العالم أصبح مكاناً أكثر خطورة بعد فوز ترامب بولاية ثانية

رائد صالحة
حجم الخط
1

واشنطن- «القدس العربي»: هزم دونالد ترامب الرئيس الجمهوري السابق، المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، بعد أقل من أربع سنوات من إشعال تمرد عنيف في مبنى الكابيتول الأمريكي (الكونغرس) في محاولة لقلب نتائج هزيمته في انتخابات العام 2020.
كان فوز ترامب على هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي، في انتخابات 2024 حاسماً؛ إذا صمدت التوقعات الحالية، فسوف يفوز ترامب في الولايات السبع المتأرجحة وهي جورجيا، وكارولينا الشمالية، وبنسلفانيا، وويسكونسن، وميشيغان، وأريزونا، ونيفادا. ووصفت إحدى وسائل الإعلام نتائج الانتخابات بأنها “هزيمة مذهلة” للحزب الديمقراطي.
وفي خطاب ألقاه في فلوريدا، قال ترامب إن فوزه يأتي مع “تفويض غير مسبوق وقوي”، وهي إشارة إلى أنه ينوي محاولة تنفيذ تعهداته بترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين، وملاحقة خصومه السياسيين، وإلغاء القواعد التي تقيد شركات الوقود الأحفوري الملوثة للمناخ، وخفض الضرائب بشكل أكبر على الأثرياء والشركات الكبرى.
وقال ترامب: “سأحكم وفقاً لنموذج بسيط؛ الوعود التي قطعتها والوعود التي تم الوفاء بها”. لقد تعززت قدرة ترامب على تنفيذ برنامج تشريعي بعد سيطرة الحزب الجمهوري على مجلس الشيوخ الأمريكي، مع خسارة السيناتور شيرود براون (ديمقراطي من أوهايو) أمام تاجر السيارات الفاخرة بيرني مورينو، وفوز حاكم ولاية فرجينيا الغربية جيم جاستيس بسهولة بالمقعد الذي تركه تقاعد السيناتور جو مانشين.
ولا تزال السيطرة على مجلس النواب الأمريكي مفتوحة حتى كتابة هذه السطور، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس.
اعتبر الكاتب في صحيفة “فاينانشال تايمز”، إدوارد لوس، أنه في حال “سيطر الجمهوريون بشكل كامل على الكونغرس، فلن يكون هناك أي ضوابط على السلطة التنفيذية لترامب”، مضيفاً: “لقد كتبت المحكمة العليا الأمريكية بالفعل لترامب ما يعادل شيكًا قضائيًا مفتوحًا عندما قضت في يوليو/تموز بأنه يتمتع بحصانة شاملة عن أفعاله بوصفه رئيسًا”.
وأضاف لوس: “لقد تجاوزت أمريكا منعطفاً حاسماً. وسيكون من الحماقة أن نفترض أن ترامب لم يكن يعني ما قاله عندما تعهد بملاحقة أعدائه. وسيكون من الوهم أيضاً أن نعتقد أنه سيشعر بأي شكل من الأشكال بأنه مقيد بانقسام بلاده بنسبة 50-50. إن ترامب لديه تفويض لإصلاح الولايات المتحدة بطرق مدمرة لا يمكن تصورها. ولن يكون هناك تراجع عن النتيجة الزلزالية لانتخابات أمريكا في عام 2024”.
لقد تجاوزت المخاوف بشأن ما قد يعنيه فوز ترامب حدود الولايات المتحدة، حيث رحب اليمين المتطرف في إسرائيل – بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – بعودة الملياردير الوشيكة إلى السلطة، والذي وصفه المؤرخون البارزون بالفاشي.
بينما كتب مشروع السلام والعدالة، وهي منظمة حقوقية مقرها المملكة المتحدة، يوم الأربعاء، أن “العالم أصبح مكانًا أكثر خطورة هذا الصباح”. وتابعت المجموعة: “إن فوز ترامب يشكل مصدر قلق بالغ للكوكب والمجتمعات المهمشة واللاجئين والفلسطينيين الذين يحاولون النجاة من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل. يتعين علينا أن ننظم أنفسنا على مستوى العالم وأن نتضامن مع أولئك المستهدفين بسياسات الخوف والانقسام الرهيبة، وأن نبني بديلاً من الأمل والوحدة”.
وعلى نحو مماثل، حذرت صوفي بولت، الأمين العام لحملة نزع السلاح النووي، من أن “العالم سيكون أكثر خطورة مع وضع ترامب إبهامه على الزر النووي”.
وقال بولت: “إن مخاطر اندلاع بؤر اشتعال نووية مرتفعة بالفعل، فوق أوكرانيا، وفي مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وفي منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ومن المؤكد أن هذا لن يتفاقم إلا في ظل رئاسته”.
وحذرت منظمة هيومن رايتس ووتش، في بيان لها، أن رئاسة ترامب الثانية “تشكل تهديداً خطيراً لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة والعالم”.
وقتال تيرانا حسن، المديرة التنفيذية لمنظمة هيومن رايتس ووتش: “لم يخف دونالد ترامب نيته بانتهاك حقوق الإنسان لملايين الأشخاص في الولايات المتحدة. وسوف تحتاج المؤسسات المستقلة وجماعات المجتمع المدني، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش، إلى بذل كل ما في وسعها لمحاسبته وإدارته على الانتهاكات”.
