظمات أن النتيجة المباشرة لهذا النمط من الحكم لا تقتصر على أزمة حقوق الإنسان المستمرة فحسب، بل تمتد لخلق أشد أزمة اقتصادية واجهتها مصر منذ عقود بعيدة، إذ تسبب احتكار عملية صنع القرار، والافتقار للشفافية والمساءلة، لتنامي سياسات اقتصادية مفترسة تغذي شبكات المحسوبية بما في ذلك مع الجيش، الأمر الذي جعل الاقتصاد المصري في حالة فوضى، وعرضة لخطر التخلف عن السداد بشكل كبير. وقد ترك ارتفاع الدين الحكومي والتضخم معظم المصريين يكافحون لتغطية نفقاتهم، وسط استياء شعبي.
واتهمت السيسي بأنه يرفض الاعتراف بهذا الواقع، ويتنصل من مسؤوليته عنه.
وقللت المنظمات من جدوى ما وصفته من مبادرات العلاقات العامة مع المجتمع الدولي؛ مثل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والحوار الوطني، خاصة أنها لا تعترف بنطاق وطبيعة أزمة حقوق الإنسان في مصر، وتلقي اللوم زوراً على العوامل الخارجية كسبب وحيد للأزمة الاقتصادية، ويُطلب من المواطنين المصريين الاستعداد لمزيد من المصاعب الاقتصادية القادمة، ما يزيد سخطه.
واعتبرت أن الاحتجاجات العفوية المناهضة للسيسي التي اندلعت مباشرة في عدة مدن مصرية بعدما أعلن رسمياً ترشحه لولاية ثالثة، ربما مجرد مقدمة لما قد تشهده مصر في الأشهر المقبلة.
ممتاز ✅😃✋