وفي فلسطين المحتلة، هناك مخاوف من أن إدارة ترامب الثانية قد تكون أسوأ بالنسبة للفلسطينيين، حيث استشهد أو جرح أو فقد أكثر من 160 ألف شخص منهم بسبب الهجمات الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة على غزة.
وقد شجع ترامب إسرائيل التي تخضع للمحاكمة بتهمة الإبادة الجماعية المزعومة في محكمة العدل الدولية، على “إنهاء ما بدأته” و”الانتهاء منه بسرعة”.
وقد كانت رئاسة ترامب الأولى كارثية على القضية الفلسطينية، حيث اعترف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ونفذ العديد من الإجراءات ضد الفلسطينيين.
وقال محللون أمريكيون إن ترامب سيعترف بضم إسرائيلي رسمي متوقع للضفة الغربية المحتلة، وسيساعد تل أبيب بقوة في تنفيذ مخطط تهجير أبناء غزة إلى سيناء، وسيهدد “بعض الدول العربية” إذا لم تسارع بعملية تطبيع مع إسرائيل.
وبالنسبة لإيران، فإن الدبلوماسية أصبحت أكثر صعوبة مع الإدارة الأمريكية، ولكنها مع إدارة ترامب القادمة ستكون شبه معدومة.
أما بشأن المهاجرين، فقالت فلور راميريز، وهي قائدة بارزة في مجموعة المناصرة “أرايز شيكاغو”، لصحيفة “ساوث سايد ويكلي”، إن المهاجرين يشعرون مرة أخرى بـ “الخوف الجماعي” الذي شعروا به خلال فترة ولاية ترامب الأولى.
وتابع: “كان هذا خوفًا تسلل إلى عائلتنا. كان عليّ أن أتحدث إلى أسقفي لأخبره أنه إذا تم ترحيلي فأرجو أن أترك له خطابًا موثقًا بأنه سيتولى رعاية أطفالي، لأن أعظم مخاوفي في ذلك الوقت كانت أن أطفالي (…) سيتم فصلهم عني”.
وفي آسيا وأوروبا، يثير احتمال فرض ترامب تعريفات جمركية معوقة، المخاوف من العواقب الاقتصادية السلبية، بما في ذلك ضعف اليورو.
وقال زاك مايرز، المدير المساعد لمركز الإصلاح الأوروبي، لمجلة فورتشن: “إن الرسوم الجمركية ستؤثر بشكل خطير على النمو الاقتصادي (للاتحاد الأوروبي).
كما يستعد الأوكرانيون وأنصارهم لاحتمال قيام الرئيس ترامب بإنهاء أو خفض المساعدات المقدمة لأوكرانيا بشكل كبير، والتي تقاتل للدفاع عن نفسها ضد الغزو الروسي المستمر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات. ويقول ترامب إنه سيعطي الأولوية لإنهاء الحرب بسرعة- وهو الهدف الذي يدعي أنه يمكنه تحقيقه “في غضون 24 ساعة”.
وقال الرئيس المجري اليميني المتطرف فيكتور أوربان، وترامب، اللذان يتبادلان الإعجاب، الأسبوع الماضي، إن أوروبا ستضطر إلى إعادة النظر في دعمها لأوكرانيا إذا فاز الجمهوري، لأن القارة “لن تكون قادرة على تحمل أعباء الحرب وحدها”. ويعارض أوربان تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا.
وقد اقترح المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس جيه دي فانس -وهو أيضاً عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية أوهايو – السماح لروسيا بالاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي احتلتها وإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح “محصنة بشدة” على طول خط المواجهة في الحرب. وسوف تضطر أوكرانيا بموجب هذه الخطة إلى قبول الحياد.
ووصف محللون أمريكيون “خطاب النصر” الذي ألقاه ترامب بأنه “كان أسوأ مما كان يمكن تخيله”.
وقد أشار ترامب بفخر إلى ولايته الأولى باعتبارها خريطة طريق لولايته الثانية.
وقال: “هذه هي الوظيفة الأكثر أهمية في العالم. وكما حدث معي في ولايتي الأولى، فقد كانت ولايتنا الأولى عظيمة، عظيمة للغاية. وسأحكم وفقًا لشعار بسيط: الوعود التي قطعناها، والوعود التي أوفينا بها. وسنحافظ على وعودنا. ولن يمنعني شيء من الوفاء بوعدي لكم، أيها الشعب. وسنجعل أمريكا آمنة وقوية ومزدهرة وقوية وحرة مرة أخرى”.
وتشمل هذه الوعود عمليات الترحيل الجماعي، والانتقام من كل إهانة موجهة إليه، بما في ذلك التهم القانونية العديدة الموجهة إليه؛ وتنفيذ أجزاء من مشروع 2025 (على الرغم من نفيه)؛ وفرض تعريفات جمركية متطرفة من المرجح أن تشل الاقتصاد؛ والعديد من الأفعال الكارثية الأخرى، حيث ستكون السنوات الأربع المقبلة صعبة على العديد من الأمريكيين، وعلى العالم.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول كريم:

    العالم أصبح مكاناً أكثر جنون بعد فوز ترامب بولاية ثانية. ستزداد الأفعال الكارثية الاقتصادية ليساسة ترامب حيث ستكون السنوات الأربع المقبلة صعبة على العالم.

اشترك في قائمتنا البريدية